يُمثّل تجمع بريكس Brics واحدًا من التجمعات الصاعدة على الساحة الدولية، ويعود تاريخ نشأته إلى عام 2006م، وقد تكوّن حينها من كل من البرازيل، روسيا، الهند، والصين، ثم انضمت إليه جنوب إفريقيا عام 2010م، ويسعى هذا التجمع إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في المجال الأمني والاقتصادي والحوار بين الشعوب، كما يستهدف الدفاع عن مصالح الدول والاقتصادات الصاعدة داخل النظام الاقتصادي العالمي، مستفيدًا في ذلك من تنامي الثقل الاقتصادي والسياسي للدول الأعضاء فيه.
ويمكن أن يُمثل التعاون بين مجلس التعاون الخليجي والبريكس فرصة مهمة لتحقيق المصالح المشتركة لشعوب دول التجمعين، وهو الأمر الذي يتطلب تبيان المنافع المحتملة من الانضمام للتجمع والقيود والعوائق التي قد تحول دون ذلك.
أولًا: أهمية متزايدة لتجمع بريكس على الساحة الدولية
تنبع أهمية تجمع بريكس على الساحة الدولية من اعتبارات عدة، من أهمها:
1- قوة اقتصادية وبشرية ضخمة: يُعد البريكس قوة اقتصادية كبرى، تضم الاقتصادات الناشئة الرئيسية من العالم، التي تُمثل 24٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولديها حصة تزيد عن 16٪ في التجارة العالمية، وذلك وفقًا لبيانات البنك الدولي لعام 2019م. وكانت دول البريكس هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي العالمي على مدار السنوات الماضية.
إلى جانب ذلك، تُشكل دول التجمع نحو 41٪ من سكان العالم، أي 3.14 مليار نسمة، وهو ما يعني قوة شرائية ضخمة وأسواق واسعة للصادرات والواردات من مختلف السلع والخدمات، وذلك على مساحة إجمالية تبلغ 29.3٪ من إجمالي مساحة اليابسة في العالم.
2- بديل للنظام الدولي القائم: ينظر البعض لتجمع بريكس باعتباره يُمثّل بديلًا للنظام الدولي القائم، والذي تهيمن عليه الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة. ومن خلال اتحادها، يمكن أن توفر البلدان المكونة للبريكس ثقل جيوسياسي موازٍ للغرب. وبينما تستمر دول البريكس في التأكيد على أهمية تعددية الأطراف، من الواضح أنها تستهدف إعادة هيكلة النظام الدولي الحالي، بما يتناسب مع القوة الاقتصادية المتزايدة للدول الصاعدة، ليصبح أكثر تعددية وعدالة وتمثيلًا للمصالح المشتركة لدول العالم.
في ذات الوقت، تقدم البيانات الصادرة عن التجمع، رؤى مغايرة للدول الغربية في التعامل مع القضايا الدولية، خاصة ما يتعلق بأهمية الالتزام بمبادئ المساواة بين الدول واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى. وعلى الرغم من التزام الدول أعضاء التجمع بإصلاح النظام الدولي، وبناء عالم أكثر تعددية، فلا يوجد توافق فيما بينها بشأن الشكل الذي يجب أن يكون عليه النظام الجديد.
3- مدافع عن مصالح الجنوب العالمي: تُنادي الدول أعضاء البريكس بضرورة إشراك البلدان النامية في مناقشة القضايا العالمية الرئيسية، كما تُطالب بتمثيل أوسع في مؤسسات الحكم العالمي، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
وعلى الرغم من قيام البريكس بالمساهمة في إصلاح هياكل التصويت في هذه المؤسسات من أجل زيادة القوة التصويتية لبعض دوله، لا تزال الولايات المتحدة وأوروبا تهمين على حصص التصويت. الأمر الذي دفع دول التجمع إلى إنشاء بنك التنمية الجديد (NDB) وصندوق احتياطات مالية طارئة في عام 2014م، وقد تم تقديم هذه المبادرات كإضافة لمؤسسات بريتون وودز القائمة، لكنها يمكن أن تكون بديلًا لهذه المؤسسات في المستقبل، ويُمثل بنك التنمية وصندوق الاحتياطات خطوتان مهمتان من جانب البريكس لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي.
