array(1) { [0]=> object(stdClass)#13179 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 187

6 مقترحات لبناء منظومة إعلام عربي يتبنى الوحدة والتكامل ونبذ الفرقة والخلافات

الخميس، 22 حزيران/يونيو 2023

قمة جدة، يمكن تسميتها قمة الإنقاذ بتوجهها نحو رأب الصدوع بين الدول العربية، واعتماد آليات لإنهاء الصراعات، وربما لأول مرة منذ عقدين من الزمان يجتمع كل هذا الحشد من الملوك والأمراء والرؤساء العرب في قمة عربية، سارع الجميع إليها لمواجهة المخاطر الجسيمة التي تواجه الوجود قبل الحدود، ومن ثم فإن هذه القمة التاريخية بحاجة لإعلام عربي قومي، يدعم توجهاتها، ويدق أجراس الخطر للمتنازعين والمتصارعين العرب!

لا أخفيكم أنني حاولت مرارًا معرفة أسباب الصراعات (العربية / العربية) فوجدت جل ما كتب ونشر يوجه أصابع الاتهام للإعلام، ويبرئ ساحات الشعوب والحكام، كأن الإعلام العربي قد أمسى شيطان الأمة العربية الذي يوسوس لها بالفرقة والتشاحن والبغضاء!

ومن عجب، أنك تسمع وتشاهد ما يعلنه الإعلام العربي (نفسه)، أن كل العرب متفقون على الرغبة في التكامل والعمل العربي المشترك، إذًا فمن ذا الذي يعوق التكامل والتعاون العربي ؟؟

 يشيرون بأصابع الاتهام للإعلام قائلين: (لولا الإعلام ... قاتله الله!)

ترى ما مقدار صحة هذا الاتهام؟

 ثمة دراسات وبحوث علمية تحويها مكتبات كليات الإعلام العربية، تثبت بالدليل تلو الدليل أن الإعلام العربي (الرجيم) أسهم في تغذية الانقسامات العربية العربية حين وقع في فخ التنابز بالعمالة والخيانة، والمسارعة باتهام كل ذي رأي ورؤية بأنه (عميل، خائن، متطرف، إرهابي، زنديق، صهيوني)، وبدلًا من حصر ومحاصرة نقاط الخلاف ودعم نقاط الاتفاق، نطلق الاتهامات ونصم الآذان عن دعوات التمهل والتأني.

أضرب مثلين ـ حزينين ـ من الأراضي المحتلة لإعلام روج للفتنة حتى داخل البيت الواحد، المثل الأول: هيئة الإذاعة والتليفزيون الفلسطينية (تليفزيون فلسطين) جعل معيار (السلامة الأمنية) المعيار الأساسي في اختيار المتقدمين للعمل به، أي لا يتم تعيين أي أحد في هذه الهيئة إلا إذا وافقت على تعيينه الأجهزة الأمنية ولن يلتفت للكفاءة إذا اعترضت الأجهزة الأمنية!

 في المقابل جعلت (قناة الأقصى) قناة حماس الفضائية معيار الاختيار «السلامة الدينية»، والمعني واضح وهو أن يستشار إمام أقرب مسجد للمتقدم للوظيفة بقناة الأقصى حتى يتأكد من تدين المتقدم لشغل الوظيفة!، ولن يلتفت للكفاءة المهنية مع الاعتراض على عدم تدين المتقدم!

مثل آخر، من العراق الشقيق الذي وقع ضحية الطائفية غداة تغطية الأحداث الدامية التي أعقبت الغزو الغربي للعراق. فقد كان بعض الصحفيين المنتمين إلى المذهب الشيعي يتناولون الأحداث من وجهة نظر طائفية بحتة، ويقع الآخرون المنتمون إلى المذهب السني في الخطأ ذاته، الأمر الذي عزز الانقسام الاجتماعي، ونال من ترابط الدولة العراقية المعاصرة. وقد طغى هذا الاتجاه حتى تدخلت الحكومة وألزمت الإعلاميين بـميثاق شرف صحفي، يفرض عليهم تغطية متوازنة، تتحرى الدقة، ولا تجافي المسؤولية السياسية للإعلامي في الحفاظ على الوحدة الوطنية!، ناهيك عن إعلام تفنن في إشعال نار الفتن في اليمن وسوريا وليبيا .. بل والبيت الخليجي أيام حصار قطر!

