array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 188

3 أهداف و 5 برامج تحقق الريادة للاقتصاد السعودي وتعزز قوتها الناعمة

الأحد، 30 تموز/يوليو 2023

 تتبوأ المملكة العربية السعودية مكانة مهمة في العالم والمنطقة، فهي المركز الروحي للعالم الإسلامي، وتضم أهم المواقع المقدسة في الإسلام، مكة المكرمة والمدينة المنورة. إذ يتوجه المسلمون من جميع أنحاء العالم إلى السعودية لأداء الحج والعمرة، وهي التي تتحمل مسؤولية حماية وإدارة هذه المواقع المقدسة، وهذا يعطي المملكة مكانة روحية مرموقة في قلوب المسلمين.

كما تلعب السعودية دورًا هامًا في المشهد السياسي العالمي والإقليمي، وتتمتع بتأثير سياسي كبير، كونها أحد أعضاء الفاعلين في المنظمات الدولية والإقليمية، كالأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وهي تلعب دورًا نشطًا في قضايا السلام والأمن الإقليمية والدولية، وتسعى للتوسط في النزاعات وتعزيز الاستقرار في العالم والمنطقة.

من الناحية الاقتصادية، تعد السعودية واحدة من أكبر اقتصادات العالم وأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط. وإن عُرفت المملكة باعتبارها مركز الطاقة الأهم في العالم خلال عقود باعتبارها أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، إلا أن الاقتصاد السعودي شهد تحولات عميقة خلال السنوات القليلة الماضية، إذ تعمل السعودية على تنويع اقتصادها في ظل رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تحقيق التنوع الاقتصادي وتقوية القطاعات غير النفطية مثل السياحة والطاقة المتجددة والتصنيع والخدمات المالية، مما حول المملكة إلى مركز اقتصادي ومالي رئيسي في المنطقة، وانعكس ذلك في فترة قصيرة على مكانة السعودية في الاقتصاد العالمي، إذ يشهد الاقتصاد السعودي حالة من الازدهار بفضل تنفيذ الإصلاحات المدرجة ضمن رؤية المملكة 2030م، مع تحسنٍ قوي في مختلف المؤشرات الاقتصادية، فكانت المملكة العربية السعودية الأسرع نموًا بين اقتصادات مجموعة العشرين خلال عام 2022م، إذ بلغ معدل النمو الكلي 8,7%. كما انتقل الاقتصاد السعودي من المرتبة العشرين عالميًا من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، أي بلغ الناتج المحلي الإجمالي للسعودية حوالي 793 مليار دولار، إلى المركز الـ 17 بين أكبر اقتصادات العالم خلال العام 2022م، بناتج محلي إجمالي بلغ نحو 1.11 تريليون دولار. وارتفعت حصة الاقتصاد السعودي من الاقتصاد العالمي، البالغ 100.22 تريليون دولار، إلى 1.1% في 2022م، مقابل 0.9% في 2021م.

مكانة وأداء الاقتصاد السعودي وسط اقتصاد عالمي شديد الاضطراب

أفسحت دورات الانتعاش والكساد المدفوعة بصناعة النفط التي شهدتها السبعينات والثمانينات المجال في العقود التالية أمام تحقيق نمو مطرد في الاقتصاد السعودي، واستمر اقتصاد المملكة العربية السعودية في تحقيق معدلات نمو قوية للغاية خلال السنوات الأخيرة رغم النكسات التي شهدها الاقتصاد العالمي والأزمات التي ألمت به. فكان الاقتصاد السعودي الأفضل أداءً على مستوى بلدان مجموعة العشرين سنة 2022م، (الشكل الموالي)، إذ استفاد من ارتفاع أسعار النفط والإنفاق الحكومي، وقوة نشاط القطاع الخاص، فبلغ النمو الكلي 8,7% سنة 2022م، بفضل قوة نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي الذي بلغ 4,8% والناتج عن صلابة مستويات الاستهلاك الخاص والاستثمارات الخاصة غير النفطية، بما في ذلك المشروعات العملاقة. وشملت المحركات الأساسية للنمو غير النفطي تجارة الجملة، والتجزئة، وقطاعي البناء، والنقل. ولا يزال الزخم مستمرًا خلال عام 2023م، حيث تشير التنبؤات الآنية إلى تجاوز النمو غير النفطي 5% في النصف الأول من عام 2023م.

