array(1) { [0]=> object(stdClass)#13667 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 194

"المبادرة" تتبنى رغبة عربية جامحة للسلام ودراية بالشرعية الدولية وفهم السياسة الدولية

الخميس، 25 كانون2/يناير 2024

أبت السنة الميلادية 2023م، أن تحزم حقائبها من دون أن تُحدث زخمًا ملحوظًا وحراكًا ملموسًا وزلزالًا سياسيًّا وعسكريًّا ليس فحسب في الشرق الأوسط، بل وفي العالم كله.  إذ اندلعت في السابع من أكتوبر 2023م، شرارة الحرب الضروس الدائرة حاليًا بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حماس وهو ما تواتر على تسميته بــ "حرب غزة"، نظرًا لأن غزة هي مسرح العمليات العسكرية حتى الآن. أحداث غزة تفرض نفسها على الساحتين الإقليمية والدولية وتجعلنا نتساءل: هل كان ثمة سبيلًا آخرًا للتطبيع مع إسرائيل غير المبادرة العربية؟ وبتعبير آخر، هل لدى إسرائيل مقابلًا للتطبيع أقل كُلفة من المبادرة العربية ؟! ينبثق عن هذين التساؤلين مترادفًا الكلمات متحدًا المضمون والنتيجة سؤالًا آخرًا، هل كان بإمكانية إسرائيل تجنّب الحرب الحالية وتوقّي المثول- الطوعي- أمام محكمة العدل الدولية للدفاع عن نفسها في ادعاء جنوب إفريقيا لها بارتكابها جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بغزة ؟! .

حريًّا بنا أن نطوف بالفحص والتمحيص في المبادرة العربية لنرى هل لا زالت هي الخيار الأوحد والأمثل لنزع فتيل حرب عالمية ثالثة؟ أم أن ثمة بديلًا عنها ترتضيه كامل الأطراف؟ هل من عوار انتاب المبادرة فأحالها إلى مجرد نظرية وقوّضها وعمل على تفريغها من مضامينها...وماذا عن الأمم المتحدة، المنظمة الأم، وفي القلب منها مجلس الأمن، الضامن والحامي للسلم والأمن الدوليين، هل من استنهاض لدورها واضطلاعها بمهامها الرئيسة لكي تكفّ الجميع مؤنة الحرب وتحفظ على المنطقة بأسرها مقدراتها...

تتجذّر في الفكر السياسي الدولي المبادرة العربية للسلام والمنبثقة عن قمة بيروت عام 2002م، والتي تقدم بها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز وقت أن كان وليًّا للعهد ثم تبنتها القمة والتي عرفت فيما بعد بالمبادرة العربية-السعودية.

زخرت المبادرة العربية وامتازت بما لم تحظ به مبادرة قط فقد أقامت توازنًا بين ما هو سياسي وما هو قانوني، فمن ناحية أولى أتت بنودها السبعة في تناغم مع أحكام القانون الدولي وكافة قرارات الشرعية الدولية ومن ناحية أخرى خطت المبادرة خطوات أبعد مدى من القانون، إذ عانقت السياسة وانتمت إلى المرونة التي يجب أن يتحلى بها الساسة، إذ قدّمت عرضًا وحلاً ومقابلًا عادلًا في ذات الوقت بل وسخيًّا أيضًا، وهو التطبيع الكامل، ولكن وعلى ما يبدو أن إسرائيل اجتزأت المبادرة ولم ترَ منها سوى التطبيع وأضفت عليه طابع المجانية وألبسته ثوب الهبة والمنحة.

توافق المبادرة العربية والشرعية الدولية

تعجّ الشرعية الدولية بجملة قرارات تخص القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ولعل أهمها هما القراران 242 و338 الصادران عن مجلس الأمن. اتفقنا أو اختلفنا مع قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في 22 نوفمبر 1967م، عقب الحرب العربية-الإسرائيلية الثالثة وإذا ما تخطينا معضلة التعريف والتنكير لكلمة "أراض"؛ فإن هذا القرار يعتبر ركنًا ركينًا ومرتكزًا في الصراع العربي الإسرائيلي بتأكيده عدم شرعية الاستيلاء على الأرض بالحرب وأن من مقتضيات إعمال المادة الثانية من الميثاق الأممي انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها (في النص الإنجليزي: "من أراضِ احتلتها"( وإنهاء حالة الحرب واحترام السيادة والاستقلال السياسي لكل دولة. مؤكدًا عدم شرعية الاستيلاء على الأرض عن طريق الحرب، كما نصّ القرار على الاعتراف ضمنًا بإسرائيل.