هنا ... ماذا يفعل الإعلامي الكفء، الحائر بين حماس والمنظمة، أو بين الشيعة والسنة أو بين قطر من ناحية والرباعية من ناحية أخرى؟  كيف نطلب أو نتوقع منه إعلامًا متوازنًا، مؤثرًا في ظل معايير استقطابية، تفتقد المهنية، وتنال من وحدة الصف داخل الدولة الواحدة، فما بالك داخل الوطن العربي؟ .

لهذا ستجد، أن إعلامنا العربي مبدد الجهود بين تقاطع المصالح الحزبية والفصائلية والرؤى القطرية الضيقة وبين الحنين للتكامل والتعاون في مواجهة الأخطار التي تزداد جسامة يومًا بعد يوم!! .

على صعيد متصل، فإن الاستثمار في مجال الإعلام العربي الخاص تسبب بخسائر فادحة لأصحابه (تجربة الشيخ صالح كامل رحمه الله في شبكة قنوات ART .. خير مثال، مما جعل رؤوس الأموال تهرب من الاستثمار في الإعلام العربي إلى مجالات أخرى، أقل مخاطرة، فتوقفت عن العمل قنوات فضائية وأرضية وإذاعات وصحف عربية بسبب كثرة النفقات التشغيلية وقلة العوائد، وحالة الركود الاقتصادي الحاد، وتحول كثير منها إلى النشر الإلكتروني وربما عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

واقع الإعلام العربي إذًا مازال دون الطموح، يغرد خارج السرب، بعيداً عن هموم الأمة ومشاكلها ولا يمكن أن ننتظر منه الإسهام في دعم التكامل العربي إلا إذا انتظم في إطار استراتيجية عربية تقوم على التوافق وتحدد الأولويات بدلًا من هذا الكم الهائل من قنوات الترفيه والموسيقى والدراما.

من هنا، أمسى الإعلام العربي، عرضة للنقد والاتهام والتجريح، مما هدد دوره في صناعة المناعة الوطنية والقومية ضد الانقسامات التي عطلت مسيرة التنمية القومية والوطنية في كثير من الدول العربية. ولهذا نتساءل.

  • هل الإعلام العربي بوضعه الحالي مؤهل للقيام بدور التغيير الإيجابي المنشود؟
  • كيف نعيد الاعتبار لإعلامنا العربي؟
  • كيف نستعيد القدرة الإعلامية الضاغطة من أجل توحيد الصف العربي، المركزة على القواسم المشتركة والعاملة على تقريب وجهات النظر في إطار وحدة الصف العربي؟

أولى الخطوات نحو الإجابة على التساؤلات السابقة تكمن في تصويب مسارات الإعلام العربي، ولا تصويب إلا بالتشخيص الجيد للأدواء ثم يتلوها وصفة واقعية  ..

وتشخيص الحالة ينبئ عن إغراق الإعلام العربي في المذهبية والقطرية على حساب التوجه العروبي، لذلك تبدو جهوده الإعلامية متنافسة، متنافرة، مبددة، ولكل منها استراتيجياتها التي تعكس مصالح فئوية أو حزبية أو قطرية.

هذا التوجه أضعف قدرة الإعلام العربي الداعي للتكامل، المنطلق من جامعة الدول العربية بجميع مؤسساتها، وللأسف باتت قدرته محدودة، متهافتة، فضلًا عن تنوع وتعدد تشريعات الإعلام في الوطن العربي واختلاف التنظيم والهياكل الوظيفية والتوجهات.

الإعلام العربي في تعاطيه مع القضايا القومية، عكس صورة الواقع العربي المتردي، انشغل في الجوهر بالدفاع عن سياسات أنظمة الحكم العربية التي عانت ولا تزال من ثورات الربيع العربي فسعت وسائل الإعلام العربية إلى تبرير سياسات الحكومات، بهدف تمريرها مع جرعة من «الجدل المشروع وغير المشروع»، بينما جهدت وسائل الإعلام المناهضة أو المعارضة لسياسات الأنظمة إلى دحضها والتشهير بها، مما عمّق الانقسامات والصراعات العربية-العربية.

التشخيص الدقيق ينبئ عن تأخر وربما تخلف الإعلام العربي عن متابعة التطورات التقنية المذهلة وبخاصة ما ارتبط منها بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام الذي بات من أهم المحركات الإعلامية والاتصالية، ينبئ أيضًا عن حرمان الإعلامي العربي من دوره التوعوي، وحرية رأيه، وشفافية عمله، وهنا نقف أمام قضية تضييق مساحة الحريات لدى الإعلامي العربي وخضوعه طوعًا أو قسرًا لسلطة رأس المال أو سلطة السياسة، وتحويله إلى أداة تخدم مصالح سياسية قطرية أو مصالح نفعية ضيقة.

