array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 115

النجاح في تطبيق الخطط وتحديد الأولويات بدقة وثبات واستمرارية اقتصاد دول الخليج: الخطط والرؤى والتوقعات المستقبلية

الأربعاء، 04 كانون2/يناير 2017

وصل اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي إلى مفترق طرق، فبانخفاض أسعار النفط في عام 2016م، تحتاج الدول إلى الدفع بإصلاحات هيكلية لتنويع اقتصادها بمنأى عن المنتجات النفطية، كما تحتاج إلى تعزيز دور القطاع الخاص، وإيجاد وظائف للقوى العاملة سريعة النمو، فالتحول الاقتصادي المُتصور كما يتجلى في خطط التنويع الاقتصادي في البلاد سوف يستغرق وقتًا، ولكن المفتاح إلى النجاح سوف يكون بالتطبيق وتحديد الأولويات بدقة وثبات واستمرارية.

و على مدار السنوات القليلة الماضية أصدرت كافة الدول في منطقة الخليج بيانات للرؤى والتصورات توضح تطلعاتها نحو التنمية على المدى المتوسط أو البعيد، وهذه الرؤى تصف الإجراءات السياسية الحالية والمستقبلية اللازمة للبلاد من أجل تحقيق أهدافها التنموية، وتختلف الفترة الزمنية من دولة إلى أخرى، وجميع هذه الرؤى عبارة عن وثائق مكتوبة بعناية وتشمل كافة جوانب النمو، وزيادة الأعمال، والتنمية على النطاق الصغير والمتوسط، والإنتاجية، وإضفاء الطابع الخليجي على القوى العاملة، والمجموعات السكانية الوطنية التي لديها رأس مال بشري قوي وتعمل في القطاعات الخاصة، بالإضافة إلى تطوير الصناعات والخدمات ذات الإنتاجية العالية والتي تتسم بالتنافسية وتتطلب  عمالة ذات مهارة عالية.

وتُفعِّل بعض الدول الرؤى الخاصة بها من خلال سلسلة من خطط التنمية التي تشتمل على سياسات تساعد في تحقيق أهدافها طويلة المدى، فمن أحدث الخطط التي انطلقت مؤخرًا في عام 2016م، هي خطة الكويت للتنمية 2015-2020م، وبرنامج التحول الوطني للمملكة العربية السعودية، ويسعى المقال التالي إلى توضيح أسس رؤية كل دولة وتقييم توقعات النمو على المدى القصير والمتوسط.

البحرين

تهدف الرؤية الاقتصادية للبحرين 2030، والمعلنة في عام 2008م، إلى التنويع الاقتصادي وتدعمها استراتيجية تنمية وطنية تقترح إجراءات تستهدف تحسين بيئة الأعمال (2015-2018 م،) وهي تشبه برنامج التحول الوطني للسعودية إلا أنها لا تركز على مؤشرات الأداء الرئيسية وتنطوي على قدر أقل من التوجيهات). كما تهدف هذه الرؤية إلى مضاعفة الدخل المتاح الفعلي لكل مواطن بحريني بحلول عام 2030، عن طريق بناء اقتصاد مُنتِج قادر على التنافس على المستوى العالمي يقوده القطاع الخاص ويستخدم التنافسية والعدالة والاستدامة كمبادئ إرشادية، وتدرك الرؤية المنافسة العالمية المتزايدة التي تواجه البحرين ودور الابتكار والإنتاجية كمصادر أساسية للتميز والبروز.

تكمن استراتيجية التنويع التي تدعمها الرؤية الاقتصادية للبحرين 2030 في ثلاثة محاور: الاقتصاد والحكومة والمجتمع. فعلى مستوى الاقتصاد، ينصب التركيز على تعزيز الإنتاجية والكفاءات مع الانتفاع من القطاعات القائمة ذات الكفاءة العالية والتي لا تعتمد على النفط، واغتنام الفرص الناشئة عن طريق توسيع القطاعات المعتمدة على المعرفة. أما على مستوى الحكومة، فتدعو الرؤية إلى إيجاد حكومة أكثر كفاءة وإنتاجية تخضع للمساءلة وتوفر الإطار التنظيمي الميسر لعملية النمو، وتمتلك أموالاً عامة مستدامة، وتعتمد بصورة أقل على إيرادات النفط، وتعمل على توفير بنية تحتية طبقًا للمواصفات العالمية. أما على مستوى المجتمع فتهدف الرؤية إلى تحقيق معايير عالية من المساعدة الاجتماعية لكل المواطنين البحرينيين بما في ذلك الحصول على رعاية صحية جيدة ونظام تعليمي على أعلى مستوى وبيئة معيشية آمنة ومستدامة.

