array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 137

سياسات دول مجلس التعاون في مجال الطاقة المتجددة: التحديات والآفاق

الثلاثاء، 14 أيار 2019

تسود الأنماط غير المستدامة لاستهلاك الطاقة القائمة على الوقود الحفري في دول مجلس التعاون الخليجي، وتدفع هذه الأنماط حكومات الدول المعنية للاتجاه نحو وضع خطط لحفظ الطاقة وتنويع مواردها، وذلك للتخفيف من الآثار المترتبة على النمو الاقتصادي والاجتماعي المتسارع في بلدانها.

وقد أصبح صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص أكثر حرصًا على استغلال الفرص الاقتصادية والاستراتيجية والتكنولوجية المتعلقة بالانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة في بلدانهم. وقد قادهم هذا إلى استكشاف – وبدرجة أقل إلى نشر-تطبيقات أكثر ملاءمة للطاقة المتجددة، وبالتحديد الطاقة الشمسية نظرًا للإمكانيات الهائلة المتوقعة منها.

وفي السابق كان الاهتمام بالطاقة المتجددة مقصورًا على المعامل البحثية، إلا أن حكومات دول المجلس أنشأت خلال العقد الماضي مجموعة من المؤسسات المتخصصة لتعزيز دمج مصادر ووسائل الطاقة المتجددة لتكون جزءًا من مصادر الطاقة القومية في بلدانها. ولكن للأسف لم يتم حتى الآن استكمال ذلك من خلال اعتماد نهج منظم للسياسات الوطنية للطاقة المتجددة، ولا يزال السياق الحالي يتضمن بعض التحديات المؤسسية والتقنية التي يجب التغلب عليها إذا ما أرادت الحكومات تحقيق أقصى قدر من الانتشار، وتحقيق أهدافها المعلنة، وجني الفوائد المرتبطة بذلك.

وبشكل محدد فإنه للانتقال من السعة الحالية التي تصل إلى 190 ميجا وات إلى السعة المتوقعة المقدرة بـ 80 جيجاوات بحلول العام 2030م، فإنه يتعين، من الناحية النظرية، تنفيذ نهج يختلف تمامًا عن السياق الحالي للطاقة في المنطقة. وعلى وجه الخصوص، يجب توظيف جهود توزيع الطاقة على النحو الذي يخلق ويعزز الروابط بين القطاعات العامة والخاصة، وكذلك القطاعات الأكاديمية، وذلك في سبيل إعلاء دمج التكنولوجيا النظيفة للطاقة المتجددة ضمن تطبيقات ومستويات متعددة.

الهدف من هذه الورقة هو رصد وتحليل توجهات وسياسات دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الطاقة المتجددة. وفي هذا الإطار، فهي تحلل أسباب ومظاهر زيادة الطلب على الطاقة في دول المجلس، والسياق التاريخي للاهتمام بملف الطاقة المتجددة في هذه الدول، وإمكانيات الطاقة المتجددة التي تمتلكها، والأطر المؤسسية والتشريعية والمالية ذات الصلة بسياسات وبرامج الطاقة المتجددة، والاستراتيجيات والبرامج التي نفذتها دول المجلس في هذا المجال، وما حققته من نتائج حتى الآن. كما تحلل أهم المعوقات التي تؤثر على جهود دول المجلس في مجال الطاقة المتجددة، وتقدم بعض الرؤى والمقترحات بشأن تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في هذه الدول.

أولًا: تزايد الطلب على الطاقة في دول المجلس.. المظاهر والأسباب

أدى النمو السكاني السريع، والتوسع الحضري المتزايد، والحاجة الماسة لتكييف الهواء وتحلية المياه، وكذلك الصناعات شديدة الاستهلاك للطاقة، إلى قيام دول مجلس التعاون الخليجي باستهلاك كميات متزايدة من إنتاجها من المواد الهيدروكربونية، أو الاعتماد على استيراد الغاز الطبيعي من أجل الحفاظ على تطورها الاقتصادي السريع.[1] 

وقد بلغ إجمالي استهلاك الطاقة المحلية في المنطقة حوالي 375 مليون طن من المكافئ النفطي في العام 2013؛ بزيادة قدرها 27 في المائة مقارنة بعام 2008.[2] ومن المُتوقع أن يرتفع إجمالي استهلاك الطاقة بنحو 40 % بحلول العام 2020.[3] وقد بلغ الاستهلاك المحلي نحو 28 % من إنتاج الطاقة في المنطقة في عام 2014، مقارنة بنحو 17 % في عام 2000.[4] 

ويتزايد الطلب كثيرًا على خدمات الكهرباء والمياه، التي تدعمها الحكومات. فقد ارتفع استهلاك الكهرباء بنسبة 88 % في الفترة بين عامي 2004 و2013م،[5] إذ بلغ حجم الاستهلاك حوالي 496.62 تيرا وات ساعة في العام 2013م، ومن المتوقع أن يصل إلى 662 تيرا وات ساعة في العام 2020م.[6] 

وتشير التقديرات إلى زيادة كميات المياه التي يتم تحليتها في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي بلغت 32 مليون متر مكعب/يوميًا في العام 2014م، و36 مليون متر مكعب/يوميًا نهاية 2016م، وحوالي 43 مليون متر مكعب/يوميًا عام 2020،[7] مقارنة بحوالي 25.5 مليون متر مكعب/يوميًا عام 2008.[8]

جدول رقم (1)

القدرة على توليد الكهرباء (جيجا وات)

في دول مجلس التعاون الخليجي (الإنتاج الفعلي والمُتوقع)

 

القدرة على توليد الكهرباء (جيجا وات)

 

الإنتاج الفعلي

المُتوقع (تصور جامعة بيروت العربية)

2020

المُتوقع (تصور جامعة بيروت العربية)

2030

البحرين

3.9

4.5

6.5

الكويت

14.7

18

25

عُمان

5.8

7

15

قطر

7.9

9

17.5

المملكة العربية السعودية

53.6

100

135

الإمارات العربية المتحدة

27.2

42

85

مجلس التعاون الخليجي

113.1

180.5

284

Sources: EIA International Energy Statistics; and Youssef Almulla, “Gulf Cooperation Council Countries 2040 Energy Scenario for Electricity Generation and Water Desalination،” (MSc thesis 2015, KTH School of Industrial Engineering and Management (2015).

