array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 120

إنترنت الصناعة سيساعد على تحسن الإنتاجية وتخفيض التكاليف صناعة الإنترنت ..المستقبل يتحدد الآن

الخميس، 08 حزيران/يونيو 2017

    خلال المئتين عام السابقتين كان هناك ابتكارين رئيسيين مهمين، الأول هو الثورة الصناعية التي جلبت لنا الآلات والمصانع والكهرباء والقطارات والطائرات وهذه الثورة أدت إلى تغيير حياة الناس إلى واقع لم يكن موجودًا سابقًا وأسهم انتشار المعدات والآلات والمصانع في تشغيل الملايين من الأيدي العاملة ومهدت إلى الابتكار الثاني وهو ثورة الانترنت التي جلبت لنا قوة الكمبيوتر وشبكات البيانات وإمكانية الوصول إلى المعلومات بسهولة ويسر، وهذه الثورة غيرت حياة الناس أيضًا ولم تعد كما كانت قبل ظهور هذه الثورة فالنسبة الأكبر من الناس الآن يستخدمون الانترنت في معظم مجالات حياتهم بدءًا من التعليم والتجارة والطب والصناعة فضلاً عن دخولها في صلب الاحتياجات اليومية مثل حجز وسائل النقل عبر الانترنت وحجز الفنادق والتسوق عبر الانترنت  والتواصل مع الأصدقاء والأقرباء بغض النظر عن المسافة التي تفصلهم عن بعضهم البعض.     الثورة القادمة للمستقبل هي صناعة الانترنت (Industrial Internet) في هذه الثورة سيحدث تزاوج ما بين الانترنت والصناعة وسينجب لنا هذا التزاوج آلات ذكية (Intelligent Machines)، وتحليل متطور (Advanced Analytical) باستخدام العلوم المختلفة المرتبطة بالانترنت، فضلا عن تطويرالإبداع وزيادة الإنتاجية، إن ثورة الانترنت ستجعل  القطاع الصناعي يلعب دورًا محوريًا في حياتنا اليومية وفي الاقتصاد ككل، في مجالات عديدة منها الطاقة والنقل والرعاية الصحية، وهذا التزاوج سيكون له تأثير كتأثير الثورة الصناعية وربما أكثر من ذلك، ولتقريب الصورة حول مفهوم صناعة الانترنت تخيل الطريق السريع حيث تكون السيارات قادرة على التنقل بأمان إلى وجهاتها الخاصة دون سائق، وتخيل أيضًا أنه يمكن مراقبة صحة والديك المسنين القابعين في المنزل عن كثب من قبل طبيب المستشفى، تخيل المدينة التي تقلل إلى حد كبير من النفايات والفقدان من خلال جعل أجهزة الاستشعار جزءًا لا يتجزأ من أنابيب المياه والمباني، ومواقف السيارات وأكثر من ذلك.

    إن كل هذه الصور الخيالية لم تعد جزءًا من المستقبل البعيد، هذه السيناريوهات بدأت تحدث الآن، من خلال تقارب الآلات والبيانات الذكية في ما يسمى صناعة الانترنت، وهذه الصناعة من خلال الأشياء الذكية، المترابطة سوف تحسن الأداء بشكل كبير، وتعمل على تخفيض تكاليف التشغيل.

    يمكن تعريف صناعة الانترنت على أنها "دمج الآلات المادية المعقدة مع أجهزة الاستشعار الشبكية والبرمجيات"، وتجمع صناعة الانترنت مجالات متعددة مثل التعلم الآلي، والبيانات الضخمة، وشبكة الإنترنت، والاتصالات من آلة إلى آلة، والنظام السيبراني الفيزيائي لاستيعاب البيانات من الآلات، وتحليلها (غالبًا في الوقت الحقيقي)، واستخدامها في ضبط العمليات ".

