صدر حديثًا كتاب (العلاقات الخليجية ـ الإيرانية 1979 ـ 2016- الكويت نموذجًا) عن مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بدولة الكويت ضمن سلسلة الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، وهي سلسلة علمية محكمة، وهذا الكتاب من تأليف الباحثين: د. إبراهيم ناجي الهدبان، و د. نواف منير المطيري.
يتناول الكتاب طبيعة العلاقات بين كل من دولتي الكويت والجمهورية الإسلامية الإيرانية في الفترة التي أعقبت سقوط الشاه محمد رضا بهلوي في إيران على يد الإمام الخميني وصعود الثورة الإسلامية. وكما استعرض الكتاب تاريخ العلاقات الكويتية ـ الإيرانية، وكيف تغيرت هذه العلاقة في الفترة التي أعقبت الثورة الإسلامية في إيران. كما ألقى هذا الكتاب الضوء على المعوقات التي تؤثر سلبًا على كل من العلاقات الكويتية ـ الإيرانية، والعلاقات الخليجية الإيرانية بشكل عام، وسبل تطويرها وإمكانية تحويلها إلى علاقات جوار قائم على التآخي. كما تناول العوامل التي تؤثر بشكل سلبي على كل من العلاقات الكويتية ـ الإيرانية، والعلاقات الخليجية الإيرانية.
وحاول الكتاب إيجاد أثر علاقة دول مجلس التعاون الخليجي الأُخرى على العلاقات الكويتيةـ الإيرانية. واختتم المؤلفان باستشراف المستقبل للعلاقات الإيرانية ـ الخليجية.
تنبع أهمية هذ الكتاب باعتباره دراسة شاملة وعميقة وتناقش قضية حيوية هامة تشغل الرأي العام الإقليمي والدولي على السواء إضافة إلى الرأي العام في الدول العربية والإسلامية على السواء، إضافة إلى كون العلاقات الكويتية – الإيرانية مؤشرًا هامًا للاستقرار في منطقة الخليج العربي، فالعلاقات الطبيعية الإيجابية بين البلدين تؤثر بشكل إيجابي في استقرار الكويت، واستقرار منطقة الخليج، وبالمقابل فإن تدهور العلاقات يجعل دولة الكويت في حالة توجس، خاصة أنها تعرضت لغزو من دولة مجاورة في المنطقة هي العراق في عام 1990م، وتدفع باتجاه توتر العلاقات بين إيران ودول الخليج الأُخرى.
اعتمد الباحثان المنهج الوصفي التحليلي، بغرض وصف العلاقات الكويتية-الإيرانية، والعلاقات الخليجية -الإيرانية، ثمّ تعرض الباحثان لأثر العلاقات الخليجية-الإيرانية على العلاقات الكويتية -الإيرانية من ناحية القوة والضعف.
وقد أجاب الكتاب أو الدراسة على التساؤلات التالية:
ما طبيعة العلاقة بين الكويت وإيران من منظور تاريخي؟
ما العوامل التي تدفع باتجاه علاقات إيجابية بين الكويت وإيران؟
ما أهم المعوقات التي تؤدي إلى توتر هذه العلاقات؟
كيف تؤثر العلاقات الخليجية -الإيرانية في العلاقات الكويتية -الإيرانية؟
ما مستقبل العلاقات الكويتية -الإيرانية؟
وفي الختام طرحت الدراسة ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطوير التفاعل بين الجانبين:
1. سيناريو تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني:
ويعتمد هذا الخيار على متغيرات عديدة منها طبيعة علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بإيران، لأن للولايات المتحدة جانباً هامًا وحيويًا في ترتيبات أمن الخليج ومن ثم أي تقارب إيراني ـ كويتي لابد أن يتوقف على مدى التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران.
إن دول مجلس التعاون الخليجي ترى أن تحقيق الأمن المتكامل في المنطقة يأتي كتتويج للتفاهم، ويعكس أعلى درجات الثقة والتعاون بين الأطراف المعنية فعلى إيران اتخاذ خطوات جدية تظهر بشكل فاعل تخليها عن سياسات تراها دول المنطقة تعكس توجهات تعيق مسار التعاون الإيجابي بينهم.
2. سيناريو استمرار التعاون في شقه الاقتصادي فقط
وهو فرضية بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه؛ واقتصار التعاون في الجانب الاقتصادي فقط دون الانتقال إلى تحقيق الجانب الأمني، لوجود بعض القضايا العالقة والمواقف المتباينة بين دول المنطقة وإيران، فمما لا شك فيه أن تبادل المصالح يحقق الصالح العام للجميع، ويهيئ حماية بديلة عن التحالفات الدولية الخارجية.
3. ثالثًا - سيناريو تجميد التعاون أو انتكاسته :
إن إيران تقوم بالتدخل بشكل مباشر بالشؤون الداخلية للدول العربية، كتدخلها في العراق وسوريا، كما أنها الداعم الرئيس لحزب الله اللبناني، وهي الداعم الأقوى للحوثيين في اليمن، مما يؤكد بأن الأيديولوجيا عادت لتحكم إيران من جديد وفق تصورات مختلفة وجديدة.
وتُشير أغلب المؤشرات الحالية إلى عدم حدوث تغير كبير في طبيعة العلاقات الكويتية – الإيرانية.
وأخيرًا يتمسك الباحثان بتفاؤلهما ويختمان بحثهما بطرح حل واقعي ليس سهلاً ولكن لن يكون مستحيلاً تمليه الرغبة لخلق مناخ عام بعيدًا عن التوتر والصراعات، وخلق وعي مجتمعي تتشارك فيه النخب والقوى السياسية لشعوب المنطقة، والقيام بإصلاحات تغير من آليات وأدوات النظام الإقليمي الخليجي بما يحافظ على جوهره القائم وقيام حلم الاتحاد الخليجي، الذي قد يكون أبرز الخيارات المطروحة في المستقبل.