array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 203

مصالحات الملك فهد بين المغرب والجزائر مهدت لإعلان "الاتحاد المغرب العربي"

الأربعاء، 30 تشرين1/أكتوير 2024

يروى عن لينين زعيم الثورة البلشفية ومؤسس الاتحاد السوفيتي (1922-1924م) قوله " الطريق إلى باريس تمر عبر المغرب "  وأستاذ الجيوبولتيكا الأمريكي سول كوهن يعتبر المغرب العربي البوابة الغربية لأوروبا وله أهمية استراتيجية للبحر المتوسط واعتبرت رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارجريت تاتشر أن الخطر القادم لأوروبا من الجنوب المتوسطي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وفي ظل الصواريخ البالستية رأت أن العواصم الأوروبية في شمال المتوسط في مرمى هذه الصواريخ في حالة وجود أنظمة معادية لأوروبا، وربطتها بالتيارات الاسلامية في المغرب العربي. والبحر المتوسط منطقة رئيسة في التجارة الدولية، فتقدر قيمة التبادل التجاري داخل منطقة المتوسط حوالي تريليون دولار سنويا وهي تمثل ثلث قيمة التجارة بين المنطقة وبقية العالم، وينحصر ثلث التجارة في مجال الطاقة، فكل من الجزائر وليبيا دول بترولية وتعتبر الجزائر ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي لأوروبا، خاصة بعد الأزمة الأوكرانية، وتتأكدت الأهمية الاستراتيجية للمغرب العربي أثناء الحرب العالمية الثانية حيث  تقرر مصيرها بعد انتصار الحلفاء في معركة العلمين بين القوات الألمانية بقيادة ثعلب الصحراء رومل والجيش البريطاني بقيادة مونتغمري، حيث انتصر الجيش البريطاني 1942م، حتى قال رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل "إن معركة العلمين تشكل نقطة تحول في التراث العسكري البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية فقيل العلمين كنا نصارع للبقاء أما بعدها أصبحنا ننتصر "، كما نزلت القوات الامريكية عام 1942م، في كل من المغرب والجزائر وتونس، وكانت قد دخلت الحرب العالمية رسميا في اواخر 1941م، وبعد الحرب العالمية الثانية جرى التنافس بين الولايات المتحدة والدول الاوروبية في المغرب العربي حتى شعرت فرنسا بأن الولايات المتجدة تريد أن تحل محلها واتهمتها بدعم استقلال الجزائر ، وفي الحرب الباردة جرى التنافس الأمريكي / السوفيتي على المغرب لأهميته وحاجة السوفييت لموانئ على المتوسط كما حدث في العلاقة السوفيتية مع ليبيا والجزائر والتنافس على العلاقات التجارية، فالولايات المتحدة كانت تستورد الغاز الطبيعي من الجزائر في الثمانينات وكان السوفيت بستورد الفوسفات من المغرب في صفقة عرفت "بصفقة القرن " وكل ذلك يعكس الاهمية الاستراتيجية للمغرب العربي وكما حاليا التنافس الاوروبي والأمريكي والصيني والسوفيتي في منطقة المغرب العربي والعالم العربي وافريقيا بشكل عام.

         

العلاقات التاريخية بين المشرق العربي ومغربه

 

