array(1) { [0]=> object(stdClass)#13734 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 205

محاور لتطوير المنظمة: مواجهة التطرف والإسلاموفوبيا والأمية ومخاطر تقنية المعلومات

الأحد، 29 كانون1/ديسمبر 2024

منظمة التعاون الإسلامي هيئة عالمية ذات أهمية كبيرة لأنها تعتبر ثاني منظمة دولية من حيث عدد الدول الأعضاء بعد الأمم المتحدة لكونها تمثل 57 دولة بالإضافة إلى عدد من الدول والمنظمات الدولية التي تشارك في أنشطة المنظمة بصفة مراقب.  تأسست المنظمة تحت اسم منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1969م، وذلك بعد شهر واحد من جريمة حرق المسجد الأقصى كردة فعل لتلك الجريمة ومحاولة إيجاد مظلة للعمل الإسلامي المشترك والدفاع عن شرف وكرامة المسلمين.  صاحب إنشاء المنظمة الكثير من التطلعات حول قيام جهد إسلامي فاعل على الساحة الدولية يخدم القضايا المشتركة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومع أن المنظمة بذلت الكثير من الجهود، إلا أن النتائج ليست في مستوى الطموح، ونحاول في هذه الورقة شرح أهم القضايا التي انتدبت المنظمة نفسها للعمل عليها في الساحة الدولية مع توضيح أهم التحديات التي تقف أمام هذه الجهود والفرص المتاحة نتيجة المتغيرات الدولية ونختم بتقديم بعض المقترحات لتطوير الأداء.

دور المنظمة على الساحة الدولية

وضعت المنظمة خطة عشرية وبرنامج عمل شامل حتى عام 2025م، في القمة الإسلامية التي انعقدت في إسطنبول عام 2014م. وقد اشتمل البرنامج على ثمانية عشر مجالاً مثلت الأولويات بالنسبة للمنظمة وقد قسم العمل في هذه المجالات من خلال تبني 107 أهداف.  ما يهمنا هنا هو المجالات الثلاث الأولى التي تتعلق بالعلاقات والشؤون الخارجية وهي:

  1. فلسطين والقدس الشريف: وضعت لها المنظمة ثلاثة أهداف لخدمة هذه القضية وهي بذل الجهود لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم الشعب الفلسطيني لممارسة حقوقه المشروعة بما ذلك حقه في العودة وإقامة الدولة الفلسطينية ودعم مدينة القدس بصفتها عاصمة الدولة الفلسطينية.
  2. مكافحة الإرهاب والتطرف والتشدد والطائفية والإسلاموفوبيا: و اشتمل هذا المجال على سبعة أهداف أهمها إنشاء شراكات لمكافحة الإرهاب وإعادة النظر في اتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1999م، لوضع آليات جديدة وصياغة مقاربة جديدة للتسامح بين الأديان ومكافحة الإسلاموفوبيا والتعصب والتمييز ضد المسلمين وتشجيع منتديات وبرامج الشباب لترسيخ القيم ومكافحة التطرف وتحسين استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال للحيلولة دون إساءة استخدام الفضاء الافتراضي لارتكاب أعمال إرهابية ولأغراض التجنيد للإرهاب وأخيراً التصدي لاستخدام الفضاء الافتراضي لأغراض إرهابية.
  3. الوسطية والحوار والتناغم بين الثقافات والأديان: وقد اتخذت المنظمة أربعة أهداف في هذا المجال وهي: نشر الرسائل والمعلومات الصحيحة عن الإسلام باعتباره دين الوسطية، وتفعيل الحوار والاحترام المتبادل بين المذاهب والأديان، وتعزيز الشراكة بين المنظمة ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات البحوث لوضع استراتيجية بشأن سبل ووسائل مساهمتها في تعزيز التناغم الاجتماعي ومد الجسور وتشجيع المشاورات بين أتباع المذاهب المختلفة لتعزيز الاحترام والاعتراف المتبادل.

نحاول فيما يلي متابعة آخر مستجدات المحاور الثلاث التي تخص العلاقات الخارجية للمنظمة وجوانب تطوير أداء المنظمة فيها.

