array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 115

مجلس التعاون الخليجي وسوق النفط العالمي في عام 2016 تخفيـض الإنتـاج 1.8 مليـون برميـل يوميـا يتطلـب 800 يـوم لتحقيـق التـوازن

الثلاثاء، 10 كانون2/يناير 2017

كانت اتفاقية " 30 نوفمبر " التي تم إبرامها بين منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك وبعض الدول الرئيسية المصدرة للنفط والغير منضمة إلى أوبك، والظروف المعقدة التي أحاطت بها هي الحدث الأبرز في سوق النفط في عام 2016م، حيث تهدف الاتفاقية إلى خفض الإنتاج وحفظ استقرار سوق النفط العالمي أملاً في ارتفاع الأسعار إلى حد ما وبالتالي تحسن الظروف المالية المتعثرة لكافة الدول المصدرة للنفط. يُذكر أن الأسعار كانت قد انخفضت في يناير 2016م، إلى ما يقل عن 30 مليار دولار أمريكي وهو السعر الأقل منذ أكثر من عقد من الزمن، ثم تحسنت الأسعار تدريجيًا ووصلت إلى حوالي 55 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العام. ولذا يمكننا القول بأن عام 2016م، قد شهد ارتفاع أسعار النفط بنسبة 100%، وبما أن الأسعار كانت قد وصلت خلال النصف الأول من عام 2014م، إلى ما يزيد عن 110 مليار دولار أمريكي، فسيكون عام 2016م، قد شهد كذلك انخفاضًا بنسبة 50% عند مقارنته بالعامين السابقين.

 

وبالنظر إلى كل تلك المفاوضات المعقدة، فقد تساءل المحللون ما هي الدول التي يمكن اعتبارها "رابحة" وتلك التي تعد "خاسرة"؟ وهل يمثل ذلك بالنسبة لأوبك عودة إلى الصدارة أم هي بداية النهاية؟ وما هي العواقب التي يمكن أن تنتج عن الاتفاقية؟

رابحون وخاسرون

لقد توقع السوق أن تتدخل (أوبك) لدعم الأسعار بالفعل في عامي 2014 و2015م، ولكن في كلا العامين رفضت المملكة العربية السعودية أن تقبل بالتنازلات التي كانت مطروحة حينها، وكان الموقف السعودي منذ البداية بأن المملكة ستشارك في الإجراء الجماعي فقط في حال خفض المُصدِّرين الرئيسيين لإنتاجهم أيضًا بشكل كبير، بما في ذلك الأعضاء الرئيسيين من خارج منظمة أوبك، أي أن المملكة لم تستبعد أبدًا إمكانية خفض الإنتاج للحفاظ على الأسعار، ولكنها رفضت أن تطبق ذلك بمفردها، أو في حال رفض بقية المنتجين الرئيسيين تحمل قسطًا من العبء. وخلال عامي 2014 و2015م، كان من الواضح أن بقية الدول المنتجة الرئيسية لم تكن مستعدة لمشاركة هذا العبء، بما في ذلك ثلاث دول ذات أهمية بالغة وهي: العراق، وإيران، وروسيا. وكان العراق قد أُعفي من حصته منذ فرض العقوبات في تسعينات القرن الماضي ورفض قبول أي حصص أخرى. أما إيران فقد كان إنتاجها يقل عن حصتها الاسمية بسبب العقوبات، وادعت بأن خفض الإنتاج يجب أن تقبله الدول التي كانت قد "سرقت" حصتها في السوق، أي التي رفعت من إنتاجها للتعويض عن الانخفاض في الإنتاج الإيراني، وبالنسبة لروسيا التي لا تنتمي لمنظمة الأوبك فإنها أعلنت عن عدم استعدادها لخفض انتاجها بأي شكل.

 

وفي عام 2016م، تطور موقف الدول الثلاث بشكل ملحوظ، ويجدر الإشارة إلى أن هذه الدول بالإضافة إلى السعودية قد رفعت من انتاجها خلال العام المنصرم (انظر جدول 1) مما سمح لها بأن تكون أكثر مرونة في محاولة الوصول الى حل وسط، وفي نفس الوقت الزعم بأنها لم تتخلى عن حصصها في السوق.

