; logged out
الرئيسية / المملكة تقف في صف السودانيين دون الانحياز لطرف ولم تتوقف مساعداتها للسودان

العدد 185

المملكة تقف في صف السودانيين دون الانحياز لطرف ولم تتوقف مساعداتها للسودان

الأحد، 30 نيسان/أبريل 2023

لا يكاد يغلق ملف من ملفات الإسهامات السعودية الإنسانية حول العالم حتى يتم فتح ملف آخر. وكأنما كتب الله لهذا البلد هذا الحضور الجليل والإنساني في مختلف الأزمات حول العالم.

والحقيقة أن التاريخ يشهد للمملكة العربية السعودية من نشأتها مواقف مشرفة في دعم الإخوة الأشقاء في العروبة والدين ولم تقف دوافع الدعم عند ذلك بل الأجمل والأبهى في هذا الحضور دائماً أنه يتم تقديم الأعمال والخدمات الإنسانية بدافع إنساني بحت دون الدخول تحت أجندات سياسية ودون النظر في جنسيات المستفيدين أو مذهبهم أو دياناتهم. وهذا ما أكدته رسالة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية "الذراع الخيري والإنساني للمملكة العربية السعودية في الخارج "، فما تفعله المملكة العربية السعودية في هذا الجانب على مدى تاريخها نابع من دستورها وتعززه قيم الدولة والمجتمع.

تلتزم المملكة العربية السعودية كعضو فاعل في المجتمع الدولي بكافة تعهداتها كما تقوم فوق واجبها بمبادرات وإسهامات لإغاثة الشعوب المنكوبة في مختلف الأزمات والكوارث وتساند الدول الطالبة للعون والمنظمات الدولية والإنسانية في المساعدة في إدارة تلك الأزمات وتقديم ما يلزم من المعونات الإغاثية والطبية وإجلاء الحالات الحرجة من مناطق لأخرى أو عبر الحدود إلى أماكن أكثر أمناً وتلبي متطلبات الصحة والأمن والسلامة.

في الخرطوم اندلعت أعمال قتالية عنيفة يوم 15 أبريل 2023م، بين كل من قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وبعيداً عن تفاصيل الأحداث القتالية العنيفة والمتصاعدة بين القوتين العسكريتين والإرهاصات التي سبقت تلك الأحداث فإنها تسببت في شل الحياة الطبيعية للسكان ودفعت الكثير من المدنيين والجاليات الأجنبية لمحاولة البحث عن سلامتهم بالنزوح داخل مناطق أكثر أمناً داخل السودان أو مغادرة السودان بشكل كامل سيما وأن الأعمال القتالية لم تفرق للأسف بين مدنيين وعسكريين فقد اندلعت كثير من العمليات في مناطق مدنية بحكم وجود بعض الثكنات داخل الأحياء السكنية وتغلغل قوات الدعم السريع ونشر مراكزها داخل المدن .

المملكة العربية السعودية لم تكن بعيدة أبداً عن السودان طوال تاريخها فقد كانت تقف بجانب السودان في كل المواقف والظروف دون التدخل في السياسة السودانية او الشؤون الداخلية.

في عام 2018م، اندلعت مظاهرات مستمرة للمطالبة بإسقاط الرئيس السوداني السابق عمر البشير نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة واستمرت الاحتجاجات حتى تمت الإطاحة به عام 2019م، من قبل الجيش والتحفظ عليه تمهيداً لمحاكمته وانتهت تلك الأحداث بانتخاب الرئيس المدني عبد الله حمدوك في نفس العام ولمدة ثلاث سنوات. وفي عام 2021م، ساهمت السعودية في وساطة أدت إلى عودة العلاقات السودانية الأمريكية وإزالة السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية التي أدرج فيها منذ 1993م.

لم يستمر الاستقرار السياسي كثيراً حيث تم اعتقال الرئيس عبد الله حمدوك من قبل الجيش وإعلان عزله وحل الحكومة المدنية ثم تمت إعادته ثانية بعد ضغوط دولية لكنه استقال بعد شهرين فقط من عودته. واستلام الجيش لمقاليد الحياة السياسية برئاسة مجلس عسكري يرأسه الفريق الأول عبد الفتاح البرهان ويساعده الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميتي) قائد ما تسمى بقوات الدعم السريع وانتهى الحال بالفريقين للأحداث الأخيرة التي اندلعت في رمضان الماضي.

