array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 186

6 متطلبات لإعادة الإعمار ويعيش 17 مليون يمني على وجبة يوميًا و53% تحت خط الفقر

الإثنين، 29 أيار 2023

شهدت الجمهورية اليمنية خلال العقدين المنصرمين صراعات مسلحة وتطورات على الصعد السياسية والعسكرية كان لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد اليمني الذي حقق انكماشاً اقتصادياً بلغ أعلى مستوى له عام 2015م، حيث وصل إلى قرابة (-28%)، إثر الأحداث التي وجهت ضربة موجعة ليس للمرحلة الانتقالية التي كانت تعيشها البلاد عُقب الحوار الوطني إبان ثورة فبراير 2011م، التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح، فحسب، وإنما للعملية السياسية والنسيج الاجتماعي وكذلك وحدة التراب الوطني للجمهورية اليمنية. وقادت إلى اعتبار الأمم المتحدة ما حصل في اليمن بأنه أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم.

    كما أسهمت هذه الأحداث في فقدان الثقة شعبياً ومدنياً بأهمية الحوار السلمي في حل المسائل الاجتماعية والسياسية وتحقيق العدالة التي كان ينتظرها المجتمع اليمني منذ أكثر من أربعة عقود خلت. كما قادت هذه الأحداث إلى تدهور كبير على صعيد الاحتياطي الرسمي وعلى أسعار صرف الريال اليمني الذي شهد تدهورًا كبيرًا من نحو (215) ريال للدولار عام 2015م، إلى (1700) ريال يمني أمام الدولار في نهاية عام 2021م، كما ازدادت معدلات البطالة، كما ارتفعت معدلات الفقر حيث وصلت نسبة اليمنيين الذي يقعوا تحت خط الفقر نحو (52.78%) من إجمالي سكان اليمن لعام 2022م.

    سنتناول في هذا المقال التبعات الاقتصادية للأزمة اليمنية، وتأثيرها على الشعب اليمني ونُبين هيكل الاقتصاد اليمني بعد الأحداث السياسية والعسكرية، وما هي أهم مكوناته ومدخلات الناتج المحلي الإجمالي اليمني، وتداعيات الأزمة الاقتصادية وتداعيات الثورة على علي عبد صالح، على مستوى معيشة المواطن اليمني، كما ونوضح الكيفية التي سيتم بها إعادة بناء الاقتصاد الوطني اليمني، علاوة على بيان أهم معضلات إعادة بناء وتأهيل الاقتصاد اليمني.

 

أولاً-التبعات الاقتصادية للأزمة اليمنية:

   لقد أفرزت الحرب الأهلية منذ مارس 2015م، ولغاية اليوم ضغوطًا اقتصادية كبيرة على الاقتصاد اليمني؛ حيث أسهمت -وبصورة كبيرة-في تراجع الأداء الاقتصادي وتدهوره بصورة حادة نتيجة لتراجع النشاط الاقتصادي العام والخاص، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وبالذات البنى التحتية والمؤسسية؛ الأمر الذي انعكس في تدني مستوى الدخل وتزايد معدلات البطالة واستشراء الفساد وسوء توزيع الموارد والثروات.

   وغني عن البيان، فقد ساهمت الأزمات التي مرت بها الجمهورية اليمنية خلال العقد الأخير من القرن الحالي في تبعات اقتصادية كانت بها تداعيات خطيرة على مستوى الاقتصاد اليمني التي شهدت مؤشراته الكلية تدهوراً كبيراً، وكذلك على مستوى معيشة المواطن التي تدنت كثيراً مع الانخفاض الكبير في أسعار الريال اليمني التي تدنت كثيراً. وفيما يلي بيان بأهم التبعات الاقتصادية للأزمة في اليمن:

1-تراجع معدلات النمو الاقتصادي

   شهد الاقتصاد اليمني انكماشًا اقتصادياً غير مسبوق في عام 2011م، كنتيجة لثورة فبراير التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح والتي قادت إلى حصول تدهور كبير في النشاط الاقتصادي ثم استعاد الاقتصاد اليمني خلال الفترة الانتقالية برئاسة عبد ربه منصور هادي، حيث اقترب النمو من (5%) عام 2013م، لكنه بدأ يتراجع بشكل مخيف جداً منذ عام 2014م، ليحقق الاقتصاد اليمني أكبر انكماش اقتصادي في تاريخ الدولة اليمنية عام 2015م، حيث قدر بنحو (-28%)، واستمر الانكماش خلال الفترة (2015-2022م) باستثناء عامي 2018 و2019م، حقق معدل نمو اقتصادي منخفض قدر بـ (0.75%) و(1.4%)على التوالي.

