تستضيف الظهران بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة ما بين 2 و5 ديسمبر 2019م، فعاليّات مؤتمر مؤسسة الفكر العربي السنوي "فكر17"، بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء".
ويشهد المؤتمر حضورًا رفيع المستوى من مسؤولين وسياسيّين ومفكّرين وإعلاميّين، يتقدّمهم صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسّسة الفكر العربي، والسيّد أحمد أبو الغيط الأمين العامّ لجامعة الدول العربية. ويأتي انعقاد المؤتمر هذه السنة تحت عنوان "نحوَ فكر عربي جديد"، ويناقش محاور هذا الموضوع وأبعاده على مدار أربعة أيّام، وفق برنامج يتضمّن جلسة افتتاحية، وثلاث جلسات عامّة، وثماني جلسات متخصّصة للبحث في عناصر الفكر الجديد ومقوّماته.
تفاصيل الجلسات
يفتتح مؤتمر "فكر17" جلساته باحتفالٍ رسمي عند الساعة السابعة من مساء الاثنين الموافق 2 ديسمبر، بكلمة للبروفسور هنري العَويط المدير العامّ لمؤسّسة الفكر العربي، ثم كلمة "إثراء" الشريك الرئيسي للمؤتمر، وكلمة الأمين العامّ لجامعة الدول العربية السيّد أحمد أبو الغيط، وكلمة رئيس المؤسّسة صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل.
وفي اليوم الثاني ( 3 ديسمبر) ، تنطلق أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية تحت عنوان "الفكر العربي وآفاق التجديد"، تليها جلسة عامّة أولى تحت عنوان "العالَم اليوم... العالمُ غدًا: التحوّلات والتحدّيات والرؤى".
كما تنطلق في اليوم ذاته، الجلسات المتخصّصة الأربع التي تُعقد تحت العناوين التالية: "نحو سياساتٍ تربوية جديدة لبناء فكرٍ عربيّ جديد"، "ما هو دور العُلوم الاجتماعية والإنسانية في تجديد الفكر العربي؟"، "تجديد النظر في مفاهيم الدولة والمواطَنة والمشاركة" ، "التعدديّة وثقافة التسامح والسلم الاجتماعي".
في اليوم الثالث، يستكمل المؤتمر أعماله بأربع جلسات صباحية متخصّصة، تدور حول "نحو مفهومٍ جديد للتنمية"، "الصناعة والتصنيع كركائز أساسيّة للتنمية" ، "الاقتصاد الرقمي" ، "أيّ دور لهيآت المجتمع الأهلي في تجديد الفكر العربي؟"
وتنطلق عصرًا الجلسة العامّة الثانية حول "الثورة الصناعية الرابعة"، يليها عرض تقارير حلقات النقاش الخاصّة بالشباب.
يختتم المؤتمر أعماله في اليوم الرابع والأخير 5 ديسمبر، بعرضٍ مفصّل لتقارير الجلسات المتخصّصة، ثم تُعقد ظهرًا الجلسة العامّة الثالثة تحت عنوان "المثقّفون العرب ودورهم في تجديد الفكر العربي"، يليها اختتام أعمال المؤتمر.
يركّز مؤتمر "فكر17" على الحاجة الملحّة لمراجعة تيّارات الفكر العربي والمفاهيم السائدة فيها، في ضوء التحوّلات العميقة التي تحدثُ في العالَم، واستجابةً لدعوة صاحب السموّ الملكيّ الأمير خالد الفيصل إلى اعتماد "فكرٍ جديد لنهجٍ جديد" من على منبر مؤتمر "فكر15" الذي أقيم في أبوظبي عام 2016م.
وينطلق المؤتمر من الإجماع على أنّ الأفكار التي برزت والحلول التي اعتُمِدَت في القرنين التاسع عشر والعشرين، لم تعد ملائمة الآن ولم تعد قادرة على التعامل مع أسئلة الحاضر وتحديّات المستقبل، وتعرّضت النظريّات والأيديولوجيات لمُراجعاتٍ عميقة لمُسلّماتها وفرضيّاتها، وثار الجدل حول تعاريف مفاهيم كالطبقة والثورة والدولة والسُلطة والمُشارَكة، لذا أصبح من الضروريّ طرح أفكار جديدة للتعامل مع الأسئلة الجديدة.
وفي هذا الإطار، وضعت مؤسّسة الفكر العربي مجموعة من الأسئلة، آملةً أن تُسهم مداخلات المتحدّثين ومناقشات الحضور، في إعطاء أجوبة عليها، وفي فتح مسارات من شأنها أن تساعد في تجديدٍ عاجلٍ ومرجوّ للفكر العربي.
