array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 103

خطاب الملك سلمان أمام الشورى خارطة طريق

الإثنين، 28 كانون1/ديسمبر 2015

حدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ في خطابه يوم الأربعاء الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي، التوجهات المستقبلية والسياسة العامة للمملكة، سواء على مستوى الداخل أو الخارج، وعلى صعيد كل الدوائر الخليجية، العربية، الإسلامية، والدولية، وفي مجالات الاقتصاد، السياسة، الأمن، والدفاع وغيرها. لذلك جاء الخطاب الأول للملك سلمان بن عبد العزيز منذ توليه الحكم أمام مجلس الشورى بمثابة خطة عمل متكاملة وتوصيف دقيق للأوضاع الحالية، والاحتياجات، وكذلك التحديات، وخيارات التعامل معها.

الخطاب الملكي، انطلق من أن محاور خطط التنمية وأهدافها، هو الإنسان السعودي الذي وصفه بأنه هدف التنمية الأول، ولترجمة ذلك تم إعادة تنظيم أجهزة مجلس الوزراء لدعم التنمية الشامة وفي كافة القطاعات، وهنا من الضروري أن تتكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، وأن يضطلع الجهاز الإداري للدولة بمهامه وأن ينفذ الخطط وتوجيهات القيادة لبلورة صيغة مثلى تعتمد على تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية والتقليل من الاعتماد على النفط الذي يعد المصدر الرئيسي للموازنة العامة للدولة بما يضمن الاستقرار الاقتصادي المتوازن، ولتحقيق ذلك لابد من أن يكون القطاع الخاص شريكاً فاعلاً وتقديم المزيد من الحوافز له، وتوفير بيئة تشريعية جاذبة للمزيد من الاستثمارات خاصة أن الفرص الاستثمارية المتاحة والمحتملة كبيرة وقابلة لضخ الكثير من الأموال ومن ثم زيادة الإنتاج وتوفير فرص عمل جديدة، والمطمئن أن الاقتصاد الوطني قوي ومتنام ولم يتأثر بالمتغيرات الاقتصادية الدولية والإقليمية كما جاء في الخطاب الملكي أن الاقتصاد السعودي تجاوز تداعيات انخفاض أسعار النفط بما لم يؤثر على استمرار مسيرة البناء وتنفيذ خطط التنمية ومشروعاتها رغم انخفاض أسعار النفط .

ورسم الخطاب رؤية المملكة للإصلاح الاقتصادي وأوضح أنها (تتركز في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، والاستفادة من الموارد الاقتصادية، وزيادة عوائد الاستثمارات الحكومية) وفي اعتقادي أن هذه المرتكزات هي أهم الأسس التي ينطلق منها الإصلاح الاقتصادي في ظل قوة اقتصاد المملكة ومستويات النمو التي يحققها والتي يجب المحافظة عليها وزيادتها لضمان استمرار النمو مستقبلاً مع بطء الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار النفط. فالمعضلة لا تكمن، في نظرنا، في حجم الاستثمارات بل في كفاءة التعامل مع هذه الاستثمارات.

وتناول الخطاب موضوعًا هامًا وله أولوية لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ ولدى الشعب السعودي بأسره ألا وهو (الوحدة الوطنية)، وجاءت مفردات الخطاب معبرة بدقة (الجميع يدرك أهمية الوحدة الوطنية ونبذ كل أسباب الانقسام وشق الصف والمساس باللحمة الوطنية، فالمواطنون سواء أمام الحقوق والالتزامات والواجبات، وعلينا جميعاً، أن نحافظ على هذه الوحدة، والتصدي لدعوات الشر أياً كان مصدرها ووسائل ترويجها، وعلى وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا الجانب).. وهذه المفردات الدقيقة تؤكد على مبدأ المواطنة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وتحذر من المخططات الخارجية وهي معروفة لدينا ونحن قادرون على التصدي لها وإفشالها بتماسكنا، وإدراك طبيعة هذه المخططات وأهدافها ووسائل الترويج لها، ولن تنال من وحدة شعب عريق متمسك بعقيدته السمحاء، وعاداته وتقاليده العروبية، ويقف بقوة خلف قيادته. لكن من الضروري اليقظة والحيطة لمثل هذه المخططات، وهنا يأتي دور الإعلام، والمثقفين والمفكرين، والمعنيين بشأن الشباب والخدمات المجتمعية، ومن الضروري العمل جميعاً على تحصين المجتمع بكل فئاته بالتوعية المستمرة. فقد شهد عام 2015م،  محاولات عديدة من عناصر الفئة الضالة لتهديد الوحدة الوطنية، ولكن التلاحم بين الشعب والدولة أثبت أنه أقوى من هذه التحديات.