2-انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي:

     شهد مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في اليمن ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الانتقالية بعد الإطاحة بحكم الرئيس عبد الله صالح عام 2011م، ليصل إلى (1557) دولار عام 2014م، محققاً ارتفاعاً بنسبة (8%)، لكنه سرعان ما تدهور بشكل ملفت للنظر منذ منتصف عام 2014م، ليصل إلى قرابة (702) دولار عام 2018م، أي بانخفاض تجاوز 100%.

شكل (2) نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في اليمن (2010-2018) دولار أمريكي

 

   وتجدر الإشارة إلى أن هذا الانخفاض الكبير في نصيب الفرد اليمني يعود إلى تعطل الإنتاج بسبب العمليات الحربية وتدهور النشاط الاقتصادي الخاص لاسيما في قطاعات الإنتاج الفعلية (قطاعي الزراعة والصناعة) اللذان يسهمان بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي لليمن، حيث انخفضت حصة القطاع الزراعي إلى (18.3%) وحصة قطاع الصناعات التحويلية إلى (10.8%). الأمر قاد إلى تدني في الناتج المحلي الإجمالي للجمهورية اليمنية الذي وصل إلى نحو (17) مليار دولار أمريكي.

 

جدول (9) تركيبة الناتج المحلي الإجمالي لليمن لعام 2021

القطاع

النشاط

القيمة 

النسبة من الإجمالي %

 

 

قطاعات

 الإنتاج السلعي

الزراعة والصيد والغابات

3120

18.3

الصناعات الاستخراجية

1003

5.9

الصناعات التحويلية

1843

10.8

البناء والتشييد

750

4.4

الكهرباء والغاز والماء

167

1.0

الإجمالي

6882

40.4

 

قطاعات

الخدمات الإنتاجية

التجارة والمطاعم والفنادق

3312

19.5

النقل والمواصلات والتخزين

2513

14.8

التمويل والـتأمين والمصارف

614

3.6

الإجمالي

6439

37.8

 

قطاعات

 الخدمات الإنتاجية

الإسكان والمرافق

1192

7.0

الخدمات الحكومية

1876

10.0

القطاعات الأخرى

39

0.20

الإجمالي

3107

18.3

المصدر: تم احتساب النسبة من قبل الباحث بالاعتماد على التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2022م

3-ارتفاع حجم الدين الخارجي:

   شهد مشهد الدين الخارجي للجمهورية اليمنية تصاعداً تدريجياً خلال الفترة (2010-2021م)، حيث ارتفع من نحو (6.5) مليار دولار عام 2010م، إلى نحو (7.6) مليار دولار عام 2021م، أي بنسبة زيادة تقدر بحوالي (17.9%).  

 

شكل (3) ارتفاع حجم الديون الخارجية لليمن للفترة (2010-2021) مليار دولار

كما ارتفع مؤشر إجمالي الديون الخارجية لليمن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي اليمني بعد انقلاب الحوثيين عام 2014م، ليصل قرابة (38%) عام 2021م، بعد أن كان قرابة 20% قبل الأحداث.

شكل (3) إجمالي الدين الخارجي لليمن كنسبة من الدخل القومي (2010-2020)

   وغني عن البيان أنه في ظل الفجوة في التمويل الاستثماري التي لا تستطيع الموارد المحلية تغطيتها خلال الفترة التي تلت انقلاب الحوثي، بات اللجوء على اللجوء إلى العون الخارجي سواء بصورة منح أو قروض يُعد من باب الضرورة الملحة بالرغم من تبعاته السلبية مستقبلاً على الاقتصاد اليمني فما يرتبط بقدرته على تحمل أعباء هذه الديون.

4-تناقص الاحتياطات الرسمية:

    مع توقف تدفق إيرادات الصادرات النفطية والغازية إلى خزينة الدولة جرَّاء توقف الإنتاج والتصدير، عمل البنك المركزي على سحب الاحتياطيات الخارجية لتغطية واردات السلع الأساسية؛ حيث تراجع الاحتياطي النقدي الخارجي من (4.14) مليار دولار نهاية العام 2014م، إلى حوالي (1.2) مليار دولار فقط نهاية العام 2022م.

شكل (4) الاحتياطي الرسمي الدولي الكلي لدى المصرف المركزي اليمني (2012-2022) مليار دولار

      وتجدر الإشارة إلى تراجع قيمة الاحتياطات الرسمية لدى البنك المركزي اليمني قد أسهم في تدهور قيمة العملة المحلية بصورة كبيرة ليصل سعر الصرف للريال اليمني في بداية أغسطس 2018م، إلى حوالي 550 ريالًا/دولار مقارنة بحوالي 215 ريالًا/دولار في مارس 2015م، فضلًا عن ارتفاع معدل التضخم وبصورة كبيرة، حيث نسبية التضخم على أساس سنوي نحو 45% لعام 2022م.

