array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 190

تحتاج دول مجلس التعاون لإنشاء بيئة تنظيمية داعمة للابتكار واعتماد التقنيات الجديدة

الأربعاء، 27 أيلول/سبتمبر 2023

شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تحولات اقتصادية وصناعية ملحوظة على مدى العقود الماضية، فمنذ اكتشاف النفط في هذه الدول، عرفت المنطقة تحولات كبيرة في هياكلها الاقتصادية. وبالرغم من اعتمادها بشكل كبير على عوائد قطاع الطاقة الأحفورية، خاصة النفط والغاز الطبيعي، كمصدر رئيسي للإيرادات لتمويل تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها، أدركت أهمية التنويع الاقتصادي للتخفيف من تبعات تقلبات أسعار النفط وتوجهت نحو تنويع مصادر الإيرادات وتطوير الصناعات الأخرى. فبدأت هذه الدول باستغلال ثرواتها الطبيعية لتطوير قطاعاتها الصناعية وتنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط والغاز. وقد تجلى الدافع وراء التغييرات الهيكلية في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في عدة محاولات لتطوير وتوسيع القطاعات غير النفطية مثل الصناعة التحويلية والخدمات والتمويل والمصارف والسياحة والعقارات والفنادق والإعلام والرياضة. والواقع أن أغلب هذه القطاعات شهدت نموًا بالقيمة الحقيقية مع زيادة حصصها في الناتج المحلي الإجمالي في العقود الماضية.

ومع تسارع زخم الثورة الصناعية الرابعة، والتطورات السريعة في اعتماد التقنيات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة، وما لهذه التقنيات من تأثير عميق على القطاع الصناعي، وضعت دول مجلس التعاون الخليجي التنمية الصناعية ضمن أولوياتها التنموية حتى لا تتخلف عن ركب الثورة الصناعية الرابعة، كما أظهرت هذه الدول التزامًا قويًا بتحقيق التنمية الصناعية كجزء من استراتيجياتها الشاملة للتنمية المستدامة. حيث تهدف استراتيجيات التنمية الصناعية في دول الخليج إلى تعزيز التحول من اقتصادات معتمدة بشكل كبير على النفط إلى اقتصادات متنوعة ومستدامة.

وفي هذا السياق، تبنت دول مجلس التعاون الخليجي استراتيجيات تنمية صناعية طموحة تهدف إلى تحقيق التنوع الاقتصادي وزيادة القيمة المضافة في الصناعات المتقدمة، مع تعزيز التوجهات نحو تطوير صناعات متنوعة تمتلك فيها هذه الدول ميزات نسبية مثل البتروكيماويات، والصناعات الغذائية، والتصنيع الخفيف والثقيل، والطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات.

التطورات التي يشهدها القطاع الصناعي في دول مجلس التعاون الخليجي

شهد قطاع الصناعات التحويلية في دول الخليج العربية نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 9.5% في عام 2000م، إلى 11.5% في عام 2022. وهو مقارب للمتوسط العالمي البالغ 11.8%، كما زاد عدد الشركات الصناعية من 600 ألف شركة في عام 2000م، إلى 1.4 مليون شركة في عام 2022، واستحوذ القطاع الصناعي على 26% من صادرات دول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي، وهي أعلى من المتوسط العالمي البالغ 16%. ووظّف القطاع الصناعي 11.5 مليون شخص في عام 2022م، أي حوالي 17% من إجمالي السكان العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي.

المصدر: بيانات مؤشرات التنمية للبنك الدولي

 

وتختلف مساهمة الصناعات التحويلية بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تساهم الصناعات التحويلية بشكل أكبر في اقتصادات كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إذ بلغت مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية حوالي 20% في عام 2022م. كما بلغ عدد العاملين في الصناعات التحويلية حوالي 3.5 مليون عامل في نفس العام. وتجاوزت قيمة الصادرات الصناعية حوالي 69 مليار دولار أمريكي في نفس العام. وفي الإمارات العربية المتحدة بلغت مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 25%، ويوظف القطاع حوالي 1.5 مليون عامل في عام 2022. في حين بلغت قيمة الصادرات الصناعية حوالي 142 مليار دولار أمريكي. وفي بقية دول المجلس تتراوح مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بين 10% في الكويت وعمان والبحرين، و15% في قطر.

