array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

تطوير أي مجلس شورى يتم بالتدرج وفي إطار الثوابت الدينية والوطنية لبلده

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

تحميل    ملف الدراسة

    مجلس الشورى السعودي، هو الآن في دورته الثامنة، التي بدأت يوم 3/3/1442هـ (2021م) منذ صدور نظامه الجديد عام 1412هـ. مدة كل دورة أربع سنوات. حيث بدأت دورته الأولى يوم 3/3/ 1414هـ، وذلك بأعضائه من الصفوة المختارة من رجالات البلد. ويظل منخرطاً في بلورة النظم والقرارات، التي تحكم الحياة السعودية العامة، وتوجه حاضرها ومستقبلها، نحو الخير والتطور الإيجابي. ويمكن القول إن هذا المجلس، في صورته الحالية، تطور نحو الأفضل، وإن ببطء. ومن أبرز ملامح هذا التطور: زيادة أعضائه من 60 في الدورة الأولى إلى 150 اعتبارًا من الدورة الرابعة، وما بعدها، متضمنًا عشرين سيدة، وكذلك توسيع بعض صلاحياته... مبتعداً عن "الاستشارة" حصريًا، ومقترباً نحو "التشريع الأساسي".

    لقد توصل الفكر السياسي العالمي، وعلى مدار أربعة آلاف من السنين -تقريباً -واستنادًا إلى التجارب العملية، وأحداث التاريخ السياسي لبني الإنسان، إلى صيغة عامة معروفة.... لما ينبغي أن تكون سلطة التشريع عليه، من حيث: التكوين والصلاحيات، وما إليهما.  فالحكومة – أي حكومة – هي: السلطة العليا العامة في البلاد – أي بلاد – بفروعها الثلاث: التشريع، التنفيذ، القضاء.  وأي حكومة، وفي أي مكان وزمان، هي، في الواقع، عبارة عن: جهاز إداري ضخم.... يشرع وينفذ ويقاضي ... وتعتبر "السلطة التشريعية" أهم السلطات الثلاث، كيف لا ؟!  وهي التي تضع القوانين وتجيز السياسات، وترشد القرارات والاتفاقات، وتراقب التنفيذ وتتابعه، وتختار القضاة الدستوريين، وبقية كبار المسؤولين، أو تصادق على تعيينهم.

   وما زال مجلس الشورى السعودي، الذي حدث عام 1412هـ، 1992م، أقرب نسبيًا إلى الهيئة الاستشارية. ولكن توجد فيه الكثير من ملامح السلطة التشريعية الحقيقية.  كما أن هذا المجلس ليس جامدًا، بل أنه يمكن أن يتطور ... مقتربًا – مع مرور الزمن – أكثر من السلطة التشريعية الحقيقية.  والمعنيون يريدون، بالطبع، لهذا المجلس أن يصبح كذلك، في إطار الثوابت الدينية والوطنية السعودية المعروفة.  ويعتبر البعض أن مجرد تواجد هذا المجلس – في حد ذاته -يعتبر نقلة نوعية في التاريخ السياسي السعودي. فالتواجد غالباً ما يكون أفضل من العدم، على أي حال.

    ويلمس المراقب أن القيادة السعودية تريد أن يكون هذا المجلس أداة فعالة ... لخدمة الوطن والمواطن.  فهو لم ينشأ للتفاخر أو الادعاء، أو التمويه.   وإنما أنشئ ليكون عوناً فاعلاٍ وإيجابياً للسلطة التنفيذية، في تسيير أمور هذه الدولة الكبيرة، وتصريف شؤونها العامة.  ومن يحضر أغلب النقاشات في هذا المجلس، سيرى بأم عينه، ويسمع بأذنه، كيف أن الأعضاء يتبارون في تصيد أي خطأ أو قصور للسلطة التنفيذية، ولكن باتزان.  ويحاولون جهدهم تقويم أي تجاوز، بما يبدونه من آراء إيجابية خلاقة ونزيهة.