ثانيًا: أهمية خاصة لدور الصين داخل التجمع
تشغل الصين مكانة محورية داخل تجمع البريكس، ويتضح ذلك في عدد من المؤشرات، من أهمها:
1- القوة الاقتصادية الأكبر: تعتبر الصين القوة الاقتصادية الرئيسية داخل التجمع، ليس هذا فحسب بل إنها ثاني أكبر قوة اقتصادية على مستوى العالم، ووفقًا لبنك أوف أميركا، فإن الصين ستكون قادرة على مضاعفة ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2035م، وتجاوز الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم.
المعدل السنوي لنمو الناتج المحلي الإجمالي لدول البريكس (%)
السنة |
البرازيل |
روسيا |
الهند |
الصين |
جنوب إفريقيا |
2020 |
- 4.05 |
- 2.95 |
-7.96 |
2.3 |
-6.96 |
2019 |
1.41 |
2.03 |
4.04 |
5.95 |
0.15 |
2018 |
1.78 |
2.80 |
6.53 |
6.75 |
0.78 |
2017 |
1.32 |
1.82 |
6.79 |
6.94 |
1.41 |
2016 |
-3.27 |
0.194 |
8.25 |
6.84 |
0.39 |
المصدر: قامت الباحثة بإعداد الجدول بناء على بيانات موقع البنك الدولي حول الناتج المحلي الإجمالي.
2- دولة قائد للتجمع: تُعتبر الصين المحرك الرئيس للمبادرات المطروحة داخل البريكس، وهو ما يُعد ترجمة حقيقية لقوتها الاقتصادية الكبيرة، مقارنة ببقية الدول الأعضاء. وقد طرحت بكين العديد من المبادرات التي تعكس رغبتها في الاستفادة من قوتها الاقتصادية في تعزيز نفوذها على الساحة الدولية.
في هذا الإطار، أنشأت الصين في عام 2013م، البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB))، وأطلقت مبادرة الحزام والطريق (BRI). وفي عام 2014م، وقعت مع بقية دول البريكس بنود اتفاقية بنك التنمية الجديد، الذي تمتلك فيه كل دول البريكس حصص متساوية، وقد ساهم كل منها بمبلغ 10 مليارات دولار في رأس ماله المشترك الأولي.
على النقيض من ذلك، فإن الصين هي أكبر مساهم في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بفارق كبير، حيث تملك حصة تبلغ 30٪، مقارنة بنسبة 8.6٪ للهند و 6.7٪ لروسيا. وفي الوقت نفسه، لم تقدم البرازيل وجنوب إفريقيا أي مساهمات رأسمالية حتى الآن.
3- مبادرة بريكس – بلس: اقترحت الصين خلال قمة دول البريكس 2017 م، في شيامن بالصين، توسيع البريكس وإنشاء "بريكس - بلس"، في محاولة من جانبها لضم أعضاء جدد إلى التجمع، من الدول النامية الكبرى، خاصة إنه قد جرى عقد عدة جولات من الحوار مع الدول النامية الأخرى خارج البريكس على مدار القمم الخاصة بالتكتل.
وتنظر الصين لمبادرة البريكس – بلس، كخطوة لتعزيز العلاقات مع البلدان النامية وتحقيق المزيد من التنسيق في المواقف المشتركة، بحيث يمكن لتعاون بريكس أن يعكس بشكل أفضل الموقف الجماعي بشأن تطلعات البلدان النامية. ومع ذلك، فإن هذه المبادرة تُشير إلى أن الصين تحاول بجدية جعل البريكس نموذجًا واضحًا لتعزيز طموحاتها للقيادة العالمية.