كما يبين الشكل الموالي المعدل السنوي الحقيقي للنمو في الصناعات التحويلية خلال العقد الماضي. وباستثناء الكويت، التي تمتعت بمعدل نمو يقارب 1%، كان الناتج الصناعي الحقيقي ينمو سنوياً بمعدلات عالية جداً تراوحت بين 17.5% في المملكة العربية السعودية ونحو 19% في عمان. وبلغ النمو الحقيقي السنوي الإجمالي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي للناتج الصناعي خلال هذه السنوات حوالي 7.9%، مقارنة بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السنوي لبقية القطاعات غير النفطية بحوالي 6.2%. وهذا يعني زيادة حصة الإنتاج الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.

المصدر: بيانات مؤشرات التنمية للبنك الدولي

 

وهو ما يؤكده الشكل الموالي، حيث بلغت مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج غير النفطي 58% في عام 2022م، كمتوسط في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين شكل قطاع البناء والكهرباء والمياه والغاز الباقي. وهذا يؤكد أهمية التصنيع، الذي يشمل تكرير النفط والبتروكيماويات والأسمدة وإنتاج المعادن والقطاعات الصناعية الفرعية الأخرى. وتكشف الإحصائيات أيضًا أن البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية تقود الطريق في التصنيع، حيث تمثل الصناعات التحويلية نسبة 78% و71% و68% من إجمالي الصناعات غير النفطية على التوالي في هذه الدول.

المصدر: بيانات مؤشرات التنمية للبنك الدولي

 

وتعود أهمية قطاع الصناعات التحويلية إلى تمتع دول مجلس التعاون الخليجي بالعديد من المزايا التنافسية التي تدعم نمو قطاع الصناعة فيها، ومن أهم هذه المزايا:

  • الثروة الطبيعية: حيث تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بمخزون كبير من الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز والمعادن، والتي يمكن استخدامها في الصناعات التحويلية.
  • رأس المال البشري: إذ تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي قاعدة عاملة متعلمة ومؤهلة، مما يمكنها من دعم النمو الصناعي.
  • الأسواق الواسعة: تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بأسواق واسعة، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 50 مليون نسمة، بالإضافة إلى الأسواق الخارجية الواسعة.
  • الموقع الاستراتيجي والبنية التحتية: تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي موقعًا استراتيجيًا مهمًا وبنية تحتية متقدمة، خاصة في مجال النقل واللوجستيات، مما يجعلها مركزًا لوجستيًا رئيسيًا في المنطقة.
  • التعاون والتكامل الصناعي: إذ تعمل دول مجلس التعاون الخليجي معًا لتعزيز التعاون الصناعي، مما يساهم في زيادة تنافسية قطاع الصناعة في المنطقة.

وتنعكس هذه المقومات على عدة صناعات وإمكانات تطوريها في دول المجلس، مما يجعل عدة صناعات لديها تتمتع بميزة نسبية، سواء التقليدية كالصناعات البتروكيماوية التي تعتمد على النفط والغاز كمدخلات، وتنتج مجموعة متنوعة من المنتجات مثل البلاستيك والأسمدة والأدوية، أو الصناعات التعدينية التي تمتلك فيها دول مجلس التعاون الخليجي ثروة من الموارد المعدنية، مثل الفوسفات والنحاس والحديد، إلى الصناعات التحويلية المتقدمة التي تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيزها كالصناعات التكنولوجية والصناعات الخضراء مثل الصناعات المتجددة والطاقة النظيفة وذلك من خلال تنفيذ مشاريع صناعية كبرى وتطبيق السياسات التي تعزز التنمية الصناعية المستدامة.

ففي مجال السياسات الهادفة لجعل الاقتصادات الخليجية اقتصادات صناعية متقدمة، تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي بكثافة في البحث والتطوير، مع التركيز على تطوير تقنيات جديدة يمكن استخدامها في القطاع الصناعي. حيث أنفقت دول المجلس ما مجموعه 10 مليارات دولار على البحث والتطوير عام 2022، وهو ما يمثل حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي. كما يمثل أعلى مستوى للإنفاق على البحث والتطوير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتتصدر هذه الجهود جامعات مرموقة في المنطقة كجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، في المملكة العربية السعودية والتي تُعَد واحدة من الجامعات البحثية الرائدة على مستوى العالم.

