array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 120

سياسته تتسم بالتردد والتخبط والهروب للخارج لتحقيق الشعبية في الداخل أزمة دونالد ترامب: ضعف الخبرة وحصار اللوبي الأمريكي المتطرف

الخميس، 08 حزيران/يونيو 2017

كان فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية مفاجأة للنخب السياسية ومراكز الأبحاث واستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، وحتى للنخب السياسية على مستوى العالم،  فهو رجل أعمال لا يتمتع بخبرة سياسية أو تولي مناصب سياسية رسمية في حياته كما أنه لا يحظى بإجماع الحزب الجمهوري، ولكنه اعتمد على خطاب شعبوي وعنصري استنفر البيض في الولايات المتحدة والمحافظين الاتجليكانية، جمع بين العنصرية والشعبوية والتطرف بارتباطه باليمين الديني المتطرف .

ولذلك واجه منذ إعلان فوزه احتجاجات شعبية ضده، بل لأول مرة في التاريخ السياسي الأمريكي يحدث انقسام في داخل المجتمع الأمريكي بهذه الحدة. وبالإضافة إلى المظاهرات ضده، فقد لحقت به شكوك حول علاقاته مع روسيا والدور الروسي في فوزه بعد ما ثبتت بلقاءات بين السفير الروسي في واشنطن وبعض المقربين منه، أدت إلى استقالة مستشاره للأمن القومي جون مكين الذي لم يمكث في منصبه شهرًا ولا يزال يخضع للتحقيق بشأن علاقته بروسيا . كما أن هناك تحقيقًا يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI وكذلك لجنة في الكونغرس حول الدور الروسي في الانتخابات الأمريكية 2016م ، وزاد الطين بلة إقالة  ترامب مدير مكتب التحقيق الفيدرالي ،جيمس رومي، من منصبه مما زاد من الشكوك حول تورط ترامب في العلاقة مع روسيا، فحسب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال، إن ترامب كان قلقا من إفادة رومي أمام لجنة الكونغرس حول الدور الروسي، ولأن ترامب يرغب في طي هذه الصفحة التي لحقت به منذ انتخابه وما زال التحقيق بها استرجعت فضيحة وترجيت التي أطاحت بالرئيس الأمريكي نيكسون، حتى أن هناك ما يردد في واشنطن بأن ترامب قد لا يكمل فترة رئاسته ؟

الأزمة الداخلية

إن الولايات المتحدة دولة مؤسسات سياسية وبيروقراطية معقدة، وترامب جاء بدون خبرة سياسية ومن خارج البيروقراطية السياسية، فقد اصطدم مع المؤسسات الإعلامية الفعالة في الولايات المتحدة مثل CNN وغيرها كما اصطدم في دوائر الاستخبارات الأمريكية وشكك في مصداقيتها، كما وصفها بعض المراقبين، الدولة العميقة في واشنطن، وهناك أزمة وعوده التي اصطدم فيها مع القضاء الأمريكي، فعندما اصدر قرارًا بمنع رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة ، رفضت المحاكم الأمريكية هذا القرار، وبذلك كانت صفعة  له في بداية عهده، كما واجه أيضًا صعوبة في إلغاء أوباما كير الصحي، وفي وعوده وضع قيود على التجارة وجلب المصانع الأمريكية التي أقامتها الشركات الأمريكية خارج الولايات المتحدة بسبب رخص اليد العاملة وغيرها من أسباب، ولذلك نلاحظ أن ترامب يواجه أزمة حقيقة داخل واشنطن تهدد مستقبله الرئاسي أو حتى المحاكمة إذا ما ثبت تورطه في علاقاته مع روسيا خاصة أن الكونغرس يطالب بلجنة مستقلة بالتحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية ، وزادت المطالبة بعد عزله لمدير مكتب التحقيق الفيدرالي .