أداء الاقتصاد السعودي مقارنة بدول مجموعة العشرين 2021-2023

المصدر: صندوق النقد الدولي

كما أن للاقتصاد السعودي مكانة مهمة في الاقتصاد العالمي، فالسعودية تضطلع بدور مؤثر في نظام سوق النفط العالمية واستقرارها بوصفها ثاني أكبر مصدر للنفط الخام والبلد المنتج الوحيد الذي يمتلك طاقة إنتاجية فائضة ضخمة. إذ تبلغ الاحتياطيات النفطية المثبتة       للسعودية 266 مليار برميل (16%من الاحتياطيات العالمية المثبتة)، وتشير التقديرات إلى أن طاقتها الإنتاجية الفائضة تبلغ في الوقت الحالي 2,7 مليون برميل يوميًا. كما بلغ حجم إنتاجها ما يزيد على 78 مليار برميل من النفط (أي حوالي %13من المعروض العالمي) خلال الفترة 2001-2021م، وهي تتجاوز بذلك روسيا والولايات المتحدة مجتمعتين اللتين تحتلان المركز الثاني والثالث، حيث وصل إنتاجهما الكلي خلال الفترة المذكورة إلى 70 مليار برميل و60 مليار برميل على الترتيب. وسيظل للسعودية دور مؤثر في ظل عدم اليقين بشأن آفاق السوق النفطية العالمية وآفاق التعافي العالمي.

كما تمكنت المملكة، من ترجمة ثروتها النفطية إلى تقدم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تقترب أغلبية مؤشراتها من متوسط بلدان مجموعة العشرين وبلدان أخرى من الأسواق الصاعدة المصدرة للسلع الأولية كالشيلي والمكسيك.

مؤشرات التنمية الأساسية للمملكة العربية مقارنة بدول مجموعة العشرين

المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ ومؤشرات التنمية العالمية.                                   

وبفضل حجمه وصلابته ومرونته، عادة ما يصمد الاقتصاد السعودي أمام الأزمات التي تضرب الاقتصاد العالمي، فمن أزمات أسعار النفطـ إلى الأزمات المالية، إلى معترك جائحة كوفيد19- مؤخرًا، نجد اقتصاد المملكة يخرج مسلحًا بهوامش أمان قوية وفرتها السياسات وزخم الإصلاحات الإيجابي.

الدعم المقدم من الحكومة السعودية للاقتصاد أثناء الجائحة

 فمثلاً خلال جائحة كوفيد-19، استجابت الحكومة السعودية بسرعة وحزم للأزمة من خلال مجموعة متنوعة من برامج دعم المالية العامة والقطاع المالي والتوظيف، مما ساعد في التخفيف من أثر الجائحة على القطاع الخاص. ومع تخفيف تدابير الإغلاق العام وفتح الاقتصاد في النصف الثاني من عام 2021م، شهد اقتصاد المملكة تعافيًا قويًا من حالة الركود الناجم عن الجائحة. فقد نجحت المملكة في التعافي سريعًا وتحقيق معدلات نمو أكثر استدامة نتيجة الدعم المقدم من خلال السيولة والمالية العامة الذي تجاوز أو ضاهى مستواه في الاقتصادات الصاعدة بمجموعة العشرين، وكذا بفضل معدلات التطعيم المرتفعة وزخم الإصلاحات، مما سمح للحكومة برفع القيود عن الحركة المحلية والسفر الدولي.

كما تشهد السعودية نموًا في تعداد سكانها، وأغلبهم من الشباب، ويزداد عدد الحاصلين منهم على تعليم رفيع المستوى. وساهمت الزيادة السريعة في نسب مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل وإصلاحات نظام كفالة العمالة الوافدة بدور مهم للغاية في زيادة النمو والإنتاجية ودخل الأسر.

