"الثورات يقوم بها المتنورون ويسرقها المتطرفون" هذا ما يستنتجه المؤرخ كرين لينبتون في كتابه "تشريح الثورات" وفيه يقارن بين الثورة الفرنسية، والثورة الروسية، والثورة الأمريكية وحركة كرومويل في إنجلترا ويكشف بالتفصيل كيف بدأت كل ثورة وكيف انتهت بحمامات من الدماء على يد الإرهابيين المتشددين. هل ينطبق هذا التشريح Anatomy على الثورة في إيران؟
في الإجابة على هذا السؤال نقتبس من المفكر الخليجي الراحل غانم غباش صورة إثر زيارة لطهران بعد أسابيع من قيام الثورة: "أعجبني هذا التسامح الذي يتجسد في أمور عديدة، منها مثلا السماح لأكثر من 65 حزبًا يساريًا من مجموع مائة حزب مصرح له بالعمل السياسي في إيران، وكما ذكر لنا مسؤول أنه ينام الليل، وعندما يقوم في الصباح يسمع عن قيام حزب جديد .... وفي منطقة البرجوازيين شاهدنا أيضًا جريدة "المجاهد "الماوية اليسارية وهي تباع على الأرصفة تأكيدًا للحرية العقائدية". تلك لمحة سريعة عن البدايات ثم بدأت عملية أكبر سرقة في تاريخنا المعاصر.
في كتابه عن الثورة في إيران "صنيعة الإنكليز" الذي صدر في عام 2019م، يقول جاك سترو وزير خارجية المملكة المتحدة سابقًا "كان يمكن لإيران أن تخسر الحرب نهائيًا مع العراق لولا تزويد إسرائيل لها بالأسلحة". واللافت في الكتاب الأرشيف الغني بالصور وفي إحداها صورة التقطت في 1979م، وتظهر فيه تظاهرة للنساء الإيرانيات تمتد على مساحة كيلومترات احتجاجًا على فرض الحجاب، وهو ما يعيدنا إلى ما يجري في جمهورية الملالي اليوم.
الاحتجاجات الشعبية وتعامل النظام معها
تعد الاحتجاجات التي تشهدها إيران اليوم الأكبر والأكثر انتشارًا منذ احتجاجات 2019م. ويحاول النظام، إدارة الأزمة عبر تقديم تنازلات شكلية مثل تغييب شرطة الأخلاق عن الشارع وإصدار عفو "مشروط" عن عدد غير محدد من المعتقلين وقد زادوا عن عشرين ألفاً، دون الخضوع لأي إصلاح هيكلي لجوهر النظام من جانب، واستخدام القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين، والحكم على بعضهم بالإعدام من جانب آخر.
وبالمقارنة باحتجاجات عام 2019م، فإن الاحتجاجات اليوم ليست مدفوعة فقط بعوامل اقتصادية، بل تأتي نتيجة مزيج من الأزمات، منها أزمات اقتصادية، وسياسية واجتماعية، وبيئية، بالإضافة إلى صراع بين الأجيال على الهوية. كما أن الاحتجاجات اليوم تطالب بإسقاط النظام وتستهدف القائد الأعلى، علي خامنئي، بشكل مباشر. في عام 2022م، اندلعت الاحتجاجات السياسية بسبب وفاة الفتاة مهسا أميني بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق بتهمة ارتداء حجاب لا يستوفي الشروط الشرعية. وفي الوقت نفسه، بدأت الاحتجاجات الاقتصادية في المناطق الفقيرة، والتي عادة ما يسكنها الجيل الأول من المهاجرين من الريف، المحرومين من شبكة الأمان الاجتماعي والمعوزين الذين لا يملكون ما يحميهم من الصدمات الاقتصادية المتمثلة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع أسعار وسائل النقل العام وإلغاء الدعم الحكومي لأصحاب الدخل المنخفض.
ومما يميز احتجاجات اليوم أن هناك عدد كبير من جيل الشباب المتعلم والمطلع على العالم المحيط من خلال وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، والملم بأدوات الاتصال الحديثة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهؤلاء الشباب يريدون المشاركة في صنع القرار السياسي، أسوة بالطبقات الوسطى الحضرية عبر التاريخ. ولا تتطابق قيمهم بالضرورة مع قيم نظام الملالي.
وبالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية الحادة في إيران، والتي تفاقمت بسبب العقوبات، يلاحظ تنامي التطرف الديني، وزيادة السيطرة على كل من الاقتصاد والسياسة من قبل فيلق الحرس الثوري الإيراني، وتراجع مصادر المعلومات المستقلة نتيجة السيطرة على الوصول إلى الإنترنت التي تؤثر سلبًا في نشاط 3 ملايين شركة يرتبط بها 12 مليون شخص وفقًا لمسؤول سابق، وكذلك الفساد المستشري، وعدم المساواة المتزايدة، وانهيار مرافق الصحة والتعليم. ومع مقتل 592 متظاهرًا و73 موظفًا حكوميًا فإن احتجاجات 2022م، أودت بحياة أكثر من إجمالي الوفيات في جميع الاحتجاجات السابقة مجتمعة.
وعلى الجانب الآخر، يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها معدلات تضخم من رقمين لأكثر من أربعة عقود، مما ساهم في الانتشار السريع للفقر وتدمير الهياكل الاقتصادية والاجتماعية. وتبين الإحصاءات المتوفرة أن إعادة فرض العقوبات على قطاعي المال والطاقة في إيران في 2018م، ساهم إلى حد كبير في تراجع معدلات النمو إلى مستويات لم تشهدها منذ فترة الحرب الإيرانية العراقية حيث تراجعت معدلات النمو من 13.39% في 2016 إلى -6.7% في 2019 (Cheratian et al, 2023). وأنه بالرغم من أن معدل النمو في 2022م، بلغ 2.1% إلا أن التضخم وصل في 2021 إلى 45.2% والبطالة 8.8% وفي حين أن معدل التضخم في 2022م، قد تراجع إلى 39% إلا أنه ما زال يعد معدلًا عاليًا حسب المقاييس الدولية (Khajehpour:2022).
وعلى الصعيد الآخر هناك تراجع في مؤشر تكوين رأس المال الذي بلغ في 2021م، ما نسبته -3.5٪ وهذا المؤشر السلبي يعني أن الاقتصاد لم يعد قادرًا على الاستثمار بشكل كاف، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الأداء الاقتصادي العام في المستقبل. ويرجع نقص الاستثمارات الرأسمالية جزئيًا إلى الوضع المالي للحكومة، حيث لم تتحقق استثمارات البنية التحتية المخطط لها. كما أن استمرار التضخم المرتفع وهروب رؤوس الأموال وتآكل القوة الشرائية للناس، إلى جانب سوء إدارة الموارد وتدهور البنية التحتية للبلاد، دفع المواطنين إلى الشوارع للاحتجاج. وهذا حتما قد يزيد من تقويض شرعية النظام المتعثرة بالفعل.
وفي حين أن إيران حصلت على العضوية الكاملة في منظمة شانغهاي للتعاون والتي تدعم رغبة طهران في بناء شراكة عميقة وشاملة مع جمهورية الصين الشعبية مع تعزيز علاقاتها مع روسيا وذلك في إطار سياسة إيران الخارجية القائمة على "النظر إلى الشرق". حيث ترى طهران أن الصين هي شريكها الرئيسي على المدى الطويل، وقد وقعت معها شراكة استراتيجية مدتها 25 عامًا تستثمر بموجبها الصين مئات الملايين من الدولارات في المشاريع الإيرانية، بما في ذلك الطاقة النووية وتطوير الطاقة والبنية التحتية مع إجراء مناورات عسكرية صينية إيرانية مشتركة، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية وغيرها من الأنشطة التي لم يكشف عنها بعد. إلا أن العضوية الكاملة في منظمة شانغهاي قد لا تشكل إضافة هامة لواقع الحال في إيران. وذلك "لأن الأولويات الأمنية المتنوعة والتوترات بين الأعضاء، والتي تفاقمت بسبب إضافة الهند وباكستان في عام 2017م، تعني أن منظمة شنغهاي للتعاون تعمل كمنتدى دبلوماسي أكثر من كونها كتلة أمنية موحدة".