ولا يمكن لدول المجلس الاستمرار بنفس الوتيرة في الطلب على الطاقة والمياه. فقد شكل إنتاج مرافق هذه السلع حوالي 40 %من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية (TPES) في دول المجلس عام 2008م، وهو ما يمثل آنذاك حوالي 16% من صافي قيمة صادراتها للوقود الحفري. كما استهلكت هذه المرافق في المتوسط حوالي 50 % من إجمالي إمدادات الطاقة خلال عام 2011م.[9]

كما اقترنت زيادة الطلب على الطاقة في المنطقة بأنماط الاستهلاك الكثيف للطاقة (انظر الشكل رقم 1)، وكذلك انخفاض كفاءة استخدام الطاقة. ويشكل هذا تحديًا أمام القدرة التنافسية لاقتصادات دول مجلس التعاون، ويضع ضغوطًا على صادراتها من المواد الهيدروكربونية وما يتصل بها من إيرادات، الأمر الذي يضيف مزيدًا من القيود في سياق أسعار النفط والغاز المنخفضة، مما يحد من الميزانيات الحكومية.

وبالتأكيد، تُعتبر استدامة النمو في المنطقة على المحك، نظرًا لزيادة عدد السكان، وزيادة الصناعات، فضلًا عن انخفاض تكلفة الوقود، والتي ستؤدي إلى نقص كبير في الطاقة، وبالتالي، زيادة كبيرة في أسعارها.[10] لذلك تحتاج الحكومات الخليجية إلى تعزيز برامجها الخاصة بالحفاظ على الطاقة، وتقليل الهدر، والاستعداد للزيادات في الطلب، وتقليل الأثر البيئي للتوسع الاجتماعي والاقتصادي. لذلك على قطاعات الطاقة والمياه – العرض والطلب -توفير الإمكانيات الهائلة غير المستغلة لدعم كفاءة استخدام الطاقة، والتوسع في استخدام التكنولوجيا النظيفة والمتجددة، والتي من شأنها أن تؤثر على أسواق الطاقة في دول مجلس التعاون بشكل عام.

 

شكل رقم (1)

 الطاقة والكهرباء وغاز ثاني أكسيد الكربون للفرد في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة بمنظمة التعاون والتنمية (OECD) خلال عام2013 م.

 

المصدر: IEA, Key World Energy Statistics 2010 & 2015.

ملاحظة: كان استهلاك الفرد من الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2013 نحو 7.70 قدم، أي 83 % أعلى من متوسط استهلاك الفرد من الطاقة في دول منظمة التعاون والتنمية، وبنحو 6.5 % أعلى مما كان عليه في العام 2008م.

 

وعلى الرغم من ذلك، كان هناك قلق إزاء تلك التحديات التي ظهرت بشكل متكرر خلال العقد الماضي. وبصفة عامة، أصبحت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي أكثر تحينًا للفرص الاقتصادية والاستراتيجية والتكنولوجية المتعلقة بالانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة. وقد قادها هذا إلى استكشاف – وبدرجة أقل إلى نشر-تطبيقات أكثر ملاءمة للطاقة المتجددة، وبخاصة في مجال توليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة. وعلى أي حال، لا يزال السياق الحالي يتضمن بعض التحديات المؤسسية والتقنية التي يجب التغلب عليها إذا ما أرادت حكومات دول المجلس تحقيق أهدافها المعلنة، وجني الفوائد المرتبطة بالتوسع في تطبيقات واستخدامات الطاقة المتجددة.

ثانيًا: السياق التاريخي للاهتمام بالطاقة المتجددة في دول المجلس

لقد تمت المناقشات التي جرت مؤخرًا حول دور الطاقة المتجددة ضمن أنواع الطاقة المستقبلية، تمت بالتوازي مع خطط الطاقة النووية السلمية لدول مجلس التعاون. وقد شرعت كل من البحرين والكويت والسعودية والإمارات في دراسة الخيار النووي. ونظرًا لعوامل سياسية واجتماعية، تخلت البحرين والكويت عن الخطط الخاصة بالطاقة النووية، ولكن لا تزال السعودية تتابع خططها من خلال مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة (KA-CARE)، وكذلك الإمارات التي أسست الهيأة الاتحادية للرقابة النووية (FNAR) عام 2009م.[11]

ومن المثير للاهتمام أن بعض دول المجلس وفي مقدمتها السعودية والكويت قد خصصت الأموال اللازمة في منتصف سبعينات القرن العشرين لاستخدام الطاقة المتجددة وتطبيقاتها؛ ولكن البرامج البحثية الأولية التي أُجريت آنذاك لم تحفزها على المضي قدمًا. وعلاوة على ذلك.[12]

واقتصرت برامج الطاقة المتجددة في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي على البحث العلمي، مع عدم مشاركة القطاع الصناعي في هذه الجهود. وكانت أولويات استدامة الطاقة والتنويع الاقتصادي هي الباعث وراء المبادرات في المنطقة في العقد الماضي. وقد ضمت هذه المبادرات عددًا من الجهات الفاعلة، والشراكات بين المنظمات الحكومية والخاصة والعلمية والصناعية والمحلية والدولية.