لهذا، تأرجحت حرية الإعلام في عالمنا العربي بين أيدي الأجهزة الأمنية، كما تأرجحت ما بين الالتزام بمعايير العمل الإعلامي ومواثيقه، وبين الانتماء الوطني ومقتضيات المصلحة العامة، وما يتعلق بالأمن القطري أو القومي.

ربما تقول أيها القارئ الكريم، نعرف كل هذا وزيادة، فما الحل؟ وما العمل؟ كيف نجعل الإعلام العربي جسرًا للتعاون، لا سورًا منيعًا يحول دون تحقيق تكامل عربي منشود؟   

الحل ميسور، نبحث عن نقاط الاتفاق ونركز فيها، وهي تزيد عن 90 %، ونتجنب مساحات الخلاف وهي لا تزيد عن 10 % التي يركز فيها الإعلاميون الباحثون عن الفتن!

تعجب لو قلت لك: إن مساحات التعاون العربي/ العربي، أكبر بكثير من مساحات الاختلاف والصراع، لدينا مناطق اتفاق كثيرة جدًا، منها ثوابت الأمة، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية، أو الإضرار بتماسك الدول العربية، وإعلاء شأن الوحدة لا الفرقة، واللحُمة لا التشتت، التكامل، لا التنافر والانعزالية.

العرب ـ الآن ـ في أشد الحاجة إلى إعلام يعيد صياغة وجدان العقل العربي الذي واجه محاولات شيطانية خلال العقود الماضية لبث الفرقة والوقيعة وتغييب العقول وتزييف الوعي وفصل المواطن العربي عن هويته وأصوله من خلال حملات ضارية للغزو الثقافي وإقحام أفكار وسلوكيات مستوردة شاذة عن القيم والعادات والتقاليد العربية، تدور رحاها على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحاصر شبابنا ليل نهار!

انظر إلى خريطة العالم العربي، وتأمل ـ مثلًا ـ وحدة جغرافية تجمع ثلاث دول عربية إفريقية:

  • مصر بخبرات زراعية ومرافق مهيئة للتصنيع والتصدير وشباب وجامعات ومراكز بحثية.
  • ليبيا بمواردها الضخمة وموانئ وأراض عامرة بالخيرات.
  • السودان بأراض زراعية خصبة تطعم إفريقيا كلها وموارد مائية ضخمة.

 لماذا لا يهتم بها إعلام عربي يشجع التكامل بدلًا من الفتن بين البيت السوداني الواحد والفتن بين المصري والليبي ، والليبي والسوداني ؟؟  تجمع جغرافي سياسي مصري سوداني ليبي لو توافقت سياسات حكوماته، بعيدًا عن الشعارات والفتن، تراه ماذا يصنع برخاء الشعوب العربية؟

إننا في أشد الحاجة للتركيز على التبادل التجاري (العربي /العربي):

  • لماذا يتوجه العربي للسياحة في باريس ولندن ولا يذهب إلى لبنان، والمغرب، وتونس، ومصر؟
  • لماذا يستثمر العربي أمواله في أمريكا وتركيا أو بريطانيا وألمانيا ولا يستثمرها في دول شقيقة؟

إننا بحاجة ماسة لتكامل إعلاميي عربي تقوده الدول العربية الكبرى للتأكيد على الغايات العربية وتعظيم المشتركات، وإبراز الثوابت العربية والعمل على نبذ الخلافات وترسيخ التقارب، وتحقيق اصطفاف عربي في كافة المجالات والقطاعات.

نحن بحاجة لخطاب إعلامي عربي، يتبنى الوحدة الاقتصادية والأمنية والعسكرية والرياضية والثقافية، يرسخ ما يجمع بين العرب من تاريخ وجغرافيا ويعكس التحديات والتهديدات التي تواجه مسيرة ومستقبل الأمة العربية.

