قال ستانفيلد تيرنر مدير الاستخبارات الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي كارتر (1977-1981م)، في كتابه "السرية والديمقراطية": إن المخابرات الأمريكية تركز على غير السياسيين في عملية تحليل المخابرات وتقييمها وخاصة من الأكاديميين كعلماء الأنثروبولوجيا والاجتماع والسياسة والجغرافيا وغيرهم وذلك لأن المهم ليس جمع المعلومات بقدر ما هو تحليل المعلومات وطرق الاستفادة منها. وأضاف تيرنر أن عمل السياسيين في السفارات غالبًا ما يثير الحساسية، والحصول على المعلومات في بلد مثل الولايات المتحدة مهم للغاية.
وليس من المبالغة أن أهم القرارات السياسية الأمريكية تصنع في الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة التي تضم الخبراء، فدور الجامعات في الغرب وخاصة الولايات المتحدة يتجاوز دورها في التدريس بل تسهم بشكل كبير في السياسة العامة وخاصة في مجال السياسة الداخلية والخارجية حيث تتعاقد المؤسسات الأمريكية مع الخبراء في الجامعات ومراكز الأبحاث للقيام بدراسة المشاريع والقضايا التي تحتاج معالجتها أو التخطيط المستقبلي لها. وقد يتحول معظم الاكاديميين بطرق مباشرة أو غير مباشرة موظفين لدى الأجهزة الأمريكية المتعددة بدءًا من وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وغيرها من الوكالات الاستخباراتية الأخرى إضافة إلى وزارتي الدفاع والخارجية وصولاً إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي الوثيق الصلة بقرارات الرئيس الأمريكي ويمتد عملهم إلى تقديم الخبرة والدراسات وجلسات الاستماع في الكونغرس الأمريكي كما يظهر الخبراء في مراكز الأبحاث والجامعات على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام الأخرى في تحليل القضايا المحلية والدولية مما يلعب دورا في توجيه الرأي العام .
وقد تنبهت إسرائيل لأهمية الجامعات ومراكز الأبحاث في السياسة الأمريكية وعلاقتها بالسياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي والإسلام السياسي، فقد أسس اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ما يسمى مراقبة الحرم الجامعي Campus Watchولما يطرح في الجامعات حول الشرق الأوسط، لأنها تعرف خطورة ذلك على إسرائيل، فهي ترامب أعضاء هيأة التدريس وما يطرح في محاضراتهم ومن ينتقد إسرائيل، ويأتي هذا ضمن منتدى الشرق الأسط في فيلادلفيا ببنسلفانيا وهي مرتبطة باللوبي الصهيوني، كما أسست مراكز أبحاث تخدم إسرائيل وتقدم التقارير والأبحاث التي تعبر عن رؤية إسرائيل مثل معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى بواشنطن وهو يمثل سياسة حزب ليكود، ويتواصل مع أعضاء الكونغرس والإعلام لتوجبه تصورهم حول قضايا المنطقة .