ثالثًا: خصوصية العلاقات الصينية مع دول مجلس التعاون الخليجي
يربط الصين ودول مجلس التعاون الخليجي علاقات وثيقة ومتنوعة في مختلف المجالات، من أهمها ما يلي:
1- تعاون اقتصادي قوي: شهدت السنوات الأخيرة، ازدهار حركة التبادل التجاري بين الصين والشرق الأوسط، والتي تضاعفت لتصل إلى ما يقرُب من 245 مليار دولار مع الدول العربية. وتُعد دول مجلس التعاون الخليجي من الشركاء التجاريين الرئيسيين للصين، وقد تجاوز التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون (180) مليار دولار، في عام 2019، أو 11% من إجمالي التجارة الخارجية للمجلس. وفي عام 2020م، حلَّت الصين محل الاتحاد الأوروبي فأصبحت الشريك التجاري الأول لمجلس التعاون.
ومن المتوقع أن تنمو التجارة الثنائية بوتيرة أسرع خلال السنوات القادمة، خاصة مع تأكيد وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" خلال زيارته الخليجية في مارس 2021م، على رغبة بلاده في الوصول إلى اتفاق نهائي بخصوص مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين والمجلس، إلى جانب توقعات وكالة الطاقة الدولية (IEA) بأن تضاعف بكين وارداتها النفطية من المنطقة بحلول عام 2035م.
وكان من بين العوامل الرئيسية لانتعاش حركة التبادل التجاري بين الصين ودول المجلس، حاجة بكين إلى ضمان تدفقًا غير متقطع للنفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لاستمرار نموها الاقتصادي السريع. ويكتسب النفط أهمية متزايدة بالنسبة للصين، التي أصبحت مستوردًا صافيًا للطاقة في عام 1993م، كما أصبحت بكين منذ عام 2015م، أكبر مستورد عالمي للنفط الخام. وفي عام 2019م، كانت السعودية أكبر مورد للنفط إلى الصين من بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وثاني مورد للنفط إلى بكين على مستوى العالم بعد روسيا. وأصبحت الصين أكبر سوق لصادرات النفط السعودي متجاوزة الولايات المتحدة واليابان.
إضافة إلى وجود اهتمام ملحوظ من قبل الصين بإيجاد سوق للرنمينبي (RMB) في منطقة الخليج، كجزء من مشروع تدويل أوسع لعملتها الوطنية بمعنى تسوية الصفقات التجارية بالرنمينبي بدلاً من الدولار. ومنذ عام 2014م، تعتبر الصين دبي كمركز مقاصة رئيسي لليوان، وهي تسعى أيضًا إلى إقامة شراكات مماثلة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، بما في ذلك الكويت والمملكة العربية السعودية.
2- أولوية خاصة لمبادرة الحزام والطريق: تعتبر دول الخليج شركاء أساسيين في مبادرة الحزام والطريق، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي واحتياطياتها الضخمة من النفط. وأصبح الاستثمار الصيني في مشاريع البنية التحتية والتشييد في إطار مبادرة الحزام والطريق موضوعًا رئيسيًا في اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين في الجانبين. ويعزز ذلك التقارب في الرؤى بين البرامج التنموية في مبادرة الحزام والطريق والرؤى والخطط التنموية الخليجية.
تركز الشركات الصينية في الغالب على المشاريع التي تلائم هدف مبادرة الحزام والطريق المتمثل في تعزيز الاتصال، خاصة تطوير الموانئ والمجمعات الصناعية، لأنها تخلق سلاسل اقتصادية تربط الصين بالخليج العربي وبحر العرب والبحرين الأحمر والمتوسط. وقد جاءت السعودية والإمارات في مُقدمة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المستقبلة للاستثمارات الصينية خلال الفترة 2005-2020م، حيث نفذت الصين مشروعات في البلدين تُقدر قيمتها بنحو 38.64 مليار دولار و33.53 مليار دولار على التوالي، وفقًا لبيانات American Enterprise Institute.