ثالثًا: إمكانيات الطاقة المتجددة في دول المجلس.. بحث وتطوير وتوزيع المشاريع

1. الإمكانيات المادية

تقع منطقة دول مجلس التعاون بين 35 درجة شمالاً و35 درجة جنوبًا، وهي المنطقة الجغرافية التي تتميز بالإشعاع الشمسي العالي. وبالتالي، لديها إمكانات الطاقة الشمسية الهائلة. وبالفعل، فقد كشفت دراسة أُجريت في العام 2005م، من قبل مركز الطيران والفضاء الألماني (DLR)، عن أن إجمالي إمكانات الطاقة الشمسية الاقتصادية لكل من الطاقة الكهروضوئية (PV) والطاقة الشمسية المركزة (CSP) يفوق بأضعاف كثيرة الطلب على الطاقة في جميع دول المجلس.[13] وكشف العلماء عن الإمكانية العالية للطاقة الشمسية الساحلية المركزة، وخاصة في السعودية. وقد اُعتبرت هذه الإمكانات الخاصة مفيدة، وبشكل خاص في تحلية مياه البحر (انظر الجدول رقم 2).[14]

جدول رقم (2)

الإمكانات الاقتصادية للطاقة الشمسية والإمكانات الساحلية في دول المجلس

 

الإمكانيات الاقتصادية للطاقة الشمسية

الإمكانيات الساحلية

 

الطاقة الشمسية المركزة + الكهروضوئية (تيرا وات ساعة لكل عام)

للطاقة الشمسية المركزية

(تيرا وات ساعة لكل عام)

البحرين

33

21

الكويت

528.1

134

عُمان

408.19

497

قطر

793

324

المملكة العربية السعودية

574.124

550.2

الإمارات العربية المتحدة

991.1

538

مجلس التعاون الخليجي

327.148

569.3

المصدر: DLR (2005); Alnaser, Trieband Knies (2007)

أكدت الدراسات مدى ملاءمة دول مجلس التعاون لنشر تطبيقات الطاقة الكهروضوئية؛ إذ تُشير تقديرات الأبحاث إلى أنه يمكن توليد ما يقرب من 470 جيجاوات من الكهرباء في واحد % فقط من هذه المساحة. كما أكدت نفس الدراسة أيضًا إمكانية استخدام الرياح البحرية العالية في المنطقة.[15]

ومع ذلك، فقد توصلت الدراسات السابقة إلى أن منطقة مجلس التعاون لديها إمكانات متوسطة لتوليد طاقة الرياح. وفي الواقع، تمتلك عُمان والسعودية فقط طاقة الرياح ذات الإمكانات الاقتصادية القابلة للتطبيق، إذ بلغت حوالي 1400 ساعة من ساعات الحمولة الكاملة سنويًا لكل دولة. وقد وصلت طاقة الرياح إلى أعلى مستويات ساعات الحمولة الكاملة سنويًا في سلطنة عُمان بمعدل 2463 ساعة، وحوالي 1789 ساعة في المملكة العربية السعودية.[16]

2. عمليات البحث والتنمية والتوزيع

ويؤكد واقع الحال في المنطقة على أن الإمارات والسعودية هما الدولتان الرائدتان في مجال الطاقة المتجددة والبحث والتنمية وتوزيع المشاريع. ولكن على الرغم من الاختلاف الحاد في مدى جهود التوزيع والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة بين دول المجلس، فقد تضاعفت البحوث ودراسات الجدوى والدراسات التجريبية في المنطقة بأسرها.[17] وبالإضافة إلى المراكز الرائدة مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمعهد الكويتي للأبحاث العلمية، فقد تم إجراء عدد من البحوث في باقي دول المجلس، نفذتها جامعات ومؤسسات مثل جامعة البحرين، وجامعة السلطان قابوس، وجامعة الملك فهد، وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، ومعهد مصدر، وقد تم إجراء تلك الدراسات محليًا أو بالتعاون مع منظمات دولية.

وتضاعف استخدام الطاقة الشمسية بشكل أساسي في دول مجلس التعاون نظرًا لإمكانيات المنطقة الهائلة في هذا المجال. ومن بين المشاريع الأكثر أهمية محطة "شمس 1" لتوليد الطاقة الشمسية المركزة والتي أنشأها مركز مصدر (100 ميجا وات) في أبو ظبي؛ ونظام تسخين المياه بالطاقة الشمسية في جامعة الأميرة نورا (17 ميجاوات) بالسعودية، وواحة محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي (13 ميجاوات)؛ ومبنى مركز قطر للمعارض (12 ميجاوات)؛ والمحطات الكهروضوئية التابعة لشركة أرامكو (10.5، 3.5 و 1.8 ميجاوات) في السعودية؛ ومصنع مدينة مصدر الكهروضوئي (10 ميجا وات)؛ وشركة نفط البحرين (بابكو) (5 ميجاوات) في البحرين، ومحطة للطاقة الشمسية الحرارية التي تأسست بواسطة شركة تنمية نفط عُمان (7 ميجاوات)؛ ومباني جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في ثول بالمملكة العربية السعودية (2 ميجاوات)؛ وأنظمة الطاقة الكهروضوئية على الأسطح في مدينة مصدر (1 ميجاوات)، والشركة السعودية للكهرباء وشويا شل في جزيرة فرسان السعودية (0.5 ميجاوات).

 

شكل رقم (2)

 مشاريع البحث والتطوير والتوزيع المُنجزة في دول المجلس والتي اعتمدت على تكنولوجيا الطاقة المتجددة

Source: IJB 2013, updated by the author.

