array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 185

الدول العربية في حاجة ماسة لاستراتيجية شاملة للتعامل مع حالة الأزمة الممتدة

الأحد، 30 نيسان/أبريل 2023

تسعى جامعة الدول العربية لتحقيق طموحات وآمال الشعوب العربية وتوثيق الصلات، وتعميق الروابط، وتنسيق الجهود فيما بين الدول الأعضاء سعياً للدفاع عن القضايا العربية العادلة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية في ظل التصعيد المستمر والخطير الذي تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة مؤخراً، والذي يزيد الأوضاع تعقيداً وتأزماً كل يوم، ويقوض من جهود تحقيق التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويؤثر على فرص إعادة إحياء عملية السلام على أساس مقررات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين. وتعمل جاهدةً على تحقيق حلول تعيد الأمن والاستقرار في العراق واليمن وليبيا وسوريا والصومال، فالاستقرار شرط للمستقبل المشرق الذي نريد تحقيقه بما يحقق آمال شعوب المنطقة.

 فطوال العقود الماضية، عملت الجامعة العربية على بذل كل الجهود الممكنة رغم التحديات والصعوبات التي اعترضت مسيرة العمل العربي المشترك. وتحرص الجامعة العربية وفي ظل ما شهده العالم العربي من اضطرابات أمنية وسياسية واجتماعية، في عالمٍ تتحرك أحداثه في سيولة مخيفة، وتتوالى أزماته في تتابع مروع، ما نتج عنه تحديات كبرى إقليمية ودولية  تطلبت مواصلة العمل المشترك من أجل دعم التضامن العربي في مواجهة التدخلات الخارجية، وتنسيق الجهود والمواقف صوناً للأمن الجماعي والاستقرار الإقليمي، فمن أجل الحفاظ على سيادة الدول العربية ووحدتها وسلامة أراضيها أصبحت هناك ضرورة ملحة لوجود آلية لمعالجة الأزمات العربية الراهنة لها بشكل يشمل حلول عربية مشتركة وتوافقية وحوارية تستند إلى المصلحة العربية أولاً وأخيراً

 

لا شك أن آثار النزاع في أوكرانيا، وما أفرزه من تبعاتٍ اقتصادية سلبية، أصبح واضحاً أن العالم أجمع سيضطر للتعامل معها لفترةٍ طويلة قادمة٬ لا سيما مع امتداد آثار الإجراءات الاقتصادية وتبعاتها إلى كافة الأقاليم دون استثناء.

 فهذه الحرب أدت إلى تراجع قدرة العمل متعدد الأطراف بشكل واضح في فض النزاعات من جهة وأعاقت تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى دول المنطقة لتحقيقها ومن المرجح إن هذا النزاع سيعيق جهود المجتمع الدولي للتعامل مع قضايا أخرى ملحة وهامة، إذ تهدد الانقسامات الحادة بين الدول وحالة الاستقطاب التي نشهدها بإضعاف الإرادة المشتركة وتوافق الدول لحل الصراعات.

 وبالتالي أصبحت السمة الأهم في هذه المرحلة هي حالة اللايقين في العلاقات الدولية نظرًا للوضع بالغ التعقيد في التفاعلات والتغيرات الدولية، فمع تسارع المتغيرات وتعدد الفاعلون وتنوع القضايا زادت مساحة عدم اليقين، ففي مرحلة الأحادية القطبية التي كانت تقودها الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب الباردة كان هناك بوصلة معقولة للتوقع، وفي مرحلة الحرب الباردة كانت هناك ثوابت يُمكن الاستناد إليها لتوقع سلوك الفاعلين الدوليين بدرجة معقولة من اليقين.

 وفي ظل  ما يواجه العالم من استقطاب حاد في هذه المرحلة من اللايقين فمن المتوقع أن تحدث تحولات كبيرة في خارطة التحالفات الإقليمية والدولية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما قد ينجم عنه زيادة التوترات والنزاعات مما يهدد أسس المجتمع الدولي ويزيد من عوامل عدم الاستقرار، ولكون المنطقة العربية مليئة بالأزمات  فإنه سيتحتم الإيمان بأن الحلول السياسية وخلق توازنات تعزز الأمن والاستقرار هي الطريق الأفضل لمواجهة الأزمات والحد من آثارها وهو ما يحتم ضرورة التوحد لمواجهة تلك التحديات وتداعيات الأزمات المتكررة.

 

وعليه أصبحت الدول العربية في حاجة ماسة لاستراتيجية شاملة للتعامل مع حالة الأزمة الممتدة، حيث يحتاج الأمر إلى تفكير طويل المدى من أجل صمود المجتمعات العربية في مواجهة التبعات والعمل معها في إطار جماعي وبنهج تكامل خاصة وأن المنطقة العربية تقع في قلب الأزمات، فهي من ناحية، ركيزة أساسية في معادلة إمدادات الطاقة وأسعارها العالمية، ومن ناحية أخرى، تعاني من تهديد خطير لأمنها الغذائي لاعتماد العديد من دولها على سلاسل الإمداد العالمية بالإضافة إلى شح مصادر المياه ومحدودية الموارد.

 وأدركت الدول العربية أن تفاقم حدة التنافس والصراع الجيوسياسي الدولي في الآونة الأخيرة يُنذر بتقويض قدرة المجتمع الدولي على مواجهة تحدياته المشتركة بفاعلية.  ودعت إلى تكثيف التنسيق والتشاور داخل البيت العربي، وإلى نبذ الخلافات البينية، وتغليب المصالح المشتركة، بالتأكيد على وحدة الصف والمصير؛ لتتمكن من مواجهة الأزمات الحالية والمستقبلية وتجاوزها. وفي هذا الإطار، ولدعم تحقيق غايات العمل العربي المشترك تحتم العمل على التوافق حول القضايا المصيرية التي تهم دول وشعوب عالمنا العربي وإبراز الدور الفاعل لتضامن الدول العربية على الصعيدين الإقليمي والدولي وإيجاد آليات تستطيع من خلالها مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه دولنا العربية، وتعزز الأمن والاستقرار الإقليمي، بما يحقق تطلعات وآمال الشعوب العربية.

 

فالجامعة العربية رغم كل هذه الأحداث تواصل دورها كمنصة جامعة لتنسيق السياسات والمبادرات والاستراتيجيات التي تمس صلب الواقع المعيشي للمواطن العربي في شتى المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية والإنسانية، وذلك من خلال تعاون وثيق لتنسيق الجهود ووضع رؤى مستقبلية للتحرك الجماعي الفاعل لاحتواء ما يواجه المنطقة من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية وتداعيات ذلك على كل الدول العربية.

 وهي تؤمن بإعلاء مبدأ التعاون، لا سيما وأن المصير العربي مشترك، وأن التحديات القائمة لا تفرق بين الدول وحدودها الجغرافية، ما يستوجب تعزيز الاستجابة العربية في مواجهة أزمات شبيهة في المستقبل ودائما ما تُجدد التزامها الراسخ بترسيخ دعائم هذا البيت العريق، والحفاظ على وحدته وحيويته ليبقى فضاءً للحوار والتلاقي والتفاعل البناء لاستشراف مستقبل أفضل للشعوب العربية جميعاً.

مقالات لنفس الكاتب