التوقعات لعام 2017

إن النظرة المستقبلية للبحرين في عام 2017م، تتسم بنمو بطيئ وإصدار الديون بصورة أكبر ووجود عجز مالي كبير.  وقد أعلنت السلطات في بداية عام 2016م، تدابير مالية هامة لتعزيز الإيرادات بما في ذلك الزيادة في أسعار التجزئة لمنتجات الوقود والكهرباء والمياه. كما سينخفض النمو الفعلي في عام 2017م، إلى 1.8% مقابل 2.2 % في عام 2016م، نتيجة للتراجع في إنفاق رأس المال، الأمر الذي سيترك أثره على الاستثمار والاستهلاك الخاص. ومن المتوقع أيضًا أن يظل إنتاج النفط منخفضًا مع وصول عجز الحساب الجاري إلى 3.9 % في عام 2017 مقابل 5.2 % في عام 2016م، ويُتوقع من ثاني أكبر قطاع بعد قطاع المنتجات النفطية، وهو القطاع المالي الذي يساهم بنسبة 16% تقريبًا في الإنتاج المحلي الإجمالي، أن يشهد نموًا بطيئاً هذا العام نظرًا للاعتماد بصورة أكبر على الإمارات العربية المتحدة وقطر في هذا القطاع، بالإضافة إلى السيولة المنخفضة على نطاق المنطقة، إلا أنه من المتوقع أن تتحسن السيولة مع بداية تحسن أسعار النفط في عام 2017م.

إن الأموال التي توجهها دول مجلس التعاون الخليجي إلى مشاريع البنية التحتية الرئيسية وبشكل أساسي من الكويت والإمارات سوف تستمر وستساعد في منع المزيد من التباطؤ الاقتصادي في العام القادم، وقد بدأ بالفعل تمويل البحرين بحوالي 3.7 مليار دولار (بنسبة زيادة 200% عن العام السابق) - من قيمة مشروعات تبلغ 10 مليارات دولار ، كان صندوق التنمية التابع لمجلس التعاون الخليجي قد تعهد باستكمالها بحلول عام 2021م. ولكن إذا استمرت القيود المالية على الاقتصادات الإقليمية فسوف يصعب تحقيق الاستثمارات في الوقت الذي تحاول فيه البحرين إيجاد المزيد من الاستثمارات والنمو.

ومن المتوقع أن تنمو التوسعات في مجالات صهر الألومنيوم وتكرير النفط، كما أن التوسع في خطوط جديدة لخلية صهر الألومنيوم في شركة ألومنيوم البحرين (ألبا) يُتوقع أن ينشط مرة أخرى في عام 2019م، مما سيرفع السعة الإنتاجية للألومنيوم في المملكة إلى ما يزيد علي 50%، كما أن من المرجح أن يُفعَّل توسع مصفاة نفط سيترا بمقدار 100.000 برميل يوميًا في أواخر 2020م، ويُتوقع أن يصل معدل متوسط الإنتاج المحلي الإجمالي إلى 3.1% في السنة في 2018-2020م.

الكويت

تهدف رؤية الكويت 2035 المعلنة عام 2010م، إلى إيجاد اقتصاد تنافسي ذي كفاءة يقوده القطاع الخاص ليغدو لاحقًا مركزًا مالياً وتجارياً. وتهدف أيضًا إلى تنمية رأس المال البشري مع خلق إطار عمل قانوني حديث وتوفير بنية تحتية مناسبة، ولقد قال رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير معلقًا على خطة رؤية 2035 إن الكويت قد تكون "مركز نفوذ إقليمي في المستقبل" ولكن في حالة عدم تطبيق إصلاحات فإن "مستقبل هذا البلد العظيم سيكون غامضًا."