عقب ذلك وفي 22 أكتوبر 1973م، وأثناء الحرب العربية-الإسرائيلية الرابعة أصدر مجلس الأمن قرارًا بذات مضمون قرار 242 حيث طلب ضرورة وقف إطلاق النار والدخول الحال في مفاوضات بين الأطراف المعنية تحت إشراف أممي بغية إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، كما دعا صراحة في بنده الثاني إلى ضرورة تنفيذ القرار 242.

وبمقاربة بسيطة بين مضمون المبادرة العربية السعودية، والقرارات الأممية خاصة الملزمة منها ويقبع على قمتها القرارين 242 و338 الصادرين عن مجلس الأمن نجد اتساقًا واتفاقًا واضحًا بينهما وهذا ما يُكسب المبادرة قوة وفاعلية على المستوى الدولي وذلك لتحصّنها بالشرعية الدولية.

إن ما نادت به المبادرة السعودية المصدر والعربية التبني ليعكس رغبة عربية جامحة للسلام ليس هذا فحسب، بل ينم عن دراية بالشرعية الدولية وفهم عميق للسياسة الدولية وأبعادها.

مسحة سياسية: حل الدولتين مقابل تطبيع كامل

ما تمتاز به المبادرة العربية عن كافة القرارات الأممية أنها حذت حذوًا إيجابيًا ونحت منحى استشرافيًّا بأن تغلّفت بمسحة سياسية أكسبتها ديناميكية دافقة وصلاحية فورية للتطبيق وحلًا ناجعًا ومنهيًا للصراع العربي الإسرائيلي؛ ففي حين تقوقعت القرارات الأممية ولم تحظ بديناميكية دافعة قدمًا نحو التعايش السلمي، نجد على العكس من ذلك تضمنت المبادرة العربية التزامًا عربيًّا صريحًا باعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيًا، كما التزمت بالتطبيع الشامل مع إسرائيل حال التزام الأخيرة بالسلم ومقتضياته ومن ذلك الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يُتفق عليه وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والصادر في 11 ديسمبر 1948م.

كما أكدت المبادرة وفي مقابل التطبيع الشامل، قبول إسرائيل قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الخامس من يونيو1967م، في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

أضحى إذن التطبيع الشامل مرهونًا بحل الدولتين كأطروحة عربية، وأكد القادة العرب في أكثر من مناسبة أنه إذا ما قبلت إسرائيل بالمبادرة فسوف يكون هناك تطبيعًا شاملًا بمعنى الكلمة بحيث يتخطّى الحدّ الرسمي ليمتد ليشمل كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والفنية... إلخ.

الجلوس على طاولة المفاوضات: الفرصة السانحة

أتت رياح السابع من أكتوبر 2023م، بما لا تشتهيه السفن الإسرائيلية والغربية وفرضت المقاومة الفلسطينية مسارًا ودربًا ليس أمام إسرائيل إذا ما أرادت خلاصًا من الفخ الذي وقعت فيه سوى الالتزام بما تمليه إرادة المقاومة وما تنادي به المقاومة إن هو إلا مضمون المبادرة العربية.

ما أشبه اليوم بالبارحة، على خطى حرب أكتوبر 1973م، وفي الاحتفال باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر المجيدة 2023م، سارت المقاومة الفلسطينية؛ حيث تم نسخ ذات السيناريو المنفّذ في أكتوبر 1973م، من حُسن إعداد وفجائية قرار وتوقيت مباغت... والسؤال الذي يتبادر إلى أذهان كل متابع لمجريات الأحداث هو: هل يتم نسخ كامل السيناريو وبالأخص نهايته، ويتبع النسخة الفلسطينية من حرب أكتوبر نسخة من مفاوضات ومآلات كامب ديفيد؟

يدلنا التاريخ وتخبرنا التجارب أنه ما من حربٍ إلا وتخللها وأعقبها مفاوضات، ولن تشذ حرب غزة عن القاعدة، بدليل أنه عبر مفاوضات ووسطاء بين إسرائيل والمقاومة تم في 22 نوفمبر 2023م، عقد هدنة لمدة أربعة أيام تم فيها تبادل للأسرى بين الجانبين ودخول مساعدات إنسانية لقطاع غزة؛ فهل تنهي المفاوضات حرب غزة ؟!