  1. دور المنظمة في القضية الفلسطينية

كانت القضية الفلسطينية هي العامل الذي دفع إلى إنشاء المنظمة. لكن المنظمة كانت وماتزال تعاني من تباعد البون بين المواقف والأفعال ولعل ذلك يعود إلى التباين الكبير في السياسات والمواقف تجاه القضية بين الدول الأعضاء.  وهي الحالة التي أدت إلى ضعف أداء المنظمة في هذه القضية.  على الرغم من سعي الدول الأعضاء واصطفافها خلف المبادرة العربية للسلام التي تبنتها القمة العربية لكن الانقسام بين الدول التي تسمي نفسها دول الممانعة التي ترفع شعارات زوال إسرائيل وأخرى ذهبت الى التطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية من دون الالتزام بالمبادرة التي وقعت عليها وبين هذه وتلك تقف بقية الدول. هذا الانقسام في المواقف أدى بالمنظمة إلى الاكتفاء بالتعامل مع القضية بردود الأفعال ولذلك لم تحقق الكثير من الأهداف التي وضعتها. 

الحرب المشتعلة في غزة والاعتداءات المستمرة للمستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية أعادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام العالمي. لذلك نعتقد أنه توجد فرصة وإن كانت صغيرة للسلام خصوصاً بعد المناظر المروعة لجرائم الاحتلال في فلسطين لكن هذه النافذة تصغر يوماً بعد يوم بسبب ممارسات حكومة اليمين الإسرائيلي وعدم رغبتها بالسلام. هذه الأوضاع بحاجة إلى تحرك دبلوماسي عربي-إسلامي يهدف إلى اتخاذ موقف دولي فاعل لإيجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة التي عاصمتها القدس الشريف.  من الخطأ النظر للقضية الفلسطينية على أنها قضية تخص الفلسطينيين أو أنها قضية تهم بعض الدول دون غيرها.  إن الحقيقة هي أن القضية الفلسطينية هي الأولوية الأولى للدول العربية والإسلامية لأنها تشكل تهديداً مباشراً لأمن وسلامة تلك الدول منفردة ومجتمعة.  إن التطرف السائد اليوم في اليمين الإسرائيلي هو المادة التي تغذي التطرف والإرهاب في دول العالم الإسلامي ولذلك فلن تنعم المنطقة بالاستقرار مالم يتم تحقيق الحل العادل للقضية لأن تحقيق الأمن الشامل الذي هو ليس للفلسطينيين وحدهم بل للجميع ومن ضمن ذلك إسرائيل يتطلب أولا وقبل كل شيء إقامة العدل. 

  1. التطرف الديني والإرهاب والترهيب من الإسلام (الإسلاموفوبيا)

ليست ظاهرة التخويف من الإسلام والمسلمين بالجديدة على الدول الغربية فهي قديمة قدم التواصل بين أوروبا والإسلام وكان أساسها تبرير الحملات الصليبية على العالم الإسلامي الذي كان يوصف بالوثني بالإضافة إلى وصفه بالاستعمار للمواطن الأوروبية وخصوصاً شبه الجزيرة الأيبيرية. ولذلك أطلقت الكنيسة شبهات وأكاذيب عديدة عن الإسلام والمسلمين منها تسمية المسلمين "السراسين" التي هي تحريف لكلمة السارقين من اللغة العربية. وللتدليل على ذلك الموقف من الإسلام نذكر على سبيل المثال أن بيير المبجل رئيس دير كلوني الذي كان يقود أحد أهم الوفود التي ساهمت في ترجمة علوم المسلمين خلال عقد 1140م، كان يرى أن ترجمات النصوص العربية تستهدف أيضًا محاربة الإسلام حيث يقول: "ومضيت إذاً لكي أجد مختصين في اللغة العربية التي أتاحت لهذا السم القاتل أن يفسد أكثر من نصف الكرة الأرضية وأقنعتهم بكثير من التوسل والأموال أن يترجموا من اللغة العربية إلى اللاتينية تأريخ وعقيدة هذا البائس وشريعته التي تسمى قرآناً".

هذا الموقف من الإسلام والمسلمين استمر على مر العصور ولم يتغير لكنه اليوم يزداد ضراوة مع تنامي الوجود الإسلامي والتفاعل مع المسلمين وقد ازدادت حدته مع إعلان الولايات المتحدة تغيير استراتيجيتها من الصراع مع المعسكر الشيوعي إلى الحرب على الإرهاب التي نسبتها للمسلمين وهي التي بلغت أوجهها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، الإرهابية التي استهدفت عدة مدن أمريكية وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها والتي أدت إلى احتلال أمريكا لأفغانستان والعراق تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

كانت المنظمة من الجهات التي كان لها قدم السبق في مجال مكافحة الإرهاب وقد تكللت جهودها في توقيع معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب لعام 1999م. إن أهمية الموضوع بالنسبة للمنظمة تنبع من العوامل التالية:

  • الجانب الفكري: قيام المنظمة بدور ريادي في هذا المجال خصوصاً فيما يتعلق بأهمية الوصول إلى تعريف واضح للإرهاب وتجنب إلصاقه بدين أو عرق أو طائفة مسالة على درجة كبيرة من الأهمية بسبب تلكؤ المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحت ضغط من أطراف دولية معروفة في الوصول إلى تعريف متفق عليه للإرهاب يساعد في وضع أطر عملية للتعاون الدولي في مكافحة الظاهرة.
  • الجانب العملي: هو خطورة الأمر على الدول الإسلامية لأن هذه المشكلة شكلت وما تزال تهديداً مباشراً ليس فقط على مستوى الاعتقاد بل كل ما هو متعلق بأمن وسلامة المجتمعات الإسلامية وكياناتها وفي مقدمتها مؤسسات الدول والمؤسسات الأمنية التابعة لها لأنها أدخلت المجتمعات في حروب أهلية دمرت البنية الاجتماعية في العديد من الدول الإسلامية. لذلك فإن المطلوب هو تطوير استراتيجية شاملة لمكافحة الظاهرة ومعالجة جذورها وأسبابها المتمثلة بغياب الوعي الفكري لقيم الإسلام الإنسانية وهشاشة النظم الأمنية والسياسية في العديد من الدول الإسلامية التي أدت إلى تحويلها إلى مراتع خصبة للتطرف والإرهاب.  إن تطوير مثل هذه النظرة الشمولية تزداد أهمية إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن استراتيجية الدول الكبرى والمنظمات الدولية تقوم على أن الهدف هو "احتواء" الإرهاب وليس مكافحته. وهي استراتيجية أدت إلى تعاون تلك الدول مع العديد من الجماعات الخارجة عن سلطة الدول من مليشيات مسلحة فيما يسمى بالحرب على الإرهاب وهي المقاربة التي كانت وما تزال تأتي بالنتائج التدميرية على المجتمعات الإسلامية وبالطبع لا تحقق الهدف المعلن منها. 

 

  1. حوار الأديان وتحديات التكنولوجيا الحديثة

هناك تحديات جديدة تواجه المعتقدات حول العالم وفي مقدمتها التقنيات الحديثة التي يجري تطويرها مثل الذكاء الاصطناعي والكمبيوتر الكمي والمعلومات الكبيرة.  يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "الذكاء الاصطناعي يمثل المستقبل ليس لروسيا فحسب بل للبشرية جمعاء.  هذه التقنية سوف تأتي بفرص عظيمة بالإضافة الى أخطار جسيمة يصعب التنبؤ بها.  إن الذي سوف يمتلك زمام القيادة في هذا المجال سوف يملك قيادة العالم". هذه التقنيات تشكل فرصاً كبيرة لمن يستطيع تطويرها وتحديات جمة للبشرية جمعاء والعالم الإسلامي خصوصاً على الأقل بسبب أن السرعة الكبيرة التي يجري تطويرها بها لا تتيح الفرصة الحقيقية لمعرفة آثارها البعيدة لكنها وبلا شك سوف تفرز العديد من التحديات القانونية والأخلاقية. والتي من أبرزها:

  • المعلومات المضللة من خلال قدرة التقنيات على إنتاج مواد على شكل صور أو أفلام أو خطابات غير حقيقية من شأنها أن تهز صورة المقدسات والشخصيات الدينية والمجتمعية. إن قدرة الذكاء الاصطناعي على اختلاق وإشاعة الأكاذيب دفعت بالمنتدى الاقتصادي العالمي إلى اعتبار المعلومات المضللة الخطر العالمي الأول على مدى العامين القادمين. هذه القدرات على اختلاق الأكاذيب المؤيدة بالصورة والصوت أصبحت اليوم في متناول أي شخص يمتلك جهازاً ذكياً.
  • تعميق الهوة الاقتصادية والاستراتيجية بين الدول الغنية والفقيرة حيث أشارت دراسة أصدرها صندوق النقد الدولي مؤخراً إلى أن تقنية الذكاء الاصطناعي سوف تكون لها آثاراً كبيرة على الاقتصاد العالمي ومع أن الاقتصاديات النامية سوف تكون أقل تأثراً بنتائجه المباشرة على سوق العمل لأن معظم تلك البلدان لا تمتلك البنية التحتية أو اليد العاملة الخبيرة التي تمكنها من جني ثمرات التقنية لكنها سوف تؤدي ومع مرور الزمن بزيادة الفجوة بين الأمم الغنية والفقيرة.
  • إقامة منظومة قيمية أساسها قيم النفعية.
  • الأمراض النفسية والجسدية عند المستخدمين والتي وصلت لدرجة دفعت بالطبيب العام الأمريكي إلى إصدار مذكرة تحذير من الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية لتي تمثلت بأعراض الإدمان والكآبة وكذلك الصحة الجسدية من خلال الحرمان من الفعاليات الرياضة وقلة النوم.