 

أكدت هذه المبادرات أن كلًا من الطاقة الكهروضوئية وتقنيات الطاقة الشمسية الحرارية مثل الطاقة الشمسية المركزة، يمكن أن تكون مناسبة، وأن المنطقة تستطيع تطوير قطاعات التكنولوجيا.

وعلى سبيل المثال، بفضل الإشعاع الأفقي العالمي (GHI) في دول مجلس التعاون – الذي يتراوح بين 4.5 و6.5 كيلو وات ساعة / متر مربع-فإن التقنيات الكهروضوئية، سواء تم دمجها في المباني الموزعة في المناطق النائية، أو تم استخدامها في مشاريع الطاقة الشمسية المُستفاد منها بشكل كامل، قد تعلب دورًا هامًا في معالجة الطلب المتنامي على الكهرباء. وعلاوة على ذلك، تُعتبر تكنولوجيا توليد الطاقة الكهروضوئية الأنسب للتخفيف من ذروة الطلب على الكهرباء خلال شهور الصيف. وتظهر مثل هذه الحمولة القصوى في نفس ساعات النهار حيث يتوافر الإشعاع الأفقي العالمي (GHI) الأعلى في منطقة الخليج بأسرها.

ومن ناحية أخرى، تشير إمكانات الطاقة الشمسية المركزة في دول المجلس بسبب ارتفاع الإشعاع الطبيعي المباشر DNI))، إلى أنه ينبغي مواصلة تطوير مثل هذه التكنولوجيا؛ وتشمل تطبيقات هذه التكنولوجيا التحلية الحرارية للمياه، ومحطات الطاقة الشمسية المتكاملة التي تعمل بنظام الدورة المركبة (ISCC)، والاستخلاص الحراري المعزز للنفط (EOR)، فضلاً عن مميزاتها فيما يتعلق بتكلفة الإنتاج أو المرونة الصناعية.

رابعًا: السياق المؤسسي للطاقة المتجددة في دول المجلس.. الأُطُر القانونية والمالية

1. المؤسسات

كانت مبادرات الطاقة المتجددة التي طُرحت مؤخرًا في دول مجلس التعاون مصحوبة بجهود حكومية لتأسيس هيآت إشرافية وتنظيمية تتولى ملف الطاقة المستدامة في هذه الدول.[18] وتفاوت نهج هذه الهيآت الداعم لمصادر الطاقة المتجددة تبعًا لمستوى تبعيتها للوزارات (أوالهيآت) الحالية أو وفقًا لأهداف محددة تسعى إلى تحقيقه. وتشمل تلك الأهداف ما يلي:  

  • وضع السياسات (وزارة الطاقة؛ إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ (DECC) في وزارة الخارجية؛ بالإمارات; مصدر-شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل (ADFEC) بأبوظبي؛ مكتب نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بدبي)
  • وضع خطط التنمية لمصادر الطاقة المتجددة أو الاستراتيجيات الوطنية (لجنة الطاقة المتجددة في البحرين؛ مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في السعودية (KA-CARE)؛ هيأة تنظيم الكهرباء في أبو ظبي؛ هيأة تنظيم الكهرباء في عُمان؛ المجلس الأعلى للطاقة في دبي (DSCE))
  • الإشراف على شراء الطاقة المتجددة (شركة توريد للطاقة المستدامة في السعودية (SEPC)؛ والمجلس الأعلى للطاقة في دبي (DSCE)،  ووزارة الكهرباء والماء في الكويت; وهيأة تنظيم الكهرباء في عُمان)
  • تنظيم توزيعات الطاقة المتجددة أو تحديد اتفاقيات شراء الطاقة (وزارة الكهرباء والماء في الكويت؛ هيأة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية (ECRA); مجلس التخطيط العمراني في أبو ظبي (UPC); مكتب التنظيم والرقابة في أبو ظبي; المجلس الأعلى للطاقة في دبي; والمؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (Kahramaa))
  • تطوير محطات توليد مصادر الطاقة المتجددة (أرامكو بالسعودية; شركة نفط البحرين (BAPCO); مصدر-شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل; المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء; أكوا باور السعودية)
  • تحديد فرص الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة إقليميًا ودوليًا (مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في المملكة العربية السعودية؛ صندوق مصدر بمدينة مصدر؛ مصدر للطاقة).
  • تعزيز التعاون بين المساهمين في مجال الطاقة، وخدمات الطاقة، ومؤسسات البحث والتطوير، وبيئة العمل (لجنة الطاقة المتجددة في البحرين)

وبصفة عامة، يعكس التقدم الذي حققته دول المجلس على المستوى المؤسسي تطور قدرة هذه الدول على المضي قدمًا في قيادة أجندة الطاقة المتجددة في المنطقة. إلا أنه للأسف لم يتم حتى الآن استكمال ذلك من خلال اعتماد نهج منظم للسياسات الوطنية في مجال الطاقة المتجددة، أو استخدام الأُطر المالية والتنظيمية التي تصل بالانتشار الفعلي للطاقة المتجددة إلى أعلى مستوياته.

2. الأُطر القانونية والمالية

أعلنت جميع دول مجلس التعاون عن وضع أهداف متوسطة المدى وبعيدة المدى لمشاريع الطاقة المتجددة المستقبلية المتوقعة. وفي الحقيقة، تتراوح تلك الأهداف من 5 إلى 25% من السعة المستقبلية لتوليد الطاقة بحلول عام 2020م، أو عام 2030م، (انظر جدول رقم 3). وفي حال استكمال تلك الأهداف فإنها سوف تمثل قفزة هائلة في انتشار مشاريع الطاقة المتجددة في دول المجلس (انظر جدول رقم 4 وشكل رقم 3).