وفي فبراير 2016م، أعلنت الحكومة خطط إصلاح تسعى إلى تعزيز الوضع المالي وتشجيع تطوير القطاع الخاص والتنوع الاقتصادي. وتتمحور الإصلاحات المزعم تنفيذها على مدار الخمس سنوات القادمة -استنادًا إلى جدول زمني سيتم تحديده بصورة شاملة-على ستة مجالات رئيسية وهي: (1) إصلاحات مالية؛ (2) دور الدولة في الاقتصاد؛ (3) تنمية القطاع الخاص؛ (4) مشاركة المواطنين؛ (5) الاصلاح المتعلق بسوق العمل والخدمة المدنية؛ (6) تدعيم الإصلاحات المؤسسية. وتتضمن الإصلاحات المالية ترشيد الإنفاق الحالي، واصلاحات في الأجور والدعم، وطرح ضريبة القيمة المضافة، وتطبيق إصلاح على ضريبة الربح التجاري، وزيادة الأسعار على الخدمات التي توفرها الحكومة، كما يتضمن الإصلاح الاقتصادي إصلاحات هيكلية وتشريعية ومؤسسية لتحسين بيئة الاستثمار وجذب رأس المال الوطني والأجنبي، وتركز إصلاحات التنوع وتنمية القطاع الخاص على الخصخصة/ شراكة القطاعين العام والخاص، والإصلاحات المتعلقة بمناخ الأعمال والإصلاح الشامل للتعليم.

التوقعات لعام 2017

بعكس العديد من الحكومات في المنطقة تعهدت الكويت بالحفاظ على برنامجها الخاص بإنفاق رأس المال وسط أسعار النفط المنخفضة، وسوف يساعد ذلك على الحفاظ على النمو الفعلي بمعدل 2.5% في عام 2016م، و2.7% في عام 2017م، وبالرغم من خفض الإنفاق إلى حد ما، فإن الحكومة سوف تواصل الاستثمار في مشروعات البنية التحتية ومشروعات إنشائية واسعة النطاق، مما سيعمل على الحفاظ على النمو على نحو لا بأس به، كما أن الإجراءات الوقائية المالية الهامة من قِبل السلطات بما في ذلك مبلغ ال 592 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية التابع للهيأة العامة للاستثمار في الكويت، سوف تساهم في الإبقاء على النمو الإيجابي.

إن الإنتاج المنخفض للنفط في عام 2017م، نتيجة لتوقيع منظمة الأوبك اتفاقية لتحديد الإنتاج سيكون له أثره السلبي أيضًا على النمو، فقطاع النفط والغاز مسؤول عن ما يزيد على 50% من الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي، وسيظل أيضًا الاستقرار السياسي عنصرًا هامًا لانجذاب المستثمر مما سيحدد اتجاه سير العديد من صفقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبتحسن أسعار النفط في السنوات القادمة يجب أن تكون هناك مقاومة أقل من جانب البرلمان ودرجة أكبر من النمو غير المعتمد على النفط من جانب القطاع الخاص، ومن المتوقع أن يصل معدل الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي إلى 3.3% في الفترة الزمنية 2018-2020م.

وفي الوقت الحالي يبلغ دين الحكومة مقدارًا بسيطًا (يُقدر بلوغ رصيد الدين العام 13.5% من الإنتاج المحلي الإجمالي في عام 2016م، وذلك بعد ارتفاعه من 10.5% من الإنتاج المحلي الإجمالي في 2015م) مما يعطي للحكومة الحرية في زيادة الاقتراض في سبيل احتواء أثر انخفاض أسعار النفط بالرغم من أن معدلات الاحتياطي الفيدرالي المتزايدة في 2017م،سترفع من التكلفة، وقد قالت السلطات في البلاد إنها قد تُصدر (غالبًا في عام 2017م) سندات للدين الخارجي تصل إلى 10 مليار دولار أمريكي لتغطية عجز ميزانية 2016-2017م، وهو ما يمكن في الغالب تحقيقه.

عمان

ترسم رؤية 2020 التي انطلقت في عام 1995م، الخطوط العريضة للأهداف الاقتصادية والاجتماعية لعمان وهي: الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وإعادة هيكلة دور الحكومة وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وتنويع موارد الدخل القومي، وعولمة الاقتصاد، وتجديد وتطوير مهارات القوة العاملة والموارد البشرية. وتهدف خطة التنمية التاسعة لعمان (2016-2020م) وهي العنصر الأخير من رؤية 2020م، إلى معالجة الاعتماد على النفط عن طريق خفض مقدار مشاركة القطاع النفطي في الاقتصاد من خلال استراتيجية طموحة للتنويع الاقتصادي. 