هذه القضايا يجب أن تكون في صلب حوار الأديان لأنها لا تهدد الدين الإسلامي فحسب بل جميع الأديان ومنظومات القيم في جميع المجتمعات.

التحديات التي تواجه العالم الإسلامي

  1. صعود اليمين المتطرف في الدول الغربية

تتوالى الأخبار يوماً بعد يوم عن صعود أحزاب اليمين المتطرف في مناطق مختلفة من العالم مثل الهند وأمريكا الجنوبية هذا بالإضافة طبعاً إلى دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة ولا ننسى إسرائيل التي يحكمها تحالف تسيطر عليه أشد الأحزاب الدينية والعنصرية تطرفاً. ولعل من أبرز النتائج الأخيرة التي أثبتت انتشار الظاهرة المكاسب الانتخابية الكبيرة التي حققتها أحزاب اليمين في أوروبا حيث تمتلك نسبة الثلث في البرلمان الأوروبي بالإضافة إلى انتخاب الرئيس دونالد ترامب المعروف بمواقفه المتشددة من المهاجرين عامة والمسلمين خاصة.

تقف وراء هذه الظاهرة أسباب عديدة منها اقتصادية أساسها أن النظام الاقتصادي العالمي يشهد تحولاً كبيراً باتجاه تركيز الثروة في يد القلة القليلة التي تنتمي إلى بلدان معينة فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة سكان قارة آسيا أكثر من نصف سكان العالم لكنهم يمتلكون أقل من ربع الناتج المحلي العالمي في المقابل نجد أن الولايات المتحدة التي تمثل 5% من سكان العالم فقط لكنها تمتلك حوالي الثلث من الناتج المحلي العالمي. هذا التركيز في الثروة له بعد آخر في الدول الغنية مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي تشهد هي الأخرى انتقالًا مستمراً للثروة من الطبقة الوسطى والفقيرة إلى الطبقة الثرية ذلك أن نصف الثروة العالمية أصبح اليوم بيد الطبقة الغنية التي تمثل 1% من السكان وأن نسبة 10% من سكان العالم تمتلك 85% من الثروة في حين أن 90% من سكان العالم تتنافس على 10% من الثروة فقط.  هذه التحولات الاقتصادية في الدول الأوروبية دفعت بالعديد إلى البحث عن أساب فقدانهم لمكانتهم الاقتصادية. 

الفوارق الكبيرة في نسب المواليد بين الدول النامية والدول المتقدمة جعلت من الدول النامية مجتمعات شابة يسعى أبناؤها إلى البحث عن فرص العمل التي لا تجدها في مجتمعاتها في حين أن الدول المتقدمة التي تمتاز بتقدم السن والشيخوخة تحتاج إلى اليد العاملة التي تحرك عجلة الاقتصاد فيها. ولذلك فهي مضطرة إلى استجلاب أعداد من اللاجئين وخصوصاً الشباب لسوق العمل.  بالمناسبة فإن الرئيس ترامب الذي يرفع شعار إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم تقوم شركاته بتوظيف العديد منهم في المهن البسيطة التي لا تجذب المواطنين. 

أخيراً نذكر المتغيرات الديمغرافية التي تشهدها المجتمعات الأوروبية وأمريكا الشمالية وهي التي جعلت العديد يتحدثون عن فقدان الهوية أمام هذا السيل الجارف من المهاجرين الذين لا يشبهونهم في العديد من الجوانب. هذه القضايا وغيرها أدت إلى اتهام المهاجرين أو الأجانب بالاستحواذ على الميزات التي كانت الطبقة الوسطى تمتلكها ومن هنا جاءت نظرية الاستبدال العظيم التي ترفعها العديد من أحزاب اليمين في أوروبا وأمريكا.   

  1. استنزاف الموارد الطبيعية والطاقات البشرية

لقد من الله على الدول الإسلامية بالعديد من الهبات أهمها الموارد البشرية حيث يبلغ عدد سكان دول المنظمة أكثر من 2 مليار نسمة أي ربع سكان العالم بالطبع هناك أعداد كبيرة من المسلمين يعيشون في دول لا تنتمي إلى المنظمة مثل الهند والصين والعديد من دول العالم الأخرى.  ثم هناك الموارد الطبيعية وفي مقدمتها موارد الطاقة والمعادن وأخيرًا انتشار الدول الإسلامية في قارات العالم التي جعلت منها على أهم طرق التجارة العالمية التي كانوا سادتها في يوم من الأيام. 

