بالتزامن مع أزمة تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19)، واجهت دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي العديد من التحديات التي أثرت على اقتصاداتها، والتي تستدعي الآن حلولًا للتخفيف من العواقب العامة للجائحة. وظلت قضية الاستثمار عنصرًا رئيسيًا ضمن خطط التنويع الشاملة التي تنتهجها دول مجلس التعاون الخليجي. وقد عقدت دول مجلس التعاون الخليجي العزم على جذب الاستثمار الأجنبي إلى بلدانها، من خلال جهود التنويع التي تبذلها على النحو المبين في خطط الرؤية الوطنية لكل دولة، فإنها تقدم مجموعة متنوعة من الفرص التي تجعل اقتصاداتها جاذبة للاستثمار. ويتمثل الأمر المهم هنا في التمييز بين الاستثمار والتجارة، أي مجرد تبادل السلع على أساس سنوي في مقابل التركيز على الأولويات المتوسطة والطويلة المدى للعلاقات التجارية الممتدة على مدار سنوات وتنمية قطاعات اقتصادية جديدة. وفيما يتعلق بالعلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا، نجد أن حجم التجارة آخذ في التقلص بسبب ازدهار العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا. إلا أن العكس صحيح فيما يتعلق بالاستثمار؛ حيث شهد الاستثمار الأوروبي في دول المجلس نموًا هائلًا في السنوات الأخيرة.
الدول الأوروبية باعتبارها مستثمر رئيسي
وفقًا لبيانات مطلع عام 2022م، لا تزال أوروبا المستثمر الأول في دول مجلس التعاون الخليجي وثاني أهم شريك تجاري لها. ومن الأهمية بمكان أن نفهم أنه على الرغم من خسارة الاتحاد الأوروبي لمكانته باعتباره شريك تجاري رئيسي لدول مجلس التعاون الخليجي أمام الصين، إلا أنه حافظ في الوقت نفسه على تلك المكانة على صعيد الاستثمار. وفي الواقع، فقد ارتفع حجم الاستثمار المباشر الثنائي إلى مستوى قياسي بلغ 456 مليار يورو في عام 2019م، بزيادة تقارب ثلاثة أضعاف مستواه في عام 2018م، الذي بلغ 164 مليار يورو، وذلك وفقًا لتصريحات المفوض الأوروبي، مارغريتيس شيناس، خلال منتدى الأعمال الخامس بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، والذي عقد في إكسبو دبي في أكتوبر 2021م. وفي ذلك الاجتماع، أعلن المفوض شيناس أيضًا عن سياسات وأدوات تمويل جديدة، بما في ذلك استراتيجية الاتحاد الأوروبي للاستثمار واستراتيجية الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة نمو الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي.
ويرجع سبب هذا التطور جزئياً إلى الآليات المؤسسية العديدة القائمة والتي من خلالها يشارك مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي مع بعضهما البعض في القطاعات الاقتصادية. وفي عام 2017م، بدأ الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي حوارًا بشأن التجارة والاستثمار. وبعد ذلك بوقت قصير، شرع الاتحاد الأوروبي في حوار مع دول مجلس التعاون الخليجي بشأن التنويع الاقتصادي، وذلك بهدف تعزيز موقف الاتحاد الأوروبي باعتباره الشريك المفضل فيما يتعلق بالتعاون في استراتيجيات التنويع الاقتصادي واستقرار الاقتصاد الكلي والتجارة والاستثمار والبحث والابتكار. وخلال الدورة السادسة والعشرين للمجلس المشترك والاجتماع الوزاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي التي عقدت في 21 فبراير 2022م، في بروكسل، أكد الطرفان التزامهما بتعزيز علاقاتهما الثنائية، بما في ذلك في قطاعات التجارة والاستثمار والطاقة وتغير المناخ والتعليم والصحة.
وقد أسهمت القطاعات العديدة ذات الأولوية، التي حددتها دول مجلس التعاون الخليجي في رؤاها الاستراتيجية، بشكل كبير في زيادة حجم الاستثمار من أوروبا. ويشمل ذلك تمكين القطاع الخاص من دفع عجلة النمو الاقتصادي، والتركيز على القطاعات التي تنطوي على إمكانات كبيرة لتحقيق عائد على الاستثمار، فضلًا عن التركيز على بيئة معيشية مستدامة، وبناء اقتصاد قائم على المعرفة، يتسم بالابتكار وريادة الأعمال والتميز في التعليم والبنية التحتية ذات المستوى العالمي. ونتيجة لذلك، يدرك مجتمع الاستثمار الأوروبي أن دول مجلس التعاون الخليجي جادة في جهودها الرامية إلى التنويع، وأنها حريصة على التخفيف من العواقب الاقتصادية والمالية لجائحة كورونا، وأن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي مستعدة لتقديم دعمها الكامل لجهود الإنعاش إلى أقصى حد ممكن حسبما يقتضي الأمر. وتدرك أوروبا أيضًا الإمكانات القوية للنمو والابتكار في دول مجلس التعاون الخليجي نظرًا لتركيبتها السكانية العامرة بالشباب المفعمين بالحيوية.