جدول رقم (3)

الأهداف الوطنية لدول المجلس في مجال الطاقة المتجددة بين عامي 2020 و2030

 

الأهداف الوطنية في مجال الطاقة المتجددة

 

 

2020/2021

2030

المصادر

البحرين

5%

5%

RCREE, Arab Future Energy Index TM (AFEX) Renewable Energy 2015.

الكويت

5%

15%

RCREE, Arab Future Energy Index TM (AFEX) Renewable Energy 2015.

عُمان

10%

15%

2020: Imen Jeridi Bashellerie, GRC 2012; 2030: IRENA, 2016.

قطر

20%

20%

RCREE, Arab Future Energy Index TM (AFEX) Renewable Energy 2015.

المملكة العربية السعودية

23-30%

23-30%

KACARE، 2013- Scenario، not an official target

الإمارات – أبو ظبي

7%

7%

IRENA, 2012

الإمارات - دبي

7%

15%

DEWA, 2015

 

وحتى الآن، تتبع حكومات دول المجلس في مجال تنمية الطاقة المتجددة النمط القائم على المشروع – أحيانًا يكون في هيأة مرافق عامة أنشأتها شركات من القطاع العام – أو من خلال شراكة القطاع العام مع القطاع الخاص (PPP)، حيث يتم تنفيذ مخططات إنتاج الطاقة المستقلة من خلال عقد اتفاقيات شراء الطاقة مع المؤسسات أو المرافق الوطنية.

لقد تم تطوير الإجراءات المحددة في البداية من أجل وضع الأُطُر المالية لمحطة شمس 1 لتوليد الطاقة الشمسية، والتي تبلغ إنتاجيتها 100 ميجاوات، والمرحلة الأولى من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية (MBRAM)، والذي تبلغ إنتاجيته 12 ميجاوات. واستنادًا إلى تلك الخبرة المؤسسية، تم تدشين المرحلة الثانية من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، والتي تبلغ إنتاجيتها 100 ميجاوات، كما أنها استطاعت الاستفادة من آليات العطاء العكسي، وعطاء أكوا باور ومقرها الرياض لخفض تعريفة طاقة الألواح الضوئية، إذ بلغت أقل من 6 سنت/كيلو وات ساعة.[19] ويُعتبر هذا السعر، تنافسيًا مع أسعار الكهرباء التي يتم إنتاجها اعتمادًا على النفط والغاز الطبيعي.[20] والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستدفع العوامل السابقة الطاقة التقليدية إلى التأقلم على سياسة شراء الطاقة المتجددة، التي تم اعتمادها في تلك العطاءات؟ [21] وقد أدت تلك العطاءات، وفقًا لوكالة الدولية للطاقة المتجددة، إلى حدوث تطور في بعض مشاريع الطاقة المتجددة في دول المجلس (الكويت، الإمارات، وعُمان).

جدول رقم (4)

السعة الكهربائية للطاقة المتجددة (ميجاوات) القائمة والمُتوقعة

في دول المجلس بناءً على الأهداف الوطنية لعامي2020 و 2030

 

السعة الكهربائية للطاقة المتجددة (ميجاوات)

 

القائمة

المتوقعة بناءً على الأهداف الوطنية

 

2011

2014

2020/2022  

2030

البحرين

1

1

225

700

الكويت

0

0

1،050

10،900

عُمان

-

1

700

2،400

قطر

25

28

180

1،800

المملكة العربية السعودية

-

25

9،500

29،300

الإمارات العربية المتحدة

20

135

2،870

33،300

دول مجلس التعاون الخليجي

45

190

14،525

78،400

Source: IRENA (2016), "Renewable Energy Market Analysis: The GCC Region." IRENA, Abu Dhabi

شكل رقم (3)

السعة الكهربائية للطاقة المتجددة (ميجاوات) في دول المجلس

خامسًا: تحديات تطوير الطاقة المتجددة في منطقة الخليج

هناك تطور كبير في منطقة الخليج بشأن مبادرات الطاقة المتجددة في العقد الأخير، وخاصة في السعودية والإمارات، إذ تعتبر الدولتان من أكثر دول المجلس فاعلية في خطط تنويع مصادر الطاقة.

 

يتطلب تخطيط وتنفيذ سياسات الطاقة المتجددة وجود مؤسسات مؤهلة، وتنسيق فعال فيما بينها.[22] وفي ضوء ذلك، توجد تحديات مؤسسية وسياسية تؤثر في جهود تطوير الطاقة المتجددة في المنطقة. وتشمل تلك التحديات الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بتقييم تأثير تكنولوجيا الطاقة المتجددة، أو التشجيع على الاستخدام المنظم لها; وعدم وجود التنسيق الكافي بين الوكالات الوطنية المختلفة (حديثة النشأة) داخل الدولة الواحدة، فضلاً عن ضعف الفاعلية في تنفيذ إجراءات وخطط الطاقة النظيفة الموجودة بالفعل.[23]

 

وفي هذا الصدد، يُعتبر احتكار القطاع العام لسوق الطاقة والكهرباء في دول مجلس التعاون عائقًا أمام تطور الطاقة المتجددة؛ كما تتطلب تلك الإصلاحات تسخير الإمكانات لزيادة استثمارات القطاع الخاص في خدمات الكهرباء التي تعتمد على الطاقة المتجددة.