ولقد بدأ العمل أيضًا على استراتيجية جديدة بعيدة المدى وهي رؤية 2040م، التي تهدف إلى النهوض بالاقتصاد غير المعتمد على النفط مستهدفةً خمسة قطاعات: التصنيع واللوجستيات والسياحة ومصائد الأسماك والتعدين. كما تؤكد الخطة أيضًا على حاجة القطاع الخاص إلى الدفع بالنمو الاقتصادي وخلق الوظائف وهو ما يمكن تدعيمه عن طريق تحسين بيئة الأعمال، وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومن خلال برنامج خصخصة بالإضافة إلى المزيد من التطوير في جانب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفيما يخص مسألة إيجاد فرص العمل فإن الخمسة قطاعات المستهدفة تتطلب الكثير من العمالة، حيث أن الاستراتيجية تهدف إلى مشاركة أكبر من جانب المواطنين العمانيين في القطاع الخاص وذلك باستهداف الوظائف التي يشغلها حاليًا العمال الأجانب ذوي المهارات متوسطة المستوى.

التوقعات لعام 2017

ستواصل الحكومة تطبيق خطتها التقشفية في عام 2017م، على خلفية السياسة التقشفية الحازمة التي اتخذتها في عام 2016م، وسيكون لخطة الحكومة لخفض الإنفاق إلى 11% بالقيم الاسمية تأثيرها على نمو الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي، بل سيكون لها تأثير غير مباشر أيضًا، إذ سيتأثر الاستهلاك الخاص ببطء النمو في أجور القطاع العام والاستثمار، ويُتوقع أن يصل النمو في عام 2016م، الى نسبة 1.6% وأن يتحسن إلى 2.2% في عام 2017م، كما يُتوقع أن يصل معدل الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي إلى 2.7% في الفترة الزمنية 2018-2020م.

وسوف يؤدي التقييد في تمويلات الحكومة إلى تأخير المشروعات، كما ستنخفض صناعة النفط مما سيعرقل التطلعات والتوقعات متوسطة المدى للقطاع، وسوف تستمر الحكومة في وضع الاستثمار في البنية التحتية كأولوية مع التركيز بشكل خاص على اللوجستيات والسياحة بمساعدة تمويل صندوق التنمية التابع لمجلس التعاون الخليجي، وقد أدت الأساليب المحسنة لاستعادة النفط وارتفاع الكفاءة الإنتاجية إلى رقم قياسي في المخرجات النفطية في عام 2015م، وظل الإنتاج على هذا النحو في عام 2016، ونتوقع أن يصل معدل المخرجات إلى 982.000 برميل يوميًا خلال السنة الحالية وفي السنة القادمة.

لقد خفضت الحكومة احتياطاتها في الصندوق الاحتياطي العام للدولة (بقيمة تقدر بـ 34 مليار دولار بنهاية عام 2015م)، كما تخطط لاستخدام 1.5 مليار دولار أخرى من الاحتياطي في 2016م، إلا أن الحكومة ستلجأ إلى أسواق الدين نظرًا للاتساع الفائق في العجز وأيضًا بسبب تزايد العجز طوال الفترة المتوقعة، ولقد اقترضت الحكومة بالفعل مليار دولار أمريكي من مجموعة بنوك بواسطة قرض لمدة خمس سنوات، كما تخطط لاقتراض مبلغ إجمالي 5-10 مليارات دولار أمريكي من أسواق الدين الدولية في عام 2016م، فقط، ولقد خطت الحكومة نحو السوق المحلي بإصدارها أول سند إسلامي سيادي لها (الصكوك)، ولكنها ستكون متذبذبة بخصوص استخدام الدين المحلي خوفًا من وضع المزيد من الضغوط على سيولة البنوك.

