; logged out
الرئيسية / دعوة للقطاع الخاص للتخصص في بناء وتشغيل المصانع بالسعودية

العدد 190

دعوة للقطاع الخاص للتخصص في بناء وتشغيل المصانع بالسعودية

الأربعاء، 27 أيلول/سبتمبر 2023

السعودية غداً: لا شك أن السعودية ستكون عالمية، ولكن في رأيي ما نتوق إليه هو أن يكون العالم سعودياً!

سر من أسرار التحول في أداء الحكومة السعودية هو وضوح رؤية 2030 والعمل بخطى ثابته نحو مستهدفات محددة. وأحد أهم برامج الرؤية هو برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية. مما لا شك فيه أن جزءًا كبيرًا من قوة الدول هو عباءتها المالية وقوتها الاقتصادية وأن هذه القوة لن يقودها إلا الصناعة المحلية.

في ظل تطورات العصر والتكنولوجيا وانفتاح العالم وشدة المنافسة، لم تعد الصناعة بالشكل التقليدي قادرة على المنافسة في سوق مفتوح يتيح للمستثمر والعميل كل شيء في أي وقت. وفي ظل ركض السعودية للحاق بركب التطور، تدق الثورة الصناعية الرابعة دقاً على أبواب السعودية مبشرة ومهدِدة في آن واحد. تهدد هذه الثورة بتعطيل رؤية السعودية 2030 وعرقلة الرواج الصناعي والاقتصادي إذا قوبلت بالتجاهل، وتبشر بالخير والازدهار والاستثمارات العالمية إذا أخذت هذه الثورة بعين الاعتبار.

الثورة الصناعية الرابعة

لهذا المصطلح العديد من التعريفات المعقدة والتقنية، ولكن أبسطهم كان تعريف Harvard Business Review  في أحد مقالاتها حيث وصفت هذه الثورة بأنها "الموجة الصناعية الجديدة التي تعتمد على الصناعة في طورها الرابع من حيث استخدامها للتقنية خاصة التكنولوجيا الحديثة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء"

ولكن ما هي الصناعة في طورها الرابع؟

هذا المصطلح ذكر على لسان الحكومة الألمانية في 2011م، وكان هو الشرارة التي أشعلت وقود هذه الثورة من قبل أن تسمى ثورة.  بعد بضع سنين اكتسبت هذه الثورة اسمها في المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2016م، لتبدأ الصناعة طوراً جديداً أسرع وأكثر دقة وأمانًا من أي وقت مضى.

حسب مقال نشر في جريدة الفوربس العالمية، فإن التكنولوجيا قد اقتحمت الصناعة بالفعل في الثورة الثالثة أما ثورة اليوم فتكمن قوتها في تواصل كل هذه التكنولوجيا المشغلة مسبقاً بحيث تتواصل الماكينات الذكية عن طريق الذكاء الاصطناعي لتتبادل المعلومات فتزيد من الإنتاجية وتقلل الهدر إلى الحد الأقصى.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الثورة الصناعية الرابعة لا حدود لها

من أبرز هذه التطبيقات أن تواصل الماكينات لا يقف فقط عند جمع ودمج المعلومات، بل يمتد لتحليل المعلومات والبيانات. هذا التحليل يتم بسرعة ودقة متناهية. نتائج التحاليل تقود إلى استنتاجات تؤثر وبشكل مباشر على اتخاذ القرارات وتلفت النظر إلى العناصر التي تحتاج إلى التغيير أو المزيد من الاهتمام.

هذه العملية توفر على المستثمرين وصناع القرار شهور وسنين من الوقت الضائع وملايين الدولارات لأنها تمنعهم من اتخاذ قرارات خاطئة قد ينجم عنها خسائر فادحة. وإن كنت تظن أن "ملايين الدولارات" هي عبارة مبالغ بها، فتأثير الذكاء الاصطناعي في الصناعة قد حقق هذا الهدف بالفعل في واقعة شهيرة في منجم ذهب في إفريقيا حيث اكتشفت الحساسات الذكية في منجم الذهب أن نسبة الأوكسجين تتحرك بشكل يضر بعمليات استخراج الذهب وعند تصليح هذا الخطأ، زاد الاستخراج بنسبة 3.7 % مما ترتب عليه زيادة الأرباح قرابة ال 20 مليون دولار سنوياً.