 

وبالتأكيد، لا يزال التسعير غير المناسب للطاقة المتجددة يمثل أهم التحديات الاقتصادية المصاحبة للاستغلال المنظم لها في المنطقة. وتربط هذه المسألة بين نجاح سياسة مصادر الطاقة التي تستند إلى جانب العرض، مثل الترويج للطاقة المتجددة من ناحية، وإدخال إصلاحات أكبر على مصادر الطاقة التي تستند الى جانب الطلب، وبالتحديد سياسات دعم أسعار مرافق الطاقة من ناحية أخرى.[24]

وفي دول المجلس الغنية بالمواد الهيدروكربونية، والتي لديها الكثير من آليات الدعم للاستهلاك المحلي من الطاقة التقليدية، يُعتبر هذا العامل غير جاذب ماليَا لاستثمارات الطاقة المتجددة؛ إذ يُزيد من التنافسية في تكلفة تكنولوجيا الطاقة المتجددة، ويرفع من التكلفة المبدئية لرأس المال الخاص بالمشاريع والبنية التحتية ذات الصلة.

 

وبالنظر إلى فعالية التكلفة الخاصة بأنظمة الطاقة في دول المجلس، فإن خطط تسعير الطاقة في المنطقة لن تفضي إلى الحد من استهلاكها; إذ أنها تقلل من الوعي بقيمة موارد الطاقة التي تذهب هدرًا، وتأثيرها على البيئة، أو التكاليف الفعلية لخدمات الكهرباء التي تعتمد على المواد الهيدروكربونية، فضلاً عن تكاليف تحلية المياه. وهذا بدوره لن يحد من استهلاك المنطقة المفرط للطاقة، أو من الخسائر ذات الصلة بالإنتاج ونظم التوزيع بشكل خاص.[25]

 

 وفي هذا الصدد، فإنه من الضروري تحسين كفاءة شبكات الطاقة القائمة وتحسين فاعليتها من حيث التكلفة، وبالتالي تجويد عملية رصد وتحليل المعلومات من أجل الاستخدام الأمثل لتوصيلات إمداد الكهرباء الموزعة إلى الشبكة الكهربائية الأوسع نطاقًا. وتحتاج شبكات المنطقة إلى توزيع شبكات التكنولوجيا الذكية من أجل تحسين المرونة الشاملة للبنية التحتية لتحويل الطاقة، وفي نهاية المطاف، السماح برصد تقلبات الإمداد الكهربائي من مصادر الطاقة المتجددة الموزعة والمتقطعة. [26]  

 

وبالإضافة إلى طبيعة الطاقة الشمسية المتقطعة، تُعتبر الظروف المناخية المحلية الترابية والرطبة تحديًا تقنيًا آخر يواجه مشاريع الطاقة الشمسية في المنطقة، إذ يُضعف من فعالية كل من الألواح الضوئية وأحواض الطاقة الشمسية المركزّة. وعلاوة على ذلك، أكد الخبراء إمكانية تلف الألواح الشمسية، وعاكسات الطاقة الشمسية، وأجهزة التخزين جراء درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة. وفي هذا الصدد، تُعتبر جهود وأنشطة البحث والتطوير ضرورية من أجل البحث عن مواد جديدة، وتحسين الجدوى الاقتصادية والتقنية لأنظمة الطاقة الشمسية في ظل البيئة المحلية الموجودة.

 

سادسًا: آفاق تحويل الطاقة المتجددة في دول المجلس

 

وفقًا لما نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة،[27] فإنه إذا تمكنت دول المجلس من تحقيق أهداف الطاقة المتجددة بحلول 2030م، فإن الوصول إلى قدرة توليد الكهرباء الُمتوقعة من الطاقة المتجددة إلى ما مقداره 80 جيجاوات قد يجلب مزايا اجتماعية واقتصادية طويلة المدى، منها ما يلي:

  • تقليل استخدام المياه بنسبة 16% (ما يعادل 11 تريليون لتر من المياه يوميًا).
  • الحفاظ على معدل 2.5 مليار برميل من النفط المكافئ خلال الفترة من عام 2015 حتى عام 2030م (والذي يؤدي إلى وجود مخزونات تراكمية بقيمة تتراوح بين 55و75 مليار دولار).
  • خلق ما يزيد على 200 ألف فرصة عمل.
  • الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد بنسبة 8%( وهو ما يعادل 1 جيجا طن، في الفترة التالية من 2015 إلى 2030).

ومع ذلك، تُعتبر السعة الحالية التي تصل إلى 190 ميجا وات (انظر جدول رقم 4 وشكل 3) أقل من 0.2% من إجمالي السعة الكهربائية للمنطقة، وتصل السعة المُتوقعة من30-50 جيجاوات في خلال خمسة أعوام أو 80 جيجاوات بحلول العام 2030م. ويكمن التحدي الذي يواجه دول المجلس في كيفية رفع جهود توزيع الطاقة حاليًا إلى مستويات مختلفة تمامًا. ومن أجل تحقيق ذلك، يتعين من الناحية النظرية تنفيذ نهج يحدث نقلة في سياق الطاقة في المنطقة.

