تسارعت الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج بعد بداية انهيار الاتفاق النووي مع إيران (والمعروف إعلاميًا باتفاق خمسة زائد واحد كناية عن الدول الخمسة الدائمة فيمجلسالأمن - الولايات المتحدة الأمريكية – روسيا الاتحادية – الصين – المملكة المتحدة وفرنسا زائد ألمانيا بالإضافة للاتحاد الأوروبي) والذي تم إبرامه في فيينا في يوليه 2051 م، باسم " خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA" واعتمد بقرار رقم 2231 من مجلس الأمن في 20 يوليه 2015م، وبدأ تنفيذه بمشاركه فعاله من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها من 16 يناير 2016 م عقب إعلان مدير الوكالة الراحل إيكيا امانو بعدم وجود برامج نووية عسكريه لدي إيران واستجابتها لكل مطالب الوكالة. ورغم تقارير الوكالة الدورية المتضمنة التزام إيران ببنود الاتفاق النووي إلا أن الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ترامب أعلن عدم قناعته بالاتفاق وبتوقيع الرئيس السابق أوباما عليه. وفي سابقة فريدة في الاتفاقيات الدولية أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق بشكل أحادي. وبدأ ترامب في إيقاف تنفيذ بند رفع العقوبات الأمريكية وبدأ في إعادتها ثانية بل وتدخل بشكل حاد وتهديدي لإجبار العديد من الشركات في الدول الأخرى بعدم التعاون مع إيران وهو الوضع الذي خلق أزمة اقتصادية كبيرة في إيران.
أدت هذه الأمور إلى تسارع وتيرة الأحداث بصورة كبيرة وتم التعرض لسفينتين في الخليج ووجهت أصابع الاتهام لإيران كمسؤولة عنها ثم تم احتجاز سفن لكل طرف لأسباب شكلية. ووصلت خطورة الأزمة أن الرئيس الأمريكي نفسه أعلن عن تخطيطه لتوجيه ضربة عسكرية لإيران قبل أن يتراجع في اللحظات الأخيرة وهو موقف يبدو للبعض أنه موقف إعلامي وغير جاد من جانب الرئيس الأمريكي ترامب.
وعقب انسحاب ترامب من الاتفاقية في مايو 2018م، وبدء تنفيذه للعقوبات الاقتصادية (وغيرها) أعلنت الدول الأخرى خاصة الدول الأوروبية تمسكها بالاتفاق كما أعلنت إيران أنها مستمرة بالالتزام بالاتفاق بشرط أساسي أن تتمكن الدول الأوربية من تعويض العقوبات الأمريكية خاصة إجبار أمريكاللشركات الأوربية لتنفيذ العقوبات ضد إيران بعد تهديدها بالمقاطعة الاقتصادية وأعلنت إيران أنها ستعطي مهلة لاستمرارها في الالتزام بالاتفاق وصلت لعام كامل. ومع استمرار العقوبات وعدم تمكن الدول الغربية من مجابهة العقوبات الأمريكية فإن إيران بدأت في ممارسة سياسة جديدة تستخدم فيها حدود الاتفاق النووي في المقايضة عليها وهو ما سوف نقوم بتحليله بتفاصيل أكثر في الجزء الثاني من هذه المقالة.
الوضع النووي والعسكري في إيران قبل اتفاقيه 2015:
بدأت إيران برامجها النووية من عشرات السنين وبدعم قوي من شاه إيران وبإمكانيات فنية من الولايات المتحدة الأمريكية والتي أنشأت أول مفاعل نووي للأبحاث في طهران يعمل بوقود يصل تخصيبه لأكثر من 90% ودعمت فرنسا ثم ألمانيا الغربية برنامج لإنشاء عدد من مفاعلات القوى النووية لإنتاج الكهرباء في موقع بوشهر علي ساحل الخليج. وعلى التوازي كانت إيران من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النوويةNPT والتي بدأ تنفيذها من عام 1970م، بواسطه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا.