والفكرة وراء صناعة الانترنت هي أن يتم جمع بيانات الاستخدام والبيانات البيئية وتحليلها من خلال استخدام أجهزة الاستشعار، وأجهزة الواي فاي، والسحابة الالكترونية ومن ثم تقديم تلك البيانات مرة أخرى إلى الشركات لاستخدامها في جعل الوقت الحقيقي (Real Time)مبني على أساس الوقت الحقيقي للمعلومات والتنبؤات، ومع ظهور الاتجاهات في البيانات، تصبح قابلة للاستعمال كمؤشر وأداة قيمة في اتخاذ القرارات التجارية الاستراتيجية.     وقد بدأت صناعة الانترنت في ربط الآلات الصناعية معًا، وتوسيعها إلى شبكات صناعية أخرى. وهذا يمكن أن يرفع الكفاءة في عمليات الآلات الصناعية ولكن قد يكون أكبر قيمة في المساهمة في كفاءة الشبكات الصناعية من الدرجة الثانية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون تفادي تكلفة انبعاث توربين واحد من توليد الطاقة كبيرًا، ولكن هذا يتضاءل بالمقارنة مع قيمة منع انقطاع التيار الكهربائي على نطاق البلد بأكمله.وتشمل المحركات الأساسية لصناعة الانترنت ما يلي:1-  تقدم تقنيات الاستشعار (Sensor technology advances):تتطور أجهزة الاستشعار الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية بسرعة نحو أجهزة تحليلية مستقلة تقوم بعمليات تحليلية متطورة، وذلك باستخدام (على سبيل المثال) مواد النانو الهيكلية والمواد النانوية مثل إجراء البوليمرات والمواد المركبة. هذا التحسن السريع في أجهزة الاستشعار يؤدي إلى ظهور أنواع إضافية من أجهزة الاستشعار التي هي أصغر وأرخص وأسرع، مع انخفاض استهلاك الطاقة، وأقل تأثير علوي على الجهاز يجري الاستشعار.2-  تقدم الشبكة (Network Advances):وتتيح أوجه التقدم والتوحيد القياسي في تكنولوجيات شبكات الإنترنت نشر المعلومات بسرعة وبتكلفة منخفضة من خلال أجهزة الاستشعار المادية، وذلك بالاقتران مع الانهيار المتعلق بالعمليات ذات الصلة وبيانات النشاط الاستهلاكي.3-  فهم الأعمال والمنافع الحكومية للفائدة المحتملة (Business and Governmental Understanding of Potential Benefit): تدرك الشركات أن هذه البيانات يمكن استخدامها لتخفيض التكلفة وتوصيل الخدمات الصناعية.وبدأت الشركات أيضًا ترى الفرص للتغييرات التجريبية في نماذج الأعمال الصناعية. ومن الأمثلة على ذلك الفرصة المتاحة لمصنعي محركات الطيران لتقديم برنامج تأجير شامل للمعدات والخدمة، على أساس توقع أن تؤدي التغذية العكسية المعززة من شبكة المحركات إلى تحسين التصميم وتخفيض التكاليف في التصنيع والصيانة. ومن شأن إنشاء مثل هذا العرض في وقت مبكر أن يؤدي إلى ميزة تنافسية كبيرة.وتدعم الحكومات زيادة استخدام بيانات الاستشعار لتجنب الفشل الكارثي لشبكات البنية التحتية الرئيسية مثل الطاقة والمياه والنقل.

     إن صناعة الانترنت ستسمح بتشغيل الآلات بشكل أكثر فعالية من ذي قبل، إذ ستصبح هذه الآلات ذكية جدًا إلى الحد الذي يسمح لها بالتفاعل والتنبؤ بالمستقبل فضلاً عن قدرتها على الارتباط بالمجتمع من خلال الانترنت، إنه عالم ذكي جدًا حتى أن المعلومات (Information) ستأتي إلينا عندما نحتاجها بدون أن نضطر للبحث عنها.