 

وحتى الآن، لم تضع دول المجلس خرائط طريق لتحقيق أهدافها، فضلاً عن عدم قيامها باستحداث أدوات السياسة النقدية كالقروض، وضمانات القروض المقدمة من الحكومات، أو التعريفات التعويضية من أجل تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.[28]

وبشكل أساسي، ثمة أهمية قصوى لإعادة هيكلة مرافق السوق المحلي، بما فيها إعادة هيكلة أسعار الوقود الحفري وتعريفة الكهرباء، في سبيل تعزيز دمج تكنولوجيا الطاقة المتجددة مع مصادر الطاقة المستقبلية المتعددة في دول المجلس، مما من شأنه تقديم الحوافز المناسبة للمرافق العامة لاتخاذ خيارات استثمارية تستند إلى مزايا اقتصادية واضحة، وإلا سوف تتحول توزيعات الطاقة المتجددة الى استنزاف هائل للأموال.[29] 

 

وبصفة عامة، فإن خطط الحفاظ على مصادر الطاقة وتنويعها تتم بالتوازي مع تحسين سياق الطاقة الحالي لدول المجلس، إذ أن خفض الاستهلاك والقيمة النقدية المرتبطة بمخزون المواد الهيدروكربونية (بطريقة أخرى الإصلاحات المتعلقة بالوقود وتعريفة الكهرباء) والناتجة عن كفاءة استخدام الطاقة، سوف تساهم في تمويل مزيج من مصادر الطاقة الأكثر تنوعًا، وهذا سيؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية وخلق اقتصادات أكثر تنوعًا. ومن جهة أخرى، فإن الإنفاق الزائد على توسيع الأصول (قدرة الطاقة)، مع مواصلة الإسراف في الطلب ذو التكلفة العالية، قد يكون أمرًا غير مستدام من الناحية الاقتصادية والبيئيةً، بالإضافة إلى عدم خلق قيمة مضافة للمجتمع.

 

خاتمة: مستقبل استخدام الطاقة الشمسية في دول المجلس

إن إمكانية تطبيق تكنولوجيا الطاقة الشمسية في دول مجلس التعاون لاتزال مرتفعة للغاية، حيث تشير عدة عوامل جوهرية وخارجية إلى وجود وضع استراتيجي واقتصادي قوي يتيح تطويرها في المنطقة. وتتمتع دول مجلس التعاون بعدة مزايا واضحة فيما يخص الإشعاع الشمسي، ووفرة المواد الخام (السيليكون)، وسهولة الوصول لمصادر الطاقة. ولهذا يبدو جليًا على المدى البعيد، أن أسواق الألواح الضوئية في دول مجلس التعاون الخليجي سوف تكون جاذبة للاستثمارات، إذ من المتوقع أن تشهد تلك المنطقة من العالم تشييد صناعة الطاقة الشمسية المتكاملة.

 

إلا أنه سيكون ثمة مخاطرة في وجود سوق تُسيطر الصناعات الأجنبية على قيمته الاقتصادية. ولذلك وبعد توزيع سعة الطاقة الشمسية، فإن الاستراتيجيات الوطنية لدول المجلس لابد أن تُترجم مثل تلك النفقات الى أموال تُنفق داخل اقتصادات هذه الدول. وهذا يُشير إلى أن توزيع تكنولوجيا الطاقة الشمسية القائمة على المدى القريب، بالإضافة إلى التعلم من خلال الممارسة واستحداث ابتكارات صناعية من خلال نشر تلك التكنولوجيا، سوف يشكل فرصة حقيقة لترسيخ خدمات الطاقة الشمسية داخل النظام التقني والاجتماعي للدولة.

 

وفي الوقت نفسه، وبينما تنتشر عالميًا صناعات توليد الطاقة من الألواح الضوئية، فإنه بإمكان المشاريع الخاصة بصناعات البولي سيليكون وتطورها المرتقب في المنطقة[30] أن تستفيد بشكل فعّال من المزايا النسبية للمنطقة مثل الحصول على الطاقة الرخيصة والمواد الخام. ولذلك، وبعد إضفاء الطابع المحلي على عمليات التصنيع، يجب أن تؤدي تلك الصناعات الى زيادة نشاط البحث والتطوير، وإدخال علوم جديدة خاصة في صناعات الطاقة الشمسية بالمنطقة – بمعنى الوصول إلى حقوق الملكية الفكرية وابتكارها– وهذا بدوره سيؤدي الى هندسة تكنولوجيا خلايا الألواح الضوئية المتقدمة والتي تحظى بالتنافسية العالمية، وترتبط بالتحديات التقنية المحددة في المنطقة. ولا يزال توزيع تكنولوجيا الطاقة الشمسية في ظل الظروف المحلية يتطلب تحديد أغلب التطبيقات الملائمة، وتطوير المعدات، وتحسين فاعلية أجهزة التخزين.

 

وتؤكد النقطة الأخيرة على هدفين استراتيجيين: أولهما، يجب أن يتم التطور الصناعي بالتوازي مع استراتيجيات التوزيع الوطنية; وإلا سوف يتفاقم الطلب على الطاقة وتزداد آثار ثاني أكسيد الكربون. وثانيهما، ينبغي تدعيم قدرة أنشطة البحث والتطوير بغرض الحد من أو وضع نهاية لظاهرة الاعتماد المفرط لدول المجلس على التكنولوجيا المستوردة والخبرة الأجنبية. ولتحقيق ذلك، ينبغي اعتماد سياسات تطوير القوى العاملة لحث الأفراد على استيعاب الخبرة التقنية للطاقة المتجددة، وإنشاء المؤسسات القادرة على تدريب الأفراد لاكتساب المهارات المتصلة بها. وقد تساهم عملية التعلم تلك في تغيير سوق الطاقة المحلي بشكل جذري، وهذا الأمر قد يستغرق عقدًا أو عقدين من الزمن.