وتعطل البرنامجالنووي الطموح لشاه إيران بقيام الثورة الإيرانية عام 1979م، والإطاحة بالشاه. وظهرت مقولة حديثة للقيادة الدينية الإيرانية بأن قائد الثورة ومرشدها آيه الله الخميني قد أصدر فتوى دينية بتحريم القنابل الذرية باعتبارها سلاح مدمر للبشرية مما يخالف تعاليم الله. وهي مقولة لم تذكر إلا بعد وفاة الخميني واستخدمت ومازالت في التأكيد على سلميه البرنامج النووي الإيراني.
وفي التسعينات وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت بعض عصابات التجارة غير المشروعة في المعدات والمواد النووية في ممارسة نشاطاتها وعقدت عدة صفقات سرية مع إيران تمكنت من خلالها للحصول على عدد من وحدات الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم المستخدمة سابقًا وعدد من الوثائق الهامة لتصميم هذه الوحدات وغيرها بما فيها تصميم أولي للقنابل الذرية. وفي التسعينات أيضًا تم التعاقد مع الروس لاستكمال مفاعل بوشهر للكهرباء والذي كانت شركه سيمنز قد بنت 80% منه. وفي بداية القرن الحالي استطاعت المصانع الحربية الإيرانية أن تستنسخ وحدات الطرد المركزي الروسي وتبدأ إنتاج وحدات إيرانية أطلقت عليها نوع IR-1 . وفي أواخر 2002م بدأت أجهزة المخابرات المختلفة في اكتشاف هذه الأنشطة النووية السرية مما دعا إيران للإعلان عن برامجها النووية ودعوة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة منشآتها الجديدة وبدأ التفتيش عليها.
ومن بداية 2007م، وبعد تصنيع إيران لبضعة آلاف من وحدات التخصيب IR-1 بدأ إنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب 3 – 5 % تحت إشراف الوكالة. وتتابع تقدم البرنامج النووي الإيراني سواء في أبحاث تطوير وحدات التخصيب مثل IR-2m حتي IR-8 . وفي تقديري أن كفاءه النوع الأخير وقدرته على رفع كفاءة الوحدات الحالية لأكثر من عشرة مرات كان أحد الأسباب الرئيسية في اهتمام الدول الكبرى بالإسراع في تقييد البرنامج الإيراني وإبرام الاتفاق النووي في 2015م.
وفي مجال المفاعلات النووية بدأ تشغيل مفاعل بوشهر لإنتاج 1000 ميجاوات كهرباء في 2012م، كما تم بناء مفاعل أراك للأبحاث وإنتاج النظائر المشعة وهو مفاعل يعمل بالماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي وبقدرة 40 ميجاوات وهو مفاعل قادر على إنتاج بلوتونيوم لأكثر من قنبلة نووية سنويًا. واقتربت إيران من استكمال كافة مراحل دورة الوقود النووي من اليورانيوم الخام لمصانع تحويل الخام للكعكة الصفراء لليورانيوم الغازي لتخصيب اليورانيوم لأي درجة لصناعة وقود المفاعلات النووية سواء مفاعلات الأبحاث أو مفاعلات القوى النووية للمعالجة المعملية للوقود المستهلك واستخراج البلوتونيوم لمعالجة وتخزين ودفن النفايات النووية.
وفي 2015م، كانت إيران تملك أكثر من 20 ألف وحدة تخصيب كلها من النوع الأول IR-1 باستثناء ألف وحدة من النوع الثاني IR-2m (وهو 3-4 مرات إنتاجًا مقارنة بالنوع الأول) بالإضافة لوحدات أبحاث أخرى أهمها IR-8 . ووقتها أنتجت إيران 17 طن من اليورانيوم المنخفض التخصيب (3-5%) و 450 كيلوجرام من اليورانيوم المرتفع التخصيب (20%) . واستخدمت إيران جزءًا من اليورانيوم المخصب المنتج لصناعة بعض وحدات الوقود لمفاعل بوشهر للكهرباء ومفاعل طهران للأبحاث.