إن المغرب العربي تربطه علاقات تاريخية متميزة بالمشرق، الدين واللغة والحضارة الاسلامية، وتوطدت رابطة الدم مع هجرة القبائل العربية لبلاد المغرب العربي هجرات بني هلال وبني سليم والعلاقات الاسرية بين العرب والامازيغ ، فادريس الأول (743-793م) الذي لجأ إلى المغرب الاقصى وأسس دولة الادارسة في المغرب اعتمد على  عنصر الامازيغ الذي تزوج منهم كما اشترك العرب والأمازيغ في فتح الاندلس بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد، وبعد سقوط الدولة الاموية في المشرق لجأ عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك المعروف بعبد الرحمن الداخل إلى الأندلس وأسس الدولة الاموية ولذلك ارتبطت الاندلس بالمغرب العربي والمشرق العربي، وبقيت المنطقة العربية موحدة بشكل عام تتميز بحرية التنقل والاقامة بحرية تامة وعندما سقطت الاندلس عام 1492م، وبسبب محاكم التفتيش توجه سكان الاندلس إلى بلاد المغرب العربي وعبرت الدكتورة اكرام عدنني من جامعة ابن زهر عن العلاقة التاريخية بقولها " إن الرحلات الدينية لزيارة بيت الله الحرام جعلت هناك تواصلا بين المشرق والمغرب، كما أن العلاقات مع مصر كانت متأصلة والدليل على ذلك وجود عدد كبير من الأضرحة في مصر لأئمة مغاربة أو ذوي اصول مغاربية، مؤكدة أن هذه الروابط كانت وما زالت يتم الحديث عنها ليس على مستوى القيادات السياسية وحسب ولكن على مستوى الشعوب" ، مثل الطرق الصوفية ابو الحسن الشاذلي وابو العباس المرسى وهما وفدا من تونس واحمد البدوي من فاس وغيرهم،  كما أن الأزهر استقبل كثيرا من ابناء  المغرب العربي للدراسة فيه وتولى الشيخ محمد الخضر حسين . (1876-1958م) مشيخة الأزهر في بداية عهد الثورة 1952م- حتى استقال من قيادة الأزهر 1954م، وهو ولد في تونس ودرس بها واستقر بالقاهرة 1920م، وتولى التدريس بالأزهر ، ونذكر أن ابن خلدون الذي ولد بتونس وزار الاندلس واستقر فترة في فاس بالمغرب انتهى به المطاف بتولي القضاء في مصر وتوفي فيها، كما أن الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الثورة ضد الفرنسيين استقر به المقام في دمشق 1856م، بعد ان نفته فرنسا، وفي القدس استقر المغاربة منذ عهد صلاح الدين وبالقدس يوجد حي المغاربة الذي ازالته اسرائيل بعد هزيمة 1967م، واحتلالها القدس وما زال احد ابواب المسجد الاقصى يحمل اسم باب المغاربة، ولم تعرف المنطقة العربية الحدود الفاصلة والتأشيرات إلا بعد الحرب العالمية الاولى ونشأة الدولة القطرية الحديثة.

 

الجامعة العربية واستقلال المغرب العربي

 

وبعد تأسيس الجامعة العربية عام 1945م، أسمهت الجامعة والدول الاعضاء فيها في استقلال دول المغرب العربي من الاستعمار الفرنسي، وكانت الحركة الوطنية المغاربية قد اتخذت من برلين مقرا لها وبعد هزيمة ألمانيا انتقلت إلى دمشق ثم القاهرة حيث مكتب المغرب العربي عام 1947م، والذي تكون من من ممثلي أحزاب المغرب العربي في مكتب واحد وكان ممثليهم في القاهرة الحبيب بورقيبة (تونس) وعلال الفاسي ( المغرب) ومحمد خيضر 0 الجزائر ) واحمد السويحي (ليبيا)، ولعبت الجامعة العربية دورا هاما في نقل قضية المعرب العربي إلى هيئة الأمم المتحدة، وعند اعلان الثورة الجزائرية 1954م، قدمت الدول العربية في مشارقها ومغربها الدعم للجزائر في كفاحها ضد فرنسا،  وأمدت مصر الثورة الجزائرية بالسلاح وكان سبب مشاركة فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر 1956م، بسبب مشاركتها في تزويدها الجزائر بالسلاح، وبعد استقلال الجزائر عام 1962م، قدمت الدول العربية الدعم لها وساعدتها في التعريب بتزويدها بالمدرسين من مصر وسوريا والاردن وفلسطين، كما توطدت العلاقات الثقافية بين المشرق العربي والمغرب العربية بالبعثات التعليمية من مصر والاردن وسوريلا للمغرب وليبيا كما درس كثير من دول المغرب العربي بالمشرق فراشد الغنوشي زعيم حركة النهضبة درس بجامعة دمشق وفي سوريا تأثر بالحركات الاسلامية، وكان للأزهر بعثة في الجزائر يرأسها الشيخ محمد متولي الشعراوي 1966م، واستعان الرئيس الشاذلي بن جديد بعلماء من المشرق عند تأسيس الجامعة الاسلامية في قسنطينة، وقدت الدول المغاربية الدعم لدول المشرق العربي بعد هزيمة 1967م، وفي حرب 1973م، حاربت القوات المغربية في هضبة الجولان على الجبهة السورية كما أن الجزائر اسهمت بقواتها في السويس ودعمت مصر في شراء الاسلحة من الاتحاد السوفيتي، وعندما توترت العلاقات العربية العربية بعد زيارة القدس عام 1977م، انتقل مقر الجامعة العربية إلى تونس ورغم توتر العلاقات العربية بقيت القنوات الدبلوماسية متواصلة، وعندما غزت اسرائيل لبنان عام 1982م، انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس، وتعتبر القضية الفلسطينية محورية في الدول العربية فالمغرب منذ عهد الملك الحسن الثاني تولت مسئولية رئاسة لجنة القدس وقدمت الدول المغربية الدعم السياسي والمالي للمنظمة كما هو حال دول الخليج العربي، كما برز الدور السعودي في عهد الملك فهد في المصالحة بين المغرب والجزائر في القمة الاسلامية التي عقدت في مكة المكرمة 1987م، وتبعها قيام الملك فهد بوساطة في اللقاء بين الرئيس الشاذلي بن جديد والحسن الثاني في خيمة على الحدود المغربية الجزائرية 1989م، مما مهد في ذلك العام لاعلان  "ااتحاد المغرب العربي"  بين الدول المغاربية الخمس، وفي نفس العام تأسس في المشرق العربي مجلس التعاون العربي بين العراق والاردن ومصر واليمن والذي ولد ميتا بسبب البعد الجغرافي واختلاف الاهداف السياسية وانتهى بعد عام بسبب أزمة احتلال العراق للكويت .