 

 

جدول 1: التغير في إنتاج النفط الخام في بعض الدول الرئيسية

من أكتوبر 2015 إلى أكتوبر 2016م – ألف برميل يوميًا

486-

الولايات المتحدة  

205+

كندا

256+

البرازيل

114+

النرويج

274+

السعودية

823+

إيران

587+

العراق

200+

الكويت

182+

الإمارات العربية المتحدة

489+

روسيا

المصدر: وكالة أخبار النفط الأسبوعية   

 

رفعت جميع الدول الرئيسية باستثناء الولايات المتحدة من إنتاجها في عام 2016م، وإن تم ذلكبإيقاع متفاوت. وقد كان انتعاش الإنتاج في إيران بعد تعليق العقوبات الأوروبية في يناير أسرع بكثير من المتوقع مما سمح لإيران بقبول تجميد الإنتاج (وهو ما يمثل في الحقيقة زيادة صغيرة) بدلاً من الإصرار على استعادة حصتها الكاملة، وقد وافق العراق أيضًا على تخفيض الإنتاج تخفيضًا كبيرًا وكذلك روسيا، وبهذا، وعلى الرغم من أن تخفيض السعودية للإنتاج يعد أكبر من تخفيض الدول الأخرى، إلا أنها في نهاية الأمر قد حصلت على تعهد من جميع المنتجين الرئيسيين، فيما عدا الولايات المتحدة بالطبع.

بيد انه من وجهة نظر أخرى، ليس من الواضح ما إذا كانت استراتيجية السعودية قد حالفها النجاح حقا أم لا، ويتصل ذلك غالبًا بإنتاج الولايات المتحدة للنفط الصخري، فقد ارتفع إنتاج الولايات المتحدة للنفط الصخري الى 4 ملايين برميل يوميًا، خلال أربع سنوات : من 2010 إلى 2014م، ووصل إلى ذروته في يونيو 2015م، ليبلغ 9.6 مليون برميل يوميًا، ثم انخفض الإنتاج بحد أدنى 8.45 مليون برميل يوميًا في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر 2016م، إلا أنه بعد هذا الانخفاض يعود الإنتاج على الفور للانتعاش مرة أخرى ليصل إلى 8.8 مليون برميل في الأسبوع الثاني من ديسمبر 2016م.

يتضح من هذه الأرقام أن إنتاج الولايات المتحدة للنفط الصخري في عام 2014م، قد أظهر مرونة على نحو أكبر بكثير من المتوقع، مما شكَّل بلا شك مفاجأة للسعودية والمنتجين الرئيسيين الآخرين في مجلس التعاون الخليجي، وعندما كان من المقرر استخدام حصة السوق في عام 2014م، كان من المتوقع أن ينخفض إنتاج الولايات المتحدة للنفط الصخري سريعًا بوصول الأسعار إلى 50 مليار دولار أمريكي، ولكن ما حدث هو أن منتجي النفط الصخري كانوا قادرين على تخفيض التكاليف والمحافظة على الإنتاج في معظم الحالات، ولا يمكننا أن نحدد ما إذا كان استمرار تخفيض الأسعار كان سيسبب تخفيضًا أكبر في إنتاج الولايات المتحدة أم لا، ولكن في الحقيقة، وفي خضم اللعبة التنافسية هذه قررت المملكة العربية السعودية تغيير اتجاهها، وعلى اعتبار أنه لا يوجد من يقود قارب الولايات المتحدة -بمعنى أنه لا يوجد سلطة لديها الاستعداد أو القدرة على التحكم في إنتاج الولايات المتحدة للنفط، فإن قرار السعودية هنا يمكن أن نعتبره قرارًا حكيمًا.

دور منظمة الأوبك

بعد الإخفاق في الوصول إلى اتفاق في نوفمبر 2014م، أُعلنت نهاية منظمة الأوبك، مثلما حدث مرات عديدة سابقًا، ولكن الآن، وفي ضوء اتفاقية نوفمبر 2016 م، هل يمكننا القول إن منظمة الأوبك قد استعادت دورها التاريخي؟