ومن الأمثلة على صناعة الانترنت ما يلي:أ‌-     محركات الطائرات: إذ يتم اتصال أجهزة الاستشعار بمحرك الطائرات (سواء أثناء وبعد الرحلة) بشبكة الإنترنت، والاتصال من هذه إلى شبكات أخرى بهدف التنبؤ بفشل المحركات، هذا فضلا عن تحسين صيانة محركات الطيران.ب‌-مزارع الرياح: توصيل أجهزة استشعار توربينات الرياح بشبكة الإنترنت، والاتصال بالشبكات الأخرى التي تمكن من تحسين الربح في الوقت الحقيقي استنادًا إلى توليد الطاقة المحتمل وتأثيره على تكاليف صيانة التوربينات (المفاضلة على أساس دولار / واط في السوق المفتوحة مقابل التأثير على المدى الطويل لمعدات القيادة أكثر صعوبة في الحفاظ على توربينات الرياح الموجودة في البيئات القاسية، إعادة تصميم توربينات الرياح لتحسين التكلفة الرأسمالية للمكونات مقابل تكاليف الصيانة طويلة الأجل من أجل  توفير المرونة في حالة فشل الأجزاء الأخرى من شبكة الكهرباء.ت‌- إنارة الشوارع: مع وضع المستشعرات (Sensors) في أعمدة إنارة الشوارع وربطها بشبكة الانترنت فإن المدن تستطيع تخفيف إنارة الشارع عندما لا تكون هناك حركة في الشارع، وتشغيل الإنارة بطاقتها القصوى فقط عندما تشتد الحركة في الشارع وهذا من الممكن أن يخفض تكاليف الطاقة مابين (70-80%).  

حجم صناعة الانترنت:

قامت جمعية ويكيبون (Wikibon) بتقديم دراسة حول احتمالية تطور صناعة الانترنت خلال المدة (2012-2020) اعتمادا على خمسة مقاييس هي:

1-  حجم قطاع صناعة الانترنت الحالي.

2-  حجم ومعدل نمو الإنفاق على تكنولوجيا صناعة الانترنت.

3-  حجم ومعدل نمو قيمة تكنولوجيا صناعة الانترنت.

4-  العائد على الاستثمار.

5-  صافي القيمة التراكمية التي تم إنشاؤها بين عامي (2012-2020( اعتمادًا على المقاييس الأربعة السابقة.

والجدول أدناه يوضح النتائج التي خرجت بها هذه الدراسة.

 

الإنفاق والقيمة التي تقدمها صناعة الانترنت للمدة (2012-2020)  (مليار دولار)

من الشكل يتضح أن الإنفاق على تكنولوجيا صناعة الانترنت سيرتفع بشكل هائل من (20) مليار دولار عام 2012م، إلى (514) مليار دولار عام 2020م، في حين أن القيمة التي يتم الحصول عليها من صناعة الانترنت سترتفع بشكل أكبر بكثير من الإنفاق إذ أنها سترتفع من (23) مليار دولار عام 2012 م، إلى (1279) مليار دولار أي أنها ستصبح أكثر من ضعف الإنفاق عليها عام 2020م، كما أن العائد على الاستثمار في صناعة الانترنت سيرتفع من (13%) عام 2012 إلى (149%) عام م2020. وهذه أرقام كبيرة جدًا توضح الأرباح الهائلة التي ستحققها هذه الصناعة في المستقبل القريب جدًا.