قطر

تهدف رؤية قطر الوطنية 2030 التي انطلقت عام 2008م، إلى تحويل قطر إلى اقتصاد متقدم يوفر مستويات راقية من المعيشة لكل مواطنيها وللأجيال القادمة، كما تسعى الى الوصول إلى النهج الصحيح للنمو الاقتصادي في دولة تتمتع باحتياطي مرتفع من الموارد الطبيعية وفي نفس الوقت تعداد سكاني وطني منخفض. وتتمحور الرؤية حول أربع ركائز: التنمية البشرية من خلال العمل من أجل نظام تعليمي وصحي متقدم مع زيادة مشاركة المواطنين القطريين في القوة العاملة، والتنمية الاجتماعية من خلال السعي نحو نظام حماية اجتماعية فعّال، وبناء اجتماعي آمن والاضطلاع بدور فعال في المجتمع الدولي، والتنمية الاقتصادية التي تهدف إلى إدارة اقتصادية آمنة والاستغلال الحكيم لموارد النفط والغاز والتنوع الاقتصادي المناسب، والتنمية البيئية التي تسعى إلى الحفاظ على بيئة قطر وحمايتها عن طريق تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي واحتياجات التنمية الاجتماعية.

ولقد اختارت الحكومة أن تفرض حظرًا على المزيد من القوة التصديرية للغاز الطبيعي المسال وشرعت في برنامج استثمار عام لدعم التنوع الاقتصادي، وتشمل الأولويات الاستراتيجية مجالات التعليم (المدينة التعليمية) والرياضة (العديد من البطولات مثل فيفا 2022) وقطاع النقل (الخطوط الجوية القطرية) والشؤون المالية (بنك قطر الوطني – أكبر بنك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) والثقافة (المتاحف). ولقد طُبقت إصلاحات تتعلق بالشؤون المالية العامة لزيادة كفاءة الإنفاق وتشتمل على مخطط لإطار العمل المالي متوسط الأجل.

التوقعات لعام 2017

من المتوقع أن يصل النمو في عام 2017م، إلى 3.4% بعد وصوله الى 2.5% في عام 2016م، ولسوف يُدعَّم هذا النمو مع تفعيل مشروع بزران للغاز الطبيعي بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي والذي كان من المقرر تشغيله قبل نهاية 2016م، وسوف يحافظ الدخل الأسري المرتفع على نمط الاستهلاك الخاص، في الوقت الذي ينبغي فيه للإنفاق الحكومي على المشاريع الرأسمالية من أن يحفز النمو في الصناعات المحلية، غير أن النمو الاستيرادي لتلبية الطلب من المستهلكين والقطاع الصناعي سيتجاوز التوسع في الصادرات، الأمر الذي سيثقل على نمو الإنتاج المحلي الإجمالي، ويُتوقع أن يصل معدل الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي إلى 3.7% في الفترة الزمنية من عام 2018 الى 2020م.

وستسمر السلطات في تقييد الإنفاق الحالي (والحد من الأعمال العامة غير الضرورية) لاستيعاب النفقات الرأسمالية المتزايدة مع اقتراب موعد كأس العالم، كما يستمر الدعم المالي - قرر مجلس الوزراء في منتصف يناير 2016م، رفع أسعار الوقود بنحو ثلث الثمن-  وقد قدمت الحكومة في مايو المنصرم نظامًا جديداً تقوم بموجبه لجنة من وزارة الطاقة والصناعة بتحديد السعر بداية كل شهر على أساس ما يقع من تغييرات في سوق الطاقة الدولي.

وينبغي على الحكومة أن تكون قادرة على تمويل الجزء الأكبر من إجمالي العجز عن طريق الاقتراض المحلي والأجنبي- مثل السند السيادي الصادر في مايو بقيمة 9 مليار دولار. ومع ذلك فسيكون المعدل المرتفع للقرض مقابل الإيداع في القطاع المصرفي من القيود المحتملة على تمويل العجز المحلي، والذي استمر في السنوات الأخيرة بنسبة تزيد على 100%، وقد يفرض ذلك قيودًا على قدرة البنوك المحلية على شراء أذون خزانة وتمويل المشروعات الرأسمالية الكبرى، كما ستمثل تكلفة الاقتراض المتزايدة مشكلة أخرى أمام الأسواق الناشئة في عام 2017م.

السعودية

ترتكز رؤية السعودية 2030 التي انطلقت في إبريل 2016م. على ثلاثة محاور رئيسية وهي: وضع السعودية في العالم العربي والإسلامي، والعزم على أن تكون السعودية مركز نفوذ استثماري عالمي عن طريق تنويع مصادر الإيرادات، وتحويل السعودية إلى مركز لوجستي عالمي باستغلال موقعها الاستراتيجي. ومن المزمع وضع السياسات التي ستساعد في تحقيق أهداف رؤية 2030 من خلال سلسلة من الخطط المنهجية، وأول هذه الخطط هو برنامج التحول الوطني الذي انطلق في أوائل يونيو، ويضع هذا البرنامج 178 هدفًا استراتيجيًا و340 من المستهدفات والمعايير على مستوى 24 وزارة وجهة حكومية لتحقيقها بحلول عام 2020م.