المصدر: صندوق النقد الدولي

رؤية المملكة 2030: التحول الريادي للاقتصاد السعودي

بدأت المملكة العربية السعودية تحولاً جوهريًا في سياساتها، فأطلقت الحكومة سلسلة من الإصلاحات على مدار السنوات الأخيرة، كما وضعت مؤخرًا خططًا جريئة وطموحة لتحويل الاقتصاد السعودي في ظل "رؤية المملكة العربية السعودية 2030"، وهي رؤية استراتيجية طويلة الأجل تم إطلاقها من قبل الحكومة السعودية في عام 2016م. تهدف هذه الرؤية إلى تحويل الاقتصاد السعودي وتنويعه بعيدًا عن الاعتماد الشديد على النفط وتطوير المملكة في مختلف المجالات، وتعتبر رؤية المملكة 2030 جزءًا من جهود السعودية الرامية إلى تحقيق تنمية مستدامة وتحويل اقتصادها وتحسين جودة الحياة للمواطنين. وتتمحور هذه الرؤية حول ثلاثة أهداف رئيسية:

  1. المجتمع الحكومي الحديث: تهدف الرؤية إلى تطوير نظام حكومي فعَّال ومتطور يعمل على تحسين الخدمات الحكومية وتسهيل التعامل مع الحكومة، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
  2. الاقتصاد المزدهر: تسعى الرؤية إلى تعزيز التنمية المستدامة في السعودية من خلال تنويع اقتصاد المملكة وتحويله إلى اقتصاد معرفي يستند إلى الابتكار وتنويع القطاعات غير النفطية. وتشمل جهود التنويع تطوير قطاعات مثل السياحة والترفيه والتصنيع والتكنولوجيا والخدمات المالية والطاقة المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، يسعى الاقتصاد السعودي لزيادة مشاركة القطاع الخاص في تنمية البلاد وتحفيز ريادة الأعمال وتوفير فرص عمل للشباب. وفي إطار "رؤية 2030"، هناك أهداف محددة تشمل زيادة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40% في عام 2018م، إلى 65% في عام 2030م، مما يساعد على تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وزيادة نمو الاقتصاد لينتقل إلى المركز15 بين أكبر اقتصادات العالم.
  3. الحياة الحضرية الممتازة: تهدف الرؤية إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين من خلال تطوير البنية التحتية وتوفير فرص الترفيه والثقافة والرياضة، وتطوير القطاعات الاجتماعية والصحية والتعليمية، وتعزيز المساواة والحقوق.

وشهدت رؤية المملكة 2030 إطلاق وتنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات والإصلاحات في مختلف المجالات، وقد انطلقت أولى هذه الخطط فيما يعرف ببرنامج التحول الوطني في أوائل شهر يونيو 2016م، وحددت هذه الخطة 178 هدفًا استراتيجيًا يندرج تحتها أكثر من 340 من المستهدفات ومؤشرات قياس النتائج في 24 وزارة ومنشأة حكومية ليتم تحقيقها بحلول عام 2030م،  وهناك زخم قوي في مسيرة الإصلاح، ويجري حاليًا إحراز تقدم جيد نحو تنفيذ العديد من الإصلاحات، بما في ذلك برامج الخصخصة وتطوير السياحة وبناء المدن الاقتصادية وتعزيز الابتكار وتطوير قطاع التعليم وتوسيع دور المرأة في المجتمع والاقتصاد، ومن بين أبرز هذه البرامج:

1.بناء المناطق الاقتصادية الخاصة: تقوم الحكومة بإنشاء مناطق اقتصادية خاصة تركز على الخدمات اللوجستية والسياحة والصناعة والتمويل، ويكون لها قواعد تنظيمية خاصة. ومن الأمثلة البارزة على هذه المناطق مدينة نيوم (NEOM) وهي مدينة مستدامة وذكية تمتد على مساحة تقدر بحوالي 26,500 كيلومتر مربع على ساحل البحر الأحمر شمال غرب المملكة العربية السعودية. تم الإعلان عن المشروع في عام 2017م، كجزء من رؤية المملكة 2030 لتحقيق تنويع اقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة. وتتميز مدينة نيوم برؤية مستقبلية مبتكرة وتقنيات متقدمة، وتهدف إلى توفير بيئة حياة فريدة ومستدامة للسكان والزوار، كما تسعى المدينة إلى تحقيق التوازن بين البيئة الطبيعية الجميلة والحياة الحضرية المتقدمة، مع التركيز على الابتكار والاستدامة وجذب الاستثمارات. وهي تخضع لأطر مستقلة للضرائب والعمل والقضاء. كما تشمل خطط تطوير نيوم السياحة والترفيه، والطاقة المتجددة، والصناعة، والتقنية. وباستكمال مشروع نيوم وتحقيق أهدافه، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مكانة المملكة العربية السعودية كمركز اقتصادي وتكنولوجي متقدم، وسيعزز تواجدها في الساحة الدولية ويُقوي ريادتها في مجالات الابتكار والتنمية المستدامة.