فما العمل؟ دعونا في ختام هذه المقالة، نركز في الأفعال لا الأقوال، منها:

  1. بناء استراتيجية إعلامية عربية موحدة، تضع نصب أعيننا ملف التكامل العربي من خلال قوة ضاغطة قادرة، واعية، مستمدة من التوافق على الحد الأدنى بين الحكومات لتحدد المسارات والوسائل الإعلامية الصحيحة باتجاه توحيد الصف، وتقريب وجهات النظر، وبناء جسور الثقة بين جميع الأطراف، وتوحيد الجهود الإعلامية العربية.
  2. أن تتماشى هذه الاستراتيجية مع تطورات تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام، والمتغيرات الإقليمية والدولية، والتحديات التي تواجه الأمة.
  3. إنشاء (كيان) إعلامي عربي دولي، ناطق بالعديد من اللغات يتبنى دعم القضايا العربية.
  4. صياغة خطاب إعلامي يواجه تحديات الهوية الوطنية والقومية.
  5. ترسيخ القواسم والمشتركات، وتبني مبادرات ثقافية ورياضية وتقارب إعلامي.

مواجهة ما يدور في فلك السوشيال ميديا من فوضى وأفكار غريبة على المجتمعات العربية وإيجاد وسائل للتصدي للشائعات والأكاذيب والتشويه والتشكيك.


المصادر:

  1. المودن موسى، وآخرون، الخطاب الإعلامي وأسئلة العيش المشترك، مجلة الإعلام والمجتمع، مج 04، العدد 49 ، يونيو 2020 ، ص ص 49- 63 .
  2. العزب الطيب الطاهر ، إشكالية الإعلام العربي ، الشرق 25 مايو 2015 .
  3. سامح فوزي ، 4 تحديات تواجه الإعلام ، جريدة الشروق ، 8 يونيو 2023 .
  4. عبد الرازق محمد الدليمي ، الإعلام العربي : ضغوطات الحاضر وتحديات المستقبل ، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، 2011 .
  5. علي محمود العاندي ، الإعلام العربي أمام التحديات المعاصرة ، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، سلسلة دراسات استراتيجية ، العدد 35 ، 2016 .
  6. قيس العزاوي ، تحديات الإعلام في الوطن العربي ، مجلة شئون عربية ، العدد 183 ، 6 سبتمبر 2020 .مبارك بن واصل الحازمي ، الإعلام العربي والأمن القومي : الرؤى والتحديات...نحو أجندة إعلامية مستقبلية ، المجلة المصرية لبحوث الإعلام والاتصال الجماهيري ، كلية الإعلام ، جامعة بني سويف ، عدد مايو 2022 .
  7. محمد شرف محمد هاشم ، دور الإعلام في التغيير في العالم العربي: دراسة  تحليلية ، مجلة دراسات في  العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 2 ، المجلّد 45 ، 2018 ،
  8. مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، حلقة نقاشية حول الإعلام العربي والتحديات في ظل التطورات الإقليمية ، 10 مايو 2018.
  9. محمد قيراط ، مساءلة الضمير : الصناعة الإعلامية والانتقائية المنظمة ، الاردن : دار حنين للنشر والتوزيع ، 2016 .
  10. محرز غالي ، رؤية الخــبراء لـدور صنـاعـة الإعلام في تعـزيز نمـوذج اقتـصــاديات المـعــرفة في المجتمعــات العــربية واتجــاهاتهــم نحــوها کأحد مصادر القوة الناعمة في هذه المجتمعات ،كلية الإعلام ، جامعة القاهرة ، المجلة المصرية لبحوث الإعلام ، العدد66 ،  يناير 2019 .
  11. يوسف تمار ، التكامل الإعلامي العربي بين الامكانيات والتصور : دراسة وصفية تحليلية للخطاب عن التكامل الإعلامي العربي خلال فترة 1986 – 1995 ،. المجلة الجزائرية للاتصال ، العدد 6، المجلد 14 ، ص ص 250 -
  12. Rami G. Khouri , The New Arab at 7: The latest Arab media revolution... is the one you're reading, 01 Jun, 2021 available at : https://www.newarab.com/opinion/new-arab-7-media-revolution-modern-times.
  13. William A. Rugh, Do National Political Systems Still Influence Arab Media, Electronic Journalism , the Middle East Centre , Arab Media & Society , May, 2007.
  14. Adel Iskandar, Lines in the Sand: Problematizing Arab Media in the Post-Taxonomic Era , Arab Media & Society , May, 2007.
  15. Boyd, A. Douglas , Broadcasting in the Arab World: A Survey of the Electronic Media in the Middle East. Ames: Iowa State University Press. Kirchner, H. (2001)

.

مقالات لنفس الكاتب