القدرات الزمنية لوصول إيران لأول قنبلة ذرية:
كما هو معروف الوصول للقنبلة النووية يمر عبر أحد طريقين الأول هو تصنيع اليورانيوم المخصب بنسبة تتخطى ال 90% (25 كج بتقدير الوكالة الذرية) والثاني هو استخراج البلوتونيوم عالي الجوة من الوقود المستهلك (8 كج بتقدير الوكالة) . وبالنسبة لإيران فإن الطريق الثاني كان أكثر صعوبة حتى تشغيل مفاعل أراك أما الطريق الأول فهو أكثر سهولة في ظل توافر 20 ألف وحدة حاليًا وإمكانية تصنيع أعداد أكثر وكذا تطوير الوحدات ورفع قدرتها الإنتاجية في التخصيب.
والعوامل المؤثرة في قدرة إيران على الوصول لمادة القنبلة النووية وسرعة الوصول لها هي توفر اليورانيوم الطبيعي ونوع وعدد وحدات التخصيب والوصول للتوزيع الأمثل لهذه الوحدات على مراحل التخصيب المختلفة.
وفي حالة توزيع ال 20 ألف وحدة المتوافرة في 2015م، والمجمد منها حاليًا 15 ألف وحدة بسبب الاتفاقية على مراحل التخصيب المختلفة (مثل اختيار ثلاث مراحل: الأولي من يورانيوم طبيعي (0.71%) الي يورانيوم منخفض التخصيب (3-5%) والثانية من يورانيوم منخفض التخصيب ليورانيوم مرتفع التخصيب (20%) والثالثة من يورانيوم مرتفع التخصيب ليورانيوم عالي التخصيب (أكثر من 90%). ويمكن تغيير هذه المراحل للوصول للإنتاج الأمثل لماده القنبلة الذرية (25 كج يورانيوم عالي التخصيب) . وبفرض توفر 10 طن من اليورانيوم الطبيعي ومع بعض الحسابات فإن إيران يمكنها إنتاج ماده لقنبلة ذرية واحدة في خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر.
وإنتاج المادة النووية للقنبلة الذرية هي مرحلة ضمن مراحل تصنيع السلاح النووي وإن كانت أهمها إلا أن هناك مراحل أخرى متوازنة أو متتالية لها مثل التصميم الدقيق للقنبلة وتحويل اليورانيوم العالي التخصيب لمعدن وتشكيله الكروي في القلب وتصنيع المواد المحيطة به وتشكيلها وتصنيع جهاز بدء الانشطار والمفجرات وتجميع أجزاء القنبلة وغيرهم بالإضافة لتوافر أدوات نقل القنبلة سواء عن طريق صاروخ أو طائرة أو غيرها. ويفترض أن أغلب هذه الأجزاء والأدوات موجودة لدى إيران خاصة لدى قواتها المسلحة. ولهذا فنظريًا يمكن تقدير أن إيران تحتاج على الأقل ستة أشهر للتصنيع الكامل للقنبلة وقد يضاف لها ستة أشهر أخرى للتجارب المرتبطة بها. أي واقعيًا نحن نتحدث عن فترة سنة لتكون إيران جاهزة لاستخدام سلاحها النووي الأول. هذا التقدير مرتبط ليس فقط بانسحاب إيران من اتفاقية يوليو 2015م، بل وانسحابها أيضًا من اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية إسوة بما فعلته كوريا الشمالية.
ملخص لحدود الاتفاقية وفتراتها الزمنية المختلفة
اتفاق 2015م وضع حدود مختلفة للنشاط النووي الإيراني خاصة في مجال تخصيب اليورانيوم لفترات زمنية متفاوتة (اغلبها 10 سنوات) أهمها:
- تقليص وحدات التخصيب العاملة من 20 ألف إلى 5060 وحده فقط.
- استخدام نوع IR-1 فقط للتخصيب على أن يسمح ببعض الأبحاث للأنواع المتطورة بشرط الموافقة عليها من لجنة الاتفاق .
- الحد الأقصى للتخصيب هو 3,67% ومن ثم يمنع إنتاج أي كميات من اليورانيوم المرتفع التخصيب (20%) أو العالي التخصيب (اكثر من 90%).
- أقصى تراكم لليورانيوم منخفض التخصيب في الصورة الغازية هو 300 كج فقط (وهو يمكنه إنتاج أقل من 5 كج من اليورانيوم عالي التخصيب أي خمس قنبلة !).