وسوف تساهم أهداف برنامج التحول الوطني وخطط السياسات المستقبلية الأخرى التي تدعم رؤية 2030 في توسيع وتعميق نطاق الإصلاحات المستمرة حاليًا، حيث وضعت رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني خطة لتنويع الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وزيادة توظيف السعوديين، وقد أُعلنت الأهداف الاقتصادية المُراد تحقيقها في قطاعات سوق العمل (البطالة) والتجارة (الصادرات غير النفطية) والقطاع المالي (الدين والعجز) والاستثمار الأجنبي المباشر والشركات الصغيرة والمتوسطة.

واحد من أهم الأهداف الاقتصادية لبرنامج التحول الاقتصادي هو زيادة مشاركة القطاع الخاص إلى 65 % من الإنتاج المحلي الإجمالي مقابل 40 % حاليًا، ومن المستهدف أن تزيد مساهمة قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة من 20 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 %، ومن تصورات الخطة زيادة دور القطاع الخاص أيضًا من خلال الخصخصة وتوسيع نطاق استخدام نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل رفع الكفاءة والإنتاجية وزيادة فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص. هذا ولا يزال الدعم المالي مستمرًا، وقد زادت أسعار الطاقة والمياه، وتم تقديم مؤشرات الأداء الرئيسية إلى الوزارات، وكذلك تعزيز إدارة الاستثمار العام، وأُعلن عن إصلاحات لزيادة مشاركة المستثمر الأجنبي في أسواق رؤوس الأموال.

التوقعات لعام 2017

من المتوقع أن يتحسن النمو الاقتصادي قليلاً في عام 2017م، إلى 1.5% مقابل 0.9% في عام 2016م، حيث ستعود بعض الاستثمارات وتُستعاد الثقة تدريجياً، ومع المزيد من تخفيضات الدعم المرجح حدوثها في عام 2017م، والانخفاض الطفيف في انتاج النفط (استنادًا إلى اتفاق متوقع من منظمة أوبك) فمن المنتظر أن يظل الاقتصاد على طريق التحسن، كما سيزداد النمو من خلال التقدم في العديد من مشاريع البنية التحتية (بما في ذلك مشروع مترو الرياض وبعض أوجه التقدم في برنامج الحكومة للإسكان ميسور التكلفة) مما سيوفر مزيدًا من الفرص أمام القطاع الخاص، ويُتوقع أن يصل معدل الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي إلى 3% في الفترة الزمنية من عام  2018 الى عام 2020م،  

إن تركيز برنامج التحول الوطني على تدعيم قطاع السياحة سوف يعود بنتائج إيجابية بعد إدخال بنى تحتية جديدة وكذلك توسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكن على الجانب الآخر فإن التراجع الحاد في إصدار عقود لمشاريع جديدة سوف يعرقل من النشاط في قطاع البناء، على الرغم من أن التخوفات بخصوص تأخير المدفوعات ينبغي أن تكون قد تراجعت إلى حد ما استجابة الى مخطط الحكومة لتقديم دفعة مقدمة بقيمة 100 مليار ريال سعودي (37.5 مليار دولار أمريكي) من المدفوعات المتأخرة بحلول عام 2017م. بالإضافة الى انخفاض أنشطة الاستثمار التجاري مع الزيادة الشديدة في أسعار الوقود والغاز الطبيعي وهو ما سيدفع بالشركات الى الحد من توظيف عمالة جديدة.

إن ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي يعني أن سياسة سعر الفائدة يجب إلى حد ما أن تتبع التغيرات في معدلات الفوائد الأمريكية حتى لو لم تتزامن الدورتين الاقتصاديتين في كلتا الدولتين، ونظرًا لأن صادرات النفط للمملكة مسعرة بالعملة الأمريكية فلا نتوقع أن يكون هناك تعديل لارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي أو انفصاله عنه.