من الواضح أن (الأوبك) تعاني من قلة الترابط وتفتقر إلى امتلاك سلطة على الدول الأعضاء، ففي جوهر الأمر لا يمكن لأوبك أن تتخذ أية إجراءات إلا في حالة موافقة السعودية، كما أن فاعلية أوبك تتلخص فيما إذا كان باستطاعة السعودية والأعضاء الرئيسيين الآخرين في المنظمة أن يصلوا إلى تسوية بينهم، وفي تلك المرحلة الأخيرة اتضح كم كان دور بعض الدول الأعضاء ذات الوضع التاريخي الهام مثل فينزويلا غير فعّال داخل المنظمة، وبالرغم من أن الوزير الجزائري نور الدين بوطرفة أدى دور الوسيط بكفاءة، إلا أن الأطراف الوحيدة التي تملك ثقل حقيقي داخل المنظمة  تقتصر على السعودية وإيران والعراق. وفي الوقت نفسه لا تستطيع أوبك أن تتخذ أي إجراء في حالة عدم وجود إجماع أوسع نطاقًا يشمل بعض الدول غير الأعضاء في أوبك بقيادة روسيا.

وعليه، يمكن وصف الموقف الحالي بالحوكمة الثنائية بحكم الواقع الفعلي، حيث أحيانا ما تتوافق منظمة الأوبك ومجموعة الدول غير الأعضاء في السعي نحو إجراء مشترك محدد، ولكن في ظل غياب هذا الاتفاق فإن أوبك بمفردها لا تمتلك القوة للتصرف. وثمة عديد من التساؤلات مجهولة الإجابة حتى الآن، فالترابط داخل المنظمة لا يعد أكثر تماسكًا من الترابط بين مجموعة الدول غير الأعضاء، وليس من الواضح سبب عدم انضمام هذه الدول الى المنظمة، فهذه الدول تفضل غالبًا أن تؤدي دور المراقب، فضلا عن أنها لا تقوم بسداد مستحقات، ولكن من غير المرجح أن يكون ذلك سبباً كافياً لعدم الانضمام. فهل تعتقد روسيا بأنها بعدم انضمامها الى منظمة الأوبك تحافظ بذلك على قدرتها على المساومة؟ في واقع الأمر، إن أي إجراء حقيقي يتطلب أولاً وأخيرًا اتفاقًًا بين المنتجين الرئيسيين وهما السعودية وروسيا، وفي حال كان الاتفاق ممكناً فستزيد بالتالي فرصة عقد اتفاق داخل أوبك على اعتبار أنه يُعتقد أن نقطة التحول في عام 2016م، قد حدثت فقط عندما أعلنت روسيا رسميًا استعدادها للتعاون مع أوبك، ومن ثمَّ فإن روسيا تعد، بشكل من الأشكال، هي المتحكمة في الترابط داخل المنظمة.

ومع الوضع الجديد فإن الولايات المتحدة هل الدولة الوحيدة التي لا تنتمي الى أوبك أو تخالفها فعليًا، فالحكومة الأمريكية لا تمتلك الوسائل القانونية للتحكم في مستوى الإنتاج إلا بطريقة غير مباشرة، أي عن طريق فتح أو غلق الأراضي الفيدرالية والمناطق الخارجية أمام التنقيب والإنتاج، أو عن طريق فرض المزيد من اللوائح الصارمة على الصناعة، ولكن هذه الوسائل غير فعّالة بشكل كاف، كما أن الرأي العام يعترض بشدة على أي اقتراح يهدف لتخفيض إنتاج النفط أو رفع أسعاره.

وكما أشرنا فإن السعودية قد أخفقت في القضاء على وحش النفط الصخري، وتمكنت فقط من إلحاق بعض الإصابات به وإضعافه، إلا أنه مازال على قيد الحياة وعلى استعداد لأن ينقض مرة أخرى ويقفز الى المقدمة.

هل من المرجح أن ترتفع أسعار النفط؟

إن دراسة احتمالية تأثير الاتفاقية بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك تتطلب تحليلاً لدور مخزون النفط ولمنحنى السعر المستقبلي في أسواق العقود الآجلة للنفط، كما تتطلب أيضًا التطبيق الفعلي لما اتُفق عليه طوال المدة الكاملة للاتفاقية، وهذه المدة بالمناسبة قصيرة نسبيًا فهي تبلغ ستة أشهر بالرغم من إمكانية تمديد المدة.

وعلى الأقل طيلة الستة أعوام الماضية، كان عرض النفط العالمي يتجاوز الطلب بشكل مضطرد، وتراكمت كميات كبيرة من النفط في المخازن، وهذه المخازن تمتلكها قطاعات خاصة أو عامة وقد تكون تجارية أو استراتيجية، و نظريا لا يمكن للمخزون الاستراتيجي أن يُستخدم في السوق ولكن الفرق بين استخدام المخزون لأغراض استراتيجية وبين استخدامه في السوق مازال أمراً إشكاليًا.