 

ثانياً-تأثير التبعات الاقتصادية للأزمة اليمنية للحرب على الشعب اليمني:

      بالرغم من الوضع الاقتصادي اليمني، قبيل اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة والتدخل الإقليمي، كان يتسم بانخفاض معدل النمو الاقتصادي الحقيقي قياساً بمتطلبات التنمية على صعيد الفرد وتحسن مستوى الدخل أو على مستوى البلد وما تتطلبه العملية التنموية من موارد وإمكانيات مطلوبة لتحقيق أهداف التنمية المتعلقة بانتقال اليمن من تصنيف الدول الأقل نموًّا على الصعيد العالمي إلى مستوى الدول متوسطة الدخل، غير أن النزاعات المسلحة والحروب قد عملت على تجريف ذلك الأداء المتواضع وتحويله إلى خسائر اقتصادية متراكمة سنة بعد أخرى تنعكس وبصورة مباشرة على حياة الشعب اليمني الذي بات يتجرع المزيد من الفقر والبؤس والبطالة وانعدام الأمن الغذائي، وفيما يلي توضيح لذلك:

  • ارتفاع معدلات البطالة:

  يعاني سوق العمل وقطاعات التشغيل في اليمن من ضعف وهشاشة، في ظل الظروف الصعبة والاضطرابات السياسية والأمنية والحرب التي لم تتوقف منذ نحو ثمان سنوات متواصلة، حيث ارتفعت معدلات البطالة في اليمن إلى نحو 60% طبقاً لبعض التقارير الحكومية، وانضم إلى صفوف البطالة عشرات الآلاف من العاملين في مؤسسات عامة وخاصة، أجبرتها الأوضاع الأمنية على التوقف عن العمل.

 ويشير المشهد العام للمعدل الإجمالي للبطالة من إجمالي قوة العمل النشيطة اقتصادياً خلال الثلاثة عشر سنة المنصرمة إلى ارتفاع معدل البطالة من (12.80%) عام 2010م، إلى نحو (13.60%) عام 2022م.

شكل (5) المعدل الإجمالي للبطالة في اليمن (2010-2022م) % من إجمالي قوة العمل

المصدر: تم إعداد الشكل من الباحث

  • تزايد معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي:

   يعاني اليمن من تفاقم الفقر الذي ارتفع من 55% عام 2014م، إلى 70% في 2019م، إذ يعيش حسب الأمم المتحدة 17 مليون يمني على وجبة واحدة في اليوم، وضاعفت الحرب أعداد البطالة في البلاد حيث وجد نحو 5 ملايين يمني أنفسهم على رصيف البطالة عقب اندلاع الحرب. ويعيش اليوم نحو (%52.8%) من إجمالي سكان اليمن تحت خط الفقر وفقاً لبيانات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" الإسكوا".

    كما ضاعفت أسعار السلع العالمية المرتفعة الضغوط التَّضخُّمية، وفاقمت انعدام الأمن الغذائي في اليمن. وقد قُدِّر مستوى التضخم السنوي في أغسطس بنسبة 45% تقريبًا، والتّضخُّم في أسعار المواد الغذائية بحوالي 58 %. وقد واجه اليمن أيضاً تراجعًا في أحجام كميات القمح المستوردة، ولم يستطع إيجاد بديل كامل للاستيراد من روسيا وأوكرانيا، حيث شكّل حجم المستوردات من هاتين الدولتين حوالي 40% من حجم كميات القمح التي يحتاج إليها اليمن. وفي الوقت نفسه، ما زالت المساعدات الإنسانية قاصرةً عن تلبية الاحتياجات اليمنية. ونتيجة لذلك، لا تزال نسبة انعدام الأمن الغذائي آخذةً في الارتفاع، وتتوقّع الأمم المتحدة بأن يبلغ عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية (23,4) مليون شخص بحلول نهاية العام 2022م، وعدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد 19 مليون شخص. يستمرّ اليمن في مواجهة أزَمة إنسانية كُبرى، يُصاحبها ارتفاعٌ في مستوى انعدام الأمن الغذائي في خضمّ ارتفاع أسعار السلع العالمية، وقُصور المساعدات الإنسانية المُقدّمة إلى اليمن

3-تدني معدلات التنمية البشرية:

   تعد الجمهورية اليمنية أحد أقل الدول نموًّا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويحتل مركزًا متأخرًا في مؤشرات التنمية البشرية العالمية، ويُصنَّف ضمن قائمة الدول منخفضة التنمية وتحتل المركز 183 من بين 191 دولة وفقًا لتقرير التنمية البشرية العالمي 2022م؛ حيث بلغت قيمة دليل التنمية البشرية في اليمن حوالي (0.477) مقارنة بحوالي (0.509) عام 2011م، أي بنسبة انخفاض تقدر بنحو (6.7%).