كما تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي في الصناعات الخضراء، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. إذ بلغ مجموع الاستثمارات في هذه القطاعات 5 مليارات دولار في عام 2022م، ومن المتوقع أن يزداد ذلك في السنوات المقبلة، حيث تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتحسين أدائها البيئي.

وتدعم دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا الشركات الناشئة التي تعمل على تطوير تقنيات جديدة للقطاع الصناعي. وتعمل أيضًا على إنشاء مراكز ابتكار تجمع بين الشركات والحكومة والأوساط الأكاديمية للتعاون في تطوير واعتماد تقنيات جديدة.  فعلى سبيل المثال، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة صندوق محمد بن راشد للتكنولوجيا، الذي يوفر التمويل للشركات الناشئة في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك القطاع الصناعي كما أنشأت مركز الابتكار في مدينة مصدر، والذي يركز على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.

ولتنفيذ هذه التوجهات والسياسات أطلقت دول مجلس التعاون الخليجي مبادرات ومشاريع صناعية رائدة وطموحة، ومن أهم هذه المبادرات:

برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP) ضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030: ويهدف البرنامج إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية عبر تعظيم القيمة المتحققة من قطاعي التعدين والطاقة والتركيز على محوري المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة، ليساهم البرنامج بشكل كبير في تعظيم الأثر الاقتصادي وتنويعه للقطاعات المستهدفة، واستدامة نمو تلك القطاعات وتحقيق ريادتها، وخلق بيئة استثمارية جاذبة فيها. وذلك من خلال تطوير المناطق الصناعية المجهزة بتقنيات التصنيع المتقدمة وأنظمة التشغيل الآلي. ويتضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية مشاريع مثل مدينة الملك سلمان للطاقة (SPARK) ونيوم، وهي مدينة مستقبلية مخططة تركز على التكنولوجيا والابتكار والمعيشة المستدامة من خلال تطوير تقنيات وصناعات جديدة، مثل الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن تستثمر المملكة في إطار البرنامج حوالي 452,3 مليار دولار، وتستهدف خلق 1,6مليون فرصة عمل عام 2030. مع وضع هدف إنشاء 8 مناطق صناعية متقدمة ورفع نسبة المحتوى المحلي الصناعي ليبلغ 330,7 مليار دولا بحلول 2025.

كما أطلقت المملكة العربية السعودية برنامج "صنع في السعودية" الذي يهدف إلى بناء علامة صناعية موحدة بهدف توفير فرص واعدة للشركات، وتوسيع نطاق أعمالها والترويج لمنتجاتها محلياً وعالمياً، وتعزيز الصادرات إلى الأسواق ذات الأولوية.

التنمية الصناعية في رؤية قطر الوطنية 2030: تستهدف قطر إنشاء مدن صناعية تدمج التقنيات الرقمية لتحسين التخطيط الصناعي وإدارة الموارد، مع استهداف نمو سنوي للقطاع الصناعي يفوق 5% سنويًا إلى غاية 2030. ومن أهم المشاريع التي أطلقتها قطر لدعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى التدريب والتمويل والأسواق، بما في ذلك تزويد رواد الأعمال بالمهارات الأساسية حول بدء الأعمال التجارية وبرامج الصناعة المصممة خصيصًا، برنامج التصنيع الخالي من الهدر الذي تديره حاضنة قطر للأعمال التابعة لبنك قطر للتنمية. وكذا إنشاء Fab Lab، وهو مختبر تصنيع متطور لتصميم المنتجات والنماذج الأولية، وFactory One، وهو مصنع نموذجي تم إطلاقه في فبراير 2021م. وهو الأول من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي، مهمة Factory One، هو تدريب الجيل القادم من الشركات المصنعة على تحسين العمليات والتحول الرقمي. وبموجب رؤية قطر الوطنية 2030م، من المتوقع أن يوظف قطاع التصنيع في البلاد أكثر من 100 ألف شخص بحلول عام 2025م، وسيشهد زيادة بنسبة 30٪ في قيمة الإنتاج بين عامي 2019 و2025م.