على صعيد التصدي للإرهاب، ركز الخطاب على خطورة هذه الآفة وأوضح جهود المملكة لمواجهتها، مشيراً إلى دعم الأجهزة الأمنية بالمملكة وتعزيز قدراتها بكل الوسائل والأجهزة الحديثة التي تمكن رجال الأمن من أداء مهامهم على أكمل وجه واعتبارهم مصدر فخرنا واعتزازنا، وهذا تكريم وتقدير لرجال الأمن الذين نجحوا في التصدي للإرهاب، بل إجهاض العمليات الإرهابية بضربات استباقية محل تقدير العالم، وهنا يجب أن يكون كل مواطن رجل أمن لأن المخطط الإرهابي أكبر مما نتصور، وخطورته تستهدف الجميع لخدمة دول متربصة هدفها انهيار دول المنطقة لتحقيق مكاسب على حساب شعوبنا ومستقبلنا. 

وفيما يتعلق بالمخاطر التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية، تضمن الخطاب الملكي رؤية شاملة، فإضافة إلى التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة مؤخراً، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الخطاب السامي أنه وجه مجلس الشؤون السياسية والأمنية باقتراح الخطط والبرامج والرؤى اللازمة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالأمتين، وهنا تتجسد الرؤية التي لا تحدها الجغرافيا، فالمملكة تشعر بمسؤولية سياسية وأخلاقية ودينية وإنسانية تجاه الأشقاء العرب والمسلمين والمجتمع الدولي، وهذا هو نهج المملكة منذ تأسيسها ، وقد تجلى ذلك في سياسة الملك سلمان بن عبد العزيز ـ أيده الله ـ سواء في الجهود المبذولة في إعادة الأمل في اليمن وتثبيت الشرعية في هذا البلد الشقيق، أو مواقف المملكة تجاه حل الأزمة السورية، وهو دور ثابت في الوقوف إلى جوار الشعب السوري في محنته، ولعل مؤتمر المعارضة السورية التي استضافته الرياض الشهر الماضي وما أسفر عنه من اتفاق تاريخي بين مختلف أطياف المعارضة يُعد نقلة نوعية بمساعدة سعودية لبداية الحل السياسي في سوريا، إضافة إلى مساعدة الدول الشقيقة ودعم اختيارات الشعوب.

 أشار الخطاب الملكي إلى مخرجات القمة الخليجية التي استضافتها الرياض الشهر الماضي والتي شهدت وفاقاً خليجياً حول العديد من القضايا، وكانت رؤية الملك سلمان بن عبد العزيز أمام القمة بمثابة منهج متكامل ما جعل القادة الخليجيين يوجهون باعتمادها وترجمتها خلال عام 2016م، وهنا نؤكد على أهمية الاتحاد الخليجي في تفعيل كافة جوانب التكامل وتحصين المنطقة والدفاع عنها، والحفاظ على أمنها واستقرارها، والصمود في وجه التكتلات والتحالفات الجديدة ومواجهة تداعيات أفول نجم التحالفات القديمة، ما يستوجب ضرورة الدفاع الذاتي عن منطقة الخليج.

في النهاية، من الضروري أن تضع وسائل الإعلام، وكافة المسؤولين والمواطنين خطاب الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ نصب الأعين  واعتباره خريطة طريق لتحقيق المزيد من الإنتاج ، واستمرار التنمية، والحفاظ على الوحدة الوطنية، وصون الوطن حاضره ومستقبله.

مقالات لنفس الكاتب