الرئيس المتردد والمتقلب

إن الدراسة الأكاديمية  التي أعدتها اليزابث ساندر حول رئيس عديم الخبرة السياسية وعلاقته بمستشاريه تشكل صعوبة في اتخاذ القرار، لأنه ليس لديه الخبرة لتقييم ما يقدم إليه من خيارات مستشاريه، أي القرارات أكثر ملائمة لمصالحه القومية، وترامب وصل من العمر عتيًا يصعب تغييره، ترسخت لديه مفاهيم تبقى تؤثر في قراراته ، وقد جاء بخلفية الصفقات التجارية التي قد لا تناسب العلاقات السياسية، وأحاط نفسه بمستشارين قليلي الخبرة السياسية أقرب إلى الثقة الشخصية منها إلى الكفاءة السياسية  ومن طبقة رجال الأعمال والمقاولات وشركات البترول والفنادق، ولأول مرة تقريبًا في التاريخ السياسي تبقى مناصب كثيرة لم يتم شغلها في الفترة الانتقالية بالسرعة المطلوبة، فغريب الدار عن البيروقراطية السياسية يجد صعوبة في خياراته للمناصب، وإحجام الكثير من البيروقراطيين في واشنطن من التعامل معه،  رئيس يمثل ظاهرة سياسية في التاريخ الأمريكي، في المائة يوم الأولى تحديات وتخبط أكثر منها إنجازات وتصريحات تناقضها تصريحات تالية .

وأشارت صحيفة فيليت الألمانية مؤخرًا إلى عدة  مواقف غيرت في مسار السياسة الخارجية لترامب،  إن هذا الرئيس مزاجي ولا يستقر على رأي فقد غير مواقفه تجاه جملة من القضايا وتنصل من وعود لطالما تشدق بها خلال حملته الانتخابية شخص متقلب ولا يمكن التنبؤ بما سيقرره .فالتقلب الأول: تغيير سياسته تجاه الصين فقد صرح خلال الأسابيع الماضية أن الصين " بطلة التلاعب بالعملات وذلك بغية الانخراط ضمن المنافسة التجارية غير النزيهة "،  وخلال حملته الانتخابية وعد بمكافحة ما أسماه (التغوُل الصيني)، ولكنه تغير في مواقفه عند لقائه بالرئيس الصيني في فلوريدا وقال " إن الصين لم تتلاعب بعملتها منذ أشهر "، بل ذهب للقول إنه يطمح إلى تعزيز العلاقات مع الجانب الصيني" ؟ أما التقلب الثاني، فموقفه من  رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جانيت يلين التي انتقدها خلال حملته الانتخابية عدة مرات وحملها مسؤولية المحافظة على أسعار فائدة منخفضة بهدف حماية الرئيس باراك أوباما في مستنقع الأزمة الاقتصادية، ولكنه عندما تولى الرئاسة تركها في منصبها وقال " إن إقالة يلين قبل انتهاء عقدها سنة 2018م، ليس إلا مجرد إشاعة، فأنا أحبها وأحترمها"، والتقلب الثالث فقد ذكر أكثر من ثماني عشرة  مرة أنه ليس معنيًا ببقاء الأسد في الحكم, وقال لا تقر أمريكا بضرورة الإطاحة بالأسد ثم غير وقال عكس ذلك  باطلاق الصواريخ على خان شيخون، والغريب أنه أبلغ روسيا مسبقًا بقراره باطلاق الصواريخ على خان شيخون وتم إبلاغ النظام السوري مما أدى إلى تفريغ الضربة من هدفها، فتم تفريغ المطار من الطائرات، أمر عجيب ، يعكس أن الصواريخ هدفها الداخل الأمريكي وليس النظام السوري ؟

                 ترامب ومستشاروه والطائفة الحريدية اليهودية المتطرفة

ومما يثير الانتقادات للرئيس ترامب في الولايات المتحدة أن جميع اليهود الذين عينهم ترامب في إدارته وخاصة ما يتلق بالشرق الأوسط ، فقدعين جسين غرينبليت مبعوثًا له في منطقة الشرق الأوسط، والمعروف عن غرينبليت أنه تربى في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ودرس في المدارس الدينية بمستوطنة أيلات شفوت قرب مدينة بيت لحم ويصر على وضع القبعة الدينية السوداء التي تميز الطائفة الحريدية ؟  كما أنه عين ديفيد فريدمان سفيرًا للولايات المتحدة، وهو ينتمي أيضًا للتيار الحديدي المتطرف في إسرائيل، ومن مؤيدي الاستيطان في القدس، بالإضافة لصهره ومستشاره جاريد كوشنير الذي عينه مستشارًا  لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وهذه التعيينات أثارت ردود فعل  في داخل الولايات المتحدة مما دفع اللوبي الصهيوني لتريد اسطوانة العداء للسامية، ولكن الشعور المتنامي في داخل الولايات انتقادات حادة لسياسات ترامب المتقلبة وأحيانًا الشخصية وصعوبة التنبؤ بقراراته .