 

   وبالطبع، فإن أهم خصائص أي برلمان هي: امتلاكه لكامل السلطة التشريعية الملزمة (بما في ذلك مناقشة ميزانية الدولة، وإقرارها، ومتابعتها، والمساءلة بشأنها)، إضافة إلى كون أشخاصه منتخبين ـ بعدد مناسب ـ لضمان تمثيلهم لشعبهم. وغالباً ما يتراوح عدد النواب بين 50 -600، في أغلب دول العالم، ذات الحكومات الديمقراطية. هذا عدا أشخاص المجلس الآخر ـ إن وجد ـ من السلطة التشريعية، التي يتكون معظمها من مجلسين شبه مستقلين، وخاصة في الدول الفيدرالية ...

    لذلك، لا يستغرب أن تنصب أهم وأبرز "المطالب" (الداخلية والخارجية) تجاه مجلس الشورى، على تطويره... ليتضمن العناصر التي هي أهم خصائص البرلمانات.  حتى أن ما يعرف بـ "الإصلاح"، أو "التطوير"، على الأصح، أهم ملامحه هي: أنه يجب ـ في رأي الكثير من المعنيين ــ أن يبدأ بالبرلمان (الشورى) وينتهي به.

    وهذا نابع من كون "التنمية السياسية" الإيجابية هي أساس (المتطلب الأساس) التنمية الشاملة، في كل مجالات الحياة، وكون "المشاركة الشعبية" هي "أس" التنمية السياسية الإيجابية، وجوهرها.  وهذه التنمية تتطلب، وكما هو معروف، وجود لجنة سياسية (دستورية) مشرفة، من كبار المختصين والخبراء.   وهنا نذكر أن التدرج والتأني أمران مطلوبان، بشدة وإلحاح، في حالة كل الدول النامية بخاصة. وأي تطوير جاد لأي مجلس مشابه، يجب أن يتم بالتدريج، وفي إطار الثوابت الدينية والوطنية للبلد المعني. 

     ولا بأس في منح مجلسنا سلطات تشريعية متنامية (من ضمنها مناقشة الميزانية) والأخذ بوسيلة الانتخاب، ولو بشكل جزئي ومتدرج، مع زيادة عدد أعضائه (مثلا) إلى 300 عضو، كحد أعلى، ولضمان "تمثيل" كافة أرجاء هذه البلاد الواسعة، إضافة إلى الاستمرار في إشراك المرأة، وإعطائها حق المشاركة السياسية كاملا، طالما أن ذلك لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.  ويظل "الملك" في النظام السياسي السعودي هو المرجعية السياسة الدستورية.  وتلك ضرورة ... تقتضيها اعتبارات سياسية واجتماعية وتاريخية وأمنية معروفة.  لذا، لابد أن يكون له حق "النقض" المشروط على قرارات مجلس الشورى، وفق قواعد محددة دستورياً.  وأن تطويراً كهذا لابد أن يتم على مدار سنوات.

   كان البعض يظن أن المجلس عبارة عن: لجنة كبرى ...يحيل إليها الملك ما يشاء من مواضيع، ويحجب عنها ما يريد حجبه ... لتبدي رأيها في تلك المواضيع، وترفعه إليه. والملك في حل بعد ذلك ... إما أن يأخذ بذلك الرأي، أو ببعضه، أو يتجاهله، ويعمل ما يشاء. ولكن، تبين أن "الأعضاء" يمثلون ـ بشكل أو آخر ـ المواطنين، بمختلف فئاتهم ومناطقهم.  وأن الملك يحيل إليهم كثيرًا من أمور وشؤون الدولة الكبرى، ليبدوا رأيهم فيها. وأن ذلك الرأي محل احتفاء من قبل الملك، ومجلس الوزراء. فهو يأخذ بمعظم ما يرد إليه من مجلس الشورى، من توصيات.

 

     ونوجز فيما يلي بعض أبرز الملامح عن تكوين المجلس الحالي ودوره وصلاحياته وسلطاته، وتأثيره ... أي: "عمل" هذا المجلس، الفعلي.  ويمكن، في الواقع، تقسيم حديثنا هذا إلى قسمين رئيسين: نبذة عن تكوين المجلس وصلاحياته. ثم ما يؤمل أن يكون عليه هذا المجلس مستقبلا:

(أولاً) –أهم ملامح المجلس تكوينًا وأداءً:

 ــ الإدارة والتجهيزات:

   يتم تسيير دفة المجلس على أحدث الأسس التي تمخض عنها علم الإدارة الحديث، ويقوم بها شباب سعودي، يمتلئ حيوية ونشاطاً وإخلاصاً، ويتدفق انضباطًا.  وقد اكتملت جودة الإدارة باكتمال تجهيزات المجلس، وروعة وفخامة مبناه. فمبناه الجميل الضخم يبهر ـ بما يحتويه من فخامة وتجهيزات عصرية ـــ الزوار، سواء من داخل المملكة أو من خارجها.  وكثيرًا ما سمعنا من برلمانيين أجانب عبارات الإعجاب والانبهار بفخامة وضخامة مبني المجلس.  وكل ذلك يليق بأهمية المجلس، وماله من مكانة، في النظام السياسي السعودي.  ويرى البعض أن الموظفين بهذا المجلس (الإداريين) يحتاجون دائما للمزيد من التدريب، وبما يساعد الأعضاء على القيام بمهمتهم الوطنية الكبيرة.  

 

 ــ جدول الأعمال:

    إن المادة رقم 15 من نظام مجلس الشورى تحدد اختصاصات (سلطات) هذا المجلس، وتبين مجالات عمله. فرئيس مجلس الوزراء يحيل إلى المجلس ما يندرج ضمن اختصاصاته من مواضيع.  وبعد تسلمه، يحيل رئيس المجلس الموضوع إلى اللجنة المعنية، والتي يجب أن يحدد لها وقتاً للبت فيه. وبعد أن تجتمع اللجنة مرة أو أكثر، لمناقشة الموضوع المحال إليها ودراسته، يقوم رئيس اللجنة، أو نائبه، بالرفع لرئيس المجلس محضر جلسات اللجنة، وتوصياتها، فيما يخص الموضوع. وتجمع تقارير (محاضر) اللجان لدى "الهيئة العامة" التي تضع جدول أعمال كل جلسة، بناء على ما لديها من مواضيع مدروسة، لجانياً. (المادة 11 من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى).

    ويلخص رئيس اللجنة شفاهية رأي وتوصيات لجنته، ويطرح الموضوع بكامله على أعضاء المجلس للتعليق عليه، وإضافة، وتعديل ما يرونه.  ويسجل ملاحظات الأعضاء، وتجتمع اللجنة المعنية، مرات أخرى، لمناقشة تلك الملاحظات ... وتقدم تقريرها وتوصياتها من جديد، آخذة في الاعتبار رأي المجلس. ويطرح للمرة الثانية، للمناقشة الإضافية، ومن ثم "التصويت" بالموافقة من عدمها، على توصيات اللجنة النهائية ... التي إن وافق عليها المجلس تصبح توصيات المجلس برمته، ثم يرفع رئيس المجلس تلك التوصيات لرئيس مجلس الوزراء، لاتخاذ ما يراه مناسباً، على ضوء رأي مجلس الشورى. 

   إن وضع جدول الأعمال عملية هامة، فهذا الجدول يحدد "ماذا " يناقش، وماذا يستبعد.  لذلك، فإن عملية وضعه تعتبر قراراً موضوعيًا، لابد أن يحظى بموافقة المعنيين، وهذا ما يحدث في البرلمانات ... إذ يبدأ كل برلمان جلسته بإقرار جدول أعماله. وتتيح المادة 23 من نظام المجلس لأي عضو اقتراح ما يراه، في هيئة توصية إضافية بشأن أي موضوع للشأن العام. فلدى كل عضو عشرات الافكار والمواضيع التي تهم الوطن والمواطن، ويستحسن الاستفادة منها. ولا شك أن انخراط الأعضاء في هذه العملية يضفي على المجلس الكثير من الحيوية، والأهمية، ويستقطب اهتمام أعداد وفئات متزايدة من أبناء الشعب، مما يجعل المجلس ديوان الشعب، وحديث الناس، وأحد محاور اهتمامهم.

 

 ــ توصيات اللجان المختلفة:

      وتركز توصيات لجان المجلس على ما قدم لها من نظم ولوائح واتفاقيات وتقارير ... فتركز عصارة فكرها وجهدها على نصوص وبنود صماء ... ناقدة ومقيمة.  وهذا أمر إيجابي. ولكن تلحق كل لجنة بتوصياتها مرئياتها ورؤاها، المتعلقة بـ "ما ينبغي أن يكون" فيما يخص الموضوع المطروح للنقاش ... فتذيل كل توصية بما تراه مناسباً، من الرأي، ولا تحصر مشورتها في مضامين النصوص فقط.  وبالطبع، لابد من فتح باب النقاش على تقرير كل لجنة.  فهذا هو الإجراء المعتاد، في كل برلمانات العالم. 