كما أطلقت الحكومة السعودية مشروع بناء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في منطقة القصيم، على مساحة كبيرة تبلغ حوالي 50,000 هكتار. وهي تهدف إلى تطوير وتعزيز البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مجالات الطاقة الذرية والمتجددة، لتحقيق التنوع الاقتصادي والاستدامة في قطاع الطاقة، وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في المملكة مع استهداف توليد ما يقرب من 60 ميغاوات من الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة عام 2030م. وتعكس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة التزام المملكة العربية السعودية بتطوير واستخدام الطاقة النظيفة والمستدامة، وتعزز مكانتها كمركز للابتكار والتقنية في مجال الطاقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

  1. برامج السياحة والترفيه: أطلقت الحكومة عدة مشاريع لتطوير المواقع السياحية، والاستثمار في دعم البنية التحتية والمرافق، وتحسين إجراءات إصدار التأشيرات، بهدف تطوير القطاع السياحي في المملكة وزيادة عدد الزوار الدوليين وتنويع المنتجات السياحية. ويشمل ذلك تطوير المواقع السياحية والفنادق والمنشآت الترفيهية وتسهيل إجراءات السفر للزوار. وتجذب المملكة بالفعل العديد من الزوار لأغراض دينية، وبعد التوسعات التي شهدتها مكة المكرمة والمدينة المنورة، وإطلاق تسهيلات التأشيرات السياحية ارتفع عدد الزوار الوافدين إلى المملكة بشكل ملحوظ. ومن بين المشاريع التي تم إطلاقها لتطوير المواقع السياحية مشروع "بوابة الدرعية التاريخية"، العاصمة الأولى للمملكة في الرياض، ومشروع "القدية"، وهو مخطط لمجموعة من المتنزهات الترفيهية والملاهي والمساحات المفتوحة لممارسة الأنشطة والمرافق الرياضية بالقرب من مدينة الرياض، يهدف إلى خدمة السوق المحلية. أما مشروع تطوير البحر الأحمر فيهدف إلى استغلال مقومات الجمال الطبيعية والثقافية للمنطقة وتطويرها كمنتجع سياحي وساحة استثمارية. ويشمل المشروع إنشاء مدن سياحية ومنتجعات فاخرة ومناطق للغوص والرياضات المائية على ساحل البحر والشعاب المرجانية، ويهدف إلى جذب السياح الأجانب وتعزيز الاقتصاد السياحي في المنطقة. كما تطمح المملكة إلى مضاعفة إنفاق الأسر المعيشية بإيجاد سوق للخدمات الترفيهية بقيمة 30 مليار ريـال سعودي. كما تسعى هذه الرؤية إلى تعزيز النشاط الرياضي من خلال مشروع الرياضة للجميع لتشجيع المجتمع على اعتماد أسلوب حياة صحي ونشط. ويشمل المشروع بناء وتطوير المرافق الرياضية وتنظيم الفعاليات الرياضية وتوفير الدعم للرياضيين والأندية الرياضية.
  2. برامج تحسين الجودة والتميز في التعليم وتنمية الموارد البشرية: إدراكا لضرورة تزويد السعوديين بالمهارات اللازمة للعمل في القطاعات المستهدفة، خصصت ميزانية بمليار ريـال سعودي لدعم الجامعات في جهود تعزيز المهارات، حتى يتاح للسعوديين المشاركة في اقتصاد متنوع وقائم على المعرفة. كذلك يجري النظر في توسيع نطاق الإصلاحات لتشمل نظام التعليم بهدف تحسين جودته وتطوير البنية التحتية التعليمية في المملكة. ويشمل ذلك تطوير المناهج الدراسية وتحسين تدريب المعلمين وتعزيز استخدام التكنولوجيا في التعليم. كما تسعى هذه البرامج إلى تطوير المهارات وزيادة فرص العمل للمواطنين السعوديين. ويشمل ذلك تقديم التدريب والتأهيل المهني وتعزيز التوظيف في القطاعات غير النفطية.
  3. مشروع التحول الرقمي: يرمي هذا المشروع إلى تعزيز التكنولوجيا الرقمية وتحسين الخدمات الحكومية الإلكترونية. يشمل ذلك تحسين الاتصالات وتوفير الإنترنت عالي السرعة وتطوير منصات الحكومة الرقمية لتسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية.
  4. برامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية: تحدد "رؤية 2030" و"برامج تحقيق الرؤية"، التي ضمت مؤخرًا برنامجًا لتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، العديد من القطاعات ذات الأولوية، ومن بين أبرزها:

- الصناعة التحويلية: تتمثل أهداف هذا القطاع في زيادة تطوير قطاعي البتروكيماويات والصناعات البلاستيكية، وتشجيع التوطين في صناعة النفط والغاز، وتشجيع صناعة السيارات ومعدات الدفاع والمستحضرات الدوائية.

- التعدين: تمتلك المملكة موارد معدنية كبيرة، بما في ذلك الألومنيوم والفوسفات، والذهب، والنحاس، واليورانيوم. وقد شهد الإنتاج والصادرات نموًا سريعًا، وترى الحكومة أنه بحلول عام 2030م، ستبلغ المساهمة المحتملة لهذا القطاع في إجمالي الناتج المحلي حوالي 100 مليار ريـال سعودي مقابل 12.5 مليار ريـال سعودي في عام 2018م، إلى جانب توفير 90 ألف فرصة عمل.

- الخدمات اللوجستية: تم بالفعل ضخ استثمارات كبيرة في الموانئ، والسكك الحديدية، والطرق، والمطارات. وتهدف المملكة، من خلال ضخ استثمارات إضافية والدخول في شراكات جديدة، إلى التحول إلى بوابة للخدمات اللوجستية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.

- القدرة التنافسية: في عام 2018م، تقدمت المملكة مركزين في مؤشر التنافسية العالمية لتصل إلى المركز39 وتسعى لتكون ضمن العشرة مراكز الأولى في هذا المؤشر.

- قطاع التجزئة: قام قطاع التجزئة بتوظيف 1.5 مليون عامل في عام 2018م، منهم 0.3 مليون من السعوديين. وتهدف الحكومة إلى توفير فرص عمل للسعوديين من خلال جذب العلامات التجارية الكبرى وزيادة استخدام التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية.

- الاستثمار الأجنبي المباشر: تهدف الحكومة إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من أقل من 1% حاليًا إلى 6% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2030م. وقد تم تكليف صندوق الاستثمارات العامة بإقامة شراكات مع شركات عالمية كبرى لجذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة إلى المملكة وزيادة الطاقة الإنتاجية المحلية، بما في ذلك المنتجات العسكرية. ويقوم صندوق الاستثمارات العامة بدور محوري في تحفيز ودعم جدول أعمال الإصلاحات الحكومي. وقد زادت أصول الصندوق بالفعل من 570 مليار ريـال سعودي إلى 840 مليار ريـال سعودي سنة 2022م. وتهدف الحكومة إلى زيادة أصوله إلى أكثر من 7 تريليونات ريـال سعودي بحلول عام 2030 م، مع استهداف تحقيق عائد سنوي بنسبة 4%-5%.

ويدعم الصندوق المشاريع العملاقة، بما في ذلك نيوم، والبحر الأحمر، والقدية. حيث يُتوقع أن يجذب مشروع نيوم وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية استثمارات بقيمة 500 مليار دولار و426 مليار دولار، على التوالي. وإلى جانب ذلك، يسعى الصندوق إلى دعم توطين التكنولوجيا والدراية الفنية من خلال إطلاق قطاعات جديدة، وكذلك من خلال شراكات استراتيجية مع شركاء عالميين. ومن المتوقع أن يضخ الصندوق خلال السنوات الثالث المقبلة استثمارات قيمتها 210 مليارات ريـال سعودي (7% من إجمالي الناتج المحلي) في التكنولوجيا المتقدمة والبحث والتطوير على المستويين المحلي والعالمي.