أعمدة النظام تهتز
بداية تجاهل رأس النظام علي خامنئي الثورة التي شاركت في قيادتها المرأة الإيرانية، ولكن مع تصاعد موجة الاحتجاج وانضمام الطلبة والمعلمين في الجامعات والمدارس وكذلك المتقاعدين وتضامن عمال النفط والتعدين إلى صفوف المتظاهرين في كافة المحافظات الإيرانية خرج المرشد عن صمته ووصف الاحتجاجات بأنها "من تخطيط الولايات المتحدة و النظام الصهيوني"، غير أن صحيفة النظام المعتمدة "الجمهورية الإسلامية" اضطرت للاعتراف بأن "مشكلات التضخم والبطالة والجفاف وتدمير البيئة تسببت في احتجاج الناس من المتقاعدين والمعلمين والطلبة". وفي الوقت نفسه ومع تصاعد العنف المنهجي على أيدي جماعة "الباسيج" ضد الثوار بدأت تسمع أصوات من مؤسسة النظام تدعو إلى الحوار من نوع الدعوة التي وجهها رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني عند ما قال "يجب أن نوفر أماكن عامة للاحتجاج ووسيلة لإجراء الحوار". وكان ذلك أول الغيث، إذ أنه مع اقتراب الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار الثورة الإيرانية بدأت أعمدة النظام تهتز مع انطلاق أصوات من النخبة السياسة غير المشكوك في ولائها لثورة الخميني والتي شاركت في صنعها وحمايتها تعلو مؤيدة للشعار الذي أصبح عنوانًا في حراك المحتجين وهو "امرأة، حياة، حرية"، فأعلن في توقيت متزامن كل من رئيس الجمهورية الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي، والقائد الإصلاحي مير حسين موسوي وابنة أول رئيس للجمهورية الإسلامية بعد وفاة الخميني فائزة رافسنجاني دعمهم للثائرين في الشارع.
قال خاتمي: الشيء الواضح اليوم هو انتشار عدم الرضا...إن الخطأ الكبير لنظام الحكم في البلاد هو إرضاء جزء صغير من المجتمع الذي يعتبره مخلصًا له على حساب استياء غالبية المجتمع التي فقدت الأمل في مستقبل أفضل. وكشف خاتمي: إن المشكلة الرئيسية هي الانتقال من النظام الجمهوري والميل إلى حكومة غير جمهورية، تسمى اصطلاحًا بالحكومة الإسلامية، ولكن باسم الجمهورية. وأكد الرئيس الإصلاحي " أن من حق الشعب أن يخيب أمله في هذا الإصلاح الذي وصل إلى طريق مسدود كما خاب أمله من النظام الحاكم نفسه".
أما المعتقل مع عائلته منذ 2011م، بسبب فضيحة عملية التزوير في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي فقد كتب على صفحته " إن الأحداث الدموية خلال الشهر والسنوات الأخيرة في إيران تظهر أن تنفيذ الدستور دون تنازلات لم يعد فاعلًا..."إن أزمة الأزمات هي الهيكل المناقض والنظام الأساسي للبلاد الذي لا يمكن استمراره." وبعد أن دعا إلى وضع دستور جديد للبلاد والاستفتاء عليه وصف السلطة الحاكمة بأنها " هذه القوة غير الخاضعة للمساءلة وغير المسؤولة هي التي تجعل الحياة مظلمة لنا وتغلق الطريق أمام سعادة المضطهدين".
أما السيدة فائزة رفسنجاني فقد شككت بدورها في عملية وفاة والدها المشبوهة ووصفته في شريط تداولته وسائل التواصل الاجتماعي بأنه شهيد وخاطبته بقولها " والدي الشهيد أيامنا ليست على ما يرام وأحوالنا جميعًا سيئة ... إن المشكلات الاقتصادية والمعيشية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية تتصاعد كل يوم .. باسم الدين والشعب يرتكبون ظلمًا بحق الدين والإسلام الجميع قلق على مستقبل إيران".
الاتفاق النووي
وعلى الصعيد الآخر فإنه بعد ست جولات بين أبريل ويونيو 2021م، من المفاوضات حول الاتفاق النووي توقفت العملية نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تم بموجبها تسليم السلطة من "البراغماتي" حسن روحاني، بطل الاتفاق النووي، إلى المحافظ إبراهيم رئيسي، الذي يفضل موقفًا أكثر تشددًا" (Alcaro:2023). واستمر النظام في تخصيب اليورانيوم والتوسع في الأنشطة التي تؤكد خطة العمل المشتركة على منعها. وواصلت التخصيب إلى مستوى 20 % ثم إلى 60 %، وهو المستوى الذي قد يصل إلى 90 % اللازمة لرأس حربي نووي. كما أنها قلصت التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي اعترفت بأنها لم تعد قادرة على تقديم تقرير دقيق عن حالة تقدم برنامج إيران النووي.