الهروب إلى السياساة الخارجية

وفي ظل الانتقادات الداخلية التي يواجهها ترامب، يحاول أن يثير الرأي العام الأمريكي للخارج لعله  يجلب له نوعًا من الشعبية في الداخل، فقد نادى في حملته الانتخابية بمنع تدفق الهجرة من الجنوب، خاصة من المكسيك ووعد بإقامة جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك ولكن المكسيك رفضت هذا الجدار أو المشاركة في تمويله، كما أن الكونغرس

 الأمريكي ليس متفقًا  على تمويله، ولذا فإن بناء الجدار أصبح اسطوانه مشروخة لا تستطيع الولايات المتحدة منع الهجرة من الجنوب وهو شعار رفعته الادارات الأمريكية المتعاقبة وفشلت فيه .

القضاء على تنظيم الدولة (داعش)

رغم إعلان ترامب بأنه سيقضي على داعش وخطورته، ومحاولة تشكيل تحالف إقليمي لمحاربته، إلا أنه لم يخرج حتى الآن عن الإطار العام لسياسة سلفه أوباما، فالولايات المتحدة منذ عهد أوباما تريد أن تعتمد على قوات محلية، وخاصة قوات سوريا الديمقراطية وهم من الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني مما أثار قلق الحكومة التركية، وقد انتقد المفكر الأمريكي فرنسيس فوكوياما سياسة ترامب في التهويل بخطر التطرف الإسلامي، ووصف سياسة ترامب في مكافحة الإرهاب  بقوله " إنها خطوة في الاتجاه الخاطئ ، إذ  أن التهديد الرئيسي الذي يشكله الإرهاب هو المبالغة في رد الفعل، إما عن طريق القيام بأشياء غبية مثل غزو العراق ، أو عن طريق قمع حريات المواطنين داخل الولايات المتحدة، وأعتقد أن ترامب يتحرك بالضبط في الاتجاه الخاطئ، وأنه سيزيد الطين بلة، لأنه هذا ما يريد الإرهابيون، يريدون أن يبالغ ضحاياهم برد فعل والقيام بالأشياء التي تصعد من توتر الوضع ، وأعتقد أن هذا هو بالضبط ما يروج له ترامب الآن".  

تهديد كوريا الشمالية ثم لا يمانع من لقاء الزعيم الكوري

شن ترامب حملة قوية ضد كوريا الشمالية بعد قيامها بتجارب صاروخية جديدة، وأمر بتوجه حاملة الطائرات الأمريكية " كارل فينسون" إلى بحر اليابان ، ولكن كوريا رفضت التهديد الأمريكي وواجهت التهديد بتهديد مقابل، ولكن ترامب تراجع فيما بعد عن غطرسة القوة ،  ويؤكد في مقابلة صحافية مع محطة تلفزيون “بلومبيرغ” أنه مستعد للقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون في " الظرف المناسب" ، وقال "سأفعل ذلك بكل تأكيد.. هذا شرف كبير لي؟ وأعلنت كوريا الشمالية أنها ستجري تجربتها النووية السادسة ؟

أن يعلن الرئيس الأمريكي بأنه يتشرف بلقاء كيم جونع اون، فهذا التراجع ليس جديدًا، فمعظم الوعود والتهديدات التي أطلقها في المئة يوم الأولى من عمر فترته الرئاسية الأولى تراجع عنها، ابتداء من بناء السور على الحدود مع المكسيك، ومرورًا باستبدال التأمين الصحي “أوباما كير” وانتهاء بالتخلي عن حلف “الناتو”.

    إيران واتفاقية المفاعل النووي

شن الرئيس ترامب أثناء  الانتخابات الرئاسية حملة  شعواء على الرئيس الأمريكي أوباما بسبب اتفاقية (5+1) مع إيران حول المفاعل النووي الإيراني، وهدد بإلغاء الاتفاقية، ولكن ترامب تراجع فيما بعد واعتبر أن إلغاء الاتفاق سيؤدي إلى إثارة مشكلات دولية معقدة ، بل ذهب وزير الخارجية الأمريكية تلرسون أن إيران ما زالت ملتزمة بالاتفاق وتطبيقه، كل ما عملته إدارته أنها بعثت للكونجرس أنها تراجع سلوك إيران حول الاتفاقية خلال ثلاثة أشهر. والجدير بالذكر أن الصفقات السرية الأمريكية مع إيران تمت في عهد الجمهوريين ،فإيران جيت تمت عام 1985م، في عهد الرئيس الأمريكي ريغان ببيع السلاح لإيران،  وغزو الولايات المتحدة إلى أفغانستان والعراق واحتلالهما تم بالتعاون بين إيران وإدارة الرئيس الأمريكي بوش الابن،  وتسليم العراق إلى حكومة شيعية موالية لإيران كان في عهد الحاكم الأمريكي للعراق توم بريمر والتنسيق الأمني الإيراني الأمريكي في العراق تم أيضًا في عهد بوش الابن، ورغم تغريدات ترامب فهو  لن  يخرج عن هذا المسلسل من صفقات الجمهوريين مع إيران ؟