 

برامج قيادية طموحة لتعزيز مكانة وتأثير المملكة

تعكس البرامج والمشاريع العملاقة المعلن عنها والجاري تنفيذها في إطار "رؤية 2030"، رؤية قيادية طموحة لتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي الشامل، والتزام قادة المملكة العربية السعودية بالتنمية المستدامة. وهي تمثل أحد أدوات القوة الناعمة لاقتصاد المملكة، مما يسهم في تعزيز صورتها وتثبيت مكانتها كدولة تسعى جاهدة للتطور والتقدم، كما يقوي تأثيرها على المستوى الإقليمي والدولي، سواءً من خلال القيادة الاقتصادية أو الدبلوماسية الاقتصادية أو الابتكار والتكنولوجيا. وذلك من خلال:

  • القيادة الاقتصادية الإقليمية: من خلال تنفيذ المشاريع العملاقة وتحقيق التنمية الاقتصادية والتنوع، يمكن للمملكة أن تعزز مكانتها كقوة اقتصادية قوية في المنطقة. وقد تتطلع الدول المجاورة إلى الاستفادة من فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي التي توفرها المملكة.
  • تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية: بفضل المشاريع العملاقة والاستثمارات الضخمة، سيتعزز دور المملكة كلاعب اقتصادي دولي قوي. وهذا يعزز قدرتها على الحصول على تحالفات وشراكات اقتصادية مع الدول الأخرى، وتوسيع شبكة علاقاتها الدبلوماسية.
  • تنشيط التجارة والاستثمار الخارجي: توفر المشاريع العملاقة فرصًا جديدة للتجارة والاستثمار، وتجذب المستثمرين والشركات الأجنبية. وهذا يمكن أن يسهم في زيادة حجم التجارة الخارجية للمملكة وتعزيز دورها كمركز للأعمال والاستثمار في المنطقة والعالم.
  • تعزيز السياحة: تهدف المشاريع العملاقة إلى تطوير القطاع السياحي في المملكة، مما يزيد من جاذبيتها كوجهة سياحية. وسيؤدي زيادة عدد السياح إلى تعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية مرموقة في المنطقة وجذب المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع.
  • رفع مستوى الابتكار والتكنولوجيا: تسعى المشاريع العملاقة إلى تعزيز قدرات المملكة في مجال الابتكار والتكنولوجيا. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تطوير صناعات جديدة وتعزيز مكانة المملكة كمركز رائد للابتكار والتقنية في المنطقة وعلى الصعيد العالمي.

 

  • القيادة في قطاع الطاقة النظيفة: سيعزز إنجاز مشاريع مثل مدينة الملك عبد الله للطاقة ومبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، دور المملكة العربية السعودية كمركز قيادي في قطاع الطاقة النظيفة والمستدامة، ويعزز دورها في تحقيق الاستدامة البيئية على المستوى الإقليمي والعالمي. كما يمكن أن يُعزز هذا التأثير تعاون المملكة مع الدول الأخرى في قطاع الطاقة وزيادة تأثيرها على صياغة السياسات الدولية في هذا المجال.

وعلى الرغم من أجواء عدم اليقين التي تخيم على المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي وإمكانية تأثير ذلك على خطط تطوير اقتصاد المملكة ضمن رؤية 2030، بدأت برامج الإصلاح الجريء المنفذة تحقق نتائج إيجابية. ولتعزيز المكاسب المحققة وتحقيق بقية الأهداف، سيكون إشراك القطاع الخاص بدرجة أكبر أمرًا ضروريًا. والعنصر الأساسي في نجاح هذه البرامج الطموحة هو تدريب المواطنين السعوديين وتزويدهم بالمهارات اللازمة والأجور المتوقعة لجعل هذه الإصلاحات مستدامة وقادرة على التأثير دوليًا.


 

مقالات لنفس الكاتب