كما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة في الربع الأخير من العام الماضي، عن خطط لزيادة إيراداتها الصناعية إلى 81 مليار دولار على مدى العقد المقبل، أي أكثر من ضعف المساهمة الحالية لقطاع التصنيع في الاقتصاد المحلي. ولتجسيد هذا الهدف، أطلقت الإمارات عدة مشاريع واستراتيجيات (17 مبادرة تغطي 11 قطاعًا صناعيًا) كاستراتيجية أبو ظبي للذكاء الاصطناعي، واستراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد، ومجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، ومبادرات مدينة رأس الخيمة الذكية.

وفي بقية دول المجلس، تتنوع المبادرات والمشاريع مثل استراتيجية عمان الوطنية للابتكار، التي تشدد على الابتكار والبحث من خلال إنشاء نظام بيئي للابتكار، ودعم الشركات الناشئة، وتشجيع نقل التكنولوجيا. مع استهداف رفع مساهمة الصناعات التحويلية إلى أكثر من 90% من الناتج المحلي غير النفطي بقيمة مضافة تفوق 53 مليار دولار، وتصدير 35 مليار دولار بحلول عام 2040م.

وفي الكويت تسعى الحكومة إلى مضاعفة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ثلاث مرات إلى القطاع الصناعي، كما حددت الحكومة حوالي 164 برنامجًا صناعيًا للاستثمار بقيمة 100 مليار دولار. وفي البحرين تتطلع الحكومة إلى رفع مساهمة قطاع الصناعة إلى 14,5 %، والصادرات إلى 6,6 مليار دولار.

 

أهم مبادرات وأهداف تطوير القطاع الصناعي في دول الخليج العربية

المصدر: OxFord Business Group & MEED

مواجهة التحديات لبناء صناعة تنافسية ومستدامة

على الرغم من مسـاعي وجهود دول مجلس التعاون الخليجي لتطوير القطاع الصناعي وجعل قضـايا التنمية الصـناعية في مقدمة أولوياتها، مـا يزال نصــــيـب الصناعة من الصــــنـاعـات التكنولوجية المتقدمة في هذه الدول ومن ســـوقها العالمي ضئيلًا جـدًا بـالمقـارنـة مع مـا شـهـدتـه منـاطق أخرى من العالم في ظـل التطور التكنولوجي الهـائـل خلال الســــنوات الأخيرة، ممـا يبين ضــــرورة تطوير وزيـادة صــــادرات دول مجلس التعاون الخليجي من التكنولوجيـا المتقـدمـة والمنتجـات ذات الكثـافـة العـاليـة من حيـث التطوير والبحوث مثـل تكـنـولوجيــا المـعـلـومــات والاتصالات، وأجهـزة الحاسوب، والأجهزة الكهربائية.

ويعتبر رفع القـدرة التنـافســــيـة للصناعات الخليجية أحـد التحـديـات التي تواجههـا هـذه الـدول في ظـل التطورات الـدوليـة الراهنـة، حيـث نلاحظ من خلال دراســة مؤشر التنافسـية الصـناعية

المسـتمد من منظمــة الأمم المتحــدة للتنميــة الصــــنــاعيــة UNIDO، والـذي يشـــمـل 152 دولة تمت دراسـتها، ضـعف حصـة الصـناعات المتقدمة من حيث القيمة المضــافة والصــادرات إلى إجمالي الصــــنـاعـات العـالميـة مع وجود تفـاوت كبير في تنافسـية الأداء الصـناعي بين دول الخليج وبقية الدول العربية.

مؤشر التنافسية الصناعية وترتيب الدول الخليجية والعربية

المصدر: منظمــة الأمم المتحــدة للتنميــة الصــــنــاعيــة UNIDO

وعلى الرغم من تصدر دول الخليج ترتيب الدول العربية، إلا أن المؤشر يبين ضعفًا بصــــفـة عـامـة مقـارنـة بـالـدول المتقـدمـة والصــــاعـدة وكذلك بالمتوســـط العالمي البالغ 0.067، باستثناء الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي يفوق مؤشرهما المتوسط العالمي. حيث جاءت الإمارات والسعودية ضمن مجموعة الدول الأربعين الأولى، وقطر والبحرين، والكويت وعمان في مجموعة الأربعين الثانية.