تمتاز العديد من الدول الإسلامية بارتفاع نسبة المواليد مقارنة بالدول المتقدمة لكن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها هي أن هذه الموارد لا يجري استثمارها الاستثمار الصحيح وإنما تذهب هدراً وهنا لابد أن نقف على الآثار المدمرة لهجرة العقول والكفاءات من الدول الإسلامية بسبب عدم وجود فرص العمل وغياب الاستقرار.  إن على المنظمة أن تولي هذه القضية الاهتمام الكافي وإن تعمل على إيجاد الحلول العاجلة لإيقاف هذا النزيف.  

  1. التحدي الفكري والعلمي

إنه لمما يؤسف له انتشار الأمية في العالم الإسلامي التي تبلغ معدلات أكبر بكثير من المعدل العالمي حيث تبلغ النسبة حوالي ربع السكان في دول المنظمة مقابل 14% على مستوى العالم. نسبة الأمية تصل في بعض البلدان الإسلامية إلى مستويات مخيفة مثل أفغانستان (63%) ومالي (65%).  هذه الأرقام تشير إلى مشكلة كبيرة وخطر يجب العمل على إزالته.  ومما يزيد في خطورة الأمر التقدم السريع للعلوم والمعرفة العالمية التي تجعل من الهوة بين البلدان المتقدمة والفقيرة أكبر من أن تجبر في المستقبل.

بعض المقترحات العملية لتطوير الأداء

المنظمة بحاجة إلى وقفة مراجعة وإعادة نظر في طبيعة الأهداف التي وضعتها والوسائل التي تم اختيارها والأهم من ذلك المتابعة والتقييم الدائم للأداء خصوصاً في ضوء الأخطار التي تحدثنا عنها أعلاه والتي تتطلب مواجهة جادة وعاجلة لذلك نتقدم بالمقترحات التالية:

  1. وضع استراتيجية شاملة لمواجهة التطرف والإسلاموفوبيا وإنشاء مكتب في المنظمة متخصص في مكافحة الإسلاموفوبيا يقوم بالتواصل مع المنظمات الفاعلة في مجالات حقوق الإنسان والجاليات المسلمة في سبيل تطوير جهد عالمي في مكافحة الكراهية والتمييز عموماً والإسلاموفوبيا خصوصاً.
  • الاهتمام بدور الجاليات المسلمة في الغرب وإقامة البرامج المشتركة التي تستهدف نقل صورة عن الإسلام الوسطي خصوصاً وأن العديد من أبناء الجاليات وصل إلى مراكز علمية واقتصادية وسياسية عالية في الدول التي يعيشون فيها ولذلك فمن مصلحة الدول الأعضاء وضع الخطط للاستفادة من إمكاناتهم وخبراتهم.
  • تشجيع الأعمال الأدبية والفنية التي تقدم صوراً إيجابية للتعايش بين الأديان والمذاهب وإقامة معارض متنقلة عن حضارة الإسلام للتعريف بدوره الحضاري.
  1. وضع استراتيجية لمواجهة خطر الأمية في الدول الإسلامية يكون أساسها المواءمة بين الدول الإسلامية المتقدمة في مجال التعليم والدول المتخلفة في هذا المضمار.
  2. إقامة حوار مع الشركاء حول إيجاد استراتيجية للتصدي للآثار السلبية للتقنيات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي من خلال التركيز على القضايا التالية:
  • المعلومات المضللة سوف تصبح أداة طيعة في أيدي عصابات الجريمة المنظمة والمجاميع المتطرفة لذلك لابد من تظافر الجهود حول العالم في سبيل العمل على إصدار تشريعات دولية تحرم سوء استخدام التقنيات والتقليل من أضرارها على الأفراد والمجتمعات.
  • مواجهة التهديد القيمي لتلك التقنيات من خلال التأكيد على دور القيم الأساسية للإسلام مثل الإنسانية والعدالة والحرية والتنوع.

خاتمة القول فإن دور منظمة العمل الإسلامي له أهمية كبيرة بالنسبة للدول الأعضاء وللعالم بسبب الثقل السياسي والاقتصادي لدول المنظمة لكنه بحاجة إلى نقلة نوعية تتناسب مع حجم الطموحات وعظم التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية والعالم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

مقالات لنفس الكاتب