وبالإضافة إلى العوامل المذكورة أعلاه التي دفعت أوروبا إلى الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن حقيقة امتلاك منطقة الخليج لأسواق رأسمالية قوية وناضجة وصناديق ثروة سيادية مستعدة للاستثمار في الشركات الناشئة الإقليمية ومساعدتها على التوسع، هي الحافز الرئيسي للمستثمرين الأوروبيين للاستمرار في النظر إلى دول الخليج باعتبارهم شركاء محتملين. ويعد وجود نظم قانونية مستقرة، واتفاقيات للازدواج الضريبي مع البلدان في جميع أنحاء العالم، وحوافز مالية تنافسية، مثل إمكانية امتلاك الأجانب بنسبة تصل إلى 100%، ومعدلات ضرائب منخفضة للغاية على الشركات، وقيود طفيفة على استرداد الأرباح، عوامل أخرى تدعم قوة مناخ الاستثمار. وفي ظل هذه الأسس، شهدت الاستثمارات الأوروبية في دول مجلس التعاون الخليجي نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.
قطاع الطاقة رئيسي للاستثمار في المستقبل
وفقًا لما ورد أعلاه، فإن هناك بشكل عام مناخ استثماري إيجابي في المنطقة، ومن ثم اتيحت العديد من الفرص التجارية الواعدة باعتبارها قطاعات من شأنها تحفيز اتجاهات الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل أكبر. ويشمل ذلك، في المقام الأول، القطاعين الرقمي والأخضر، حيث يركز كلا الطرفان على خطط للمستقبل القريب. وفي قطاعات مثل المواد الكيميائية والآلات والتصنيع والنقل، يوفر إطار العمل الأكثر مراعاة للبيئة وللتكنولوجيا الرقمية فرصًا كبيرة. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالتنقل الكهربائي وإدارة النفايات والمدن الذكية، تتداخل القطاعات الخضراء والرقمية مما يوفر آفاقًا لتبادل المعرفة والشراكات التجارية.
تبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهودًا لتطوير وتوسيع نطاق المبادرات الأخرى بهدف جذب الاستثمار. وفيما يلي يمكن استعراض مبادرتين في هذا الشأن؛ تتمثل إحداهما في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في المملكة العربية السعودية الذي بدأ عام 2019م، والذي يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومركز عالمي للخدمات اللوجستية. أما المبادرة الثانية فتتمثل في الاستراتيجية الصناعية لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2030م، والتي تهدف إلى جعل الدولة مركزًا للشركات المستدامة والقائمة على الابتكار، مع التركيز على القطاعات الفرعية مثل القطاعين الجوي والبحري، فضلًا عن الأدوية والمعدات الطبية. وتتفق هذه البرامج إلى حد كبير مع الأولويات التي وضعها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالاستثمار.
وبالإضافة إلى القطاعات المذكورة أعلاه، يشكل قطاع الطاقة أيضًا مجالًا رئيسيًا عامراً بالفرص، نظرًا للاهتمام المتزايد الذي توليه منطقة الخليج للتحول في مجال الطاقة وتغير المناخ والاستثمارات الخضراء. ومع اعتزام الاتحاد الأوروبي وضع الاتفاق الأوروبي الأخضر في قلب سياساته على مدى العقود المقبلة، فإن التعاون الوثيق مع بقية العالم سيعد أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق العديد من الأهداف المعلنة المحددة في الاتفاق. وبالتالي، يمكن للاتحاد الأوروبي، في إطار الاتفاق الأخضر، دعم عزم دول مجلس التعاون الخليجي على تنويع هيكل الطاقة لديها من خلال توسيع قدراتها في قطاع الطاقة الخضراء، في حين أن العلاقة مع دول مجلس التعاون من شأنها أن تساعد الاتحاد الأوروبي على تحقيق أهدافه المناخية المحلية والدولية. ومن الواضح أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى استيراد كميات كبيرة من الكهرباء في المستقبل، من دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها سوقًا رئيسيًا لمثل هذه الإمدادات، ونظرًا لموقعها الجغرافي القريب نسبيًا.
