أصبحت الزلازل في هذه الآونة واحدة من أخطر الكوارث الطبيعية التي تتعرض لها الكرة الأرضية وتودي بحياة الكثيرين كما تدمر العديد من المنشآت والبنية التحتية مما قد يؤدي بخسائر بمليارات الدولارات ويصعب على الدول النامية وأيضاً المتقدمة تداركها في وقت قصير. لذلك سنقدم لكم في هذه المقالة نبذة مختصرة عن تعريف الزلازل وكيفية نشأتها وما علاقة قيمة الزلزال بالطاقة الناشئة عنه ومالفرق بين قيمة الزلزال وقوته وهل من الممكن التنبؤ بوقوعها ولماذا تنهار المنشآت مع تصميمها طبقًا للأكواد لمقاومة أحمال الزلازل وهل يمكننا تفادي مخاطرها وآثارها السلبية وختامًا نوجه بعض النصائح للمجتمع جميعاً من متخذي القرار والمهندسين والمواطنين لتقليل مخاطر الزلازل حين وقوعها.
بداية ما هي الزلازل ومالسبب الرئيسي لتكوينها؟
الزلازل هي طاقة كامنة مخزنة في طبقات الصخر المتواجدة في أعماق الأرض وعلى أعماق متفاوتة عندما تتحرر هذه الطاقة الكامنة ينشأ عنها حركة طبقات الصخر على طول الفوالق المتواجدة في طبقات التربة أو تتولد فوالق جديدة نتيجة لتحرر هذه الطاقة ينشأ على هذه الفوالق (Faults) العديد من الزلازل وهذه الحركة إما أن تكون حركة رأسية أو أفقية وبناءً على اتجاه هذه الحركة على هذه الفوالق يتحدد نوع الزلزال وطبيعة حركته.
ويعود السبب لهذه الفوالق وتكوينها وأماكن تواجدها إلى وجود الصفائح التكتونية (Tectonic Plates) والتي لها خرائط معروفة للكرة الأرضية حيث أنه بسبب حركة بعض هذه الصفائح تجاه صفائح أخرى ثابته تنشأ حركة القشرة الأرضية وتنشأ على حدود هذه الصفائح العديد من الفوالق التي تتولد عليها الزلازل.
ما علاقة قيمة الزلزال بالطاقة الناشئة عنه؟
في حقيقة الأمر فإن العلاقة بين قيمة الزلازل التي نسمعها بالأخبار زلزال بقيمة 7.8 على مقياس ريختر وزلزال قيمة 8 على مقياس ريختر تعبر هذه القيمة عن مقدار الطاقة الناشئة عن الزلزال وهذه العلاقة هي علاقة لوغاريتمية وللتبسيط لك أن تتخيل بأن زيادة قيمة الزلزال من قيمة 7 إلى قيمة 8 يعادله زيادة في الطاقة تعادل أضعاف الرقم 10 أي أن كل زيادة طفيفة في قيمة الزلزال تعادلها طاقة منبعثة منه مضاعفات العشرة أمثال وخاصة كلما زادت قيمة الزلزال عن قيمة 6.
ماهو الفرق بين قيمة الزلزال وقوة الزلزال؟
الفرق بين قيمة الزلزال وقوة الزلزال هو أن قيمة الزلزال كما يسمع الجميع في الأخبار زلزال بقيمة وليكن مثلا 7.50 على مقياس ريختر ولكن قوة الزلزال تقاس بمدى الدمار الناشئ عنه ومدى تأثيره على البشر والمنشآت والبنية التحتية للدول التي يضربها الزلزال. فقد يكون مثلاً زلزال بقيمة 7.5 على مقياس ريختر في دولة كاليابان ولكن لم ينتج عنه وفيات أو دمار كبير في المنشآت والبنية التحتية وبالتالي تكون قوة الزلزال ليست بالكبيرة لأنه لم يتسبب في حدوث أضرار جسيمة. وعلى النقيض قد يضرب زلزال قيمته 7.00على مقياس ريختر وتكون شدته وقوته كبيرة نتيجة للوفيات والدمار الذي حدث نتيجة له ومثال لذلك زلزال كرايستشيرش في كانتربيري في دولة نيوزيلندا في الثالث عشر من يونيو عام 2011م.
هل من الممكن التنبؤ بالزلازل من حيث قيمتها وأماكنها ووقت وقوعها؟
في الحقيقة الإجابة على هذا السؤال ليست يقينية لأن الإجابة تعتمد على الكثير من العوامل التي بناءً عليها قد نستطيع التنبؤ بالزلازل ولكن باحتمالية نجاح بنسبة معينة مع وجود احتمالية فشل التنبؤ أيضًا بنسب. ولذلك للتنبؤ بقدوم الزلزال لابد من وجود متخصصين وعلماء على دراية كبيرة بعلم الزلازل وعلم الإحصاء وتواجد قياسات زلزالية كثيرة على مدار سنوات ماضية تساعد هذه البيانات العلماء في الحصول على تنبؤ أكثر دقة بحدوث زلازل بقيمة معينة في أماكن خلال فترة زمنية معينة. وبالتالي فإننا بحاجة لرصد أكبر عدد من القياسات الزلزالية لنستطيع التنبؤ بشكل أكثر دقة باستخدام علوم الإحصاء والاحتمالات.