    وبعد إعداد "المحضر" متضمناً ما نوقش من مواضيع، وتوصيات المجلس عليها، واعتماده، يرفعه رئيس المجلس إلى رئيس مجلس الوزراء، الذي يتخذ بشأنه ما يراه مناسباً، كما ذكرنا. وغالبًا ما يوافق مجلس الوزراء على توصيات مجلس الشورى. أو يتحفظ عليها أحيانا، أو يرفضها، مع توضيح أسباب رفضه للمجلس، حسب النظام.

                          

 ــ لجان المجلس:

    كما هو متبع في كل برلمان في العالم، فإن المجلس ما أن يعقد أولى جلساته السنوية، في كل دورة، حتى يبدأ بتشكيل لجانه الدائمة ... إيذاناً ببدء أعماله، بأسلوب منهجي ومنظم.  فـ"اللجنة" في أي مجلس تشريعي (تنظيمي) هي محور عمل ذلك المجلس والذراع التي تسهم في أدائه لأعماله، على أكمل وجه ممكن. إذ أن كل لجنة تضم في عضويتها خبراء ومتخصصين في مجال عملها، من الأعضاء الذين تحول إليهم المواضيع التي تندرج ضمن اختصاصهم، ليناقشوها، ويبدو بشأنها رأيهم، وتوصياتهم ... ثم تعرض هذه الآراء والتوصيات على المجلس بأكمله، لاتخاذ قرار نهائي ... باسم كل المجلس.

    ولا شك أن "اللجنة" تسهل على المجلس عملية اتخاذ القرار الصائب ... كونها تصدر توصيات عن علم وخبرة واختصاص، في المجـال المعني.  ولمعرفة الأهمية القصوى للجان ــ في أي مجلس ــ علينا أن نتخيل عدم وجودها ... وكون كل موضوع يطرح أمام المجلس كله، يناقش رأساً، ومباشرة... من قبل كل الأعضاء.   وتوجد بالمجلس الآن 13 لجنة، وذلك على النحو التالي:

  1. لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية.
  2. لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والقوى العاملة.
  3. لجنة الشؤون الصحية والبيئة.
  4. لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة.
  5. لجنة الشؤون المالية.
  6. لجنة الإدارة والأنظمة والعرائض.
  7. لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات.
  8. لجنة الشؤون الخارجية.
  9. لجنة الشؤون الأمنية.
  10. لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي.
  11. لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية والشباب.
  12. لجنة الحج والمياه والمرافق.
  13. لجنة حقوق الإنسان.

 وتضم كل لجنة حوالي 12 عضوًا.  وهناك لجان أخرى، قد تظهر الحاجة ــ فيما بعد ــ لإنشائها. فتشكيل كل لجنة انما هو استجابة للحاجة، ولما تقتضيه المصلحة العامة للشعب المعني.  وحبذا لو تم انشاء مركز لاستطلاع الرأي بالمجلس، مهمته استطلاع عينات عشوائية من المواطنين عن رأيها في القضايا والمواضيع التي تعرض تحت قبة المجلس. ومن ثم تزويد اللجنة المعنية بالمجلس باستنتاجاتها. هذا يساعد اللجنة المعنية لاتخاذ القرار الأصوب، بالاستنارة برأي المعنيين به. 

  ويكرس المجلس، ممثلا بلجانه، نشاطه لدعم ومساندة القضايا السعودية، وخدمة الشأن العام السعودي، والحفاظ على مصالح المملكة، ورعاية حقوقها. وتلعب لجانه دورًا ملموسًا في دعم السياسة الخارجية السعودية. إضافة الى دورها الكبير في ترشيد إدارة الشؤن الداخلية. ومن ذلك: حماية ودعم جهود المملكة المخلصة في رعاية حقوق الإنسان، وسلامة وحماية البيئة.