 

شكل (6) قيمة دليل التنمية البشرية للجمهورية اليمنية (2011-2021)

المصدر: تم إعداد الشكل من قبل الباحث بالاعتماد على برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقارير التنمية البشرية للسنوات (2011-2021م)

    وتجدر الإشارة إلى أن قيمة دليل التنمية البشرية في الجمهورية اليمنية والبالغ (0.455) نقطة للعام 2022م، هو أقل من نظيره في الدول المنخفضة الدخل (0.518) والمتوسط العالمي (0.732) والمتوسط العربي البالغ (0.708)، وهذا يعكس حجم التدني الكبير الحاصل في مؤشرات التنمية البشرية بمختلف جوانبها الصحية والتعليمية ومستويات المعيشة والتي انعكست في تنامي ظاهرة الفقر المدقع والتي تخطت الـــ (50%) من الشعب اليمني للعام 2022م.

3-خسائر القطاع الخاص اليمني:

     نظراً للدور الاقتصادي الكبير الذي يلعبه القطاع الخاص في اليمن بوصفه القطاع المسيطر على إجمالي الأنشطة الاقتصادية باستثناء قطاع النفط والغاز، فقد كانت وطأة الحرب والخسائر الناتجة عنها كبيرة على القطاع الخاص، وبالذات في قطاعات تجارة الجملة والمطاعم والفنادق والنقل والتخزين والاتصالات والبناء والتشييد والتمويل والتأمين والعقارات، ومن خلال مقاربات حسابية مستندة إلى مساهمة القطاع الخاص في بنية الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات السابقة للحرب والمقدرة بحوالي 56%.  فإن الخسائر التي لحقت بالقطاع الخاص جرَّاء توقف النشاط الاقتصادي بصورة كلية أو جزئية في منشآته تتراوح ما بين 25-27 مليار دولار، وإذا ما تم إضافة الخسائر الناتجة عن تدمير المنازل الخاصة والمنشآت الصناعية والتجارية والزراعية ووسائل النقل الخاصة فإن إجمالي خسائر القطاع الخاص ستتضاعف بالتأكيد.

   من جانب أخر، فقد أوضح مسح تأثير الأزمة اليمنية على القطاع الخاص الذي أعدته وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة كانت الأكثر تضررًا من النزاع وبنسبة تصل إلى 34% من إجمالي الشركات مقارنة بحوالي 17% من الشركات الكبيرة. كما أن الشركات العاملة في مجال الخدمات كانت الأكثر تضررًا، حيث توقف نحو (35%) منها عن العمل مقارنة ببقية الشركات العاملة في القطاعات الأخرى. 

  ومن حيث المناطق الأكثر ضررًا على منشآت القطاع الخاص، أوضح التقرير أن نحو (95%) من منشآت القطاع الخاص في كل من عدن وتعز قد تضررت بصورة جزئية أو كلية. وفي المقابل، كانت الأضرار التي لحقت بالشركات في صعدة أكثر كثافة وبنسبة 43% من إجمالي التكلفة التقديرية لمتوسط الأضرار. من ناحية ثانية، تشير نتائج المسح إلى أن الغالبية العظمى من الشركات (73%) ليس لديها إمكانية الحصول على التمويل منذ اندلاع الحرب وفقط 14% من الشركات حصلت قرض.

ثالثاً-تحديات إعادة بناء الاقتصاد اليمني وسبل مواجهتها:

   يواجه الاقتصاد اليمني نتيجة الإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح عددًا من التحديات، حيث ألحقت الحرب الأهلية التي تفاقمت في عام 2015م، أضراراً جسيمة بالبنية التحتية الاقتصادية الحيوية وحدت بشكل شديد من واردات المواد الغذائية والوقود وتسببت بتسارع التضخم وبوقف صادرات اليمن.

إن تمكين المؤسسات الاقتصادية المركزية الحيوية كالبنك المركزي أو وزارة المالية من العمل بفعالية واتساق يمثل شرطاً مسبقاً للتعافي الاقتصادي واستقرار الاقتصاد الكلي، كما إن إشراك هذه المؤسسات في عملية بناء القدرات المستهدفة أمر بالغ الأهمية لإعادة بناء اقتصاد سليم وقادر على الصمود.