 

 وإثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب سعت المملكة العربية السعودية في مايو 2022م، للوساطة بين البلدين، وإثر العدوان الاسرائيلي على غزة في اكتوبر 2023م، وقفت الدول العربية في المشرق والمغرب موقفا متضامنا في مجلس الأمن الدولي وايدت قرار محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية ولعبت الجزائر دورا مهما بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الامن الدولي باسم المجموعة العربية.

أفريقيا العمق الاستراتيجي العربي

 

تعتبر القارة الأفريقية عمقا استراتيجيا عربيا ولها علاقات تاريخية مع العرب بانتشار الاسلام في القارة، والعصر الذهبي للعلاقات العربية مع القارة  بعد ثورة 23 يوليو 1952م، حيث تنبهت مصر لأهمية أفريقيا والانفتاح على القارة واهميتها الاستراتيجية حتى لقب الرئيس المصري عبد الناصر " أبو أفريقيا"، وقدمت مصر الدعم المادي والعسكري والسياسي لحركات التحرر الوطني في أفريقيا وساهمت في استقلال 34 دولة أفريقية بين (1952-1967)، وكان الهدف مواجهة المد الإسرائيلي في القارة الافريقية، واقترحت مصر عام 1963م، خلال القمة الافريقية في العاصمة الاثيوبية مشروع الوحدة الافريقية لانشاء الجامعة الافريقية وأصر عبد الناصر أن تكون أديس أبابا مقرا لمنظمة الوحدة الافريقية ( الاتحاد الأفريقي الآن) رغم اعتراض نكروما رئيس غانا آنذاك وكانت له علاقة شخصية مع الرئيس المصري وتزوج فتاة مصرية، كان موقف عبد الناصر مكافأة لامبراطور هيلاسيلاسي لموقف من القضايا العربية، وعقد اول مؤتمر لمنظمة الوحدة الافريقية يوليو 1964م، وكانت مصر رئيسة للقمة الافريقية، ووقفت الدول الأفريقية مع مصر في حرب أكتوبر 1973م، فقد جمدت بعض الدول علاقاتها مع إسرائيل وبعضها قطع علاقاته الدبلوماسية، ولكن بعد اتفاقية كامب ديفيد " 1979م، وتراجع اهتمام السادات بأفريقيا وراجعت بعض الدول الأفريقية علاقاتها بإسرائيل، ولكن ليبيا عززت علاقاتها بأفريقيا لمواجهة المد الإسرائيلي كما أن كل من المغرب والجزائر لعبت كل منهما دورًا مهما في العلاقات الأفريقية بأرسال قوات لحفظ السلام كما في الكنغو حيث شاركت قوات مصرية ومغربية أثناء الحرب الأهلية بالكنغو ، واسهمت الجزائر في  حل الخلافات بين دول الساحل والنزاع في دولة مالي ، كما أسهمت السعودية بتقديم المساعدات المالية للدول الأفريقية واستقبلت الطلاب الأفارقة في الجامعة الاسلامية كما قدمت المساعدات للدول الفقيرة والجمعيات الخيرية.