ومن بين هذه الأسئلة، أين موقع الإنسان العربي؟ أين نحن من تحدّيات التكنولوجيا والعلوم والمقاربات الحديثة للمعرفة؟ أين نحن من تجديد مجتمعاتنا ومفاهيمنا الاجتماعية؟ أين موقع الإنسان العربي داخل المنظومة الأمميّة، وما هو تفكيرهُ في طريقة انخراطه في العولمة ودفاعه عن هُويّة منفتحة على العالم وفي تفاعلٍ معه؟ أخيرًا، أين هم المثقّفون العرب في محاولاتهم لتجديد الفكر العربي، وفي بناء فلسفةٍ متجدّدة قادرة على تقديم مساهمتها في الجهد العالمي للفكر المعاصر؟
وكانت قد انطلقت أعمال مؤتمر "فكر" السنوي سنة 2002، وشكّل علامة فارقة في سجلّ المؤتمرات الثقافية العربية، ومنصّة تفاعليّة للتبادل الهادف للأفكار والخبرات والتجارب العربيّة الرائدة، وذلك من خلال مناقشة إحدىالقضاياالملحّةفيالمجتمعالعربي بأساليب حضارية ومسؤولة.
يشارك في المؤتمر شخصيّات بارزة، من صنّاعقرار ومسؤولين ومفكّرينومثقّفين وباحثين وخبراء، ومندوبين عن هيآت القطاعين الخاصّ والعامّ، ومنظّمات واتّحادات عربية، ومنظّماتالمجتمعالمدني، ومراكز الدراسات والأبحاث والهيآت الإعلامية والشباب العربي، فضلاً عن ممثّلين عن الاتّحادات والمنظّمات الدولية ذات الصلة.
ويسعى المؤتمر إلى استقطاب الدعم اللّازم من مختلف الجهات المعنيّة في الوطن العربي والعالم، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لمؤسّسة الفكر العربي، والهادفة إلى إحداث نقلة نوعيّة في الفكر الثقافي والاجتماعي العربي، وتحقيق التنمية المستدامة القائمة على قواعد راسخة من القيم الإنسانية.
التقرير العربيّ الحادي عشر للتنمية الثقافيّة
أولت مؤسّسة الفكر العربيّ باستمرار، منذ انطلاقتها الأولى في العام 2000م، الثقافة وقضاياها، اهتمامها البالغ، التزامًا منها بالأهداف التي أُنشئت من أجلها وبالرسالة التي حملت لواءها، وإيمانًا منها بأهميّة الثقافة وضرورة تعزيزها. وخير دليلٍ على ذلك إصدارها عددين من كتابها السنويّ "أفق"، الأوّل بعنوان "الثقافة والمثقّفون العرب: التحدّيات والمسؤوليّة"، والثاني بعنوان "نحو نموذجٍ ثقافيّ جديد في عالمٍ متحوّل". ودأبت ابتداءً من العام 2008، على إعداد "التقرير العربيّ للتنمية الثقافيّة"، وقد أصدرت منه حتّى الآن عشرة أعداد.
أمّا التقرير الحادي عشر الذي اختارت له عنوان "فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع"، والذي يتزامن إطلاقه مع انعقاد مؤتمرها السنويّ "فكر17"، فيندرج في إطار سعيها إلى الإضاءة بصورةٍ محدّدة وبانوراميّة على أوجه الحياة الثقافيّة المنوّعة في مختلف مناطق العالَم العربيّ، مشكّلاً حلقة جديدة في السلسلة التي بدأتها مع تقريرها التاسع الصادر بعنوان "الثقافة والتكامل الثقافيّ في دول مجلس التعاون: السياسات، المؤسّسات، التجلّيات"، والتي ستستكملها من خلال تقريرها السنويّ الثاني عشر المخصّص لأوضاع الثقافة في دول المغرب العربيّ.
ولكنّ الدواعي إلى إصدار التقرير الحادي عشر تتجاوز هذه الاعتبارات والأهداف، على وجاهتها. فلقد قرّرت مؤسّستنا إصداره لمناسبة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين (1948 – 2018م)، لا لأنّه يُسهم في ترسيخ توجّهات المؤسّسة الفكريّة فحسب، بل لأنّه يضطلع أيضًا بمهمّة الإعلان عن مفهومها للثقافة ونظرتها إلى دورها ووظيفتها، ولأنّه يُترجم موقفها الداعم للقضيّة الفلسطينيّة.
فمع تمسّكها بضرورة وفاء الأعمال الفكريّة والأدبيّة والفنيّة بأعلى معايير الجودة والتميّز والإبداع، وبضرورة تقيّد الأبحاث الأكاديميّة والدراسات النقديّة بمستلزمات المناهج العلميّة والمقاربات الموضوعيّة، تعتبر مؤسّسة الفكر العربيّ أنّ الثقافة لا يسعها أن تبقى على الحياد في المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطينيّ لمقاومة الاحتلال، وفي نضاله من أجل الحفاظ على هويّته، وحماية تراثه، وصون تاريخه وذاكرته، واسترجاع حقوقه المشروعة في أرضه، وقيام دولته.