تجميع المعلومات وتحليلها، على أهميتها، ليست الميزة الوحيدة للذكاء الاصطناعي فمن أكثر الميزات المبهرة هي القدرة على تحويل تصميم رقمي لجهاز أو غرض ملموس على أرض الواقع ويمكن استخدامه فوراً مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد. صناعة السيارات، على سبيل المثال لا الحصر، شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بفضل الثورة الصناعية الرابعة.

اليوم يمكن تصميم السيارة من الألف إلى الياء بجميع تفاصيلها في خلال عام واحد بينما يتطلب ذات التصميم من خلال الصناعة التقليدية حوالي 6 سنوات مما يوفر كم مهول من الوقت والمجهود والأموال ويسرع من عجلة التطور ومواكبة أحدث التقنيات.

تعد المملكة العربية السعودية المزود الأول للعالم بالنفط، ولكنها لم تكتف بهذه المكانة وبدأت في التنافس العالمي في الصناعة من خلال مبادرة "صنع في السعودية". لتستمر الإنجازات ولنرى عبارة "صنع في السعودية" في جميع أنحاء العالم فلن يسعنا إلا تقبل واحتضان وتعلم الذكاء الاصطناعي ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة التي ستحمل الصناعات السعودية النفطية وغير النفطية أميالًا إلى الأمام.

ولتمهيد سوق العمل لمصانع الـ 4.0، يجب أن يكون تعليم الذكاء الاصطناعي أعلى قائمة أولويات المدارس والجامعات. وهذا التوجه يعد أرضًا خصبة للقطاع الخاص للاسثتمار في قطاع التعليم والتدريب الذي بدأ فعلاً بالظهور على استحياء في السوق مثل بعض برامج التدريب الصيفي لتعليم الأطفال البرمجيات وهندسة الروبوتات. لكن مازال احتياج السوق كبيرًا جدًا وسوف يتزايد هذا الاحتياج بالتدريج تزامنًا مع دخول مصانع جديدة في السوق.

الحاجة لمقاولين المصانع

ولبناء منظومة صناعية متطورة أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن اعتماد الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تضم قرابة 150 مبادرة موزع تنفيذها على منظومة الصناعة وعدد من الجهات الحكومية المختلفة. ولتوضيح ما هو المقصود بمنظومة الصناعة، هي ٧ جهات يترأسها وزير الصناعة والثروة المعدنية تعمل معًا لتمكين وتنمية قطاع الصناعة تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للصناعة. هذه الــ ٧ جهات هي كالتالي:

  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية.
  • الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
  • هيئة المدن الصناعية والمناطق التكنولوجية.
  • هيئة الصادرات.
  • بنك الصادرات.
  • المركز الوطني للتنمية الصناعية.
  • هيئة المساحة الجيولوجية.

وتهدف هذه الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلى تحقيق 3 نتائج على المستوى الوطني وهي:

  • رفع مشاركة الصناعة في الناتج المحلي إلى 895 مليارًا.
  • خلق 2.1 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة في قطاع الصناعة.
  • رفع قيمة الصادرات السعودية إلى 557 مليار ريال.

هذه الثلاث نتائج تتطلب من وزارة الصناعة رفع عدد المصانع في المملكة من 10,000 مصنع الي 36,000 مصنع بحلول عام 2035.

ولذلك أحد أهم العناصر لتحقيق هذه الاستراتيجية الطموحة وهو وجود عدد كبير من المقاولين المتخصصين في بناء المصانع وشركات قادرة على تطوير وتشغيل المدن الصناعية. وهنا يأتي الدور الحكومي في تشجيع وتمكين القطاع الخاص على الاستثمار في مقاولات المصانع وتقديم الخدمات للمدن الصناعية ودور القطاع الخاص في تعزيز الاستثمار والاستفادة من الفرص الجديدة والواعدة في هذا المجال.


 

مقالات لنفس الكاتب