واعترضت الدول العربية في أغسطس 2021م، على منح اسرائيل صفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي وهي عملية شابها الغموض، لأن الطلب لم يتم النظر فيه وفقا لنظام الاتحاد، وقدمت سبعة دول عربية اعتراضا على منح إسرائيل صفة مراقب، هي مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتنانيا وليبيا باعتبارها دول أعضاء في الاتحاد، وأيدت بقية الدول العربية هذا الاعتراض لأن إسرائيل تحتل الاراضي العربية وترفض قرارات الامم المتحدة حول القضية الفلسطينية، واستطاعت الدول العربية والمؤيده لها دولة جنوب أفريقيا ان تدفع قمة الاتحاد الافريقي 2022م، إلى تعليق النقاش والتصويت على منح اسرائيل صفة مراقب، وذلك نجاحا للدبلوماسية العربية وتشكلت لجنة سداسية من الجزائر وجنوب أفريقيا والكنغو الديمقراطية وكينيا والسنغال كدولة رئيسة للجنة ومشرفة عليها . وقد اهتمت الدول العربية بالعلاقات الاقتصادية بأفريقيا، فقد تم تأسيس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا بناء على قرار القمة العربية التي عقدت في الجزائر 28 نوفمبر 1973م، وذلك استجابة لتوصية المجلس الاقتصادي والاجتماعي لدامعة الدول العربية، وباشر المصرف عمله في مارس 1975م، واسهم المصرف في التعاون مع مجموعة البنك الأفريقي للتنمية في تمويل كثير من المشاريع الأفريقية وقد أثنى رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية الدكتور أكينوومي أديسينا على العلاقة مع المصرف العربي في الذكرى الخمسين للمصرف مايو 2024م، بقوله " أن "شراكتنا مع المصرف لا تقتصر على التمويل المشترك للمشاريع فحسب، بل إن شراكتنا عضوية". وأضاف "لقد بدأت عندما كان عمر المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا عامين فقط، كان عمر مجموعة البنك الأفريقي للتنمية عشرة أعوام. إنها صداقة الطفولة التي دائمًا ما تكون مميزة جدًا حقًا"، وتشترك بعض الدول العربية في علاقات ثنائية مع الدول الأفريقية في مشاريع استثمارية في مجالات متعدةة وخاصة المشاريع الزراعية فالدول الأفريقية غنية بثرواتها التي يمكن للأموال العربية أن تنافس الدول الكبرى في القارة مثل الصين والهند وأوروبا والولايات المتحدة

 

التحديات التي تواجه الدول المغاربية والمشرق العربي

 