    وفي إطار مساعي المجتمع الدولي لدعم الاقتصاد اليمني وتمكين الحكومة اليمنية في إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق التعافي الاقتصادي يأتي مشروع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي حول تعزيز الصمود الاقتصادي في اليمن الذي يهدف إلى تحقيق الآتي:

  • تمكين المؤسسات الاقتصادية المركزية الرئيسية لقيادة التعافي الاقتصادي وتهيئة الظروف لتطوير القطاع الخاص
  • تعزيز الصمود وتطوير القطاع الخاص، مع التركيز على خلق فرص العمل وتوظيف الشباب والنساء والنازحين داخليًا.
  • دعم التنسيق بين الجهات المانحة واتساق السياسات.

  ويعتزم المشروع من خلال تنفيذ أهدافه، تحقيق أربع نتائج رئيسية تعالج التحديات الاقتصادية الأساسية في اليمن.

النتيجة 1: تعزيز قدرات المؤسسات الاقتصادية المركزية الرئيسية.

النتيجة 2: تعزيز القدرات على جمع البيانات الاقتصادية وتحليلها.

النتيجة 3: دعم قدرات حشد التأييد العام والمهارات الإدارية لمؤسسات القطاع الخاص.

النتيجة 4: تحسين التنسيق بين الجهات المانحة في اليمن.

 

   إن عملية إعادة بناء اقتصاد اليمن وانتشاله من التدهور الكبير الذي حصل نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والصراعات والنزاعات المسلحة تتطلب ما يلي:

  • إعادة تمكين اليمنيين اقتصادياً وإتاحة الفرص أمام الشباب التي تساعدهم على التكيف مع الظروف الاقتصادية والمعيشية القاهرة الحالية، إضافة إلى وضع الخطط اللازمة التي تتيح أمامهم الموارد الاقتصادية وإدارة مشاريع إنتاجية مدرة للدخل تمكنهم من الحصول على سبل العيش المستدامة لاسيما تلك المتعلقة بفرص الوصول إلى الاقتصاد الرسمي، وذلك للحد من التوسع المفرط للاقتصاد غير الرسمي الهش والضعيف
  • هناك حاجةٌ ماسّة إلى تقديم تمويل خارجي مكثف إلى اليمن لإعادة البناء للمؤسسات والبنية التحتية وليكن ذلك في إطار مشروع مارشال عربي، تشارك فيه الدول العربية ومؤسسات صناديق التنمية الدولية وذلك لدعم عملية الإصلاح واستقرار الاقتصاد الكلي.
  • الحاجة إلى أن تكون مكوّنات الإنفاق الحكومي أكثر إنصافًا، وأكثر دعمًا وتشجيعًا للنمو الاقتصادي المستدام.
  • الحاجة إلى النهوض، بدرجة أكبر، بمستوى الشفافية والمساءلة عن توظيف الموارد العامة الشحيحة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في الحدّ من مواطن الضعف التي تُفضي إلى التَّعرُّض للفساد، والمساعدة في نهاية المطاف في حفز التمويل الإضافي من المانحين.
  • الاستمرار في عمليات إصلاح الإدارة الضريبية وإدارة المالية العامة على نطاق واسع، بما في ذلك تعزيز عمليات التدقيق الضريبي، وزيادة استخدام التكنولوجيا الرقمية، وتحسين إدارة الدين العام، وتنفيذ النظام المتكامل لمعلومات الإدارة المالية، من شأنه أن يدعم، على نحو أفضل، عمليات وزارة المالية في مجال التخطيط للموازنة، وتنفيذ الموازنة، والإبلاغ.
  • الحاجة إلى تعزيز إدارة الاحتياطي، وتحسين مستوى الإبلاغ المالي، واستكمال إجراء عمليات التدقيق التي تجري حالياً، ونشر الإحصاءات والتقارير الرئيسية بصورة دورية منتظمة.

 

     وأخيراً، فإن عملية إعادة البناء الاقتصادي لليمن تتطلّب تطوير قطاع خاص نشط. بصرف النظر عن توليد الدخل وخلق فرص العمل، يوفر القطاع الخاص إيصال السلع والخدمات الهامة، ويشكّل ذلك عاملاً ضرورياً للغاية لتحسين الأمن الغذائي والتغذية في اليمن. ويمكن أن يتجلى تمكين القطاع الخاص ليصبح قادراً على الصمود بشكل أكبر في المجتمعات التي تصبح أكثر قدرة على التعامل مع المخاطر والصدمات من خلال زيادة الاعتماد على الذات اقتصادياً.

مقالات لنفس الكاتب