الأكاديميون والمخابرات الأمريكية وسقوط الشاه
كان للخبراء وأستاذة الجامعات دور في سياسة الولايات المتحدة اتجاه إيران وخاصة إبان الثورة الإيرانية، وهناك أربعة أساتذة من أبرز من تمت استشارتهم في سياسة الولايات المتحدة: جيمس بيل في كان أستاذا في جامعة تكساس (توفي 2015م) وله كتاب " النسر والأسدThe Eagle and the Lion عن العلاقة الأمريكية وإيران، وقد ذكر جاري سيك المسؤول عن مكتب إيران في محلس الأمن القومي أنه كان يقضي ساعات في الحديث مع بيل حول إيران، وحتى أن بيل نفسه قال فيما بعد أنه أخطأ في تقييمه أن الملالي لأن يشاركوا في العملية السياسية بعد الثورة، وكان بيل أثناء زياراته لإيران يحضر محاضرات وجلسات الملالي في إيران ويقصد حلقاتهم، أما الخبير والأكاديمي الثاني فهو ريتشارد كوتام Cottam وكان في جامعة بتسبرج ، وفي مقابلة معه قبل وفاته 1997م، قال إن نهاية الشاه كانت حتمية وإن الانقلاب الذي هندسته الاستخبارات الأمريكية لإسقاط حكومة مصدق 1953م، كان خطأ استراتيجياً بل كارثة أدت إلى تدهور العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية فيما بعد، وكان كوتام حلقة الوصل أثناء الثورة الإيرانية بين المعارضة التي كانت متواجدة في الولايات المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية، ويعتقد أن حكم الشاه آيل للسقوط، ويأتي الأكاديمي الثالث وهو مارفن زونس الأستاذ في جامعة شيكاغو وكان رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط فيها وفي مقابلة له فبراير 2018م، قال أنه التقى الشاه في أربع مناسبات شخصية، وزونس مهتم بالتحليل النفسي لشخصية الشاه، وأكد أن شخصية الشاه والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أسهمت في الثورة الإيرانية، ونشر كتابه عام 1991م، تحليلاً نفسيًا لشخصية الشاه وسقوطه (Majestic Failure: The Fall of the Shah)، ويأتي الأكاديمي الرابع وهو الأستاذ في جامعة كولمبيا، روبرت جيرفز وهو المختص في صنع القرار والدراسات النفسية والأزمات وله علاقات قوية مع الاستخبارات الأمريكية حيث تم تكليفه من قبل CIA، بدراسة الأزمة الداخلية في إيران 1977-1978م، أي قبل الثورة بل في بوادر الثورة، وكتب تقريره في 187 صفحة وبقي سريًا حتى رفعت عنه السرية قبل عدة سنوات ، وكان يركز على تقييم تقارير الاستخبارات الأمريكية في تلك الفترة كما قام بعدة دراسات عن فشل الاستخبارات الأمريكية في عدة أزمات وقد جمع ما كتبه عن إيران والعراق في كتاب نشره عام 2011م، تحت عنوان لماذا تفشل المخابرات؟ وما نريد التأكيد عليه أن الجامعات تلعب دورًا مهمًا في سياسة الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة من خلال التعاون بين الجامعات واساتذتها وكل حسب اختصاصه، وهو ما تفتقد له الدول النامية بسبب بعد المسافة بين الجامعات ومراكز الأبحاث وصناعة القرار السياسي فيها.
والظاهرة الإيجابية في بعض الدول الغربية أن بعض الشركات الكبرى وأصحاب الثروة فيها يقومون بتمويل بعض مراكز الدراسات في الجامعات أو دعم مراكز الأبحاث وخاصة أنها معفية من الضرائب، فالقطاع الخاص يسهم بتشجيع الدراسات وكذلك مثل شركات البترول التي لها مصالح في بعض الأقاليم والدول، فنجد مراكز الدراسات الإفريقية والشرق الأوسط والصينية والروسية وغيرها حسب الأهمية والمصالح؟
فريق B وتقييم أداء الاستخبارات الأمريكية