وهناك مفهوم حديث في صناعة الانترنت هو انترنت الأشياء الصناعية (Industrial Internet of Things) والذي يرمز له اختصارًا (IIOT) ويصف هذا المفهوم الأشياء المستخدمة في صناعات متعددة مثل التصنيع، والدعم اللوجستي، النفط والغاز، النقل، الطاقة، المناجم والمعادن وغيرها. ويمكن تعريفه على أنه 'قدرة الآلات وأجهزة الكمبيوتر والناس على تمكين العمليات الصناعية الذكية من استخدام تحليلات البيانات المتقدمة لمعرفة الأعمال التحويلية القادمة"، أي تمكين الخدمات الرقمية الجديدة ونماذج الأعمال التجارية المبنية على الاتصال الذكي مع الأجهزة والمعدات، أي تحويل كل العمليات الصناعية والتجارية إلى عمليات ذكية.ويغطي هذا المفهوم تقنيات العمليات الصناعية في  العديد من حالات الاستخدام والصناعات والتطبيقات، وتركز (IIOT) على تحسين الكفاءة التشغيلية والترشيد  (التشغيل الآلي)، الصيانة، مع دور هام لتقارب تكنولوجيا المعلومات وصناعة الانترنت، انترنت الأشياء الصناعية يفتح الكثير من الفرص للتحرك نحو نموذج خدمة الطلب، والطرق الجديدة لخدمة العملاء وخلق نماذج جديدة للإيرادات، غالبًا بطرق غير متوقعة بمعنى أنه يسعى إلى تطوير الأعمال التجارية.ويوجد أيضًا في العديد من الحالات التي تسمى حالات استخدام تقنيات العمليات عبر الصناعة في انترنت الأشياء الصناعية. ومن الأمثلة على ذلك المركبات المتصلة والمباني الذكية. ويمكن توسيع الصناعات الدقيقة التي يتم تغطيتها تحت "إنترنت الأشياء الصناعية" إلى المدن الذكية والرعاية الصحية وما إلى ذلك. وبالنسبة للتأثير الاقتصادي لهذه الصناعة على النمو الاقتصادي فقد أكد تقرير صدر مؤخرًا بعنوان "الفوز مع إنترنت الأشياء الصناعية" (Winning with the Industrial Internet of Things) ،أن هذه الصناعة ستعزز النمو الاقتصادي في البلدان المتقدمة بحلول عام 2030م، ومن المتوقع أن تضيف الاستثمارات الرأسمالية في هذه الصناعة ومكاسب الإنتاجية التي ينبغي إتباعها (6.1) تريليون دولار أمريكي إلى الولايات المتحدة إجمالي الناتج المحلي للدول المتقدمة، وإذا كانت الولايات المتحدة ستستثمر 50 في المائة أو أكثر في تقنيات الاتصالات اللاسلكية وتحسين العوامل التمكينية، مثل مهاراتها وشبكاتها ذات النطاق العريض، فقد تصل المكاسب إلى (7.1) تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030م، مما يزيد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (2.3%) في عام 2030 م، عن التوقعات.ويمكن لألمانيا رفع الناتج المحلي الإجمالي التراكمي بمقدار (700) مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 م، من خلال اتخاذ إجراءات إضافية مماثلة، مما سيرفع الناتج المحلي الإجمالي في عام 2030م، بنسبة (1,7٪)، ويمكن للمملكة المتحدة أن تزيد الناتج المحلي الإجمالي بمقدار (531) مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030م، مما يعني رفع الناتج المحلي الإجمالي في عام 2030م، بنسبة (1,8%) عن المتوقع، كما أنه من المتوقع أن يرتفع الدخل الفردي السنوي بمعدل (20-30%) بحلول عام 2030م.ومع ذلك، يكشف التقرير أن هذه المكاسب معرضة للخطر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن (73%) من الشركات لم تضع بعد خططًا ملموسة ل (IIOT)، وفقًا لمسح لأكثر من 1400 من قادة الأعمال التجارية العالمية، منهم (736) من المديرين التنفيذيين. وقد وضع (7%) فقط من الذين شملهم الاستطلاع إستراتيجية شاملة مع الاستثمارات المطلوبة.ويرجع عدم الالتزام بانترنت الأشياء الصناعية إلى حد كبير إلى صعوبة تطبيقها لتوليد مصادر دخل جديدة، وفقا للبحث. على الرغم من أن أغلبية (57٪) من قادة الأعمال يقولون أن الإيرادات الجديدة ستكون أكبر فرصة لتطوير انترنت الأشياء الصناعية ، وأقل من واحد من كل سبعة (13٪) يعتقدون أن شركتهم سوف تستفيد فعلا بهذه الطريقة، وبدلاً من ذلك، تركز شركاتهم على استخدام تقنية المعلومات والاتصالات لتحقيق مكاسب في الكفاءة والاطلاع على إنتاجية الموظفين وتخفيض النفقات التشغيلية (بنسبة 46% و 44 % على التوالي) باعتبارها الفوائد الأكثر احتمالاً لشركاتهم.وقال بول دوغيرتي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة أكسنتشر (Accenture)وهي شركة استشارات عالمية: "إن ظهور إنترنت الأشياء الصناعية سيساعد على تحسين الإنتاجية وتخفيض التكاليف"، ولكن تلك الإمكانات الاقتصادية الكاملة لن تتحقق إلا إذا تجاوزت الشركات استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحقيق مكاسب الكفاءة وحدها، وفتحت البيانات لخلق أسواق جديدة تحافظ على تدفق الإيرادات. وهذا يعني تغيير جذري في كيفية القيام بالأعمال التجارية من حيث العمل مع المنافسين، وتشكيل شراكات مع الصناعات الأخرى، وإعادة تصميم الهياكل التنظيمية والاستثمار في المهارات والمواهب الجديدة ".