كما أظهرت جائحة فيروس كورونا الأخيرة، حجم المخاطر التي تواجه الصناعة الخليجية، حيث يعد القطاع الصناعي من أبرز القطاعات التي تضررت بسبب تعطل سلاسل الإمداد وشبكات الإنتاج نتيجة إجراءات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة حيث تأثرت خاصة الصناعات التي تعتمد على المواد الأولية الخارجية والصناعات كثيفة العمالة، على غرار قطاع الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، والصناعات الغذائية،  إذ كشفت الجائحة عن ضعف سلاسل الإمداد والتوريد التي تربط الصناعات الخليجية بالعالم الخارجي، وما يحمله من المخاطر، ولا سيما مخاطر انقطاع الحصول على مستلزمات الإنتاج.

إن هذه المخاطر توجب على الدول الخليجية إعادة تشكيل قطاعها الصناعي، ليصبح أكثر تنوعًا من خلال التحول نحو اقتصاد يؤمن احتياجاتها. ولتعزيز تنافسية قطاع التصنيع لديها، يتعين على دول الخليج السعي لمواجهة بعض التحديات التي لا تزال تواجه قطاعها الصناعي من أجل الاستفادة الكاملة من الثورة الصناعية الرابعة، كارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص العمالة الماهرة في بعض المجالات الصناعية، وكذا المنافسة القوية من الصناعات في الدول المتقدمة والناشئة. وذلك من خلال تطبيق السياسات التي تعزز الإنتاجية والكفاءة الصناعية، ودعم البحث والتطوير الصناعي، وكذا تشجيع الابتكار والاستثمار في توطين التقنيات وتطويرها، مع التركيز على الصناعات المستقبلية والمنتجات الذكية، التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة، والتي سيكون هناك طلب متزايد عليها، مع تعزيز التحول الرقمي وأتمتة الخدمات العامة ودعم الشركات والمؤسسات. مع تعزيز التعاون الصناعي بين الدول الخليجية لزيادة الإنتاج الصناعي وتحسين نوعيته وفق التقنيات الحديثة، والتركيز على تعزيز الصــــنـاعـات التي أظهرت الجـائحـة ضــــرورة المسـارعة بتنميتها، على غرار الصـناعات الدوائية والوقـائيـة والصــــنـاعـات الحـديثـة والمســــتـدامـة التي تعتمد على التطور التقني وتكنولوجيا المعلومات.

كما يتعين على دول الخليج الرفع من جودة المنتجات الصناعية وتصميمها بما يتناسب مع المواصفات الدولية، والتركيز على المنتجات ذات القيمة المضــافة العـاليـة والمنتجـات عـاليـة التقنيـة، والحـد من العقبـات التي تواجه عمليات التصـدير من خلال دعم ومسـاندة المؤسـسـات المصـدرة على اقتحام الأسواق الخارجية وتيسـير وصـول منتجاتها لتعزيز قدراتها التصـديرية وفتح أسواق خارجية جديدة. مع العمل على سد فجوة المهارات، إذ تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى التأكد من أن لديها القوى العاملة الماهرة اللازمة لتبني التقنيات الجديدة في القطاع الصناعي. وسيتطلب ذلك الاستثمار في برامج التعليم والتدريب.

كما تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى إنشاء بيئة تنظيمية داعمة للابتكار واعتماد التقنيات الجديدة. وسيتطلب ذلك تحديث القوانين واللوائح لتعكس الطبيعة المتغيرة للقطاع الصناعي. بالإضافة إلى تعزيز الاستثمار في البنية التحتية، مثل الاتصالات والنقل، لدعم اعتماد التقنيات الجديدة في القطاع الصناعي.

وفي حين أن التنويع الاقتصادي للاقتصادات الخليجية هو عملية يمكن أن تمتد عبر أجيال، فإن الالتحاق بعالم الصناعة المتقدمة ضرورة قصوى لها وأي تباطؤ يعمق فجوة التطور التي تفصلها عن الصفوف المتقدمة. 


 

مقالات لنفس الكاتب