ورغم محاولة الاتحاد الأوروبي إنقاذ الاتفاق النووي، والإبقاء على النشاط الاقتصادي الأوروبي مع طهران في ظل العقوبات الأمريكية، إلا أنّ طهران التي تراهن على حاجة الأوروبيين لمصادر الطاقة رفعت سقف توقُّعاتها في المفاوضات، إلى أن توقفت إلى أجل غير مسمّى"(زغول: 2023).
التوقعات المستقبلية وقدرة النظام على تجاوز الأزمة
قد لا تشكل مثل هذه الاحتجاجات تهديدات وجودية لنظام لا يتورع عن استخدام القوة المفرطة ضد شعبه لتأمين استمراره، ولكن الاحتجاجات وإن صارت متفرقة تشكل تكلفة سياسية على النظام. ولو أنه من المستبعد أن ينهار قريبًا، لأن ما يسمى "الدولة العميقة" وجوهرها الحرس الثوري وملحقاته لا تزال متماسكة إلى حد كبير. والنظام بطبيعته، نظام أيديولوجي، يصعب عليه القيام بأي إصلاحات هيكلية جذرية وهو ما تطالب به الاحتجاجات مما قد يؤدي في المستقبل إلى اضطرابات شعبية أكثر تطرفًا.
ويطرح بعض المحللين نظرية مفادها أن النظام ساهم في السنوات الماضية في تحديث إيران وخلق طبقة وسطى متحضرة ومتعلمة، إلا أنها حرمت من الوسائل الحقيقية والقانونية للمشاركة السياسية، باستثناء احتجاجات الشوارع فقط إحدى الأدوات القليلة لطرح المطالب السياسية والتعبير عن المظالم. ومن اللافت أن الاحتجاجات لم تنجح في تعبئة كلتا الطبقتين الاجتماعيتين الوسطى والفقيرة نتيجة انعدام التضامن والتوترات بينها، مما ساهم في عدم تشكيل تحالفات واسعة مناهضة للنظام. إلا أنه مع تفاقم المشاكل الاقتصادية نتيجة سوء الإدارة ونظام العقوبات الدولية، "قد تجد الطبقة الوسطى الفقيرة بشكل متزايد أرضية مشتركة مع المحرومين، وربما تقنع المحرومين بأن تحسين مصيرهم الاقتصادي يسير جنبًا إلى جنب مع الحرية الشخصية والسياسية، إن لم يكن يعتمد عليها" (علي آلفونه:2022). وكما حذر أحمد بخارائي أحد علماء الاجتماع في النظام المسؤولين بأن الاتجاه المتصاعد للاحتجاجات وانتشارها السريع في جميع أنحاء إيران مع هتافاتهم "لن نرتاح حتى نحصل على حقوقنا"، هو انعكاس للمجتمع الإيراني المتفجر وقد وصفه بأنه "انهيار اجتماعي" ينبئ بانتفاضة أخرى.
ويؤكد علي آلفونه أنه طالما ظل النظام في إيران غير قادر على تحسين الوضع الاقتصادي للطبقات المحرومة وغير راغب "في تلبية مطالب الطبقة الوسطى بالتحرر السياسي" فمن المتوقع "أن يواجه المزيد من الاحتجاجات في المستقبل". وقد تكون الاحتجاجات المستقبلية أكثر تحديًا للنظام في حالة "وجد المحرومون والطبقة الوسطى أرضية مشتركة ووحدوا قواهم". وحتى لو لم يتحقق تحالف واسع مناهض للنظام، فمن المرجح أن تكون الاحتجاجات المستقبلية "أطول أمدًا وأكثر عنفًا، لا سيما على طول الحدود الدولية لإيران".
وبالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية الحادة في إيران، والتي تفاقمت بسبب العقوبات، يلاحظ تنامي التطرف الديني، وزيادة السيطرة على كل من الاقتصاد والقرار السياسي من قبل فيلق الحرس الثوري الإيراني. ويرى بعض المحللين أن الوضع في إيران قد يكون وصل إلى نقطة اللاعودة، وأن الحفاظ على الوضع الراهن قد يكون مستحيلا. وحيث أن النظام أصبح يمارس ضغطًا كبيرًا على المعارضين، فقد غادر حوالي 3.1 مليون إيراني منذ الثورة، كما غادر في عام 2020م، أكثر من 900 محاضر جامعي.