 

في كل منعطفات الظروف السياسية للسودان كانت المملكة العربية السعودية تقف في صف السودان والسودانيين وتقف خلف اختيارات السودانيين دون الانحياز لطرف أو آخر ولم تتوقف المساعدات السعودية لبرامج التنمية في السودان كما لم تغلق السعودية أبوابها أمام الاستثمار في السودان وإبقاء أبواب الاستيراد والتصدير مفتوحة لمصلحة السودانيين بما في ذلك تأشيرات العمالة السودانية الذين يمارسون في السعودية أعمالهم في مختلف المجالات من المهن الاحترافية والنوعية إلى المهن البسيطة.

والتزمت المملكة بتقديم 1.5 مليار دولار كمنحة ضمن حزمة من المساعدات الاقتصادية، كانت قد أقرتها سلفاً للسودان في عام 2019م، منها مبلغ 750 مليون دولار تم إيداعها في حساب الحكومة السودانية، و500 مليون دولار للمساعدة في حل أزمة القمح والدواء والبترول وسلع أخرى.

وظلت السعودية إحدى أهم الدول الداعمة للسودان على الدوام لتجاوز الصعوبات الاقتصادية، حيث قامت بإيداع مبلغ 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني في مايو 2019م، لتعزيز سعر صرف العملة المحلية، كما قدمت مساعدات مالية تجاوزت 250 مليون دولار منذ بداية الفترة الانتقالية في مبادرة للتخفيف من أي أثر سلبي على المواطن السوداني. كما تعهدت السعودية في مارس 2021م، باستثمار ثلاثة مليارات دولار في صندوق مشترك للاستثمار بين البلدين.

عوداً على الأحداث التي انفجرت مؤخراً فقد أعلنت وزارة الخارجية السعودية أنه تم إجلاء 2544 في إحصائية تعد الأحدث وقت إنشاء هذا المقال منهم 119 مواطنًا سعودياً فيما البقية من جنسيات أخرى. وقد أعلنت السفارة السعودية بالخرطوم في وقت سابق عن وصول عدد من المواطنين مع طاقم الطائرة السعودية التي تم الإضرار بها وتعذر مغادرتها لمطار الخرطوم حين اندلاع الاشتباكات يوم 15 أبريل. وكانت وزارة الخارجية ممثلة في سفارة المملكة بالخرطوم وبالتنسيق مع بعض الجهات الأمنية السعودية ومع بعض الجهات بالداخل السوداني قد قامت ولا تزال تواصل جهودها بتأمين المواطنين السعوديين وبعض الأفراد من جنسيات مختلفة ممن ألجأتهم الظروف لطلب العون والحماية من السفارة السعودية بالخرطوم وتم ترتيب نقلهم بالوسائل الممكنة إلى مدينة بور سودان الساحلية على البحر الأحمر ، وتولت القوات البحرية الملكية السعودية بعد التنسيق الدقيق مع الجهات المعنية في السودان نقل النازحين من مواطنين وأجانب إلى مدينة جدة السعودية بواسطة رحلات متتابعة على أسطول القوات البحرية الملكية السعودية .

يذكر أن مهام الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية مثل حرس الحدود والجوازات وجهات أخرى تباشر القيام بدورها المنوط بها بمجرد وصول المواطنين أو الأجانب حيث تسهل لهم إجراءات القدوم والإيواء وتساهم في تسريع إجراءات الأجانب الراغبين بمواصلة رحلاتهم إلى بلدانهم

وكانت المملكة قد عبرت عن موقفها من الأحداث الأخيرة عن طريق بيان صادر من وزارة الخارجية تعرب فيه عن قلق المملكة البالغ جرّاء حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية بين قوات الجيش والدعم السريع في جمهورية السودان الشقيقة فيما تواصل المملكة وضمن اللجنة الرباعية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والإمارات بذل الجهود لحث الطرفين المتصارعين على احترام الهدنة المقرة بين الطرفين حيث أن دعوات التهدئة خلال الأيام الماضية لم تلق صدى بين المتقاتلين كما غلبت أصوات القذائف كل محاولات الهدنة خلال الأيام التالية لاندلاع الاشتباكات وقد صدر عن وكالة الأنباء السعودية بيان مجموعة الرباعية والذي جاء فيه: "دعا سفراء دول مجموعة الرباعية، طرفي الصراع في جمهورية السودان إلى وقف إطلاق النار والعودة للحوار، والالتزام بحماية المدنيين والبعثات الدبلوماسية والعاملين في المجال الإنساني، وتوفير الممرات الآمنة للعمليات الإنسانية".