وتستعين المؤسسات الأمريكية في تقييم أدائها بالجامعات أو مراكز الأبحاث، ومن أمثلة ذلك أن الاستخبارات الأمريكية CIA قامت عام 1976م، عندما كان جورج بوش الأب رئيسًا لها بتشكيل فريق من الخبراء في الجامعات الأمريكية والمختصين في الشؤون السوفيتية بتقييم ما تعتبره الاستخبارات الأمريكية حول الخطر السوفيتي، خاصة في مجال الأسلحة الاستراتيجية وخطرها، وكان هدف الفريق الذي تشكل من عدة أساتذة جامعات، منهم ريتشارد بايب من جامعة هارفارد ومتخصص في التاريخ الروسي وروبرت جيرفيز من كولمبيا وأطلق عليه فريقB تقديم تقرير ، ويقارن تقريرهم مع التقرير الذي يعده الفريق A وهو فريق الاستخبارات الأمريكية، وملاحظة الفرق بين التقريرين ومدى خطر الاتحاد السوفيتي تهديده، وكانت هذه التقارير سرية، ولكن تم الكشف عنها بعد عدة سنوات وأصبحت متاحة على الشبكة العنكبوتية للطلاع عليها، وهذا يعني أن المؤسسات تتميز بالنقد الذاتي وتستعين بذوي الخبرة في هذا النقد لتلافي الأخطاء في المستقبل، وعادة ما يشكل الكونغرس لجان تحقيق أيضًا في بعض القضايا ويستعين بالجامعات ومراكز الأبحاث. وتعتبر مراكز الأبحاث ظاهرة أيجابية لأنها تطرح عدة خيارات أمام صانع القرار، كما أنها تختلف في توجهها الأيديولوجي فهناك المراكز الليبرالية التوجه والمراكز المحافظة وبعضها قد يكون يمثل جماعة ضغط لدولة ما، كما أن هناك أيضًا تعددًا في الآراء والأيديلوجية في الجامعات، وهذه كلها تثري صانع القرار في ظل حرية الرأي والمساهمة في حماية الأمن القومي الأمريكي، ورغم اختلاف الآراء والوسائل، ليس هناك اختلاف بالأهداف في تحقيق المصالح القومية؟
مراكز الأبحاث والجامعات واحتلال العراق
كان احتلال العراق كارثة للولايات المتحدة نفسها وللعراق، فالتقارير لبعض مراكز الأبحاث وحتى الاستخبارات نبهت لخطر الاحتلال، وما سيؤدي إليه الاحتلال من فوضى وحرب أهلية، وأن التقارير التي قدمت للرئيس جورج بوش الابن والفريق الذي أعدها لم يتميز بالموضوعية بل كانت تقارير متحيزة لتحقيق أهداف لا علاقة لها بأسلحة الدمار الشامل بل فريق المحافظين الجدد والمرتبطين باللوبي اليهودي، لأن العراق في نظرهم يشكل خطرًا على إسرائيل، وهذا ما تأكد من حل الجيش العراقي وحزب البعث العراقي وتسليم المعارضة الشيعية الحكم.
قام روبرت جيرفز Jervisمن جامعة كولمبيا، الذي كلفته المخابرات الأمريكية برئاسة فريق المراجعة التاريخية لوثائق الاستخبارات المركزية، كمستشار للمسؤول عن فريق رفع الحظر عن التقارير السرية للمخابرات الأمريكية، وفي دراسة نشرها مؤخرًا بالاتفاق مع الاستخبارات حول الفشل في العراق(1)، وكانت دراسته تناولت عدة تقارير استخباراتية تتعلق بالعراق: تقرير المخابرات الأمريكية قبل الاحتلال حول أسلحة الدمار الشامل، وتقرير لجنة مجلس الشيوخ وتقرير مجلس العموم البريطاني( (the Butler Report، وتقرير رئيس الولايات المتحدة، وقد نشرت هذه الدراسة في الكتاب المشار إليه حول فشل الاستخبارات، ويؤكد على الفشل، أن التقارير التي كتبت قبل الحرب غير موضوعية كما في توني بلير رئيس الوزراء البريطاني آنذاك والذي تم التحقيق معه مؤخرًا أو التقارير التي قدمت لادارة بوش وكان بعضها التفافًا حول تقارير الاستخبارات، وكان فريق وزارة الدفاع الأمريكية بقيادة رامسفيلد ونائبه وولفيتز، كانت تريد احتلال العراق حتى قبل أحداث 11 سبتمبر، مستفيدة من ضعف خبرة بوش الابن والهوس الديني الذي عنده وارتباطه بالمحافظين الجدد.