ومن الآثار الاقتصادية المهمة لصناعة الانترنت هي خلق فرص العمل، إذ
يعتقد (82%) من كبار رجال الأعمال إن انترنت الأشياء الصناعية سيكون منشئ صاف للوظائف، ويشير تقرير مصاحب أعدته شركة أكسنتشر والمنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن التكنولوجيات الرقمية سيكون لها أثر إيجابي على قوة العمل في المستقبل من خلال زيادة المهارات القائمة وتمكين العمال من الاضطلاع بأعمال أكثر تطورًا. على سبيل المثال، يمكن لمشغلي الحفر تشغيل المعدات عن بعد، وتمكينهم من التعاون مع المهندسين ومحللي البيانات لتحسين دقة وإنتاجية عمليات الحفروقال دوغيرتي: "إن انترنت الأشياء الصناعية سيجعل كل عامل عاملا في مجال المعرفة، مما يمكن مشغلي الآلات والعمال الآخرين من استخدام البيانات لتحقيق المزيد من المعدات بأكثر مما يمكنهم اليوم". "لا يتعلق الأمر بالإنتاجية فحسب، بل عن القدرة على تقديم قيمة جديدة بمساعدة البيانات المقدمة للعاملين بطرق جديدة. إن إنترنت الأشياء الصناعية لن يؤدي فقط إلى زيادة العمل، بل سيؤدي إلى المزيد من بيئات العمل الافتراضية والتعاونية، فضلاً عن خلق فئات جديدة تمامًا من الوظائف ".

إن هذا الموضوع يكشف أن معظم الدول العربية إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لتطوير اقتصاد المعرفة وبناء قطاعات اقتصادية متطورة مبنية على التكنولوجيا الرقمية، ستتخلف كثيرًا عن ركب التطور العالمي الذي ينطلق بسرعة هائلة جدًا، الأمر الذي يؤدي إلى اتساع الفجوة القائمة حاليًا بين هذه الدول والدول المتقدمة إلى فجوة يصبح من المستحيل ردمها، وستأخذ بالاتساع بسرعة هائلة توازي سرعة التقدم التكنولوجي،  ويستثنى من ذلك دول مجلس التعاون الخليجي التي حققت قفزات كبيرة في هذا المجال مقارنة بغيرها من الدول العربية خصوصًا دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والمملكة العربية السعودية، إلا أن هذه الدول مازالت ليست بمستوى الدول المتقدمة، لذلك فعلى الدول العربية البدء من الآن وبأسرع وقت لأن المستقبل يتحدد الآن.