قالها الرئيس أنور السادات، إن خيوط اللعبة السياسية في العالم كله بيد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دعاه ـ رحمه الله ـ لضبط مؤشر بوصلته ناحيتها وقد كُللت جهوده عبر مفاوضات مضنية إلى عقد اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل وضعت حدًا للصراع المصري / الإسرائيلي وأرست تطبيعًا رسميًا بين الدولتين ولم تفلح بسبب السياسات الإسرائيلية في إقرار التطبيع الشعبي.

ما دام الوضع كذلك، وما دامت الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تُمسك بخيوط اللعبة وتضطلع بالدور الأساس في السياسة الدولية؛ فلا مناص من إشراكها في الحل النهائي.

متى كان قَدر العرب فلسطين؛ فلا يمكننا الحديث عن الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي بمعزل عن المسار التفاوضي العربي / الإسرائيلي، أي أن الفاعلين من العرب هم من سيقودون التفاوض حال حدوثه مع إسرائيل، ولكن ما هي فرص قبول إسرائيل للمفاوضات؟

مِكنة العودة للمفاوضات العربية / الإسرائيلية يحكمها عاملان رئيسان: العامل الأول هو وحدة الصف العربي واتحاد كلمة القادة والساسة العرب، وهذا مترجم بالمبادرة العربية وإن كان يضعف من ذلك الحرب غير العادلة والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل ليل نهار في الأراضي المحتلة. أما عن العامل الثاني فهو تبني الطرف الأمريكي للمفاوضات، وبدون أيّ من هذين العاملين لن يفلح أحد في ملئ مقاعد طاولة المفاوضات وسيجلس هو وحيدًا منفردًا منعزلًا.

ما يقوي ويعزز المبادرة العربية هو جَنح المقاومة الفلسطينية للسلام والرغبة في التفاوض شريطة الوقف الفوري لإطلاق النار والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية وهو ما يطلق عليه "تبييض السجون". فهل تغتنم إسرائيل الفرصة السانحة وتتخلى عن عنتريتها وغرورها وإصرارها على الحل العسكري الذي لن يضع حدًّا للمقاومة ولن يقدم حلًّا ناهيا للصراع، بل سيفاقم الوضع ويؤزمه.

كما وأن مفتاح فلسطين بيد العرب؛ فإن مفتاح إسرائيل بيد الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا نرى أن الحل هو عربي / أمريكي وليس فلسطيني / إسرائيلي. إن إيلاء الدور الأمريكي هذا الاهتمام والتعويل عليه ليس بمبالغة لكنه يأتي من قراءة متأنّية للواقع وعين فاحصة لتجارب الماضي.

لكن كيف يمكن حثّ أو بالأحرى إرغام الولايات المتحدة الأمريكية على تبني المسار التفاوضي؟

تُفعم جعبة العرب وتزخر بالكثير والكثير ولا نجد أقيم من المبادرة العربية كثمن لإنهاء الصراع العربي / الإسرائيلي. إذ نرى أنه من الأوفق دخول الطرف العربي مع الطرف الأمريكي في مفاوضات على أن يكون المرتكز هو المبادرة العربية إذ فضلًا عن التزامها بالشرعية الدولية تقدم المبادرة العربية وكما أسلفنا مقابلًا غير مناظر وغير منافس وهو التطبيع الشامل في كل البلاد العربية مع إسرائيل. فكيف لعاقل أن يرفض مثل هذا حل !! وكيف للبيب أن يرفض إقامة علاقات اقتصادية مع سوق كبير كالسوق العربي؟ وكيف لمسؤول إسرائيلي أن يرفض تجوّل مواطن إسرائيلي في 22 دولة بأمن وأمان؟

على المعسكر الإسرائيلي أن يعي جيّدًا أن التطبيع لن يكون على جثث الفلسطينيين ومقدراتهم وأن على إسرائيل فاتورة مستحقة الدفع منذ عقود...