وليس لدينا تقديراً دقيقًا بخصوص النفط الموجود في المخازن، حيث لا تعلن كل الدول عن كمية النفط المخزن على أراضيها، بالإضافة إلى أن بعض الكميات تُخزن على ناقلات النفط والتي قد تكون راسية في البحر أو تتجه ببطء إلى وجهات غير معلومة، أو أن تكون مخزنة في مرافق قانونية للتخزين خارج البلاد أو في مناطق التجارة الحرة بدون أن تخضع لقانون الدولة المضيفة.، فليس لدينا معلومات كافية إلا عن المخزون لدى الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية، فالوكالة تنشر على نحو منتظم معلومات عن المخزونات المتاحة في القطاعين العام والخاص، والتي يتم قياسها وفقًا لعدد أيام متطلبات الصادرات الصافية. وقد قدرت الوكالة مخزون النفط الإجمالي لدى الدول الأعضاء بدايةً من شهر سبتمبر 2016م، بعدد 280 يومًا من الواردات الصافية منها 170 يومًا لدى القطاع الصناعي و110 لدى جهات عامة. وقد كانت سياسة الوكالة القائمة منذ أمد بعيد تقتضي بوجوب حيازة الدول الأعضاء لما يعادل 90 يومًا على الأقل من الواردات الصافية حتى تتمكن من مواجهة حالات طارئة تتعلق بالتوريد بالرغم من أنه لم يحدث أن تطلبت أي حالة طارئة اللجوء إلى تلك الكميات الكبيرة المخزنة، وعلى أية حال فإن حجم المخزون الحالي يفيض بصورة كبيرة عن ما تحتاجه الوكالة، ومع الأخذ بالاعتبار أن واردات النفط لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد وصلت إلى 17.8 مليون برميل يوميًا في المتوسط في عام 2015م، فإن النفط المخزن لدى القطاع الصناعي في الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية يجب أن يصل إلى إجمالي 3 مليار برميل تقريبًا، وبالتأكيد فإن الرقم العالمي أعلى بكثير.

فلنتخيل معا أن النفط المخزن موجود في خزان واحد ضخم، يتدفق فيه الإنتاج اليومي للنفط ويُقتطع منه كذلك الاستهلاك اليومي.  بعبارة أخرى، التوازن بين العرض والطلبليس فوريًا، فإذا تجاوز العرضُ الطلبَ يزيد مستوى تخزين النفط، أما إذا تجاوز الطلبُ العرضَ يحدث عكس ذلك، وتهدف اتفاقية تخفيض الإنتاج بين منظمة الأوبك والدول خارج أوبك إلى تحديد الطلب بإجمالي 1.8 مليون برميل يوميًا، وعلى افتراض أن تطبيق الاتفاقية سيؤدي إلى توازن تام بين العرض والطلب فإن ذلك سيستغرق ما يزيد على 800 يومًا، أي أكثر من عامين من أجل تخفيض مستوى مخزون وكالة الطاقة الدولية لدى المؤسسة الصناعية إلى النصف.

ولكن في الحقيقة مع نهاية عام 2016م، سيستمر العرض في تجاوز الطلب، وسيظل النفط متراكمًا في المخازن، وتعتقد وكالة الطاقة الدولية أنه يمكن تحقيق التوازن بين العرض والطلب في الفصل الأول من عام 2017م، ولكن أوبك ليست متفائلة كثيراً وتتوقع أن يتحقق التوازن في الفصل الثاني من العام. ما أقصده هو أن هذا التوازن لا يعني نقصاً في النفط لكنه ببساطة يعني أن النفط المخزن سيبدأ في التناقص، وقبل أن يصل الشعور بأي تضييق في العرض الى الأسواق سيتطلب الأمر النفط المخزن  أن يظل على تراجعه لفترة ممتدة من الوقت.