 

    واستكمالا لمكانته الإقليمية والدولية، سعى مجلس الشورى السعودي (باعتباره برلمانا) للانضمام إلى الاتحاد البرلماني الدولي، بعد استيفاء بعض شروطه. وتم انضمام المجلس لهذه المنظمة الهامة عام 2003م (1423هـ) عقب مؤتمر للمنظمة عقد في سانتياجو، عاصمة شيلي. ومنذ انضمامه، أصبح مجلس الشورى أحد الأعضاء العرب المهمين. وشارك في أغلب اجتماعات المنظمة وفعالياتها.  أن عضوية المملكة (ممثلة بمجلس الشورى) في هذا المحفل الدولي الهام أمر إيجابي، يتوجب الحفاظ عليه.                       

                                          

(ثانيًا)-المأمــــول من مجلس الشورى

 

    انفتح المجلس على المجتمع ... وزاد تفاعله مع المواطنين، عبر زياراتهم له، ومشاركتهم غير المباشرة، في مخرجاته. وواكب ذلك انفتاحًا إعلامياً ... جعل معظم ما يدور بالمجلس معروفاً لدى المواطنين، ومقدراً من أغلبهم ... كون ما يدور فيه يتحسس مشاكلهم وآمالهم، ويكرس الفكر، لإيجاد الحلول الأنجع .... للمشاكل والعقبات، وتحديد السبل الأسلم لبلوغ الآمال والطموحات. ومن الصعب تقديم "تقويم" للمجلس في عجالة كهذه.  فمثل هذا التقويم يحتاج إلى شروح مطولة. ويمكن اعتبار المجلس الآن مركز ترشيد القرارات والنظم والقوانين، الصادرة عن الحكومة السعودية، والمنظمة لحاضر ومستقبل شعبها. ويتطلع الكثير من المسؤولين والمواطنين، بمختلف فئاتهم، ومستوياتهم، إلى أن يصبح هذا المجلس "قطب الرحى" في النظام السياسي السعودي.... عبر تحويله ـ المتأني والمتدرج ـ إلى سلطه تشريعية كاملة... لها ما لهذه السلطة من اختصاصات وصلاحيات، وعليها ما عليها من واجبات واستحقاقات. 

 

      إن أهم خصائص أي برلمان، طبعًا، هي-كما ذكرنا: امتلاكه للسلطة التشريعية الملزمة (بما في ذلك مناقشة ميزانية الدولة، وإقرارها، ومتابعة تنفيذها، والمساءلة بشأنها) إضافة إلى كون أشخاصه منتخبين ـ بعدد مناسب ـ عبر الاقتراع المباشر، لضمان تمثيلهم لشعبهم.   لذلك، لا يستغرب أن تنصب أهم وأبرز "تطلعات" تطوير مجلس الشورى، على تضمينه أهم خصائص البرلمانات. ويرى كثير من المعنيين، أن ما يعرف بـ "التطوير"، يجب أن يبدأ بالبرلمان (الشورى) وينتهي به. ونكرر هنا أن التدرج والتأني أمران مطلوبان، بشدة وإلحاح، وإن أي تطوير جاد لـمجلس الشورى الراهن، يجب أن يتم في إطار الثوابت الدينية والوطنية المعنية. ولا بأس في منح المجلس سلطات تشريعية متنامية (من ضمنها مناقشة الميزانية) والأخذ بوسيلة الانتخاب، بشكل جزئي ومتدرج، مع زيادة عدد أعضائه (مثلا) إلى 250 عضواً، كحد أعلى، ولضمان "تمثيل" كافة أرجاء البلاد، إضافة إلى الاستمرار في إشراك المرأة، وإعطائها حق المشاركة السياسية كاملاً، طالما أن ذلك لا يتعارض مع الثوابت.

     وختامًا، نقول إنه رغم ما حققه، بصورته المحدثة، من إنجازات كبيرة، في العقود الثلاثة المنصرمة، فإن المجلس ما زال في بداية الطريق. ويظل يقوم بدور استشاري، وتشريعي بارز، في إطار النظام السياسي السعودي، وفي كافة جوانب مجالات الحياة العامة. والأخذ بالمأمول من التطويرات قد يتم على مدار سنوات. فهذا المجلس في يد أمينة، وترعاه يد أمينة.

مقالات لنفس الكاتب