- تدمير قلب مفاعل أراك وتغيير تصميمه بحيث تقل قدرته الإنتاجية للبلوتونيوم عالي الجودة لأقل من الربع.
الوضع النووي والعسكري في إيران بعد الاتفاقية وحتى الانسحاب الأمريكي منها
ودور الوكالة الدولية في تنفيذ الاتفاقية وتقاريرها المختلفة:
أنشأت الوكالة قسم كبير للتفتيش على إيران وتنفيذ الاتفاق النووي يضم أكثر من 100 مفتش. وبالإضافة لتفتيش الوكالة التقليدي طبـقًا لمعاهدة منع الانتشار النووي. وبدأت الوكالة في مراقبة تنفيذ إيران والتزامها بكافة بنود الاتفاق كما بدأت في تنفيذ بنود البروتوكول الإضافي والذي وقعت عليه إيران بصورة مؤقتة على أن توقعه وتصدق عليه بعد 8 سنوات من الاتفاق. واستمرت الوكالة في إصدار تقارير دورية (كل ثلاثة أشهر) عن نشاطاتها في إيران وأصبحت إيران هي الدولة الأولى في كثافة التفتيش النووي على مستوى العالم. وحتى يونيو 2019م، أثبتت الوكالة التزام إيران بكافة بنود الاتفاق واحترامها لحدوده.
أسباب اعتراض الرئيس الأمريكي ترامب على الاتفاقية وانسحابه منها رسميًا في مايو 2018م:
- الفترة الزمنية المحدودة للاتفاق (أهمها فترة العشر سنوات خاصة لبرنامج التخصيب) مع استمرار إيران في أبحاثها لتطوير قدرتها النووية
- عدم ربط الاتفاق النووي بتطوير برامج الصواريخ العسكرية الإيرانية وعدم قدرة مفتشي الوكالة على التفتيش على الأماكن العسكرية لعدم توافر أي سند قانوني في الاتفاقية.
- عدم ربط الاتفاق النووي بشروط سياسية خارجية كالتدخل في سوريا واليمن والتعاون مع حزب الله في لبنان وحماس في غزة وغيرها خاصة في منطقة الخليج.
- عدم الالتزام بالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران.
كان ترامب أثناء ترشحه للرئاسة الأمريكية قد هـاجم الرئيس السابق أوباما على توقيعه على هذا الاتفاق ووعد في حال اختياره رئيسًا أن ينسحب من هذا الاتفاق. وفي مايو 2018م، نفذ ترامب وعده وبدأ في إعادة العقوبات ضد إيران وهدد الشركات الأجنبية ودولها بعدم التعاون الاقتصادي مع إيران.
موقف الأطراف الأخرى بعد الانسحاب الأمريكي:
أعلنت كل الأطراف الأخرى اعتراضها على الانسحاب الأمريكي واستمرارها في الاتفاق وحثت إيران على الاستمرار. ولكن جاءت القرارات الأمريكية في إعادة العقوبات المختلفة-خاصة الاقتصادية - على إيران والتشدد في العقوبات الأمريكية ضد أية مؤسسة اقتصادية أجنبية تتعاون مع إيران معضلة لدول الاتفاق خاصة الدول الأوروبية.
موقف إيران بعد الانسحاب الأمريكي:
رغم رفضها وشجبها للانسحاب الأمريكي فإن إيران استجابت لنداءات الدول الأخرى المشاركة في الاتفاقية بالاستمرار بالالتزام بالاتفاقية شرط تعويضها عن العقوبات الأمريكية وأعطت إيران هذه الدول مهلة سنة لتعويض هذه العقوبات مع استمرارهـا في الالتزام بالاتفاقية وحدودها. وبعد أكثر من عام لم تتمكن الدول الأوروبية من التغلب على العقوبات الأمريكية وبدأ الشعب الإيراني يشعر بحدة العقوبات الاقتصادية وبدأ المسؤولون الإيرانيون في التصريح بتجاوز بعض حدود الاتفاق . والحقيقة أن إيران اختارت رقمين من الحدود لتعلن نيتها لمخالفتهم:
الأول: هو الحد الأقصى لتخصيب اليورانيوم وهو 3.67%. وأعلنت أنها تنوي زيادته ل 4.5% . ثم بدأت بالفعل من يوليه 2019م، في هذا التجاوز. والحقيقة فنيًا فإن هذا التجاوز منطقي لأن متوسط التخصيب للوقود النووي لمفاعل بوشهر يتجاوز الـ 4%.