يعتبر الهيدروجين الأخضر مجالًا يحمل قيمة خاصة لأنه سيساهم بشكل كبير في الجهود التي تبذلها أوروبا للوصول إلى هدفها المتمثل في تحقيق الصفر الصافي" net zero goals"، بينما سيقلل الخليج من اعتماده على صادراته من النفط والغاز. وفي هذا السياق، أطلقت ألمانيا والإمارات العربية المتحدة أول محطة للتحليل الكهربائي الهيدروجيني تعمل بالطاقة الشمسية لتوفير طاقة الهيدروجين لمعرض إكسبو 2020م. كما تم منح وحدة Uhde Chlorine Engineer التابعة لشركة تيسين كروب الألمانية المنحة لتطوير نموذج أولي للمحلل الكهربائي بقدرة 20 ميجاوات لمصنع هيدروجين أخضر في مدينة نيوم في المملكة العربية السعودية. ووفقًا لكريستيان بروش، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز للطاقة، ستلعب المملكة العربية السعودية دورًا رئيسيًا في اقتصاد الهيدروجين المستقبلي في السنوات القادمة. وصرح بروش في مقابلة مع عرب نيوز: "إن العديد من العناصر المطلوبة لاقتصاد الهيدروجين موجودة في المملكة". وأكمل قائلًا: "لديك موارد للطاقة الشمسية وبنى تحتية قائمة جيدة. وإذا نظرنا إلى المستقبل بخمس أو عشر سنوات، أتوقع أن يلعب الهيدروجين دورًا رئيسيًا ". وبالإضافة إلى مجال الهيدروجين الأخضر، توجد بالفعل العديد من المشاريع المشتركة الأخرى في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث استثمرت ألمانيا في مشاريع الطاقة المتجددة في عمان، بينما استثمرت الإمارات العربية المتحدة وفنلندا في مشروع للطاقة الشمسية الذي تقوم اليونان بتطويره.
ولسوف تتاح فرص أكبر للتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي بشأن زيادة الاستثمارات في مجالات الطاقات المتجددة مع انعقاد اجتماعي مؤتمر تغيير المناخ (COP) التاليين في الشرق الأوسط، وهما مؤتمر تغيير المناخ (COP 27) في مصر في عام 2022م، ومؤتمر تغيير المناخ (COP 28) في الإمارات العربية المتحدة في عام2023م. وثمة عامل آخر هو أن منطقة الخليج قد برزت باعتبارها بديلًا لاستيراد الطاقة بأسعار معقولة بالنظر إلى ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد المخاوف بشأن تناقصها. وقد تم تسليط الضوء على ذلك الأمر مؤخرًا من خلال الأزمة المتعلقة بأوكرانيا واحتمال انقطاع إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا. وفي حين تمت الإشارة إلى دولة قطر باعتبارها بديلًا قصير الأجل لتوفير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في حالة حدوث نقص في الطاقة، أكد وزراء الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، خلال الاجتماع الوزاري في بروكسل في فبراير 2022م، على أهمية وضع استراتيجيات طويلة الأجل لاتخاذ إجراءات مشتركة لمكافحة تغير المناخ وتطوير مصادر الطاقة المتجددة.
التحديات التي يتعين مواجهتها
على الرغم من اتساع نطاق الفرص المتاحة في مجال الاستثمار، لا بد من مراعاة العديد من التحديات على صعيد الاستثمار الثنائي بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. ففيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، يحول الانقسام بين اللوائح الوطنية والتكامل الاقتصادي الإقليمي دون قيام دول المجلس بطرح إطار عمل مشترك للعمليات الاستثمارية على المستوى الإقليمي، وهو اعتبار مهم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المهتمة بدخول سوق الخليج على نطاق أوسع. وخلال أزمة دول مجلس التعاون الخليجي بين عامي 2017 و2021م، فرضت الحدود المغلقة والعلاقات التجارية المحطمة أعباء هائلة على الشركات المحلية والدولية على حد سواء. ويتمثل التحدي الثاني أمام المستثمرين الأوروبيين وغيرهم من المستثمرين الخارجيين في التوافق مع برامج التوظيف الوطنية الطموحة داخل دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث لا يزال العثور على موظفين مؤهلين في سوق العمل المحلي يمثل تحديًا، لا سيما بالنسبة للشركات التي تعتمد على قوى عاملة ماهرة بشكل خاص. وتعد برامج التوطين الأخرى، التي تخضع لمنح العقود وفقًا لمعايير مثل موقع الشركة أو عدد الموظفين المحليين، عوامل إضافية يتعين على قادة الشركة أخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار.