 

يتطلب تدشين صناعات الطاقة الشمسية في المنطقة توفر الإرادة السياسية والمعرفة، وذلك على المستوى الوطني، وعلى مستوى المحليات، وكذلك الأفراد، نظرًا لما تشكله تكنولوجيا الطاقة المتجددة من تحديات وفرص تتخطى حواجز المختبرات الأكاديمية أو القدرة على تحمل تكلفة المشاريع والآلات الأجنبية، حيث تنتشر داخل المجتمعات من خلال التحديات الجيوسياسية (أمن الطاقة)، والمساعي الاجتماعية والتقنية، فضلًا عن الضغوط البيئية (التغير المناخي) التي تتسبب فيها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحثة في شؤون الطاقة

 

الهوامش

 

 

[1].  All GCC countries، except Qatar، are dependent on gas imports; Kuwait and UAE are notimporters. See GOIC, Energy Efficiency Guidebook for Industries (Doha، 2013); Energy Information Administration, International Energy Statistics، https://www. eia.gov/cfapps/ipdbproject/IEDIndex3.cfm?tid=2&pid=2&aid=7،- (accessed in January 2016).

[2]. International Energy Agency, Key World Energy Statistics for 2015 and 2010.

[3].  The Economist Intelligence Unit, “The GCC in 2020،” 2010.

[4].  IRENA،Renewable Energy Market Analysis: The GCC Region. IRENA, Abu Dhabi, 2016.

[5].IEA, Key World Energy Statistics 2015 and 2010.

[6].  IEA, Key World Energy Statistics and the Economist Intelligence “The GCC in 2020.”

[7]. Global Water Intelligence, “GWI 2015: Desalination Markets,” 2016

[8].  ESCWA, “Sustainable Production and Consumption Patterns in Energy and Water Sectors in the ESCWA Region،”  2011.

[9].  GOIC, Gulf Statistical Profile 2008, 2009; GOIC Doha 2009; Laura Al-Katiri, Laura and Muna Husain (2014) “Prospects for Renewable Energy in GCC States: Opportunities and the Need for Reform,” OIES PAPER: MEP, 10 Oxford Institute for Energy Studies (September 2014)-  based on IEA statistics.

[10]. Given that the majority of the power and water capacity is powered by gas, the gas supply deficit was expected to reach 7 billion cubic feet per day by end of 2015. See GOIC, Energy Efficiency Guidebook (Doha, 2013).

[11]. Four nuclear plants with a total capacity of 5.6GW are expected to be completed between 2017 and 2020 in Abu Dhabi. See Federal Authority for Nuclear Regulations, UAE Government White Paper on Nuclear Energy، 2008

[12]. Total investment reached $250 million, but installed capacity did not exceed 2 MW of demonstration projects. For a synthesis of these programs، see Imen Jeridi Bachellerie, “Framework for a Renewable Energy Transition in the GCC: Finding the Right Paradigms,” The Gulf Monitor 3, no. 3 (March 2010).

[13].  DLR, Concentrating Solar Power for the Mediterranean Region (2005).

[14]. W.E. Alnaser, F. Trieb and G. Knies. “Solar Energy Technology in the Middle East and North Africa (MENA) for Sustainable Energy, Water and Environment,” In : Advances in Solar Energy: An Annual Review of Research and Development, ed. D.Y. Goswami (UK: Oxford، 2007), 261-305.

[15]. IRENA, Renewable Energy Market Analysis.

[16].  W.E. Alnaser, N.W. Alnaser, “Solar and Wind Energy Potential in GCC Countries and Some Related Projects,” Journal of Renewable and Sustainable Energy 1, no. 2 (2009): 1-28

[17].  For more details on RE R&D and deployments  in each GCC country، see Imen Jeridi Bachellerie،Renewable Energy in the Gulf Cooperation Council Countries: Resources, Potential، and Prospects (Gulf Research Center 2012);  Imen Jeridi Bachellerie، “Sustainability and Competitiveness : A Pragmatic Approach to Solar Energy Transition in the GCC Countries” (GRC Reports, September 2013) ; Rabia Ferroukhi, Haris Doukas، Stella AndroulakiEmanuela Menichetti، Andrea Masini and Arslan Khalid،“EU-GCC Renewable Energy PolicyCooperation: Exploring Opportunities،” GRC Gulf Papers (December 2013); and IRENA, Renewable Energy Market Analysis.

[18]. This covers energy efficiency programs، alternative energy sources like nuclear، clean coal، etc. For details on the GCC Institutions، see Jeridi Bachellerie، Renewable Energy in the Gulf Cooperation Council Countries; Jeridi Bachellerie, “Sustainability and Competitiveness”; Ferroukhi et al.,“EU-GCC Renewable Energy Policy Cooperation”;IRENA,Renewable Energy Market Analysis.

[19].Capital Business، http://www.capitalbusiness.me/news/details/567 (accessed in December 2015).

[20]. IRENA,Renewable Energy Market Analysis.

[21]. Such hypothesis was formulated by an executive of the Dubai Multi Commodities Centre and quoted by Capital Business.

[22].  IRENA,Renewable Energy Market Analysis.

[23]. Ferroukhi et al.,“EU-GCC Renewable Energy Policy Cooperation.

[24]. El-Katiri and Hussain,“Prospects for Renewable Energy in GCC States.”

[25].  Due to falling oil and gas prices، the issue of reforming hydrocarbons subsidies is increasingly topping the energy political agenda. Relatedly, restricted reforms of electricity price subsidies have already been initiated by some GCC governments.

[26]. S. Chodimella, “Middle East Catching up on Smart Grid Technologies,” Siemens.com 2013، April 9، 2013.)

[27].  IRENA, Renewable Energy Market Analysis.

[28].  For instance، the delay in implementing the feed-in Tariff policy، announced in 2013، continues to hinder investments in the rooftop solar PV installations of the “Shams Dubai” net-metering program (IRENA,Renewable Energy Market Analysis).

[29]. El-Katiri and Husain “Prospects for Renewable Energy in GCC States

[30]. For a list of solar PV manufacturers in the GCC countries، see IRENA, Renewable Energy Market Analysis, fig. 3.12, 66.

مقالات لنفس الكاتب