تميزت العلاقات بين الدول المغاربية بالتناقض احيانا والتقارب احيانا اخرى لاختلاف الاهداف السياسية والاختلاف بين شخصيات النخبة الحاكمة، والاغرب الوحدة الليبية / التونسية 1974م، والتي لم تدوم إلا بضع ساعات فقط بعد اعلان الوحدة تحت اسم الجمهورية العربية الاسلامية، ثم الاتحاد العربي الافريقي 1984م، بين المغرب وليبيا والذي اقترحه الملك الحسن الثاني الذي اشار  في كتابه "ذاكرة ملك" أن هدفه هو احتواء دعم القذافي إلى جبهة البوليساريو التي أعلنت الجمهورية العربية الصحراوية وكان القذافي يدعمها بالمال والسلاح، وبالفعل بعد اعلان الاتحاد توقف القذافي عن دعم البوليساريو كليا ولكن الوحدة تم تجميدها في أغسطس 1986م، بعد زيارة شمعون بيرس إلى المغرب وانتقاد ليبيا لهذه الزيارة، وحاولت الدول المغربية التعاون بعد ظاهرة انتشار التكتلات الاقتصادية الاقليمية فقد الاتفاق بين زعماء الدول المغاربية على تأسس الاتحاد المغاربي فبراير 1989م، حيث أعلن  في  مدينة مراكش ويضم المغرب الجزائر تونس وليبيا وموريتانيا، ولكن الواقع الحالي في المغرب العربي يجعل اتحاد المغرب العربي مجمدا للخلافات السياسية العميقة تفكك ليبيا والخلافات بين الاطراف الليبية وكذلك التوتر في داخل تونس وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب ومع اختراق إسرائيل للمغرب العربي بالتطبيع بين المغرب واسرائيل والتعاون الأمني والاستخباراتي بينهما، وعقد هذا التطبيع العلاقات بين دوله حيث ترفض التطبيع، لقد أخذت المغرب شوطا في التطبيع رغم أن الشعب المغربي يرفض التطبيع ومؤيد قوي للقضية الفلسطينية والمثير أن الوزير الاول سعد الدين العثماني وقع اتفاقية التطبيع وكان الامين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي مما أدى إلى خسارة الحزب بشكل مثير في الانتخابات البرلمانية المغربية لعام 2021 م،

فالحزب الذي أحرز المركز الأول في انتخابات 2016م، بعدما ربح في مجلس النواب بعدد مقاعد قياسي بلغ 125، ينهزم بشكل مدوٍ خلال انتخابات 2021م، هذا الانحدار الأسوأ على الإطلاق في كل تاريخ انتخابات المغرب ففقد قاعدته الشعبية؟

وكان وزير الحرب الاسرائيلي بني غانتس قد صرح في زيارة له للرباط وتوقيع اتفاقية امنية "الجزائر عدو ونحن له بالمرصاد"، وكان رد وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف "أن الجزائر تأخذ تصريحات الوزير اتجاه الجزائر محمل الجد "، ومع دخول اسرائيل في أزمة العلاقات المغربية / الجزائرية يهدد تماسك المغرب العربي ويعتبرا تهددا للأمن العربي بشكل عام لأثارة النزعات العربية / العربية، ورغم الخلافات حول موضوع الصحراء منذ 1975م، حيث المغرب يعتبرها ارضا مغربية ويطرح حلا يقوم على الحكم الذاتي " ضمن سيادة المغرب وترى الجزائر دعمها للبوليساريو التي تطالب بحق تقرير المصر ، ولكن دخول اسرائيل يؤدي إلى تفكيك المغرب العربي فتتهم الجزائر ان المغرب يدعم بعض عناصر المعارضة في منطقة القبائل كما يتهم المغرب الجزائر بدعم المعارضة الجزائرية واثارة قضية القبائل او قضية البربر (الأمازيغ) يهدد وحدة البلدين وهي ورقة حاولت فرنسا استعمالها في كل من المغرب والجزائر ولكنها فشلت وتقوم اسرائيل اليوم باستغلال هذه الورقة لتفكيك هذه الدول وادخالها في صراعات داخلية، وتحتاج لموقف موحد من المغرب والجزائر في مواجه الخطر الاسرائيلي باستعمال الورقة الامازيعية والقبائل، ولذلك يبقى اتحاد المغرب العربي في حالة بيات شتوي حتى حل الخلافات السياسية واستقرار دول المغرب العربي.