إن المنحنى القادم للأسعار المستقبلية يشكل أهمية لتحكمه في مدى تراكم أو تراجع النفط المخزن، ومن الضروري بالنسبة للشركات من أجل أن تكون مستعدة لحفظ النفط في المخازن، أن تكون الأسعار على مدى المستقبل البعيد أعلى من الأسعار في المستقبل القريب ( أي أسعار الشهور الأقرب وهي التي يُرجع إليها عادةً)، وإذا كان المنحنى متصاعداً أي أن الأسعار في الأشهر اللاحقة تزيد عن الأسعار في الأشهر القريبة فإن السوق في هذه الحالة يعتبر سوق قائم على عمليات تأجيل البيع أو ما يُعرف بحالة(contango) وهنا قد يكون بقاء النفط في المخازن مربحًا، ولكن إن لم يكن ذلك هو الوضع فإن حفظ النفط في المخازن سيكون وضعًا ينطوي على خسارة وستسعى الشركات لتصفية أو تخفيض مخزونها.

وفي حقيقة الأمر لا يزال السوق في هذه الحالة منذ عام 2014م، وازداد التراكم في المخزون، ولكن اتفاقية نوفمبر 2016م، بين أعضاء منظمة الأوبك والدول غير الأعضاء قد رفعت من المنحنى بقدر يكفي لتشجيع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة لاستكمال تأمين إنتاجهم، وبالرغم من أن أسعار الأشهر القريبة ليست مرتفعة إلى ذلك الحد فإن أسعار الأشهر الستة أو التسعة اللاحقة أو حتى على الفترات الأبعد من ذلك مغرية أكثر، فمثلاً في الأول من ديسمبر كان سعر خام نفط غرب تكساس الوسيط WTI  ليناير 2017م، أقل من سعر يوليو 2017م، بمقدار 3.5 دولار، ويستطيع منتجو النفط الصخري البيع بالأسعار المستقبلية الأبعد لضمان ربح أفضل من البيع بأسعار فورية، وهذا ما يساهم في تفسير المرونة والزيادة الأخيرة في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

إلا أن الزيادة في مبيعات العقود الآجلة تؤدي إلى استقامة المنحنى المستقبلي، إلا إذا كان السوق متفائلاً تجاه الأسعار في الشهور التالية، وعليه، فإن المنحنى الأكثر استقامةيدل على انخفاض الدافع نحو حفظ النفط في المخازن، ولذلك يرفع حاليًا منتجو النفط الصخري الأمريكيون من إنتاجهم، بالإضافة إلى الحد من المزيد من التراكم في المخازن.

لجوء شركات النفط الصخري الأمريكية لتأمين الإنتاج يقلب سوق النفط رأسًا على عقب - بلومبرج

 

ارتفع تقدير سعر خام نفط غرب تكساس الوسيطWTI  المقرر تسليمه في ديسمبر 2017 عن سعره المقدر في يونيو 2018 – هذه الحالة تُعرف بالتراجع backwardation . قبلها بأسبوع كان المنحنى المستقبلي في الاتجاه العكسي أي في حالة تأجيل البيع

 

خلاصة الأمر أنه من غير المرجح أن ترتفع الأسعار أكثر من ذلك، وهو ما تذهب اليه توقعات الدول المنتجة داخل منظمة أوبك وخارجها.

هل ستستمر الاتفاقية؟

إذن فالسيناريو هو أن تقوم كافة الدول المنتجة بالتنفيذ المخلص للاتفاقية وتخفيض الإنتاج بشكل حقيقي، ولمدة أطول بكثير من الستة أشهر المقررة لها حاليا، قبل ان يمكننا توقع ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، وحتى هذه اللحظة يبدو أن السوق لا يزال يؤمن بأن الاتفاقية سيكتب لها النجاح، ولكن ذلك يعد بشكل من الأشكال تصورا حالما، فالجميع باستثناء المستهلكين يتطلع إلى ارتفاع الأسعار، ومثل هذه الثقة قد تتلاشى سريعًا إذا استمر النمو السريع في النفط الصخري الأمريكي أو في حالة اكتشاف نقاط ضعف في تنفيذ الاتفاقية. وفي ضوء الخبرات السابقة، فإن الاتفاقية غالبًا ما ستحمل في طياتها نقاط ضعف، ومن أهم مصادر هذا الضعف هو عدم اشتراك كلا من ليبيا ونيجيريا في الحصص الجديدة لأن إنتاجهما حاليًا أقل بكثير من حصتهما السابقة بسبب الاضطراب السياسي وانعدام الأمن، ولكن من الممكن النهوض من هذه الحالة، مما قد يطرح مشاكل تتعلق بمصداقية تخفيض الإنتاج ككل.

مقالات لنفس الكاتب