وبالنسبة للاتفاق النووي فإن"عدم الثقة" هو عنوان التصريحات المتبادلة بين أطراف "الاتفاق النووي". ينقل تصريح عن الرئيس الأمريكي بايدن مسجل في نوفمبر العام الماضي "إن الاتفاق النووي قد مات" ثم لا يلبث البيت الأبيض أن يدلي بسيل من التوضيحات بأن الاتفاق ما زال موضع تفاوض. وتوقع 480 شخصية أمريكية من بينهم هيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي على رسالة تؤكد على " أن المحتجين في إيران يستحقون دعمًا ثابتًا من محبي الحرية في العالم، وأن إنهاء نظام الجمهورية الإسلامية المعادي للنساء سيشكل نقطة تحول عالمية". ويدرج البرلمان الأوروبي الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية ولكن السلطات التنفيذية الأوروبية تمتنع.
بالمقابل فإن المبعوث الأمريكي في المفاوضات مع إيران روبرت مالي يصف قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق بأنه "قرار متهور" ويؤكد أن الإيرانيين قريبون جدًا من الحصول على كميات من اليورانيوم المخصب لإنتاج سلاح نووي، وعن الخيار العسكري فإنه يقول: إنه صعب وخطير للغاية، وأنه "الملاذ الأخير" وبعد كل شيء "على حد علمي لا بديل عن الاتفاق النووي".
هذا في حدود التصريحات، أما على الأرض فإن إيران تتبرأ من محاولة رفع نسبة التخصيب لحدود 90%، كما تتبرأ من مشاركة روسيا في تزويد جيشها بطائرات "الدرون" لقصف أوكرانيا، وتؤكد أنها تتعاون مع وكالة الطاقة الدولية رغم اتهامها بأنها غير مهنية، وترفض "مزاعم ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" حول إنشاء مصنع للدرون في روسيا. ولكنها تعلن أنها أعادت تشغيل "أكبر منجم" لليورانيوم في أراضيها، والقائمة تطول.
وتؤكد التوقعات على أن إيران غير مُستعدّة لتقديم تنازلات في الملفّ النووي وترفض إدراج بعض الملفات مثل ملف المُسيّرات والصواريخ الباليستية، وأنشطتها الإقليميّة المزعزعة للاستقرار ضمن الاتفاق وتسعى للحصول على امتيازات أكبر لكي تتراجع عن التصعيد، وفي نفس الوقت يعتقد كثير من المراقبين أنه سوف يتم توقيع الاتفاق النووي وإن على مراحل. ووفقاً لوزير خارجية قطر عبد الرحمن آل ثاني " إن أطرافًا متعددة ومنها الولايات المتحدة بعثت مع قطر رسائل متعددة إلى طهران حول الاتفاق لتمهيد الأرضية للعودة إليه وفق المخاوف التي تساور كل الأطراف". والمخاوف حسب ما ذكر رافاييل غروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة في نيويورك تايمز: "إن إيران راكمت حتى الآن ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع عدة أسلحة نووية إذا اختارت ذلك". وتنقل الصحيفة الأمريكية عن خبراء " إن الوقت الذي تحتاجه إيران لصنع قنبلة نووية قد تقلص إلى أقل من أسبوع".
الخاتمة
أخيرًا وتحت عنوان "مستقبل إيران" يقتبس وزير خارجية المملكة المتحدة السابق جاك استرو عن آية الله العظمى المقيم في قم ناصر مكرم الشيرازي قوله: "أعتقد أن الإسلام والثورة والنظام لن يتم تدميره عبر الأعداء الأجانب، ولكن يمكن أن يحدث هذا على أيدي أصدقاء ... بمن فيهم المتشددون الذين باختيارهم الطريق الخطأ سوف يفصلون ما بين الناس والثورة... إن أغلبية الناس لا تدعم المتشددين، ولكن المتشددين يمكن أن يفصلوا أغلبية الناس عن النظام ... لا خطر يهددنا من أعداء الخارج ولكننا سوف نواجه أخطارًا داخلية على أيدي أفراد عدميين همهم الربح، ومتشددين".
إنها أقرب إلى النبوءة... وقد بدأت تظهر.