لماذا تنهار المنشآت بعد تعرضها للزلازل على الرغم من تفعيل كود أحمال الزلازل في كل بلاد العالم؟
هنا يطرح المواطن سؤالاً هاماً لماذا تنهار المنشآت بعد تعرضها للزلازل وهل الأكواد الإنشائية لا تأخذ في عين الاعتبار حساب أحمال الزلازل. وللإجابة على هذا السؤال لابد أولًا من معرفة مدى قيمة أقصى عجلة للزلزال الذي حدث ومقارنتها بما ينص عليها الكود وإذا كانت هذه العجلة المرصودة بعد وقوع الزلزال أكبر بشكل ملحوظ بما هو منصوص عليه بالأكواد فإنه من الطبيعي أن يحدث إنهيار وتصدعات في المنشآت لأنها تعرضت لعجلة زلزالية أكبر مما قد صُممت لأجل أن تتحمله وهذا حدث في زلزال تركيا الأخير حيث أن العجلة المرصودة للزلزال في بعض الأماكن كانت مرة ونصف العجلة التصميمة في الكود التركي لأحمال الزلازل. وبالتالي فإنه أحيانًا يحدث زلزال غير متوقع ولم يحدث في تاريخ الدولة على الإطلاق وبالتالي فإنه لم يؤخذ في الاعتبار في كود البناء لهذه الدولة.
ومن جانب آخر، فإنه في حالة كانت عجلة الزلزال المرصودة بعد وقوع الزلزال أقل من العجلة الزلزالية التصميمة في كود الأحمال فإنه من المفترض أن يقاوم هذا المنشأ الزلزال بدون حدوث انهيارت ولكن تحدث إنهيارات لاسباب عديدة منها البناء العشوائي بدون اللجوء لعلم الهندسة أو المهندس المختص وقد يعود الخطأ على المهندس المصمم الذي لم يتحمل مسؤوليته في تصميم بناء يقاوم أحمال الزلازل طبقًا لما ورد بالكود وأيضًا قد يكون هناك خطأ في تنفيذ المنشآت بعدم التنفيذ طبقاً للمواصفات الفنية والتصميمات الهندسية وأحياناً من المالك (المواطن) الذي قد يقوم بعمل تعديلات على التصميمات المعمارية والإنشائية بدون الرجوع للمهندس المختص.
هل من الممكن تفادي المخاطر الناشئة عن حدوث الزلازل وماهي النصائح التي يجب الأخذ بها لتقليل مخاطر الزلازل؟
نعم نستطيع بالتعلم من أخطائنا والعلم أن نقلل من مخاطر حدوث الزلازل ونقلل عدد الوفيات والمباني المنهارة نتيجة وقوع الزلازل وفي هذا الصدد المسؤولية تكون تكافلية على الجميع. بداية تقوم الدولة بالاعتناء بزيادة محطات رصد الزلازل في الأماكن النشطة زلزالياً ودعم العلماء للحصول على تنبؤ جيد بالزلازل المستقبلية. كما أنه في حالة حدوث زلازل كارثية لابد من دراستها جيداً وتعديل الأكواد الخاصة بالبناء بعد وقوع زلازل بشدة أقوى مما قد استند إليه الكود وبالتالي فإن تحديث الأكواد مهمة قومية ترجع للدولة والبحث العلمي في الدول وعلى أن يتم ربط ناتج البحث العلمي في الجامعات والمراكز البحثية بما يتم تطويره بالأكواد خاصة في بلادنا العربية لأنه لدينا علماء وباحثون متميزون في هذا المجال ولكن للأسف نتائج أبحاثهم لا يتم الأخذ بها في الأكواد وتطويرها.
ومن جانب المجتمع والمواطنين يجب على الجميع الالتزام باللجوء للمهندسين المختصين في بناء جميع المباني وعدم القيام بأي تغيير أو تعديل على الرسومات الهندسية المعمارية أو الإنشائية إلا بعد الرجوع للمهندس المختص لأخذ استشارته وموافقته. وبهذا التكاتف نستطيع على الأقل تقليل الكثير من الكوارث التي تحدثها الزلازل.
أخيراً فإنه بالعلم والإخلاص في العمل تقام الأمم وتنهض وتستطيع أن تقاوم الكوارث وتتعلم من نتائجها وأنه بالجهل والإهمال والفساد تغرق الأمم في ظلام دامس ولا تقوم لها قائمة.