مؤسسة راند والحكومة الأمريكية
يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1984م، مركزًا للبحث يتناول القضايا الداخلية والخارجية، حيث ثلث مراكز الأبحاث في العالم موجودة في الولايات المتحدة، وهناك مراكز أبحاث مؤثرة في داخل الولايات المتحدة في السياسة الداخلية والخارجية. ونشير إلى مؤسسة راند لأهميتها في أبحاث الأمن والدفاع والصحة والتعليم، وأن (32) من حائزي جائزة نوبل في الستين سنة الأخيرة ، كان لهم ارتباط مع هذه المؤسسة، وعائداتها السنوية 313.2 مليون دولار، وتتعاقد وزارة الدفاع والاستخبارات الأمريكية وغيرها مع المؤسسة للقيام بأبحاث تتعلق بالأمن والدفاع، ويوجد قسم خاص بالمؤسسة لدراسة الشرق الأوسط، وتركز على جماعات الإسلام السياسي والتحول الديمقراطي في المنطقة العربية ولعل من أخطر ما قامت به تقرير (2) حول كيفية التعامل مع التيارات الإسلامية وتبنت العمل بالتقرير الدوائر الأمريكية بمحاولة دعم توجهات التيارات الإسلامية بين معتدل ومتطرف وليبرالي وديمقراطي وكانت معدة التقرير في راند زوجة زلمان خليل زادة الذي يقود الفريق الأمريكي للتفاوض مع حركة طالبان، وسفير الولايات المتحدة السابق في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة وهو يعد من الصقور في إدارة بوش الابن رغم أن أصوله أفغانستانية. كما أصدرت راند دراسة عن بناء الدولة الفلسطينية (3)، ودراسات التحول الديمقراطي. وهناك عدة مراكز أخرى متعددة ومؤثرة بتوجهاتها الأيديولوجية مثل مؤسسة التراث Heritage Foundation والجنة الخطرCommittee of Present Danger ومؤسسة بروكنكز Brookings وكاتو Cato وتتواصل مع وسائل الإعلام وصانعي القرار وهذه تثري صانعي القرار سواء في السلطة التنفيذية أو التشريعية أو المؤسسات الأمنية بتقاريرها وأبحاثها.
الشخصية العربية في نظر الخبراء
إن دراسة الخبراء للمنطقة العربية هم الذين رسموا خريطتها بعد الحرب العالمية الأولى، ونذكر لورنس العرب البريطاني الذي جاء للمنطقة تحت غطاء دراسة آثار المنطقة وخاصة القلاع الصليبية في بلاد الشام، وهو ضابط استخبارات بريطاني وكان يعد الخرائط عن المنطقة لخدمة الجيش البريطاني ولا زال يحظى بالدراسة والاهتمام حتى اليوم وكان يتنقل بين مصر وبلاد الشام وكان له دور في مراسلات حسين-مكماهون وعلاقته بفيصل بن الحسين الذي أصبح ملكًا على العراق، والشخصية البريطانية الثانية التي كانت تجوب بلاد الجزيرة وتقدم تقاريرها للحكومة البريطانية جيرترويد بيل (1868-1926م)، وكانت باحثة أنثروبولوجية درست العشائر العربية وكان لها ارتباط مع الاستخبارات البريطانية وجمعت أوراقها مؤخرًا في جامعة نيوكاسل، وفي تقرير لصحيفة الجاردين البريطانية في 12 مارس 2003م، بأن بيل هي التي رسمت حدود العراق عام 1921م، وقد درست العربية في مدينة القدس 1897م، ومكثت في العراق 37 عامًا ودفنت في بغداد، وكانت قد ذكرت في رسالتها لوالدها أنها صانعة الملوك ؟ وما نود الإشارة إليه هو أن القرارات البريطانية كانت قائمة على المعلومات الميدانية عن المنطقة فهم خبراء يرتبطوا بأجهزة بلادهم، فقد كان لورنس وبيل مرتبطين بالمكتب العربي في القاهرة وهو مكتب للاستخبارات البريطانية، والغطاء وتحركهم في المنطقة كخبراء في دراسة الآثار حتى أن بيل ساهمت في إنشاء المتحف العراقي في بغداد. وكان هدف العيش في المنطقة العربية، لدرس كيفية التعامل مع الشخصية العربية التي نجح لورنس في دراستها والتعبير عنها في كتابه أعمدة الحكمة السبعة؟
ونشير أيضًا إلى الدراسة التي أعدها بيتر نافسينغر للاستخبارات الأمريكية عن الوجه بين العرب Face Among the Arabs) ) عام 1964 م، والتي رفعت السرية عنها عام 1994 م، ويؤكد على أهمية الوجه أو الشرف عند العر ب، بمعنى أنه يخشى على سمعته بين الناس ويفضل التعامل في القضايا التي يمكن أن تؤثر على سمعته بالسرية، ونجد أن السياسيين الغربيين يسربوا كثيرًا من العلاقات العربية للصحافة الأجنبية لإحراج السياسيين العرب الذين يبادرون لنفيها علمًا حسب الدراسة أنها تعبر عن الشخصية السياسية العربية وكيفية التعامل معها، وكيف أن هذه الدراسة بقيت سرية لسنوات، ويمكن أن يكون درسًا في التعامل بأنه لا أسرار في السياسة الغربية في كثير من الأحيان وتستعمل السرية والكشف عنها كورقة ضغط وابتزاز سياسي.