الرفض الإسرائيلي: وخيمية العواقب

محيٍّر هو الموقف الإسرائيلي، لا يتعاطى البتة في المجمل مع أي مبادرة سلام ويخصّ المبادرة العربية بصلف ورفض تام رغم أنها تضمن ما لم ولن تضمنه مبادرة غيرها.

تتجذّر في الفلسفة الصهيونية وتترسّخ في العقيدة الإسرائيلية فكرة مجانية التطبيع، بمعنى أن إسرائيل مدفوعةً بالتأييد الغربي وبالأخص الولايات المتحدة تنحى منحى الأخذ دون العطاء أو إن أعطت فذر الرماد في العين وبما لا يتناسب مطلقًا مع ما تحصّلت عليه وتلك من وجهة نظرنا آفة العلاقات الدولية والمعوّق الأساس والحاجز الرئيس أمام نجاح أية عملية تفاوضية.

تكتسب المبادرة العربية، والتي تتألف من 7 بنودٍ، أهمية بالغة ومكانة خاصة نظرًا لأنها تعكس توافقًا عربيًّا. بما مفاده أنها حظيت بالبحث والدراسة الكافيان من عدة مستويات ونالت قبول واستحسان كافة المؤسسات الحكومية وكذلك منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي يدفعنا إلى القول بأن هناك إجماع "معلن" وتوجّه حاسم نحو وضع تلك المبادرة موضع التنفيذ.

تعوّل إسرائيل إذن على مجانية التطبيع ولربما اعتقدت خطأً أو تلقت وعودًا من الجانب الأمريكي في هذا الشأن، متى استمرت تلك الفلسفة فلن نصل لحل.

يترافق ذلك مع الاتهام الجنوب إفريقي لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها دوليًا، على أن أحداث السابع من أكتوبر لا تبرر مطلقًا ما ترتكبه إسرائيل من مجازر بحق المدنيين في قطاع غزة. وعلّق رونالد لامولا، وزير العدل الجنوب إفريقي، قائلًا: "لا يمكن لأي هجوم مسلّح على أراضي دولة مهما كانت خطورته... أن يقدّم أي تبرير لانتهاكات الاتفاقية".

لاقت هذه الخطوة قبولًا منقطع النظير من المجتمع الدولي، على المستويين الحكومي والشعبي وهو ما يظهر حجم المأزق الذي حلّ بإسرائيل وتنامي التعاطف والتعاطي مع المقاومة الفلسطينية خاصة والقضية الفلسطينية عامة وهو ما يعيد من جديد المبادرة العربية للسلام ويدفع بها إلى الواجهة؛ فعلى الجميع استثمار الفرصة واغتنام اللحظة قبل فوات الأوان...

إن صم الآذان الإسرائيلية عن صوت المبادرة العربية قد يجنبها الطرح، بأن يسحبها العرب أو بأن تحدث انقسامات بشأنها في الجانب العربي وهنا تظل المنطقة رازحة تحت نير الحروب ومستنقع الدموية.

تحديات المبادرة: تعددية الأطراف

يكتنف تفعيل المبادرة العربية السعودية تحديات جسام، يعزى ذلك إلى اختلاف أيديولوجيات الطرفين وكذلك إلى ما تعتقده إسرائيل بأنها ستكون الفائز الأوحد من هذه العملية، وفي هذه الحالة يغيب أو يتغيّب عنها أن عملية التفاوض تعني الأخذ والعطاء لا الأخذ فحسب؛ فهي علاقة تبادلية قوامها نفعية الطرفين وابتغاء مصالحهما.

شسوع فرق بين من يَعد ولا يفعل وبين من لا يَعد ولا يفعل، وهذا ما ينطبق على السياسة الإسرائيلية؛ فهي لا تَعد بالسلام ولا تفعل ما من شأنه تهيئة الأجواء المناخية المواتية له.

ولعلي لا أكون متشائمًا إن قلت إن المبادرة العربية للسلام في ظل ما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطيني لن تجد لها ظهيرًا شعبيًّا عروبيًّا قوميًّا مثل ذي قبل وهذا مما قد يعرقل وضعها موضع التنفيذ.

اتسع الخرق على الراتق فكيف له برتق الثوب؟ إن من كبرى العقبات التي تجابه تطبيق المبادرة العربية وتباعد الحل التفاوضي هو ما نتج عن السياسة القمعية الإسرائيلية من اتساع رقعة النزاع ودخول أطراف جديدة على خط المواجهة.