زيارة الشرق الأوسط وأمل زيادة الشعبية في الولايات المتحدة

تعتبر زيارة الرئيس ترامب الخارجية للمنطقة، الأولى من نوعها في تاريخ روساء الولايات المتحدة، كأن تكون بداية الرئيس في زياراته هو الشرق الأوسط ، ومستشار الأمن القومي الأمريكي هربرت ماكماستر قال : إن الزيارة تهدف إلى إعادة التأكيد على دور الولايات المتحدة القيادي  ومواصلة بناء علاقات قوية مع زعماء رئيسيين في العالم وتوصيل رسالة وحدة لاصدقاء الولايات المتحدة واتباع الديانات الكبرى في العالم ، فالزيارة حسب تصريحات ماكماستر لها طابع ديني، مهد الإسلام في المملكة العربية السعودية وزيارة بيت لحم والإقامة في فندق الملك داود حيث الاحتلال الإسرائيلي وزيارة الفاتيكان ولقاء البابا رمز زعامة العالم الكاثوليكي، ولكن ماكماستر قال بأن ترامب سيطالب خلال زيارته بتطوير "روية سلمية للإسلام "؟؟ .

إن التناقض في تفكير ترامب أنه يعبئ التيار اليميني المتطرف، ففي خطابة في حفل التخرج" بجامعة الحرية " 13 مايو 2017م،  وهي جامعة دينية مسيحية بولاية فرجينيا حاضنة لليمين المتطرف أسسها رجل الدين المسيحي جيري فالويل الذي أسس تحالف الأغلبية الأخلاقية لدعم المرشحين المحافظين، أشاد ترامب بالجامعة التي هي معقل لمؤيديه، وفي خطابه كانت عينه على واشنطن بقوله في خطابه إن " النظام في واشنطن مختل لأنه يخضع لسيطرة أشخاص يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء"؟؟

إن ترامب يخاطب الداخل الأمريكي أنه يحارب التطرف ويشكل التحالفات للقضاء عليه ولكنه في نفس الوقت يكيل المدح للتطرف في الداخل الأمريكي، إنه يعقد الصفقات الكبرى التي يستفيد منها المواطن الأمريكي ، فهو في الزيارة الخارجية وعينه على الداخل وكما قالت فريدا غيتسFridaGhitis في مقالة لها في السادس من مايو الماضي " إن محطات الجولة في إسرائيل والمملكة العربية السعودية ستغذي شهية ترامب للشعور بالقبول  والاستحسان، لكنها ستسعد مؤيديه في أمريكا وستقويه في سعيه لتحقيق انتصار تاريخي عبر التوسط للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"؟

إن الانتصار التاريخي لن يتحقق بالتأكيد لأن إسرائيل لا تريده، ولكن عقدة ترامب ما زالت واشنطن ومن يسيطر على واشنطن، والقلق من مصير  الرئيس الأمريكي نيكسون في ظل التحقيقات الجارية في التدخل الروسي في الانتخابات وتراجع شعبية ترامب بشكل ملفت يثيره ؟ بل إن رسالة من طبيبين نفسيين هما، البروفسور جودث هيرمان من جامعة هارفارد وروبرت لفتن من جامعة كولمبيا كتبا في رسالة إلى صحيفة نيويورك تايمز في الثامن من مارس 2017 م، نبها على خطورة ترامب على الأمن القومي الأمريكي والسلامة العامة، وعلى إثر ذلك كان عنوان صحيفة الانديبندت البريطانية في 9 مارس 2017 م، أستاذة الطب النفسي " ترامب رئيس أمريكي خطير يجب أن يعزل من أجل السلامة العامة ؟؟ وفي ظل هذه الأزمات يرى ترامب الأمل في السياسة الخارجية لعلها تجلب له التأييد بل الفرج من أزمة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الذي يهدد شرعيته السياسية؟

{Psychiatry professors say 'dangerous' US President must be removed from post for public safety)?

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ العلوم السياسية – جامعة الملك عبدالعزيز

مجلة آراء حول الخليج