كما أن التقليص في المدة الزمنية للوصول لتخصيب القنبلة الذرية (أكثر من 90%) بدءًا من 4.5% بدلاً من 3.67% هو تقليص محدود. ولكن الضجة الإعلامية وتأثيرها السياسي المتعلق بتجاوز إيران بعض حدود الاتفاقية هو المطلوب من جهة إيران.
الثاني: فهو مخزون اليورانيوم المنخفض التخصيب المحدد بـ 300 كج فقد أعلنت إيران أنها تنوي تجاوزه . وحتى أواخر يوليو لم يصل هذا المخزون لهذا الرقم بعد.
توقعات المستقبل وإمكانية انفجار الوضع في الخليج:
تصاعدت الأحداث في الأسابيع الأخيرة وتم محاولة تفجير لسفن خليجية وكذا تم أسر سفن لكل طرف مما أوصل المنطقة لاحتمالات حرب أو ضربة عسكرية خاصة من قبل أمريكا وإسرائيل. وأعلن الرئيس الأمريكي تراجعه في اللحظات الأخيرة عن القيام بعمل عسكري ضد إيران وإن كان الكثير لم يأخذ تدويناته على محمل الجد.
في تقديري صعوبة احتمالات الحرب أو العمل العسكري المباشر ضد إيران لأسباب متعددة أهمها أن إيران تجاوزت عتبة السلاح النووي حتى لو تم تدمير منشآتها النووية المعروفة. الخبرة الإيرانية المتراكمة من أكثر من عشرين عامًا لن يصعب عليها العمل تحت الأرض. وبتطوير بعض أنواع وحدات التخصيب خاصة IR-8 وبتوفير اليورانيوم الخام يمكنها من الوصول للسلاح النووي في خلال أسابيع. كما أن إيران تملك أسلحة عسكرية متطورة وأهمها الصواريخ بعيده المدى بالإضافة لقوات عسكرية قوية.
وهناك قطعًا نقاط للمناورة وللحوار. ربما أغلبها شكلي فإيران توحي بإمكانية الموافقة على تصديق البرلمان الإيراني على البروتوكول الإضافي وهو البروتوكول الذي تنفذه الوكالة حاليًا بصورة مؤقتة طبقًا للاتفاقية في مقابل أن ترفع الولايات المتحدة عقوبتها بشكل فوري. وهذا الاقتراح مشكوك في تقبل الأمريكان له. وفي اعتقادي أن الأمر أكثر تعقيدًا وسيأخذ وقتًا أطول ولكني أتصور أن المفاوضات الأمريكية الإيرانية بوسطاء أوروبيين ربما تبدأ ولكن بجدية أكبر بعد الانتخابات الأمريكية أواخر العام القادم. وخلال هذه الفترة أتصور أن إيران ستمارس الضغط من خلال تجاوزات أكثر مثل زيادة عدد وحدات التخصيب وزيادة التخصيب إلى 20% والعودة لاستخدام مصنع فورد تحت الأرض في التخصيب والاستمرار في الإيحاء بالعودة لاستكمال مفاعل أراك وهو في تقديري المهني خيار غاية في الصعوبة خاصة بعد تدمير وعاء قلب الوقود الأصلي.
الخلاصة:
الولايات المتحدة تنسحب من اتفاق مدعوم من العالم مع إيران وبقرار من مجلس الأمن وتهدد مع إسرائيل باحتمالات عسكرية والدول الأوروبية تناور لإقناع إيران بالاستمرار في الاتفاق دون تعويض وإيران تلعب لعبة تخطي حدود الاتفاقية مع الصخب الإعلامي حولها ويستمر هذا السيناريو حتى الانتخابات الأمريكية القادمة وبعدها يبدأ الحوار الجاد لتعديل بعض بنود الاتفاق وحدوده وفتراته الزمنية وربما ربـطه ببعض الملفات غير النووية.