ومن المرجح أن تتبنى مؤسسة النقد العربي السعودي منهج مالي غير مباشر وأكثر مرونة، وكجزء من هذا التحول ضخت مؤسسة النقد العربي السعودي في سبتمبر مبلغ 20 مليار ريال سعودي (5.3 مليار دولار أمريكي) للنظام المصرفي كودائع لأجل بالنيابة عن المؤسسات الحكومية، ونتوقع خلال عام 2017م، المزيد من التدابير التحفيزية (مثل تخفيف متطلبات الاحتياطي في البنوك).

ولقد غطت الحكومة عجز الميزانية عن طريق استخدام المخزون الضخم للاحتياطي الخاص بها (والذي بلغ في أغسطس 562 مليار دولار أمريكي، أو قيمة 28 شهرًا من الواردات)، غير أن الحكومة تدرك مدى الحاجة للحفاظ على الاحتياطي الخاص بها، ولذلك فسوف تقوم بتمويل العجز بصورة أكبر عن طريق إصدار الديون لكل من البنوك المحلية وبشكل أكبر لأسواق الدين الدولية، وقد وافقت الحكومة في إبريل على قرض بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي مع اتحاد للبنوك الأجنبية، ونجحت الحكومة في بيع سندات بقيمة 17.5 مليار دولار أمريكي في أكتوبر (وهو الإصدار الأكبر من دولة ذات سوق ناشئ)، وكنتيجة لذلك نتوقع أن يرتفع رصيد الدين العام من نسبة لا تُذكر وهي 5.9% من الإنتاج المحلي الإجمالي في نهاية 2015 إلى 41% من الإنتاج المحلي الإجمالي بنهاية 2021.

الإمارات العربية المتحدة

تهدف رؤية الإمارات 2021 التي تم اطلاقها في سنة 2010م، إلى أن تكون الإمارات من ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي، وبالرغم من أن الإمارات تدرس أهدافًا جديدة فيما يتعلق بالتنويع الاقتصادي بحلول عام2050م، إلا أن هناك أربعة أهداف كبرى وطموحة للإمارات: أن تكون دولة طامحة واثقة متمسكة بتراثها، أن تملك اتحادًا قويًا يربطه مصير مشترك، وأن تكون ذات اقتصاد تنافسي سلاحه العلم والابتكار، وخلق بيئة معطاءة مستدامة توفر أفضل مستويات المعيشة، مع تعزيز التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية والبيئة. وتعتمد الرؤية على إطار عمل إداري سليم يركز على النتائج.

ولقد سعت الإمارات نحو استراتيجية تنموية منفتحة تعتمد على نظام تجاري مفتوح وتدفقات خارجية غير مقيدة لرأس المال مع استثمارات استراتيجية كبيرة في الموانئ والمطارات والخطوط الجوية، بالإضافة إلى مركز مالي دولي وسياسة صناعية فعّالة في قطاعات البتروكيماويات والألومنيوم والصُلب.

التوقعات لعام 2017

سيتحسن نمو الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي بشكل طفيف إلى 2.4% في عام 2017م، مقابل 2.1% في عام 2016م، بما يعكس نتيجة قرار منظمة الأوبك بخفض الإنتاج والذي سيؤثر على اقتصاد الإمارات الذي يتسم بتنوع أكبر، أكثر من تأثيره على بعض دول مجلس التعاون الخليجي مثل الكويت والسعودية، ونتوقع زيادة أسعار النفط في عام 2018م، حيث سيشهد الاقتصاد نموًا أكبر قبل أن يعود لينخفض في عام 2019م، بانخفاض نمو الطلب العالمي، كما ستساعد استضافة دبي لمعرض إكسبو 2020م، في زيادة إنفاق واستثمار الحكومة، وسيجذب المعرض أعدادًا كبيرة من الزوار، مما سيرفع من الاستهلاك الخاص وصادرات الخدمات، غير أن المعرض يشكل خطرًا أيضًا فيما يتعلق بزيادة الفائض عن الاستيعاب وأسعار العقارات والديون، ويُتوقع أن يصل معدل الإنتاج المحلي الإجمالي الفعلي إلى 3.5% في الفترة الزمنية من عام  2018 إلى عام 2020م.

وسوف تستمر الإمارات من الاستفادة من وضعها الآمن وسط الاضطرابات التي تشهدها المنطقة ومن رفع العقوبات على إيران، فبالرغم من التوترات الإقليمية المستمرة مع إيران، إلا أن دبي سوف تستفيد بوصفها مركزًا تجاريًا من ممارسة الأعمال التجارية والتبادل التجاري مع إيران، وستتأثر طريقة سير التصنيع والتجارة والنقل والسياحة بسبب حالة التوسط في الانتعاش الاقتصادي العالمي وبصورة أكبر بسبب حالة عدم الوضوح في الولايات المتحدة والصين.