كان لتدحرج كرة الثلج الغزيّة أن اشتعلت الجبهة الشمالية في إسرائيل بدخول حزب الله وانغماسه "الجزئي" في الأحداث، كذلك فإن الضفة الغربية مرشحة للاتقاد، إذ ورغم سيطرة السلطة الفلسطينية عليها حتى الآن بيد أن الانفجار إذا ما حان وقته لن يسيطر عليه أحد، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تم فتح جبهات جديدة عدة في المنطقة منها اليمن وقيام الحوثيين بمهاجمة السفن الإسرائيلية والأمريكية ردًّا على الانتهاكات الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، كذلك فعلت بعض الجماعات المسلحة بالعراق، إذ رشق البعض منها إسرائيل بالصواريخ والقذائف المحمولة على المسيّرات بالإضافة إلى مهاجمة القواعد الأمريكية بالعراق وهو ما يرشح اشتعال المنطقة بأسرها.

وماذا عن الداخل الإسرائيلي وعرب الخط الأخضر، عرب 48؟ إن أحداث حي الشيخ جرّاح في القدس وما تبعه من هبة شبابية وشعبية داخل الخط الأخضر ينذر أن الداخل الإسرائيلي مرشح أيضًا للانفجار وللانغماس في الحرب. إن إسرائيل بنزع فتيل قنبلة الداخل ستدخل نفقًا مظلمًا ليس بمكنة أحد التنبؤ بعواقبه.

تجنّبًا لحرب- في حدها الأدنى- عربية إسرائيلية خامسة

بالعزوف عن المبادرة العربية والتشبث بشعارات واهية مثل "الجيش الذي لا يقهر" ومع اتساع مسرح العمليات العسكرية وترشيحه للاتساع أكثر فأكثر؛ فإن الأمور قد تقودنا إلى حرب عربية / إسرائيلية خامسة وسيكون ذلك بمثابة الحد الأدنى إذا ما ظلّ الوضع على حاله الماثل.

مع ازدياد النفوذ الإيراني وتعاظم شوكته في المنطقة ومع تنامي أذرعه العسكرية هنا وهناك وفي ظل الانسداد الأفقي الذي تحياه إسرائيل، نخشى أن يضحى الحل إيراني / إسرائيلي بدلا من عربي / إسرائيل وهذا لن يكون في صالح أي من الأطراف، لا العرب ولا إسرائيل ولا حتى أمريكا. إذ من المعلوم أن لإيران أجندتها الخاصة والتي تختلف تمام الاختلاف عن الأجندة العربية ومع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وغياب التأثير الأمريكي على إسرائيل، والالتفات عن المبادرة العربية، يصادف ذلك هوًى لدى إيران وسيتم إدخالها- شاء من شاء وأبى من أبى- كفاعل رئيس في الأحداث وكصانع قرار؛ فهل تقوى إسرائيل ومن خلفها أمريكا على فاتورة ذلك ؟!

ومن يضمن ألا تنخرط إيران في مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو بالأقل في مواجهة معها بالوكالة وإرهاصات ذلك لا تخطئها عين، ومن ثم ستغرق المنطقة في بحور من الدماء ولن يكون بمقدور أحدٍ وقتئذ التحكم في الوضع بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وقد يبلغ الأمر ذروته بدخول قوى كبرى وفاعلون جدد غير الولايات المتحدة الأمريكية بعد تعرّض صوالحهم للخطر وهنا تكون إسرائيل قد قرعت باب الحرب العالمية الثالثة ودقت طبولها...

في وجيز من القول

تظلّ المبادرة العربية-السعودية وفي القلب منها "حل الدولتين" طوق نجاة عملية السلام والفرصة الوحيدة للاستقرار بالمنطقة لكن سانحية تلك الفرصة رهنًا بإرادة "إسرائيكية" حقيقية؛ فهل لدى إسرائيل وأمريكا رغبة حقيقية لإنهاء الصراع المستمر لعقود؟ وهل من أولويات أمريكا استقرار الشرق الأوسط؟ قادم الأيام ومُقبل الأفعال سيجيبنا على تلك تساؤلات...

مقالات لنفس الكاتب