ويُعتبر التعاون في مجال التكنولوجيا، في إطار ما يُعرف بـ "طريق الحرير الرقمي" محورًا آخر من محاور التعاون المهم بين الجانبين، ويتضح ذلك في توقيع العديد من مذكرات التفاهم بين الشركات الخليجية ونظيراتها الصينية وخاصة شركة هواوي في مجالات بناء شبكات G5 وخدمات الأقمار الصناعية والأمن الإلكتروني وإنشاء المحتوى الرقمي والتدريب وغيرها.
3- شراكات استراتيجية وثيقة: تقوم الدبلوماسية الصينية بشكل أساسي على استخدام اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية لتعزيز العلاقات السياسية، كبديل عن التحالفات. ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي، ترتبط كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشراكة استراتيجية شاملة مع الصين، ولديهما أكثر العلاقات الاقتصادية والسياسية تطوراً معها. وتأتي جميع دول الخليج الأخرى في المستوى التالي من الشراكة، الشراكة الإستراتيجية، باستثناء البحرين، التي لم تنشئ مثل هذه الشراكة بعد.
وبالرغم من أن العلاقات بين الصين والدول الخليجية يتم تنسيقها من قبل كبار المسؤولين في الجانبين، وهو ما يعكس الأهمية الخاصة التي توليها كل حكومة لهذه العلاقات، فإن إنشاء آليات رسمية لإضفاء الطابع المؤسسي على الشراكة الصينية الخليجية هو دليل آخر على نهج منظم لتطوير علاقات مستدامة طويلة الأمد. في هذا السياق، قامت المملكة العربية السعودية والصين في عام 2016م، بإنشاء اللجنة المشتركة رفيعة المستوى، وعينت دولة الإمارات أول مبعوث رئاسي خاص للصين في عام 2018م، كما عينت الصين ممثل خاص لها لدى الإمارات.
وتطورت علاقات التعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي لتشمل الدعم المتبادل في المحافل الدولية، إضافة إلى عقد اجتماعات رفيعة المستوى للتباحث في القضايا محل الاهتمام المشترك، كان أخرها الاجتماع الوزاري المشترك لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، مع الصين، والذي عُقد في نوفمبر 2020م.
4- تعاون لافت في مكافحة كوفيد -19: مثّلت جائحة كوفيد – 19 فرصة سانحة للصين لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط عمومًا، وكان التعاون في مجال مكافحة الفيروس محورًا مهمًا من محاور التعاون مع دول الخليج، التي قدمت المساعدات للصين في بداية الأزمة، لكن سرعان ما قامت بكين بإرسال المساعدات والمستلزمات الطبية إلى الدول الخليجية بعدما نجحت في احتواء انتشار الفيروس. وقد تبادل الخبراء الصينيون مع نظرائهم في دول الخليج، المعلومات بشأن أفضل الممارسات، وكذلك كيفية استخدام البيانات الضخمة وتكنولوجيا المعلومات لتتبع انتشار الفيروس، إلى جانب تلقي الدول الخليجية للقاحات الصينية المضادة للفيروس.
وتتمتع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بأعلى مستوى من التعاون مع الصين لمواجهة جائحة كورونا. وكان من اللافت للنظر التعاون الصيني الإماراتي في مجال اكتشاف وتشخيص حالات الإصابة بفيروس كورونا، إلى جانب استضافة الإمارات للمرحلة الثالثة من التجربة السريرية على اللقاح الصيني المضاد لكورونا.
5- علاقات عسكرية متنامية: تعتمد الصين بشكل أساسي على النظام الأمني القائم في الخليج لحماية إمداداتها من النفط وصادراتها إلى الخليج، وهو نظام قائم منذ عقود على الشراكة بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة. ويوفر هذا النظام الأمني حماية مجانية للصين في الخليج، ويعفيها من التعقيدات المتعلقة بوجود عسكري صيني.