فقد تصدرت هذه الدول الثلاث قائمة الدول العربية في مؤشر الابتكار العالمي (Global Innovation Index) لعام 2015م، إذ احتلت المملكة العربية السعودية الترتيب (43) عالميًا والأولى عربيًا، وجاءت دولة الإمارات في المرتبة الثانية عربيًا و(47) عالميًا، في حين حلت قطر بالمرتبة الثالثة عربيًا و(50) عالميًا، وفي مؤشر الجاهزية الالكترونية (The Networked Readiness Index) لعام 2015، تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة ترتيب الدول العربية وجاءت في المركز (23) عالميًا، في حين حلت قطر بالمرتبة الثانية عربيًا و (27) عالميًا، في حين جاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة عربيًا و (32) عالميًا، وفي مؤشر توافر أحدث التقنيات (Availability of latest technologies) لنفس العام، احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربيًا والثامنة عالميًا، في حين جاءت دولة قطر في المرتبة الثانية عربيًا و(25) عالميًا، وحلت مملكة البحرين في المرتبة الثالثة عربيًا و(26) عالميًا، في حين جاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الرابعة عربيًا و (38)عالميًا، مما يعني أن هذه الدول تمتلك الأرضية الصحيحة والمناسبة للانطلاق في عالم الابتكارات والتقنية ومن المتوقع أن تحقق هذه الدول انطلاقة متميزة في المستقبل القريب كونها وضعت الاستراتيجيات الكفيلة بذلك من خلال وضع رؤى مستقبلية للأعوام القادمة تركز على تطوير مجتمع المعرفة وتطوير الابتكار، ففي رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030 كان من أهداف الرؤية أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل 200 جامعة دولية في عام 2030م، وسد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، والاستثمار في التعليم وتزويد الطلاب والطالبات بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، وحصول كل طفل على فرص التعليم الجيد، ومن التزامات «رؤية السعودية 2030» تطبيق برنامج «ارتقاء» الذي يهدف لإشراك الأسر في (80 %) من الأنشطة المدرسية في تعليم أبنائهم في عام 2020م، فضلاً عن وضع مؤشرات لقياس مخرجات التعليم ومراجعتها سنويًا، في حين تنص رؤية الإمارات (2021) على أن تطور اقتصاد دولة الإمارات يجب أن يتم على أساس نموذج تعتمد فيه التنمية على المعرفة والابتكار، إذ لابد من الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والأبحاث على مختلف مستويات الاقتصاد الإماراتي، كي يتم تطوير الإنتاجية ورفع القدرة التنافسية للوصول إلى مستوى أفضل الاقتصادات العالمية، وستمكن البنية التحتية المتطورة للمعلومات والاتصالات من ربط الشركات ببعضها وإعطائها ميزة تنافسية في التعامل والتفاعل مع العالم، وسيحصد الأفراد ثمار هذا التطور في عالمهم الرقمي وهم يبحثون عما ينمي مهاراتهم ويشبع نهمهم للمعرفة. ولتحقيق هذه النقلة النوعية نحو اقتصاد المعرفة تنص الرؤية على أنه لابد من وجود بيئة أعمال ريادية توظيف مهارات الإماراتيين وإبداعاتهم، وتنمي قدرات جيل جديد من رواد الأعمال وتشجعهم عبر حاضنات تدعم المشاريع الصغير والمتوسطة. وتعمل الإمارات ضمن مجهود وطني على نشر روح المبادرة والعمل الجاد والجرأة والإبداع، أما رؤية قطر 2030 فقد أوضحت أنهلا يمكن لقطر أن تطور اقتصادها ومجتمعها دون رأسمالها البشري ومواردها البشرية، والتنمية البشرية بحسب رؤية قطر الوطنية 2030 تستهدف بنية تحتية شاملة وحديثة للرعاية الصحية يستفيد منها جميع القطريين، ونظامًا تربويًا وتعليميًا يضاهي أرقى الأنظمة التعليمية في العالم، ويسهم في إعداد الطلاب القطريين كي يخوضوا التحديات العالمية، ويصبحوا أهم المبتكرين والفنانين والمحترفين وأصحاب المبادرات في المستقبل. ولا شك في أن نظامًا تعليميًا ذا مستوى عالمي، وتوفير فرص متساوية، سيتيح للقطريين دورًا أكبر في كل قطاعات اقتصاد بلادهم.

مقالات لنفس الكاتب