ولازالت حتى اللحظة تبذل جهود دبلوماسية من أطراف مؤثرة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لإقرار حالة الهدنة وإعادة الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات واستئناف جهود المجموعة الرباعية والأطراف الدولية الأخرى، فيما لم تتوقف الجهود الإنسانية على التوازي من حيث تأمين المواطنين والأجانب الراغبين في مغادرة مناطق الصراع بالاستعانة بالإمكانات السعودية.

وزارة الخارجية السعودية والسفارة السعودية بالخرطوم تقدم إلى هذه اللحظات جهوداً ملموسة على الصعيد الدبلوماسي والإنساني تهدف إلى إيجاد الحلول الممكنة والخروج من الأزمة كما تساهم مع القطاعات التنفيذية الداخلية بالمملكة ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في بذل القدر المستطاع من الجهد لتتبع العالقين وتأمين سلامة وإجلاء كل من يرغب مغادرة أماكن الأزمة بالسودان.

الجهود السعودية المبذولة على كافة الأصعدة لمساندة السودان الشقيق واضحة وظاهرة فالجهود الدبلوماسية المستمرة لإطفاء فتيل الأزمة والعودة لطاولة المفاوضات وكذلك الدعم الاقتصادي والإنساني في أوقات متتابعة، والحقيقة أن هذا ديدن المملكة مع محيطها العربي والإسلامي بل والدولي حيث تهب لمساعدة كل محتاج ولعله من باب الاستحسان إيراد نماذج نيرة وباختصار عن حالات المساهمات الإنسانية للمملكة في الأسطر التالية:

الجهود الإنسانية للمملكة العربية السعودية في اليمن: منذ طلب الحكومة الشرعية في اليمن من المملكة مد يد العون لها، قامت السعودية بواجبها الأساسي المتمثل في تشكيل تحالف دولي بتفويض من الأمم المتحدة لنصرة الحكومة الشرعية اليمنية، وفي بداية الأزمة بإشراف السفير السعودي في اليمن بتأمين إخلاء الرئيس اليمني وبعض أعضاء الحكومة اليمنية والمواطنين والأجانب الذين طلبوا المساعدة والخروج من الأراضي اليمنية. وقد قامت حملة (عاصفة الحزم) بهدف إعادة الشرعية المتوافق عليها وعند نهاية الأعمال القتالية للحملة العسكرية أطلقت المملكة حملة أخرى طابعها إنساني ووقائي أكثر منه قتالي وهي عملية (إعادة الأمل) وهنا قائمة بأهداف هذه العملية:

- سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية.

- استمرار حماية المدنيين.

- استمرار مكافحة الإرهاب.

- تسهيل إجلاء الرعايا الأجانب.

- تكثيف جهود تقديم المساعدات الإغاثية والطبية لليمنيين.

- إفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية.

- تكثيف عمليات المراقبة والتفتيش لمنع وصول أسلحة.

في جهد مواز وسريع كانت المساعدات الإنسانية السعودية ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تنتشر وتتوسع وتنشر خدماتها الإنسانية في كل مكان ومن ضمن الملفات الرئيسية التي باشرها المركز عمليات العلاج والإيواء وإعادة تأهيل الأطفال المجندين الذين أقحموا في ساحات المعارك كما تضمن إنشاء مراكز الأطراف الصناعية وتأهيل المصابين المحتاجين لتلك المراكز وإنشاء برنامج مسام لتطهير ونزع الألغام في المناطق المحررة من سيطرة الحوثي.

الجهود الإنسانية للمملكة العربية السعودية في باكستان: تسببت الفيضانات عام 2022م، في باكستان بمقتل أكثر من 1000 إنسان بينهم أكثر من 300 طفل وأدت كذلك إلى فقدان الكثيرين لمنازلهم وتجريف مزارعهم واتلاف وسائل عيشهم والتسبب في موجات نزوح وتشرد ومجاعات.

حضرت المملكة ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تلبية لنداء الإنسانية وقدم المركز جملة من المساعدات العاجلة وطويلة الأجل ومنها: توفير سلال غذائية للمتضررين ومعونات نقدية وتوفير مقار للإيواء من الخيم والبيوت الجاهزة حسب التوفر وإعادة تأهيل مصادر مياه الشرب وتوفير فصول دراسية مخدومة للطلاب والطالبات.