و يساهم عدم توقع عودة أسعار النفط إلى ذروتها التي كانت في الفترة الزمنية 2012-2014 م، في تقييد بعض الإنفاق، في حين أنه من المتوقع استمرار بل زيادة تخفيض الدعم المطروح في 2015-2016 مما سيساعد في الإبقاء على قلة التكاليف، ولا نتوقع أن تقلل الإمارات من مشاريع البنية التحتية بالكامل استنادًا على ما قامت به من إجراءات وقائية مالية في صورة أصول لصندوق الثروة السيادية بقيمة تقدر بما يزيد على 1.1 تريليون دولار أمريكي، وعلى غرار دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى فستستفيد كلا من الحكومة الاتحادية والإمارات الفردية استفادة كبيرة من إصدار السندات الدولية لتجنب استنزاف السيولة من النظام المصرفي المحلي، ومن الطرق التي تتبعها الحكومة لتحسين الاستدامة المالية هي تخفيض الدعم على الوقود والكهرباء والمياه.

وتُدار الشؤون المالية العامة إلى حد كبير على مستوى الإمارة مع تمويل الميزانية الاتحادية بشكل رئيسي من قِبل أبو ظبي بما يمثل فقط حوالي عشر الإنفاق الإجمالي، ويمثل برنامج الميزانية الاتحادية للفترة الزمنية 2017-2021م، زيادة حذرة بعد تخفيضات الميزانية لسنة 2016، ويُتوقع أن ترتفع بنسبة 1.5% في عام 2017م، وسوف تستمر دبي في توسيع ميزانيتها استجابةً لقاعدة الإيرادات الأكثر تنوعًا الخاصة بها، وقد أعلنت أبو ظبي خطط إنفاق تنموية جديدة مما يوحي بأن حالة التقشف المالي لديها تتلاشى تدريجيًا.

الخاتمة

بالرغم من الزيادة الأخيرة في أسعار النفط- وهي المحرك الرئيسي للتوقعات المستقبلية لاقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي- فإنه من المتصور أن تظل الأسعار منخفضة خلال السنوات القادمة، ومن المتوقع أن يتحسن النشاط الاقتصادي قليلاً في منطقة الخليج في عام 2017م، بالرغم من الانخفاض المتوقع للمخرجات النفطية بسبب اتفاقية منظمة الأوبك لعام 2016م، فالتضييق المالي والسيولة الآخذة في الانخفاض في القطاع المالي سبب في تراجع النمو غير النفطي لدول الخليج في عام 2016م، ومن المتصور أن يتحسن النمو غير النفطي للدول الخليجية  خلال عام 2017م، مع التخفيف من السياسات المالية التقشفية، وعلى المدى المتوسط يتوقع أن يؤدي قلة العبء المالي والانتعاش الجزئي في أسعار النفط إلى زيادة النمو غير النفطي لمجلس التعاون الخليجي.

إلا إنه ثمة مخاطر على الجانب الآخر، فالتأثير السلبي للسياسات المالية التقشفية وتقليص السيولة على النمو قد يكون أكبر مما هو متوقع، فقد تتفاقم الصراعات الإقليمية، وتزايد التباطؤ في الصين قد يُضعف أسعار السلع بشكل أكبر، في حين أن التضييق المالي الأمريكي بشكل أسرع مما هو متوقع يمكن أن يزيد من تقلب الأوضاع المالية العالمية، مما يحد من توفر التمويل الدولي خاصةً بالنسبة إلى جهات الإصدار ذات التصنيف المنخفض. هذا وقد يحمل النمو متوسط المدى جانبًا آخر من المخاطر، فقد تستطيع السلطات تحقيق تقدم أسرع من المتوقع في تطبيق خطط الإصلاح الهيكلية، إلا أنه مع النظر إلى نطاق التحول الاقتصادي المتصور فإن هذه الخطط يمكن أن تتعثر مما قد يؤدي إلى إنهاك الإصلاح وخلق قيود سياسية داخلية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مدير الدراسات الاقتصادية بمركز الخليج للأبحاث

مجلة آراء حول الخليج