وعلى الصعيد الأوروبي، تتمثل إحدى العقبات التي تعترض الاستثمار الأوروبي في عدم وجود نهج منسق بين المؤسسات الأوروبية والدول القومية الأوروبية الفردية. وفي الواقع، تميل أوروبا إلى التنافس مع نفسها عندما يتعلق الأمر بفرص الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي بدلًا من اتباع نهج أكثر تكاملًا من شأنه تعزيز قدرتها التنافسية. وفي ظل ظروف التقشف الناتجة عن جائحة كورونا، فمن المرجح أن تزداد المنافسة بين الشركات الأوروبية على حصتها في الأسواق الخارجية، مما يعني أيضًا زيادة المنافسة على فرص الوصول إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
وتتمثل القضية الثانية التي تواجهها أوروبا في المنافسة المتزايدة مع الصين، والتي تسلط الضوء على أوجه قصور أخرى في نهج الاستثمار الأوروبي في منطقة الخليج. حيث يميل النهج الأوروبي للاستثمار في دول الخليج إلى أن يكون أكثر جمودًا من نظيره الصيني، وبالتالي أخذت مشاركة المؤسسات الأوروبية في الانحسار من القطاعات الاقتصادية الخليجية الرئيسية وذلك لافتقارها إلى المرونة والاستعداد للتكيف مع ظروف السوق. وفي مجال العلاقات التجارية والاقتصادية، يظل الاعتماد الأوروبي على جودة منتجاتهم عاملًا حاسمًا، حيث أن تفضيل المنتجات الأوروبية على المنتجات الصينية لا يزال قائمًا داخل منطقة الخليج. ومع ذلك، فيما يتعلق بالمنتجات الصينية، فقد لوحظ تحسن كبير في الجودة، مما أدى إلى تقليص الفوارق القائمة.
وأخيرًا، لم يسفر التعاون الاستثماري بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن عن مستوى كافٍ من نقل التكنولوجيا مقارنة بالصين التي استخدمت تلك المعلومات لتسريع تقدمها التكنولوجي. وحتى وقت قريب، كانت دول مجلس التعاون الخليجي تميل إلى النظر إلى الاستثمار الأجنبي الداخلي باعتباره مصدرًا للوظائف والاستثمار الخارجي بوصفه وسيلة لتنويع مصادر الدخل. ومن المرجح أن تشتد المنافسة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، مع زيادة التركيز على إنشاء تجمعات صناعية جديدة داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
نظرة إيجابية
ومع ذلك، فإن الاستنتاج العام المستخلص من المطروح أعلاه هو أن أوروبا تعتبر الخليج منطقة ذات أهمية. وقد ازدادت ثقة أوروبا في الاستثمار المستدام في المنطقة، وذلك بفضل خطط التنويع الاقتصادي الواسعة النطاق، ومناخ الاستثمار المستقر والناضج بشكل متزايد، والالتزام بتعزيز الابتكار، ولا سيما في مجالي الطاقة الخضراء والرقمنة. ويوفر ذلك أساسًا متينًا لمزيد من الاستثمار على المدى المتوسط إلى الطويل وكذلك الاستثمار المستدام من جانب أوروبا في دول مجلس التعاون الخليجي.
وخلال المنتدى الخامس للأعمال بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، أكد مفوض الاتحاد الأوروبي، شيناس، من جانبه، أن "التعاون الراسخ بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي يوفر إطارًا صحيحًا للمضي قدماً سوياً نحو نموذج اقتصادي مستدام"، في حين أشار، ستيفان شليونينج، رئيس وحدة الدول الصناعية ودعم السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية إلى أن: "ثمة احتمالات هائلة لمزيد من التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في اقتصاد عالمي قائم على الطاقة الخضراء والرقمنة بشكل متزايد. وينبغي أن نستفيد من الإمكانات الكاملة لهذا البعد الجديد الناشئ للتعاون بين منطقتينا". وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أدرك النظراء الأوروبيون بشكل كبير أن زيادة التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي من شأنه أن يدعم العديد من الأهداف الاقتصادية الأوروبية. بل إنه من الممكن أن يؤدي تعزيز العلاقات الاستثمارية إلى تطورات أخرى، بما في ذلك استئناف المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد أشار، تيمو هامارين، نائب رئيس الوحدة في المديرية العامة للتجارة في المفوضية الأوروبية، إلى ذلك على هامش قمة قطر للتجارة التي عقدت في الدوحة في نوفمبر 2021م. ونظرًا للأهمية التي يوليها الطرفان لمجالات التنمية الخضراء والرقمنة، دشن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي الأساس لعلاقات أكثر تنظيمًا.
وفي الختام، من المتوقع أن تتعمق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القادمة. وقد أبدى الطرفان قدرًا أكبر من المرونة في تخفيف مواقفهما التفاوضية والتوصل إلى توافق واضح في الآراء، وأقرا بوضوح بأن كلا الطرفين سيستفيدان اقتصاديًا وسياسيًا من تعزيز التعاون بينهما. وبينما ستظل هناك علامات استفهام جدية بشأن مستقبل النظام الدولي والقدرة على تحقيق ترتيبات أمنية مستقرة لمنطقة الشرق الأوسط، فإن تعميق العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي سيقدم مساهمة متواضعة في سبيل تحقيق هذه الأهداف.