ومع ذلك، فقد شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متنام من قبل الصين بتعزيز علاقاتها العسكرية مع دول مجلس التعاون، وكان هذا الاهتمام مدفوعًا برغبة بكين في حماية مصالحها الاقتصادية وتأمين إمداداتها من النفط، وضمان حرية الملاحة في الممرات الدولية المهمة، وهو ما اكتسب أهمية متزايدة في ظل الخطط الأمريكية للانسحاب العسكري من بؤر الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
وبرز التعاون العسكري الصيني مع دول المجلس بشكل واضح مع مبيعات الأسلحة الصينية لبعض دوله، وخاصة الطائرات بدون طيار. ومع ذلك، ما تزال هذه المبيعات محدودة للغاية، ومن غير المرجح أن تنجح بكين في التفوق على موردي الأسلحة الغربيين، خاصة إن الأسلحة الصينية أقل تقدمًا من الناحية التكنولوجية من نظيراتها الغربية.
ويحظى التعاون في مجال الطاقة النووية بأهمية متزايدة من بعض دول المجلس، وفي مقدمتها السعودية، التي تسعى إلى الحصول على مصادر بديلة للطاقة. وقد وقع البلدان في عام 2012م، على اتفاقية "لتعزيز التعاون بين البلدين في استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية"، وفي عام 2017م، وقعت شركة مجموعة الهندسة النووية الصينية مذكرة تفاهم مع شركة سعودية لتحلية مياه البحر باستخدام مفاعلات نووية مبردة بالغاز.
رابعًا: مزايا الانضمام للبريكس وأبرز القيود
لا توجد حتى الآن دعوة صريحة من قبل تجمع بريكس لأية دولة أو تجمع إقليمي للانضمام إليه، ومع ذلك، فقد سبق أن طرحت البرازيل في عام 2019م، على لسان "إدواردو بولسونارو"، رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع الوطني في مجلس النواب البرازيلي، تدشين تكتل شبيه ببريكس مع دول الخليج للعمل على تحقيق أهداف مشتركة. إضافة إلى اقتراح الصين آلية بريكس – بلس السالف الإشارة إليها. وبصفة يمكن أن يحقق انضمام دول مجلس التعاون الخليجي لتجمع البريكس مجموعة من الفوائد والمنافع المشتركة للجانبين، ومع ذلك، فإن هناك عدة معوقات قد تحول دون الانضمام للتجمع، وذلك كما يتضح فيما يلي:
1- فوائد ومنافع متنوعة: يوفر الانضمام لتجمع بريكس فوائد عديدة لمجلس التعاون الخليجي، يأتي في مقدمتها دفع نموها الاقتصادي قدمًا نتيجة المصالح الاقتصادية المشتركة بين الجانبين، فمن ناحية تمد دول المجلس كل من الصين والهند باحتياجاتهما من النفط، اللازم لاستمرار النمو الاقتصادي في البلدين، ومن ناحية أخرى، قد يُشكّل التعاون الاقتصادي مع دول البريكس، وفي مقدمتها الصين، مصدرًا مهمًا لتحقيق الاستقرار في الخليج؛ فاستمرار تدفق عائدات النفط يُمثل متطلبًا محوريَا لضمان تنفيذ الاستراتيجيات التنموية الخليجية وخفض معدلات البطالة والفقر. ويمكن أن يكون توثيق التعاون بين البريكس ومجلس التعاون فرصة مهمة لدعم الاستراتيجيات الوطنية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، في ظل المخاوف الخليجية الجدية بشأن استدامة عائداتها من النفط والغاز خلال العقود القادمة، لذلك فهي تعمل على زيادة الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، ومنها الطاقة المتجددة، التي تقود الصين الاستثمار العالمي فيها.