ونشير الى الاهتمام الجدي والخطير لاسرائيل بالقضية الامازيغية بالمغرب العربي فيقوم الاكاديمي الاسرائيلي بريس مادي وايزمان بالاهتمام بالحركة الامازيغية واصدر كتابه "الهوية البربرية " ( The Berber Identity Movement and the Challenge to North African states)، الذي يركز في دراساته على اثارة النعرة الامازيغية داخل الدول المغربية وخاصة المغرب ويدعي ان الحركات الاسلامية والقومية ضد التطبيع علما بأن معظم الامازيغ ضد التطبيع سوى فئة قليلة يرفضها المجتمع المغربي، ويدعو وايزمان الى التغلغل في مكونات المجتمع المدني بشكل مباشر أو غير مباشر ويوصي بالاهتمام بالثقافة الامازيغية الحديثة في فرنسا وتشجيع الزيارات المتبادلة، ويسعى لاستغلال الامازيغ كما فعلت إسرائيل في تعاملها مع الحركة الكردية ولذا يحتاج الامر الى موقف من هذا التوجه الإسرائيلي على مختلف المستويات المغاربية والعربية لأنه يسعى لتفكيك الوطن العربي كما فعل في فصل جنوب السودان واصابعة الخطيرة في الصراع في السودان حاليا أو تغلغله في تشاد وبعض الدول الأفريقية  ضد الامن القومي العربي.

 

الحاجة لموقف موحد في ظل نظام دولي جديد

 

بشهد النظام الدولي تحولا قويا في بنيته، فدول الجنوب أصبح لها تأثيرا في النظام الدولي في تحدي دول الشمال كما أن هناك انقساما وخلافات بين دول الشمال نفسها،  بسبب اختلاف مصالحها ودعوات لاصلاح الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، فالمصالح العربية تقتضي تعاون عربي بين المشرق العربي ومغربه لمصلحة الأمن القومي العربي، ويحتاج الى بناء نظام امني عربي، ودراسة اسباب تراجع العمل العربي المشترك والاهتمام بتشجيع العلاقات الثقافية والتعاون بين مؤسسات المجتمع المدني العربي  لمواجهة تغلغل القوى الأجنبية تحت شعارات انسانية وهي مؤسسات استخبارية، كما على الجامعة العربية القيام بدور المصالحة وحل الخلافات بين الدول الاعضاء وحل الخلافات السياسية بين الدول العربية التي تواجه صراعات داخلية مثل ليبيا والسودان، وبناء علاقات مع قوى دولية مؤيدة للقضايا العربية فدولة جنوب أفريقيا تبنت تقديم اسرائيل لمحكمة العدل الدولية متحدية الضغوط الدولية المؤيدة لإسرائيل، وتملك الدول العربية مقومات القوة الاقتصادية والاستراتيجية على مستوى النظام الدولي وتؤثر فيه واستغلال التوتر بين الدول الكبرى لصالحها كما حال الصين وروسيا الاتحادية والتعاون مع القوى الاقليمية، والنقطة المهمة هي التأكيد على عدم التدخل في شئون الدول العربية الأخرى وهذا ضمن ميثاق الجامعة ويجب الـاكيد عليه.                                              

 إن الدول العربية منفردة لا تستطيع التأثير الدولي أو الاقليمي بدون التعاون العربي المشترك، والتكامل بين دول العربية ضروري لتحقيق مصالح كل دولة، فدول المغرب العربي لها مزايا استراتيجية لقربها الجغرافي من أوروبا ولدول الخليج العربي مزايا استراتيجية لمواردها وموقعها، ومصر تمثل شخصية المكان والزمان كما يقول جمال حمدان وفي موقع حيوي، واستغلال كل هذه المزايا العربية أن يحقق المصالح العربي اقليميا ودوليا، والخطر الرئيس على الأمن القومي المشروع الصهيوني والتنبه لخطورة تغلغله في المجتمعات العربية لخلخلة التماسك الاجتماعي واللعب على الورقة الطائفية والعرقية، وإن التطبيع وسيلة إسرائيل لاختراق المجتمعات وزرع الخلافات بين الدول لتحقيق المشروع الصهيوني فهي ترفض كل القرارات الدولية وتقوم بحرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني والتوسع لاحتلال الاراضي اللبنانية وتشجع الحركات الانفصالية في البلاد العربية وكل ما يهدد الأمن العربي كما في تأييد أثيوبيا في بناء سد النهضة الذي يهدد الأمن القومي العربي وليس المصري فقط.  

مقالات لنفس الكاتب