مراكز الأبحاث وصناعة القرار في إسرائيل
وكما هو الحال في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها فإن صانع القرار في إسرائيل يعتمد على مراكز الأبحاث التي ترتبط بالمؤسسات الإسرائيلية وأجهزة استخباراتها، ويوجد 35 مركز بحث فيها تحاول التأثير في صانع القرار والرأي العام وتبني علاقاتها مع الخارج في بيان سياسة إسرائيل والدعاية لها وجمع المعلومات، وترتبط مراكز الأبحاث المرموقة بالجامعات الإسرائيلية مثل معهد دراسات الأمن القومي INSS التابع لجامعة تل أبيب ومركز بيغن ـ السادات التابع لجامعة بارايلان، وهما من أهم مراكز الأبحاث وخاصة أن معظم طاقم معهد دراسات الأمن القومي ممن خدموا في الجيش أو في الحكومة في مراكز وزارية أو الاستخبارات فلهم علاقة مع السلطة التنفيذية والكنيست والاستخبارات علمًا بأن جميع الإسرائيليين في حالة احتياط للجيش، ولها ارتباطها مع أقسام الدراسات في وزارة الخارجية والدفاع والموساد. ويعد معهد الأمن القومي الإسرائيلي تقارير شبه يومية عن الأحداث السياسية والأمنية في المنطقة والعالم، كما هو حال أيضًا معهد بيغن سادات، وتهتم مراكز الأبحاث بالتركيز على دراسة الدول العربية والدول الإسلامية سواء القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتبادل المعلومات مع مراكز الأبحاث الغربية وخاصة في الولايات المتحدة وكانت إسرائيل أول من تنبهت لوضع إيران وسقوط الشاه، ولا يمكن الفصل بين عمل مراكز الأبحاث في إسرائيل ودوائر الاستخبارات فيها.
صانع القرار والحاجة للمعلومات
إن صانع القرار ليس بالضرورة أن يكون ملمًا بجميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكنه يعتمد على المعلومات التي تقدم إليه وهنا تكون أهمية مراكز الأبحاث العامة والخاصة، فالرئيس ريغان كان ممثلا ولكنه محاط بفريق من الخبراء والمختصين والمسؤولين من حوله، لهم علاقاتهم أيضًا بمراكز الأبحاث بمختلف القضايا كل حسب مهامه، وكذلك بقية رؤساء الولايات المتحدة، وبقية الدول سواء الغربية أو الشرقية.
وقد أخذت مراكز الأبحاث تنتشر في الدول النامية، في إفريقيا وآسيا والعالم العربي، وهناك فرق بين انتشارها والأخذ بما تقدمه وموضوعية الأبحاث المقدمة وحرية التفكير، لأن الأصل أن تكون الأبحاث موضوعية ورصينية حتى لو خالفت رؤية صانع القرار، وليس كما في بعض الدول النامية دورها ثانوي وأحيانًا تلبي رؤية صانع القرار، وإذا كانت الصحافة هي السلطة الرابعة فمراكز الأبحاث أصبحت السلطة السادسة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أستاذ العلوم السياسية في جامعتي الحسين بن طلال والملك عبد العزيز سابقًا