الجهود الإنسانية للمملكة في إغاثة منكوبي الزلازل في تركيا وسوريا:

في السادس من فبراير 2023م، حدث زلزال رهيب شرقي المتوسط حيث تركزت أضراره بين جنوب شرق تركيا وشمال سوريا، سارعت المملكة ممثلة في فرق الإنقاذ المتخصصة وبجهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وكان تواجد الفرق السعودية ونوعية تجهيزاتها وأدائها من الإتقان بمكان حازت على رضا وإشادة الجهات المستفيدة والمشاركة واستمر الجسر الجوي الإغاثي لأسابيع ولا زالت خدمات المركز مستمرة حتى اللحظة كما تم تنظيم حملة تبرعات شعبية لإغاثة المنكوبين بلغ مجموع التبرعات 13 مليون ريال في اليوم الأول فيما بلغت حتى الآن أكثر من 500 مليون ريال. 

علماً بأن التبرعات للاجئين السوريين لم تتوقف منذ بداية الأزمة السورية عام 2011م، ويعد أعلى دعم لجهة مستفيدة هو الدعم الذي تم توجيهه للاجئين السوريين، كما يتم توجيه جزء من الدعم كمساعدات تنموية للدول المستضيفة للاجئين مثل تركيا والأردن.

تتضمن جهود الإغاثة لمثل تلك الفئات التنسيق الدائم مع الجهات الدولية المعنية من الأمم المتحدة أو المنظمات والدول الأخرى بهدف ضبط تلك المساعدات والتأكد المستمر من وصول المساعدات لمستحقيها.

مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والحضور المتألق في العالم: تم إنشاء المركز عام 1436هـ 2015م، بهدف توحيد الجهود الإغاثية الخارجية الحكومية والخاصة والأفراد تحت مظلة واحدة من أجل توحيد الجهود والسيطرة والرقابة وتحقيق المعايير الدولية ومصادر الدعم والتمويل وقد حقق المركز منذ إنشائه نقلة جبارة في العمل التطوعي والإغاثي حيث تم جمع وتنسيق الجهود المبعثرة وحقق ذلك حضورًا دوليًا رائداً وتأثيراً فعالاً متزايداً مما جعله الأنموذج الأفضل في مجال العمل الخيري الإغاثي.

وقد ورد في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح المركز ما يلي (فإننا نعلن تأسيس ووضع حجر الأساس لهذا المركز الذي سيكون مخصصاً للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومركزاً دولياً رائداً لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث بهدف مساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة. وإننا بهذه المناسبة نُعلن عن تخصيص مليار ريال للأعمال الإغاثية والإنسانية لهذا المركز، إضافة إلى ما سبق أن وجّهنا به من تخصيص ما يتجاوز مليار ريال استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق. أيها الإخوة: سيكون هدفنا ورسالتنا السعي جاهدين لجعل هذا المركز قائماً على البُعْد الإنساني، بعيداً عن أي دوافع أخرى بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الإغاثية الدولية المعتمدة)

وكما ورد في التعريف بالمركز على الموقع الرسمي يسعى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أن يكون نموذجاً عالمياً في هذا المجال، مستنداً على مرتكزات عدة، من بينها:

○ مواصلة نهج المملكة في مد يد العون للمحتاجين في العالم.

○ تقديم المساعدات بعيداً عن أي دوافع غير إنسانية.

○ التنسيق والتشاور مع المنظمات والهيئات العالمية الموثوقة.

○ تطبيق جميع المعايير الدولية المتبعة في البرامج الإغاثية.

○ توحيد الجهود بين الجهات المعنية بأعمال الإغاثة في المملكة.

○ احترافية وكفاءة العاملين في المركز والمتطوعين.

○ ضمان وصول المساعدات لمستحقيها وألا تُستغل لأغراض أخرى.

○ أن تتوافر في المساعدات، الجودة العالية وموثوقية المصدر.​​

وقد ورد في إحصائيات المركز أن المشاريع المقدمة قد بلغ عددها 2315 مشروعًا غطت ما يقارب التسعين دولة حول العالم وبلغ مجموع التمويل المصروف على تلك المشاريع ما يفوق الستة مليارات ريال

مقالات لنفس الكاتب