وفي الوقت ذاته، سوف يُسهم التعاون الخليجي مع دول تجمع بريكس، خاصة الصين، في تنويع الشراكات الدولية لدول المجلس، وتحقيق قدر من التوازن في علاقاتها الخارجية، ولهذا البعد أهمية خاصة بالنسبة للدول الخليجية في هذا التوقيت بالتحديد، في ظل الرغبة الأمريكية في عدم الانخراط في الصراعات الإقليمية والانسحاب العسكري من المنطقة.
ويمكن أن تكون الصين، موازنًا جيوسياسيًا للولايات المتحدة، وليس بديًلا عنها، حيث تجد دول الخليج في القوة الاقتصادية والعسكرية المتنامية للصين، إلى جانب مقعدها الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مصدرًا مهمًا للدعم السياسي، لا سيما مع عدم تبني بكين الرؤى الغربية بشأن بعض القضايا مثل حقوق الإنسان والديمقراطية.
2- عقبات متعددة: هناك عدد من العقبات التي قد تحول انضمام دول مجلس التعاون الخليجي إلى البريكس، في مقدمتها العلاقات الصينية مع إيران، التي تهدد أمن واستقرار دول الخليج، خاصة أن هذه العلاقات قد اكتسبت زخمًا ملحوظًا عقب توقيع إيران والصين، في مارس 2021م، اتفاق تعاون استراتيجي مدته 25 عامًا، يؤسس لعلاقات أكثر رسوخًا بين الجانبين في المستقبل من جهة أولى، ويعزز الحضور الصيني في منطقة الخليج من جهة ثانية، ويزيد من قدرة إيران على تحدي العقوبات الأمريكية ويوطد نفوذها الإقليمي من جهة ثالثة. لذلك ستكون الصين مطالبة بالعمل على تحقيق توازن في علاقاتها مع القوى الإقليمية المتنافسة، إذا ما رغبت في تعزيز علاقاتها مع دول الخليج.
علاوة على بعض المخاوف المتعلقة ببعض الممارسات الاقتصادية الصينية، ومنها الإغراق الاقتصادي والمنافسة غير العادلة بسبب تدني مستويات صادراتها وكذلك اتباع ممارسات مضرة بالبيئة، إلى جانب المخاوف المرتبطة باحتمال وقوع بعض الدول الخليجية، التي تعاني اقتصاداتها من صعوبات بالغة، في فخ الديون الصينية. وهو ما يستدعي أن تعمل الصين على إيجاد صيغة لشراكة إقليمية متوازنة مع دول الخليج، لا تخدم الاقتصاد الصيني فحسب.
فضلًا عن المنافسة المحتملة من قبل بعض الشركات الصينية التي تتوسع في موانئ منطقة الشرق الأوسط لنظيراتها الخليجية، فالصين لديها اهتمام متنامي بمنطقة البحر الأحمر وغرب المحيط الهندي، وفي الوقت نفسه تسعى بعض الدول الخليجية، خاصة السعودية والإمارات، إلى الاستثمار في مشروعات ذات صلة بمبادرة الحزام والطريق سواء في القرن الإفريقي أو الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان.
يُضاف إلى ذلك، عدم وجود اتفاق بين الدول أعضاء البريكس على فكرة دعوة أعضاء جدد للانضمام إليه، وقد سبق أن قُوبلت مبادرة بريكس – بلس التي طرحتها الصين عام 2017م، بمعارضة بعض أعضائه وفي مقدمتهم الهند، التي رأت أن دعوة دول جدد للانضمام، من شأنها تقويض أهداف البريكس الأصلية.
ومن جملة ما سبق يمكن القول أنه بالرغم من أهمية الفوائد التي يمكن تحقيقها من انضمام دول مجلس التعاون الخليجي لتجمع بريكس، فإن ذلك لا ينفي وجود عقبات عدة قد تمنع حدوث ذلك، ويتطلب التغلب عليها إيجاد آليات مؤسسية منتظمة للتواصل والتنسيق بين الجانبين.